الأحد، 29 سبتمبر 2013

الائتلاف السوري المعارض يحتضر وامريكا باعت العرب لايران! ...عبد الباري عطوان

المكالمة الهاتفية التي تمت بين الرئيس الامريكي باراك اوباما ونظيره الايراني حسن روحاني، وجاءت بعد قطيعة استمرت اكثر من 30 عاما، ووصفت بانها خطوة تاريخية، تعني عمليا ان امريكا “باعت” حلفاءها العرب لايران وتركتهم امام مستقبل مجهول ابرز عناوينه حتمية التسليم لايران كقوى عظمى اقليمية على الصعيدين العسكري والسياسي.
اما الضربة القاصمة الثانية فتمثلت في قرار مجلس الامن الدولي الذي صدر فجر السبت وطالب النظام السوري بالتعاون مع فرق التفتيش الدولية التي ستبدأ عملها الثلاثاء، لتفكيك وبالتالي تدمير اسلحته الكيماوية، ولكن هذا القرار يستند الى البند السابع من ميثاق الامم المتحدة الذي ينص على استخدام القوة في حال عدم تنفيذ النظام له، وبات الامر يتطلب اجتماعا آخر لمجلس الامن لمعاقبة النظام السوري اذا اخل بالتزاماته لفرض عقوبات عليه على اساس البند نفسه، ولكن الفيتو المزدوج الصيني الروسي سيكون جاهزا لاجهاضه، بمعنى آخر سجل النظام نقطة اخرى في ملعب خصومه، واثبتت روسيا انها تحمي حلفاءها.
ما لم يتوقف عنده الكثير من المحللين العرب، الفقرة التي وردت في القرار وطالبت الدول العربية بوقف تقديم اي دعم عسكري للمعارضة السورية، وتبني الحل السياسي للازمة السورية، ودعمه بكل الطرق والوسائل، وهذا انجاز كبير يصب في مصلحة النظام السوري قدمه له حلفاؤه الروس على طبق من ذهب.
المليارات التي ضختها دول خليجية (قطر والسعودية) من اجل الاطاحة بالنظام السوري من خلال دعم فصائل المعارضة وتسليحها ذهبت هباء منثورا، فمن الواضح ان الادارة الامريكية لم تتخلى فقط عن هذه الدول والائتلاف الوطني السوري الذي عملت جاهدة على جعله الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري، بل باعت المعارضة السورية، وغير الاسلامية منها، الى النظام السوري، وهي تخطط حاليا لفرض تسوية سياسية عليها، وتكوين صحوات لمحاربة الجهاديين الاسلاميين، وممثل الجيش السوري الحر قال صراحة ان تصفية هؤلاء سيتم ان آجلا ام عاجلا وسمعت هذا باذني.
***
الظاهرة اللافته للنظر، توالي الضربات على الائتلاف الوطني السوري من كل الجهات هذه الايام مما قد يدفعنا الى القول بان هناك خطة للتخلص منه بعد ان انتهى دوره، فلا يكفي ان رئيسه السيد احمد الجربا جلس في مقاعد المتفرجين في الجمعية العامة للامم المتحدة بعد ان استقبل سلفه معاذ الخطيب استقبال الابطال في القمة العربية الاخيرة في الدوحة واعتلى منصتها، بل تواصلت البيانات الصادرة عن فصائل مقاتلة سورية التي ترفض الاعتراف به كممثل للمعارضة في حال انعقاد مؤتمر جنيف الثاني او الحديث باسمها.
فوجئت عندما شاركت بعد ظهر اليوم (السبت) بتوقيت لندن في برنامج شؤون الساعة في اذاعة “بي بي سي” العربية، بان المتحدث باسم الجيش السوري الحر العميد حسام الدين يعلن من القاهرة بان جيشه لا يعترف بالائتلاف المذكور لانه فشل في تحقيق اي من اهدافه، وليس له علاقه من قريب او بعيد بالفصائل المقاتلة على الارض. وذهب الى ما هو ابعد من ذلك عندما اتهم حركة الاخوان المسلمين بالسيطرة عليه وهيئته التنفيذية. وما زاد الطين بله ان السيد خالد الناصر المتحدث باسم الائتلاف الذي كان المشارك الثالث في البرنامج نفسه حاول جاهدا ان يدافع عن ائتلافه، وينفي وجود خلافات في صفوفه، او سيطرة حركة الاخوان عليه، ولكنه اعترف ان اللقاء الاخير للهئيىة القيادية للائتلاف في فندق “الجوهرة” في اسطنبول شهد خلافات عديدة حول زيادة مقاعد الاكراد الى 14 مقعدا، والاعتراف بهويتهم القومية، ومطالبهم برفع “العربية” من اسم الجمهورية العربية السورية، وقال انه اي السيد خالد الناصر، كان من المعارضين لهذه التنازلات وهذه شجاعة منه.
الائتلاف الوطني السوري يعيش حالة احتضار هذه الايام، فبعد اصدار حوالي 17 فصيلا اسلاميا ابرزها جبهة النصرة، واحرار الشام، ولواء التوحيد، بيانا سحبت فيه الاعتراف به كممثل للمعارضة وفعل الجيش الحر الشيء نفسه، ولكن في بيان مستقل، الامر الذي يعني ان هذا الائتلاف لا يستطيع ان يقول انه الممثل الوحيد للمعارضة السورية ويجب ان يجلس على مقعدها في مؤتمر جنيف الثاني الذي اكد بان كي مون انه سيعقد في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) برعاية روسيا والولايات المتحدة.
لا نعتقد ان هذا المؤتمر الذي تأجل كثيرا، سيعقد في موعده المحدد هذا، لان المعارضة السورية مفتته، والخلافات فيما بين معظمها اكثر مما هي بينها وبين النظام، مضافا الى ذلك فانه لو حاول داعموها تسوية خلافاتها هذه وتوحيدها تحت مظلة الائتلاف، فان هذه المهمة شاقة علاوة على كونها مستحيلة، وتحتاج الى اكثر من شهر ونصف الشهر وهي المدة المتبقية لعقد المؤتمر.
ثم كيف يمكن ان يتوصل هذا المؤتمر الى تسوية سياسية ملزمة للازمة السورية واكثر من نصف الجماعات المقاتلة للنظام على الارض اي الجماعات الجهادية، لا تعترف بمؤتمر جنيف، وتلتقي الدولتان العظميان الداعيتان له على هدف واحد وهو ضرورة تصفيتها باعتبار وجودها اخطر من النظام نفسه، حسب رايهما، بل لا نبالغ اذا قلنا ان التقاء الدولتين على هذه الارضية المشتركة هو الذي قلب المعادلة رأسا على عقب تجاه الازمة السورية.
***
النقطة التي يجب ان نتوقف عندها واستخلاص العبر منها، ان الحلف العربي التركي الداعم للائتلاف الوطني السوري طوال العامين ونصف العام الماضيين، لم تتم استشارته، او وضعه في الصورة، وكان يتابع عمليات البيع والشراء بين الدولتين العظميين، وشهر العسل الامريكي الايراني الذي بدأ لتوه وبقوة، من مقاعد الدرجة الثالثة في استاد المتفرجين.
الاساطيل الامريكية البريطانية التي ازدحمت بها مياه الخليج العربي لم ترهب الايرانيين فيما يبدو، بل العرب الذين انفقوا اكثر من 130 مليار دولار لشراء اسلحة لمواجهة الخطر الايراني، اما ايران فاعتمدت على نفسها وترسانتها العسكرية. وباتت تعلن كل بضعة اشهر عن انتاج معدات عسكرية جديدة كان آخرها طائرة دون طيار قادرة على حمل اربعة صواريخ دفعة واحدة.
الا تستحق كل هذه التطورات على الصعيدين الايراني والسوري قمة عربية او حتى خليجية لدراستها والتباحث بشأنها ووضع استراتيجية موحدة للتعاطي معها تعترف اولاً بفشل الاستراتيجية المتبعة طوال العامين الماضيين سياسياً واعلامياً، وتعترف ثانياً بان امريكا باعت حلفاءها العرب بعد ان استخدمت الورقة الايرانية لابتزازهم حالياً؟
نترك المعنيين في دول الخليج خاصة اصحاب القرار، للاجابة على هذه التساؤلات.

معاريف: اسرائيل قد تجد نفسها مضطرة لمواجهة هجمة الاعتدال الإيرانية بضربة عسكرية

رجح المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، عمير رفابوط، في مقال نشرته على موقعها الالكتروني، اليوم الأحد، ان تضطر رياح المصالحة الأمريكية الغربية مع ايران اسرائيل الى توجيه ضربة عسكرية منفردة للمنشات النووية الايرانية، مشيرا الى أن الأحداث الأخيرة هي جزء من سيناريو معروف سلفا ويمكن تسميته بالخداع الايراني.
ويقول رفابوط، ان الرأي السائد في صفوف القيادة العسكرية الاسرائيلية يميل الى الاعتقاد بأن القيادة الدينية في ايران "عينت"،  حسن روحاني الذي يحمل اراء معتدلة لكي ترفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران، لأن لا أحد يصدق ان الانتخابات الايرانية هي انتخابات حقيقية، حسب تعبيره، أو ان ايران تنازلت عن طموحها النووي.
اسرائيل تحذر منذ سنوات من طموحات ايران  بالوصول الى شفا الدولة النووية، أي انها مستعدة لوقف برنامجها النووي، دون التنازل عنه، وبشكل يمكنها من تجديده في الوقت المناسب لها ( او مواصلة العمل فيه بسرية ودون توقف وبعيدا عن اعين مفتشي الامم المتحدة) هذا بالضبط ما سيحصل، حسب المحلل العسكري في معاريف، بعد ان بنت ايران كل البنية النووية المطلوبة وهي تقف على بعد خطوة واحدة من القنبلة النووية الاولى.
وهو يدعو، في جميع الأحوالن الى عدم الاستخفاف بالتطورات التي حدثت في نهاية الاسبوع، ويقول انه وان  تك امريكا قد اعلمت اسرائيل مسبقا بمحادثة اوباما مع روحاني، الا ان الاحساس العام هو ان امريكا متعبة ومن المريح لها التساوق مع الخطوة التكتيكية الايرانية التي ستؤدي في نهاية الأمر الى قنبلة نووية ( بالضبط مثلما ابدت كوريا الشمالية اصرارا ووصلت الى القنبلة).
هل نحن أمام سذاجة أمريكية، يتساءل المحلل العسكري الاسرائيلي، ويورد ان اوساطا امنية اسرائيلية قالت لنظيرتها الأمريكية ان الرهان على روحاني أكثر غرابة وخطرا من الرهان على الاخوان المسلمين في مصر، الا ان امريكا لها جدول اعمال ورؤيا خاصة بها، كما يقول.

وبالمقارنة بين قرار مجلس الأمن الخاص بنزع اسلحة النظام السوري الكيماوية، يقول رفابوط، انه ورغم الشكوك الكبيرة حول تطبيقه فان السوريين وافقوا على نزع اسلحتهم الكيماوية، فقط، بعد ان ادركوا ان التهديد الأمريكي بتوجيه ضربة عسكرية لبلدهم هو تهديد ملموس وقريب، وهو ما لم يحدث في الحالة الايرانية، حيث يسود الاعتقاد بأن براك اوباما لن يجرؤ على الخروج الى مغامرة عسكرية ضد ايران.
ويرى المحلل العسكري الاسرائيلي، ن الوضع بات اكثر تعقيدا من اذ انه من الصعب أن يقبل العالم ضربة اسرائيلية قبل استنفاذ التطورات السياسيةالأخيرة، التي من شأنها، لأول وهلة ، ان تؤدي الى اتفاق مجد في حين كانت أمريكا في السابق لا تعارض بالمطلق قيام اسرائيل بتوجيه ضربة منفردة لايران.
ويرجح رفابوط، ان تقف اسرائيل قريبا أمام خيارين لا ثالث لهما، اما ان توجه ضربة عسكرية لايران أو ان تسلم بتحولها الى دولة نووية.

التغريبة الحمساوية على طريق الخروج من قطر : دمشق مستعدة لتقبل "توبتها" واستقبالها مجددا...باستثناء خالد مشعل

يعيش رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل نوعاً من «الحصار» بحجة الحفاظ على أمنه. «أبو الوليد» غائب عن الساحة الفلسطينية، ويملأ وقته بممارسة الرياضة، فيما كوادر الحركة يناقشون صعوبات ما بعد انهيار حكم «الإخوان المسلمين» في مصر والانكفاء القطري. البحث جار عن مقر آخر للحركة غير الدوحة. دمشق عاتبة بقوة، وإن كانت هناك إشارات الى أنها تقبل العودة بشروط، فيما طهران مستعدة لفتح أبوابها. لكن الظروف الموضوعية ترشح السودان كأكثر الوجهات احتمالاً... إذا بقي هذا البلد مستقراً
قاسم س. قاسم
يشعر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل أنه يعيش في قطر ما يشبه الحصار، أو الاقامة الجبرية. هذا ما أسرّ به لبعض المقربين. شكا الرجل من عدم قدرته على التحرك براحة، بسبب الاستنفار الأمني من حوله. قيل له مراراً إن سفره يمثّل خطراً عليه. وهو، أصلاً، ممنوع من التصريح، وغير قادر على استقبال كل من يرغب في لقائه.
باختصار، يعيش «أبو الوليد»، اليوم، حالاً من البطالة. فلسطين وهمومها بعيدة عن الفيلا الفاخرة التي خصّصت لإقامته والتي لا يغادرها كثيراً. ووصل الامر بأحد قيادات الحركة الى التساؤل: هل هناك قرار بمنع خروج «أبو الوليد» من قطر؟
في الإمارة الخليجية، يعيش الحمساويون ــــ وليس مشعل وحده ــــ أسوأ أيامهم. وعلى رغم «خوف السلطات» عليهم، إلا أن المفارقة أن الحماية الامنية المؤمّنة لهم غير كافية. وبعض هؤلاء «لا يستطيع النوم ليلاً بسبب حالة القلق التي يعيشها»، بحسب ما ينقل بعض من التقى تلك القيادات. تصرفات السلطات القطرية دفعت ببعض أعضاء المكتب السياسي الغاضبين الى التفكير جدياً في الرحيل من الدوحة، والمطالبة بنقل مقر إقامة رئيس المكتب السياسي الى خارجها. وتشير المصادر الى أن مشعل أبدى موافقة على فكرة الانتقال من الدوحة الى مكان آخر: طهران، بيروت أو الخرطوم، وأن البحث في الأمر بدأ مع الحليف الأقرب والأوثق، برغم كل الخلافات... إنه حزب الله.
انقسام المكتب السياسي 
المعاملة القطرية السيئة لمشعل أجّجت الخلافات داخل حماس. ففي الأساس، كان بعض أعضاء المكتب السياسي قد رفضوا خطوة الخروج من سوريا الى الدوحة، لما تحمله من معانٍ مستفزة لمحور المقاومة الذي لا تزال الحركة تصرّ على الانتماء اليه. يؤكّد متابعون للملف الحمساوي أن «قرار الذهاب الى قطر لم يتخذ بموافقة كامل أعضاء المجلس، وجرى التصويت بمن حضر». ويوضح هؤلاء: «كان الحاضرون حينها ثمانية من أصل ثمانية عشر عضواً». كوادر الداخل الذين يعرفون تماماً قيمة ما قدمته إيران وحزب الله وسوريا لهم كانوا أبرز الرافضين، ولذلك «عندما زار رئيس هيئة العلماء المسلمين يوسف القرضاوي غزة، تمنى رئيس الوزراء المنتهية ولايته إسماعيل هنية عليه عدم انتقاد حزب الله من على منابر القطاع». ولكن القرار اتخذ: انسحبت «حماس» من سوريا، ورفعت لواء «الإخوان المسلمين» وتبنّت سياستهم المعادية لدمشق التي آوتهم حين كانوا مرفوضين في العالم.
في الفترة الماضية، أصدر المكتب السياسي للحركة بيانات عدة. أحد هذه البيانات صدر عن نائب مشعل، موسى أبو مرزوق، بعد دخول سيطرة حزب الله على مدينة القصير، تمنى على الحزب سحب عناصره من سوريا. لكن أبو مرزوق أوضح لقيادات في الحزب، في ما بعد، أنه «ضُغط علينا لإصدار البيان، لا بل إنه كان مطلوباً أن يكون أشد لهجة ضد حزب الله»، بحسب مصادر قريبة من حزب الله.يومها، استوعب الحزب الإحراج الذي تعيشه الحركة، وأبدى تفهّمه لما قد يصدر عنها. لذلك لم تتوقف زيارات أعضاء المكتب السياسي للحركة الى بيروت حيث يحلون ضيوفاً على حزب الله. في إحدى زيارات القيادي محمود الزهار الاخيرة للبنان، «التقى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أكثر من 6 ساعات»، يقول أحد الحمساويين.
القسّام: السلاح الإيراني يحمينا 
على مدى سنوات تعاونت كتائب القسام مع حزب الله. تبادل الطرفان الخبراتأوصل الحزب السلاح الايراني الى القطاع، واعتقلت شبكات للحزب في مصر بتهمة مساعدة المقاومة في غزة. لا تزال هذه العلاقة قائمة حتى الآن. يزور أبناء القسام بيروت. يمكثون أياماً عدة في العاصمة اللبنانية في ضيافة الحزب في طريقهم الى إيران. التنسيق بين الطرفين لا يمر في أغلب الاحيان عبر المكتب السياسي لحماس أو الحزب بل عبر «عسكر» الطرفين. حتى الآن، تؤكد الحركة التي أسّسها الشيخ الشهيد أحمد ياسين أنها مقاومة فلسطينية، حتى ولو ضلّ بعض أبنائها الطريق وأعطوا الأولوية لقتال النظام في سوريا.
من جهته، حزب الله يفضّل عدم تحميل الحركة مسؤولية تصرفات بعض عناصرهاوتجزم مصادر قريبة من الحزب بأن «لا قرار سياسياً في الحركة بالقتال ضد النظام. الذين يفعلون ذلك منطلقاتهم شخصية، ولا يمكن تحميل الحركة مسؤولية ما يقوم به بعض عناصرها أو من قامت بتدريبهم».
إصرار «القسام» على المقاومة والتأكيد أنها النهج الوحيد لتحرير فلسطين، خصوصاً بعد عملية «عمود السحاب» العام الجاري، دفعت إيران الى إعادة ترميم وتذخير مخزون حماس العسكري. وهذا الخيار أيضاً هو ما أبلغته قيادة القسام الى من يهمه الامر في طهران وحارة حريك، وقد وصلت أخيراً رسالة الى الحزب من «أبناء القسام»، أكدت فيها القيادات العسكرية، بحسب المتابعين، «تمسكها بالتعاون بين الطرفين»، وأن «الاموال القطرية لا تحرر فلسطين»، وأن «السلاح الايراني هو الذي يحمي أبناء القطاع ويحرر الاراضي المحتلة». الرسالة أكدت لحزب الله أن «عسكر غزة» لم يخرجوا من عباءة المقاومة ولم تمسّهم الطائفية بأمراضها.
حماس في حضرة قائد فيلق القدس 
أخيراً، سافر وفد من حماس الى إيران لتقديم العزاء الى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني بوفاة والدته. قال رئيس الوفد محمد نصر كلاماً كثيراً أمام المسؤول عن ملف المقاومة في إيران. بعض زوار طهران يروون أن سليماني أبلغ وفداً من الفصائل الفلسطينية ومن المعزين أنه اطّلع على مشكلات حماس في الأمكنة كافة، كما اطّلع على المناخ المستجد لدى قيادة حماس للبحث عن مقر جديد.
ويقول بعض من اطلعوا على مجريات اللقاء أن «سليماني طرح فكرة العودة الى سوريا في حال أجرت الحركة مراجعة شاملة للمواقف التي اتخذتها في الفترة الماضية». وهذا، بحسب المتابعين للملف الحمساوي، ما بدأته الحركة بالفعل بعدما ثبت أن خيار خلع العباءة الفلسطينية والعودة الى الجذور الإخوانية كان خاطئاً.
ويقول المتابعون إن «العودة الى الجذور الفلسطينية» حتّمها تحذير «كتائب القسام» مسؤولي الحركة من أنه لم يعد جائزاً السكوت عن مواقف المكتب السياسي المعارضة تماماً لتوجهات «العسكر». وهو ما ظهر أخيراً خلال كلمة لـ«الكتائب» خلال عرض عسكري في مخيم النصيرات، أُعلن فيها رفض أي ضربة عسكرية لسوريا.
وبالعودة الى لقاء نصر وسليماني، تقول المصادر إن الأخير «اقترح على نصر أن تطرح حماس مبادرة على الاتراك لإقناعهم بأن العمل العسكري في سوريا لن يوصل الى نتيجة، وبأن الحل السياسي هو ما سينهي الصراع». ويعتقد الايرانيون أن هذه المبادرة قد تلقى تجاوباً من قبل الاتراك، لأن التجربة الاميركية حيّة أمامهم. فقد وافق البيت الأبيض على المضي في تسوية سياسية بعد اقتناعه بأن أي عمل عسكري لن يوصل الى حلّ. الحمساويون، من جهتهم، قد يتجاوبون مع هذا الاقتراح، لكن الاهم حالياً بالنسبة إليهم، هو: الخروج من قطر.
حماس والشتات الجديد 
قبل سقوط الرئيس المصري محمد مرسي، كان من المفترض أن ينتقل المكتب السياسي لحماس الى الاردن. أبدى الملك عبدالله موافقته على إقامة «أبو الوليد» وأعضاء المكتب في عمان. ورغم إبلاغ الاجهزة الامنية الاردنية الملك معارضتها لهذه الخطوة، بقي الأخير مصرّاً عليها، من أجل إرضاء الإخوان المسلمين في الاردن. لكن سقوط مرسي دفع الملك الى التراجع بعد شعوره بأن انكسار شوكة الإخوان في مصر سينعكس على الإقليم كله.
حالياً تبحث حماس عن ملجأ جديد لها يجعلها قريبة جغرافياً من فلسطين. دول الطوق لا تستطيع تحمّل وجود المكتب السياسي لحماس على أراضيها. مصر، بالطبع، لن تستقبل «أبو الوليد» في ظل الاتهامات المصرية للحركة بعمليات تخريب في القاهرة. ولبنان غير قادر على تحمّل هذا العبء، إضافة الى أن وجود الحركة على الاراضي اللبنانية سيحرجها نتيجة الانقسام السياسي الحاد فيهأما بالنسبة الى سوريا، فهناك لائحة مطالب واضحة لاستقبال حماس مجدداً. «وأول الشروط العودة من دون أبو الوليد». هذا ما يؤكده مطلعون على المداولات. ويشير هؤلاء الى أن دمشق يمكن أن تغفر كل أخطاء حماس، «ولكن لا يمكن أن تنسى ما فعله مشعل في زيارته الاولى ــــ وربما الاخيرة ـــــ لفلسطين، عندما رفع علم المعارضة السورية".
من جهتها، «عرضت إيران استقبال الحركة في طهران»، بحسب من حضروا لقاء سليماني ونصر، «ولكن هذا أمر مستبعد، على الأقل الآن، إذ يستحيل أن تخرج حماس، مباشرة، من الدوحة وما تمثله من مشروع الى طهران وما تمثله من مشروع معاكس".
في ظل هذه المعطيات، تبقى الخرطوم الوجهة المقبلة الأكثر احتمالاً. أبناء السودان يعرفون حماس جيداً. في الخرطوم تجري انتخابات المكتب السياسي، وهناك يجتمع أعضاء المكتب عادة. اختيار هذا البلد قد يكون لقربه النسبي جغرافياً من فلسطين، وكذلك من ليبيا الإخوانية، وبذلك لا تكون حماس قد خرجت من جلدها كلياً. أضف الى ذلك أنه من المعروف أن إيران انشأت لحماس مصانع أسلحة في السودان.
محاسبة مشعل؟ 
كان الشهيد أحمد الجعبري، القائد العسكري لكتائب القسام، والقيادي الزهار، من أبرز المعارضين لسياسة «أبو الوليد». فخلال زيارة الامير القطري حمد بن جاسم لغزة، «حاول الأخير إقناع الجعبري بضرورة التهدئة مع الاسرائيلي في الوقت الحالي، لأن الثورات في العالم العربي أوصلت الإخوان المسلمين الى الحكم ويجب تمكينهم أكثر، وأن واقع الحال الآن أنه لا وجود لمقاومة ولا وجود لمفاوضات، والهدوء والتنمية هما الحل الافضل".
في تلك الجلسة خرج الجعبري من الجلسة معلناً تمسكه بالمقاومة، وبعدها بيومين اغتيل. ومن يومها سرت الشائعات عن دور للاستخبارات القطرية في اغتياله.
أما الزهار، فله كلمته بين عسكر غزة، لأنه قدم أبناءه شهداء. بعد إعادة انتخاب مشعل رئيساً للمكتب السياسي، حاول أعضاء المكتب «قصقصة» أجنحته داخل الحركة. لكن الرجل ظل متمرداً على المكتب السياسي بسبب رفضه أغلب المواقف التي صدرت عنه. وحالياً هناك توجه داخل حماس، وصلت أصداؤه الى إيران ودمشق، «يقضي بمحاسبة رئيس المكتب السياسي بسبب ما وصلت اليه حال الحركة»، بحسب أحد المتابعين. وفي حال تم ذلك وأقصي مشعل عن رئاسة المكتب، فستفتح صفحة جديدة في كتاب الحركة الفلسطينية.
"الأخبار"

السنيورة يناشد «السيّد الرئيس»: وا أوباماه، وا أوباماه ...أسعد أبو خليل

ظريف فؤاد السنيورة _ فقط لو علّقنا (لوهلة) تقويمنا له وخصوصاً حول دوره في عدوان تمّوز. هو ظريف لأنه لا يبدو أنه اتّعظ من درس من مرّ قبله من عرب مسؤولين (بحجم أكبر منه)، ومَن خلط بين اتباع سياسات الغرب الأميركي ومشيئته وبين تقرير سياسة الغرب. لعلّ نوري السعيد ظنّ يوماً أن ما بقي من الإمبراطوريّة البريطانيّة لا يسير من دون مشورته وقراره. ولعلّ الثنائي شمعون ـــ مالك في 1958 ظنّا أن مماشاة الغرب (الأميركي والبريطاني) ستحقّق لهما حلم التمديد المنشود. وأمين الجميّل في عام 1982 ـــ 83 انتشى بالدعم الأميركي (الذي هدف فقط إلى إيصال لبنان إلى اتفاقيّة استسلام مع العدوّ الإسرائيلي) إلى درجة أنه هدّد بقصف دمشق من على منبر نادي الصحافة في واشنطن. شهور فقط مضت قبل أن يستجدي الجميّل نفسه الرضى السوري، وقبل أن يتحوّل إلى أكثر مواظب على التسكّع على أعتاب قصر المهاجرين في دمشق.
السنيورة ينتمي إلى هذا الفريق، رغم أنه تابع لتابع يتبع نظاماً يتبع أميركا. عوّلت أميركا في إدارة بوش على السنيورة في الكثير من الأمور. علمت الإدارة الأميركيّة أن مقدّرات المخطّط في لبنان آنذاك لا يمكن أن تُترك في يد صبي آل الحريري المُتجوّل أو المهاجر. رسى الاتفاق السعودي ـــ الأميركي على السنيورة. لكن السنيورة كان صغير الدور بالمقارنة مع أدوات أميركيّة سبقته. هو كان أداة بيد أداة (آل الحريري) والتي كانت هي بدورها أداة (بيد آل سعود الذين هم أداة بيد الإدارة الأميركيّة). هذا التسلسل في الولاء يضعف من مكانة السنيورة ودوره، مع أن جورج بوش نفسه ربّت كتف فؤاد السنيورة ـــ أوّاه ـــ، كما أن لورا بوش استقبلت لبضع دقائق (سمحت بشرب نصف فنجان من القهوة) زوجة السنيورة.
لكن عظمت مكانة السنيورة في نفس السنيورة. كان رؤساء دول يتصلون به (لثوان فقط) لتسقّط أخباره، وكان الرجل، للتاريخ والإنصاف، مطيعاً وخدوماً للراعي الأميركي. كان يجد صعوبة في رفض الطلب الأميركي. شُبّه للسنيورة أن الإدارة الأميركيّة لن تقدم على خطوة من دون طلب مشورته، وذلك لكمّ الحكمة والفطنة المتوفّر لديه. صحيح أن الإدارة الأميركيّة عدّلت وقوّمت سياستها في عدوان تمّوز بناءً على وجود السنيورة واستقراره في سدّة الحكم. ولا ننسى أن الإدارة الأميركيّة أشرفت في ظلّ حكومة السنيورة على إنشاء جهاز استخبارات (لا يمرّ كل تسليحه وتمويله في سياق دورات الميزانيّة الرسميّة) خاص بها، وبالاستخبارات السعوديّة. كانت أميركا تحثّ إسرائيل على الإيغال في العدوان الوحشي شريطة أن لا تشكّل الوحشيّة تلك خطراً على استقرار السنيورة في المنصب. لعيونك سنيورة.
كل هذا ربما أثّر على توازن السنيورة الذي كاد أن يقع على الأرض مغشيّاً من النشوة. فؤاد عبد الباسط السنيورة القادم من صيدا ظنّ أن رئيس الجمهوريّة الأميركي يعوّل عليه لميزات ومواهب خاصّة به، وليس لغياب القدرات البديهيّة البسيطة عند خليفة رفيق الحريري. لكن هناك ما ساهم في دغدغة غرور السنيورة: تلقّى دعوات من «مركز ويلسون» في واشنطن (وهو، كأكثر المراكز في العاصمة، خاضع بالكامل لنفوذ اللوبي الصهيوني) كي يلقي خطباً عن الشباب العربي. لا تنسوا أن صهاينة أميركا يعتبرون أن السنيورة ورعاته بين طغاة الخليج هم الناطقون الرسميّون باسم الشباب العربي المُنتفض، أو هم يريدون أن يصدّقوا ذلك حتى لو كانت القرائن تشير إلى العكس. وعليه، فإن الملك الأردني يشكّل فخر الإعلام الغربي بسبب طلاقته في الحديث بالإنكليزيّة ـــ وهذا دليل حضارة ورقيّ عندهم. (ألهذا يجهد فؤاد السنيورة لتصنّع لهجة بريطانيّة (مُضحكة) في حديثه بالإنكليزيّة مع أنه درس في بيروت، أي أن لهجته بالإنكليزيّة يجب أن تكون بيروتيّة لا بريطانيّة؟).
لكن السنيورة «رجل دولة» ـــ وهذا لقب لا يسبغه الغرب إلا على من بالغ في الطاعة والولاء: من الملك حسين إلى أنور السادات إلى شارل مالك وحميد قرضاي وأبو مازن وإياد علاوي (حتى أحمد الجلبي كان رجل دولة عند الأميركيّين، قبل أن يتحوّل إلى رجل مقتدى الصدر). والسنيورة صدّق اللقب وخُيّل له أن الأميركي يحبّه لمواهبه وليس لطاعته ولتمثيله لفريق يوالي نظاماً يوالي قوة عظمى. ومثل كل أدوات ووكلاء السياسة السعوديّة والقطريّة في الشرق العربي، يظن السنيورة أن طاعته وولاءه لأميركا، وخصوصاً في ظروف عدوان تمّوز حين حرصت أميركا على بقائه، يخوّلانه إسداء النصح والمشورة وحق الحثّ والتأجيج الرسميّين. هل يظنّ السنيورة أن أوباما يعرف حقّاً من هو؟ إن اسم فؤاد السنيورة لا يعني لأوباما أكثر من اسم خالد زهرمان. لكن إذا كان سمير جعجع قد أصدر رسالة شخصيّة لأوباما، وإذا كان وليد جنبلاط يطيّر البرقيّات بسرعة نشر جريدة «النهار» لأخبار اكتشافات «لأدوية» للسرطان من قبل أطباء لبنانيّين مهرة، فلماذا لا يوجّه السنيورة رسالة إلى أوباما بالإنكليزيّة (وباللكنة البريطانيّة أيضاً). لمَ لا؟
وعندما صدرت ردود فعل في لبنان على رسالة السنيورة، احتجّ الأخير وظهر ـــ كما يظهر دوماً ـــ بمظهر المظلوميّة. والسنيورة (بالعربيّة) يحاول دائماً أن يقنعنا بأن اعتراض الآخرين على مواقفه وتصريحاته يعود إلى سوء فهم، وأن مواقفه على حقيقتها لا يمكن إلا أن تكون محلّ إجماع من قبل جميع اللبنانيّين والعرب، لا بل من الإنسانية جمعاء. من قال إن السنيورة يعاني من تواضع جمّ؟ وأوضح السنيورة أنّه لم يقل «سيّدي الرئيس» بل قال «السيد الرئيس» مع أن المعنى لا يختلف. السنيورة خاطب أوباما بنفس المعنى لأنه تعاطى مع أوباما على أنه هو (الرجل الصيداوي) مواطن أميركي يخاطب رئيسهلكن أليس هذا ديدن الساسة في لبنان عندما يخاطبون وليّ الأمر؟ والسنيورة هذا نجدي عندما يخاطب آل سعود، مثلاً. لكن العنوان في التوجّه في الخطاب يستعمل مصطلحاً أميركياً سائداً يطالب فيه أوباما بـ«تحمّل المسؤوليّة» مع أن المعنى الحقيقي (وقد يكون العنوان من صياغة مُحرّري موقع «فورين بوليسي»لكنهم حصلوا على موافقة السنيورة بالتأكيد) يتضمّن إشارة إلى التصعيد أو الزيادة في القيام بعمل ما، ولهذا فإن المصطلح يُستعمل أحياناً في مجال زيادة وتيرة الطاقة الكهربائيّة. لكن ما علينا. لنتصدّ للمقالة عينها ولننسَ لحظة العاطفة عندما توجّه السنيورة بالكلام إلى «السيّد الرئيس».
يبدأ السنيورة بنبذة تاريخيّة عن «الثورة» السوريّة، لكنه لا يضمّن في تلك السيرة أنه كان واحداً من حلفاء النظام السوري في لبنان منذ عام 1992 حتى عام 2005 (أي حتى انفراط عقد التحالف السوري ـــ السعودي في المنطقة العربيّة). نسي السنيورة، أو لعلّه يريدنا أن ننسى، أن له مدائح وتبجيلات لحافظ الأسد ولابنه من بعده وأنه تنافس مع مروان حمادة في كتابة المراثي لقادة النظام المتوفين. لكن هدف السنيورة من المقالة لا يحتمل لبساً بالرغم من محاولة مكتبه الإعلامي اللعب على الحبال عبر القول إن السنيورة «لم يأت مطلقاً على ذكر العمل العسكري أو ضرب سوريا». على مَن يضحك السنيورة هنا؟ هل يخاطب حشداً في روضة أطفال؟ إن المقالة كلّها تتلخّص بالحثّ على ضرب سوريا من قبل أميركا. لا بل هو يقول بصريح العبارة إن أميركا ترتكب خطأً مميتاً إذا هي لم تتعامل مع إجرام النظام السوري، وخصوصاً مع القصف بالسلاح الكيميائي. قال هذا السنيورة من دون مواربة. إذا كان السنيورة لم يقصد هذا، فماذا كان يعني؟ هل كان السنيورة (الذي يظنّ أنه يستطيع أن يذهب حتى إلى الكنيست، لكن من دون أن يُغيّر ذلك من خامة دمه القومي الذي ـــ كما لا ينفكّ عن تذكيرنا ـــ لا يحتاج إلى فحص) يحثّ أوباما على قصف سوريا بالدبلوماسيّة؟ والسنيورة حذّر أوباما (كمواطن أميركي) من أن عدم شنّ العدوان على سوريا (حتى لو يستعمل الكلمات تلك، لكن على من تضحك يا داود؟يعزّز من مواقع الطغاة حول العالم (وعندما يتحدّث السنيورة عن الطغاة، هو لا يعني الملك السعودي ـــ وقد رأينا طريقة عناق السنيورة له على الشاشات عندما يُسمح له بالاقتراب منه بتؤدة ـــ لكنه يعني كل من يقف بوجه الإدارة الأميركيّة).
وهو يقول إنّ الغرب (والغرب يقف على حافّة الكرسي للاستماع إلى نصائح السنيورة نظراً إلى ما يمثّله في الغرب والشرق على حدّ سواء) يجب «أن يفعل أكثر للتعامل مع الاعتداء هذا». ماذا يعني بالفعل هنا؟ ويدعو الغرب أيضاً إلى مد «قوى الاعتدال» (يعني السنيورة وصحبه) بمزيد من الدعم. ولا يتورّع عن تقديم مضبطة اتهام ضد حزب الله وإيران إلى «الغرب» (وهل يتقن فريق السنيورة إلا تقديم التقارير ومضابط الاتهام ضد خصومهم إلى الفريق الأميركي المحايد والعادل؟)، وهو يقول إن التدخّل الخارجي في سوريا حدث فقط من طرف واحد (يحدّد أطرافه بروسيا وإيران وحزب الله)، ولا يرى تدخلاً خارجيّاً غيره، لهذا هو يطالب بضربة أميركيّة من أجل التوازن لأن أميركا وفرنسا وبريطانيا والإمارات وقطر والسعوديّة وألمانيا وتركيا لم تتدخّل في الشأن السوري «بنوب». ولامَ السنيورة العلماني المُتنوّر حزب الله لأنه حوّل «ثورة» نبيلة إلى صراع طائفي. أوّاه، يا سنيورة، أوّاه. أي أن السنيورة يُعلم (أو يُخبر، أخبر يُخبر، مُخبراً) الغرب هنا أن السعوديّة وقوى السلفيّة الوهابيّة والإخوان في المنطقة العربيّة التزموا بعلمانيّة روبسبير على مرّ العقود إلى أن تدخّل حزب الله في سوريا، فاندلعت الفتنة مذّاك. لم يكن فريق السنيورة ورعاته في الرياض إلا علمانيّين متزمّتين قبل القصير.
والسنيورة لا يريد حلاً سياسيّاً تتفق عليه أميركا وروسيا، ولا يرى حكمة من الانخراط في مسيرة مؤتمر جنيف. السنيورة يريد الحرب الأميركيّة، ويريدها فوراً ومن دون أي تأخير. ويضيف السنيورة إن للغرب «واجباً أخلاقيّاً» لوقف حملة بشّار الأسد «الكريهة». لكن لا يفسّر لنا السنيورة لماذا يحتكر هذا الغرب (العزيز جداً على قلب السنيورة الغربي الهوى واللكنة) هذا الواجب الأخلاقي؟ هل لأن الحروب الأميركيّة المستمرّة هي ذروة الأخلاقيّة؟ أم لأن التاريخ الاستعماري للغرب يعطيه هذا الواجب الأخلاقي؟ ثم لماذا تظاهر السنيورة (عندما كان فتى فقط) ضد سفارات هذا الغرب وهو في جوهره تجلٍ أخلاقي؟ من المحتم أنّه ينظر إلى سنوات اليفاعة بخجل وندم شديديْن.
وعلى طريقة الإسرائيليّين في التحذير من أعدائهم، يتوجّه السنيورة إلى الغرب (الشديد الانتباه لكل كلمة أو همسة تصدر عن السنيورة) ويقول لهم إنّ الأسد يشكّل «خطراً على الشعب السوري وعلى الكرة الأرضيّة». بالحرف. لا يبالغ السنيورة هنا على الإطلاق. بات النظام السوري يشكّل خطراً على الصين وأندونيسيا وعلى أميركا اللاتينيّة والقطبيْن الشمالي والجنوبي وأوسترالياكم هو حريص هذا السنيورة على أمن الكرة الأرضيّة. لكنه لا يفصح لنا عن سرّ تحالفه الطويل والذليل مع هذا النظام الذي (للأمانة) انحصر خطره في كوكب واحد، لا اثنين. والسنيورة الذي تذكّر أولاد درعا (في المقالة المذكورةنسي أنه صمت (هو وصحبه في الحظيرة السعوديّة) عندما تعرّض أولاد درعا للقمع الوحشي من قبل النظام لأنّ النظام السعودي كان متريّثاً حينها، ولهذا التزم إعلام الحريري الصمت المطبق عن معاناة الشعب السوري في بداية الانتفاضة السوريّة عندما غطت «السفير» و«الأخبار» فقط أخبار الانتفاضة السوريّة (كان هذا قبل أن «يكتب» إلياس المرّ ـــ أو يُكتب له ـــ مقالة في «الجمهوريّة» يعبّر فيها عن تأييده للنظام لأسباب طائفيّة محضة).
لكن السنيورة لم يكتفِ بذرف الدموع على معاناة شعب لم يتذكّره قبل صدور الأمر السعودي (لم يذرف السنيورة دموعاً على الشعب السوري في سنوات تحالفه الطويلة مع النظام) بالحزن والأسى، بل استنبط الخطاب الأميركي الاستراتيجيلم يكتفِ بمخاطبة أوباما كواحد من أهل البيت (القومي العربي تحوّل إلى قومي أميركي في سنوات بوش)، بل خاطبه بالنيابة عن «المصلحة الاستراتيجيّة»للولايات المتحدة. ومن يحقّ له تحديد تلك المصلحة أكثر من نائب صيدا ومجدليون؟ ونبّه السنيورة بوش إلى أن استمرار الحرب سيولّد «إرهاباً» وإلى «اتساع الهيمنة الإيرانيّة» في المنطقة. يظن أنّه اكتشف هذا الخطاب عن خطر الإرهاب الإيراني، مع أن كل الفريق التابع لآل سعود برمّته لا يستقيم له النطق إلا بمحاكاة الخطاب الليكودي. إن خطاب السنيورة هذا لا يختلف عن خطاب الليكوديّين من أمثال جون بولتون وفؤاد عجمي وغيرهم الكثيرين في الإعلام الأميركي.
تزاوج السنيورة مع الغرب وخالط بين الدلال الذي لقيه في عهد بوش لما أدّاه من دور في مقاومة مقاومة العدوّ الإسرائيلي وبين القدرة على التأثير. لكن هذا الدور ليس بجديد. كان الساسة في لبنان يطلبون من شارل مالك في الستينيات وحتى السبعينيات وأوائل الثمانينيات التأثير في الإدارة الأميركيّة. وكان بشير الجميّل يطلب من شارل مالك صياغة كل مراسلاته الرسميّة مع الإدارة الأميركيّة في عهد رونالد ريغان. صدّقوا أن مالك كان يأمر أيزنهاور من «سنترال» الكورة في الخمسينيات. وربما ظنّ شفيق الوزّان أنه هو بدوره صانع قرار قبل أن يلعب دور المُسلم الكتائبي، كما لعب سامي الصلح من قبله دور المُسلم الشمعوني ـــ الكتائبي في 1958.
والسنيورة يصرّ وبإباء على أنه لم يشر لا من بعيد ولا من قريب إلى العدوان العسكري، مع أنه يستهلّ خطابه بتذكير أوباما (على افتراض أن أوباما سيضيّع وقته بقراءة خطاب رئيس سابق للحكومة في واحدة من أصغر دول العالم ومن أقلّها تأثيراً. على افتراض أنه قرأ من قبل خطاباً من قائد ميليشيا سابق في نفس البلد خاطبه بنفس المضمون) أنه أمام قرار حرج عليه أن يتخذه. يتذاكى السنيورة على طريقة حكّام العرب، الذين يقولون شيئاً بالعربيّة ويقولون عكسه بالإنكليزيّة. وكل الطغاة العرب يجاهرون بمكنوناتهم الصريحة في أحاديثهم باللغات الأجنبيّة ـــ أتقنوها أو لم يتقنوها على طريقة ملوك آل سعود ـــ لأنهم ينسون الرأي العام العربي الذي ينتظر عودتهم. وسعد الحريري وقع في نفس المطبّ في أوّل مقابلة أجراها بعد وفاة والده، عندما قال لليلي ويميث من «واشنطن بوست» إنه «سينزع» سلاح حزب الله (لكن صحيفته «المستقبل» لم تقدّر له صراحة طموحاته، فنشرت يومها ترجمة نُزعت منها تلك العبارة على افتراض أن ما يُقال بالإنكليزيّة لا يُقال بالعربيّة).
هناك صور مختلفة من السيرة السياسيّة لفؤاد السنيورة. من وزير ماليّة مكروه أرسى مع وليّ أمره دعائم رأسماليّة متوحّشة متفلّتة من أي عقال ومتحالف مع النظام السوري برباط الصرّة، إلى تحوّل آخر على أثر النزاع السعودي ـــ السوري في عام 2005، حيث عكس (ودوره لا يسمح بأكثر من العكس والترجمة والتنفيذ والطاعة) تحالفاً أكبر منه بكثير بين آل سعود والدولة الصهيونيّةوصورة السنيورة وهو يمنح (بأي صفة؟) شهادة دكتوراه فخريّة لأمير سعودي أمّي (نايف بن عبد العزيز) ستبقى في المخيّلة كي تلخّص له دوره ومسيرته الطويلة. لكن صورته أو صوره في حرب تمّوز وما تلاها من حرب سياسيّة ضد المقاومة ستبقى أرسخ في المخيّلة والذاكرة. سيُقال إن السنيورة كان واحداً من صبية بوش في المنطقة العربيّة. أما فحص الدم، فلا حاجة لنا به أبداً، فليقلع السنيورة عن ترداد تلك اللازمة. تجاوزتها دموعه الرقراقة في حرب تمّوز.
كاتب عربي 

في أن تكره إيران...عامر محسن

نشر المفكّر سمير أمين أخيراً دراسة قيّمة عن الصين وعن اقتصادها السياسي وخياراتها المستقبلية، والصين موضوعٌ اختصّ بدراسته أمين منذ زمن بعيد، وهو ينشر باستمرار تحليلاتٍ تواكب التجربة الصينية وتؤرّخ لها وتستكشف آفاقها. لا ريب في أنّ اهتمام أمين يرجع جزئياً الى افتراضه، كما يقول باستمرار في كتاباته عن الموضوع، أن الفترة بين القرن التاسع عشر وأواسط القرن العشرين، حين كانت الصين دولة «متخلّفة» وطرفيّة وخاضعة للهيمنة الخارجية، هي الاستثناء وليست القاعدة بالمعنى التاريخي. على مدى أكثر من عشرين قرناً، كانت الصين بلا منازع هي قلب العالم: أكبر وأقوى دولة على الكوكب، والسوق الأضخم، والمحرّك الرئيسي للتبادل والتجارة في الاقتصاد العالمي. سمير أمين يعتبر أنّ عودة الصين إلى مكانها التاريخي مرجّحة وشبه محتومة، بل إنّها مسألة وقت لا أكثر، وهي نظريّة يوافقه عليها المسؤولون والمفكّرون الصينيّون، بل وكارل ماركس أيضاً!
من ناحية أخرى، تنبّهنا هذه الأدبيّات إلى خللٍ فاضح في الثّقافة السياسيّة العربيّة: قلّة الاهتمام بتجربة الصين ومثيلاتها، على الرّغم من أنّها أقرب إلى تجاربنا وتحدّياتنا وظروفنا من التّجربة التاريخيّة لأوروبا الغربيّة، التي لا يزال باحثونا وكتّابنا يصرّون على عقد نفس المقارنات القديمة والمتعبة معها. الجهل بالصين وتجاهلها هو ليس صدفةً، بل له علاقة وثيقة بموقعنا في العالم، وعمليّة صنع المعرفة فيه، و ـــ هذا الأهمّ ـــ مفهوم «النموذج» الذي يراد لنا أن نتعلّم منه وأن نقلّده وأن نقيس أنفسنا بمعاييره.
China Bashing
يكتب سمير أمين عن ظاهرة غربيّة يسمّيها «ذمّ الصين» (China bashing) تجدها باستمرار في الصحافة والأفلام والأدبيّات الأكاديميّة التي تخرج من أميركا وأوروبا. حينما تُقدّم الصين للقارئ الغربي، يقول أمين، يكون الكلام دائماً محفوفاً بالتنبيه والتحذير منها، وتبيان مكامن الخطر المحتملة التي تمثّلها القوّة الآسيوية الصاعدة، والتّذكير الدّائم بأنّ الصين دولة «قمعيّة»، وأنّها احتلّت التيبت، وشرّدت الدالاي لاما، وأنّ هناك دائماً «مواجهة في الأفق» قد تقع بين الصين والغرب ـــ هذا، على الرغم من أنّه لا يوجد أي خلاف حقيقي ذي مضمون، أو منازعات على السياسة والمصالح، بين الصين وأميركا، والدولة الصينية تقيم ـــ رسميّاً ـــ علاقات ممتازة مع حكومات الغرب منذ أوائل السبعينيّات.
يخبرنا سمير أمين أنّ هذه المنهجيّة في تغطية الصين لها هدفٌ سياسيّ واضح: جعل الجمهور الغربي معبّأً بشكلٍ مستمر ضدّ الصين، متقبّلاً فكرة أنّ الصين قد تصير، في أيّة لحظة، عدوّاً للغرب يحتاج إلى ضربة تردعه وتضعه في مكانه. الأدهى من ذلك، يضيف المفكّر المصري، أن الكثير من إصدارات مراكز الأبحاث تتكلّم ـــ منذ عقودٍ وبشكلٍ روتينيّ ـــ على اللحظة الّتي تصير فيها المواجهة «ضروريّة». بمعنى آخر، إنّهم يشرّعون مسبقاً فكرة أن الحرب (النووية، لا أقلّ) مع الصين قد تصير يوماً ما «ضرورة» ولا مفرّ منها، إذا ما جاوزت الصين حدّاً معيّناً من التقدّم والثراء والنفوذ!
أوّل من نبّهني إلى أهميّة الصين ونموذجها كان المفكّر الراحل هادي العلوي، الذي أقام في الصين ردحاً طويلاً وتخصّص في فلسفتها، وهو كان يكتب باستمرار عن ضرورة التفاتنا إلى جيراننا في الشرق، محذّراً من أن نستقي معرفتنا عن البلد من المصادر الغربيّة حصراً. حتّى المثقّف العربي الذي يتظاهر بالاهتمام بالتّجربة الصينية، يخبرنا هادي العلوي، هو حقيقةً يمدح «الصين الخطأ». المثقف العربي اليوم تبهره صين «جيانغ زيمين» و«لي بينغ»، ولكنّه يجهل صين «ماو» أو يعاديها، أي أنّه لا يعرف أساس التجربة الصينية وكنهها.
الإنجاز الحقيقي لـ«ماو» لا يقاس ببناء الصناعات التصديرية والأبراج الزجاجيّة، بل في أنّه حلّ المعضلة التاريخيّة التي كبّلت المجتمع الصيني منذ أن عرف الحضارة: المسألة الزّراعيّة. المعضلة هذه عبّر عنها المؤرّخ أريك هوبسباوم على الشّكل الآتي: «كيف تُطعم خمس سكّان العالم بأقلّ من 6 بالمئة من الأراضي الصالحة للزراعة على سطح هذا الكوكب؟». هذه المعادلة، والعدد السكّان الهائل، جعلا الصين في حالة خطرٍ دائم على مرّ الحقب. يكفي أن ينخفض الإنتاج بنسبة العُشر، مثلاً، حتّى تقع البلاد في عجزٍ غذائيّ خطير. أمّا إذا ما مرّت سنوات قحط وجفاف، فالنتيجة المباشرة تكون مجاعات هائلة يقضي فيها الملايين، ودورات المجاعة هذه استمرّت حتّى أواسط القرن العشرين.
الإنجاز الثّاني الذي بدأه «ماو» واستكمله خلفاؤه يتمثّل، على حدّ قول سمير أمين، في أنّ الصين هي واحدة من ثلاث دولٍ من الجنوب العالمي، لا غير، تمكّنت خلال القرن الماضي من تأسيس ما يسمّيه «نظام إنتاجي سيادي» (إلى جانب كوريا الجنوبيّة وتايوان). «النظام الإنتاجي السيادي» يعني أنّ الصين تملك قاعدتها التكنولوجية والصناعية الخاصّة بها، وهي قادرة على إنتاج التكنولوجيا التي يحتاج إليها مشروعها التنموي بشكلٍ مستقلّ، ولا يوجد أمامها «عنق زجاجة» تكنولوجي لا يمكنها تذليله في أيّ من المجالات الأساسيّة. الهند أو البرازيل، بالمقارنة، تملكان عناصر قليلة ومبعثرة من مشروع كهذا.
هذان الإنجازان كانا الأساس الذي بنيت عليه الصين الحديثة. من لا يرى في الصين إلّا صناعاتها التصديريّة يعزل نفسه عن القصّة الحقيقيّة للتنمية الصينيّة. في العقدين الأخيرين فقط، يخبرنا سمير أمين، تمكّن نظام الإنتاج الصيني من استيعاب وتشغيل أكثر من 400 مليون مواطن نزحوا من الأرياف إلى المدن. أي ما يزيد على كامل عدد سكان أميركا الشماليّة أو مجموع دول أوروبّا الغربيّة. هذه حركة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً: هل لديكم فكرة عن كمّ البنى التحتيّة والمدارس والمؤسسات والمساكن التي يتعيّن بناؤها من أجل استيعاب هذا العدد من النّاس؟ الطلب الذي شكّله (ويشكّله) «المتمدّنون الجدد» في الصين كان المحرّك الأساسي للنموّ في العقود الأخيرة، وهو أضخم بما لا يقاس من وزن الاستثمارات الأجنبيّة أو الأسواق الخارجيّة (على أهمّيتها). الدولة الصينيّة، دولة «ماو»، هي التي أمّنت الجهاز الإداري والسياسي والإنتاجي القادر على استيعاب كلّ هؤلاء البشر، واستثمارهم في الاقتصاد وفي صنع القيمة، وتعليم أولادهم، وتحويل الطّلب الداخلي الى قطاعات صناعيّة وإنشائية وخدميّة هائلة، تغذّي النّموّ وتتغذّى به.
من السّهل أن نسخر من فقر الفلّاح الصيني أو من الشقق الصغيرة والمتشابهة التي يسكنها العمّال في المدن الصينيّة الكبرى، إلّا أنّ هذه الأمور لا يمكن أن تُقاس إلّا بالمنظورٍ المقارن. البرازيل، مثلاً، تعتبر نموذجاً تنمويّاً ناجحاً، وهي أيضاً شهدت ـــ في العقدين الأخيرين ـــ زيادة هائلة في مستوى معيشتها وتضخّماً سريعاً في حجم مدنها: إلى الآن، يقطن أكثر من نصف سكّان المدن بالبرازيل في أحياء عشوائية وأكواخ صفيح، خارج رعاية الدّولة تقريباً وعلى هامش الاقتصاد الرّسمي. يدعونا سمير أمين أيضاً إلى مقارنة وضع الريف الصيني، حيث كل الناس يملكون منازل وكهرباء وتكنولوجيا زراعية حديثة، بالريف في الهند الصينية أو في الهند، وهي دولٌ كان وضع مزارعيها مشابهاً لوضع نظرائهم الصينيين في أواسط القرن العشرين، إن لم يكن أفضل.
علم الاقتصاد السّياسي، منذ أيّام شومبيتر وليست، نشأ كي يفسّر لنا ديناميّة التصنيع والتحديث: لماذا حصلت الثورة الصناعيّة في بريطانيا العظمى، وليس في مكان آخر؟ ولماذا تمكّنت دولٌ معيّنة من اللحاق بها، في حين فشل غيرها؟ من هذا المنظور، الصين تجربة فريدة وهائلة بالمعنى التّاريخي. خلال أقلّ من نصف قرن، نُقل سدس البشريّة من حالة مجتمع زراعيّ إقطاعيّ، مُستعمَر داخليّاً وخارجيّاً ويعيش باستمرار على حافّة المجاعة، إلى حالة مجتمعٍ صناعيّ متقدّم، ينتج القيمة والمعرفة والتكنولوجيا. ولكن من يقرأ الصحافة الغربيّة اليوم، من «نيويورك تايمز» إلى «الإيكونوميست»، لن يأخذ هذا الانطباع. الوضع ليس مختلفاً كثيراً في الأكاديميا، أذكر أنّنا كنّا ندرّس الطلّاب مرّة، في جامعة أميركيّة، صفّاً مدخليّاً إلى السياسة المقارنة، وكان ضمن المنهاج قسمٌ معتبر عن الصين. كلّ ما قرأه الطلّاب فعليّاً، كان ذمّاً بالتّجربة الصينيّة وتبياناً لفشلها المستمرّ: كيف أنّ «ماو» كان نرجسيّاً مهووساً بالسّلطة ولا يعرف كيف يدير بلداً، وكيف أنّ إصلاحاته الزراعيّة كانت فاشلة ومدمّرة وكلّفت الملايين حياتهم، وكيف أنّ ثورته الثقافيّة كانت إجراماً وقمعاً ومسرحيّة هزليّة، إلخ ...
أمام هذه السرديّة، وجدت نفسي أسأل الطلّاب: «ألا يبدو لكم غريباً أنّه، بعد كلّ هذا الفشل والتخبّط، وجدت الصين نفسها وقد حقّقت واحدة من أكبر القفزات _ بكلّ المقاييس _ في تاريخ البشرية؟».
Iran Bashing
لديّ صديقٌ كان يقول في بداية كلّ نقاش حول إيران: «إذا كانت مشكلتك مع الإيرانيين أنّهم شيعة، فستظلّ لديك مشكلة معهم، بغضّ النظر عن نظامهم وسياساتهم وأفعالهم». هكذا تحذيرات لم تعد مجرّد مزاح في أيّامنا، وقد صار الخطاب الطائفي «شرعيّاً» يروّج له النظام الرّسمي العربي، وصرت تسمع خطاب الكراهية والحرب الأهليّة يصدح في الإعلام «المحترم». بعد كلّ ما جرى في لبنان، والعراق، وسوريا، صار من البديهي أن يعتبر كلّ أهالي منطقتنا _ وخاصّة في المشرق _ أنّ خطاب الكراهية الطائفي («تكفيرياً» كان أو غيره) هو الموازي المطابق للفاشية والنازية في الحضارة الأوروبيّة، وأنّ أفظع المآسي التي أصابت شعوبنا في تاريخها الحديث كان وقودها حركات الكراهيّة العنصريّة تلك (والصهيونية على رأسها).
إنّ قنوات الإعلام التي ارتضت أن تصير منابر للتحريض الطائفي يجب أن تعرف، وأن يعرف العاملون فيها، أنّهم صاروا _ بالمعنى الفعلي للكلمة _ رسلاً للموت والخراب، وأنّ الرواتب التي يتلقّونها مقابل تقسيم المجتمعات ونشر الكراهية هي مالٌ حرام، سوف يُسألون عنه يوم القيامة. بنفس المعنى، فإنّ من أغرب المفارقات في زمننا هذا أنّ الكثير من المثقّفين العرب الذين يعتبرون أنفسهم سليلي الثقافة الأوروبية المتنوّرة، وأنّهم تربّوا على تراث العداء للفاشيّة ولرموزها، تجدهم قد غضّوا البصر والعقل حين مرّت النسخة العربيّة، «الحديثة»، من العنصريّة أمام ناظرهم.
خطاب «العداء المطلق» تجاه إيران يشبه هذا الخطاب الطّائفي ويتغذّى منه، ومن يدعو إلى عداوات أزليّة و«حروب قوميّة» مع شعوبٍ جارة، تجمعنا بها شراكة تاريخيّة وكمّ هائل من المصالح والروابط، هو لا يعيش في العالم الحديث، ولا يمكنه أن يبني مشروعاً ولا مستقبلاً، بل هو _ في أفضل الحالات _ يصلح لأن يكون أداةً تشغّل لمصلحة غيره. من حيث المبدأ، من المفترض أن يكون لدينا _ كعرب _ ميلٌ فطريّ إلى التضامن مع كلّ دول الجنوب وشعوبه، فكيف بمشروع سيادي يحاول أن يشقّ طريقه المستقلّ في العالم، ويدفع ثمناً غالياً في سبيل ذلك؟
«ذمّ إيران» في الساحة العربيّة اليوم يجري على خطّين تؤامين، تجدهما أحياناً في المطبوعة الواحدة، ولكنّهما متناقضان أشد التناقض. الخط الأول ينطلق من نقد «علماني جذري» يعتبر أنّ إيران قد أسرها الإسلاميون، وأنّ الواجب العلماني هو أن نعادي _ من حيث المبدأ _ كلّ حركة ذات وجه ديني في أي مكان في العالم، بغضّ النظر عن المحتوى والمشروع والسّلوك، فهي كلّها معادية للحداثة والديموقراطيّة، وهي بالتعريف «غيبيّة ورجعيّة ومتخلّفة». في الوقت ذاته، وبالتوازي، تجد خطاباً موجّهاً إلى الفئات الشعبيّة والجمهور الطائفي يحرّض على الإيرانيين (كإيرانيين) لأنهم شيعة وروافض و«مجوس»، ولأنّهم يشتمون الصحابة، ولأنّ كلّ مشاكل العرب سببها الأيدي الخفيّة لإيران (وكلّ كلام الإيرانيين عن الوحدة الإسلاميّة وفلسطين ومعاداة الاستعمار ما هو إلّا «تقيّة»، تخفي الحلف «السرّي» القائم بين إيران وأميركا وإسرائيل!).
من الضروريّ أن ندرس إيران وأن يكون لنا رأي نقديّ في تجربتها، وأن نؤرّخ للعلاقة معها ولآفاقها، ولحدود التعاون والتنافس والخلاف، ولكنّ هذا كلّه يجب أن يجري ضمن إطارٍ عقلانيّ، مسؤول، واعٍ لتاريخ المنطقة وتراثها، لا انطلاقاً من نظريّات مؤامرة ومسلّمات طائفيّة _ أو عبر إعادة إنتاج أدبيّات «قادسيّة صدّام».
خذوا مسألة النظام السياسي مثالاً، والنظام الذي أرسته الثورة الإسلاميّة يستحقّ، بعد تجربة استمرّت أكثر من ثلاثين عاماً، دراسةً ونقداً وتمحيصاًالموضوع لا يمكن اختزاله وتبسيطه. كما يكتب عزمي بشارة مثلاً، فإنّ نظام إيران السياسي هو «شموليّ»، بمعنى أنّه يعتمد أيديولوجيا رسميّة وحيدة، يعتبر أنّه يمكن التوصّل من خلالها الى حلولٍ لكلّ المشاكل الّتي قد تواجه المجتمع اليوم أو في المستقبل، ولا يسمح بممارسة العمل السياسيّ والحزبيّ في البلد إلّا تحت مظلّتها. إلّا أنّه في الوقت نفسه، يضيف بشارة، فإنّ إيران قد غيّرت أكثر من عشرة رؤساء منذ عام 1979، عبر الانتخابات وبالقنوات الدستوريّة (وهذا أمرٌ فريدٌ بالنّسبة إلى نظامٍ فتيّ، نتج من ثورة وانقلاب وعاش حروباً داخليّة وخارجيّة). هناك عمليّة صنع قرار في إيران، وانتخابات حقيقيّة لا يعرف أحدٌ مسبقاً من سيفوز بها، ونتيجتها تؤدّي إلى تغييرات حقيقية في الإدارة والسياسات. من الممكن مناقشة مراكز القوى المختلفة داخل الدولة الإيرانية، والتوازنات بين مؤسسات الرئاسة والحرس الثوري والبيروقراطيّة، ولكن اختزال هذا كلّه تحت كليشيهات من نوع «نظام الملالي» و«نظام الوليّ الفقيه» ينطوي على احتقارٍ لإرادة الشعب الإيراني بمقدار جهله (المقصود) بطبيعة الحالة الإيرانيّة.
الحرب على «النموذج»
ما هو مشترك بين «ذمّ الصين» و«ذمّ إيران»، في رأيي، لا علاقة له بسلوك الحكومة الصينية في التيبت أو موقف إيران من الحرب في سوريا، بل هو، قبل أيّ شيءٍ آخر، صراعٌ على فكرة «النموذج»: ممنوعٌ على الإنسان (وخاصّة إذا كان عربيّاً) أن يفكّر باحتماليّة، مجرّد احتماليّة، وجود نموذج مختلف عن ذاك الذي تفرضه عليه الهيمنة الغربية، في الاقتصاد وفي السياسة وفي كلّ شيء. كلّ نموذج مغاير _ حتّى لو لم يكن مناقضاً _ يجب أن ننظر إليه بعين الشك والسخرية والاستهزاء. كتب هشام شرابي، منذ عقود، أنّ السلطة المعرفيّة في الغرب تنظر إلى المجتمع العربي، بالتناوب، عبر عدستين: عدسة مدرسة الاستشراق، وعدسة مدرسة التحديث. حسب مدرسة الاستشراق، يكون العربي «مختلفاً بالجوهر» عن الإنسان الأوروبي، فهو سيبقى دائماً كائناً غريباً بالنسبة إليه. أمّا في مدرسة التحديث، فإنّ العربي يسير في طريقٍ تاريخيّ محتوم لتقليد الغرب وحداثته، ولكنّه لن يصير «غربيّاً» أبداً، فهو يظلّ في حالة «لحاق» مستمرّة (لأنّ مفهوم الحداثة نفسه تحدده الوضعية الحالية للغرب). من المحتّم علينا أن نتجنّب هذه الثنائيّات وألّا نسجن أنفسنا في داخلها، نحن لا يجب أن نقلّد الصينيّين أو الإيرانيّين، ولكنّ تجربتهم تثبت لنا أنّ هناك سبلاً أخرى غير سبيل البنك الدولي والرّكوع لأميركا، وأنّ النقاش حول نظم الحكم وشكل الاقتصاد ليس «محسوماً سلفاً»، وأنّ هذه المسائل لا يحقّ لأحد أن يقرّرها بالنيابة عنّا. هناك أيضاً ما هو أهمّ. في نصّ جميلٍ لها، وصّفت جانيت أبو اللغد «النظام العالمي في القرن الثالث عشر»، حين كان «طريق الحرير» في أوج نشاطه، وكانت الإمبراطورية الصينيّة تتحكّم بالمحيطات وطرق التجارة وترسل البعثات الاستكشافية إلى جزر المحيط الهادئ وساحل أميركا. قبل الهيمنة الأوروبيّة، تقول أبو اللغد، كان هناك نظامٌ عالمي إمبراطوريّ، ولكنّه بلا إمبرياليّة. الاستعمار والغزو ونهب الثّروات ليست الطريقة الوحيدة لإدارة العالم، وليس من الضروريّ لكلّ قوّة صاعدة أن تسعى إلى الهيمنة واستعباد غيرها. تدخلنا جانيت أبو اللغد إلى عالمٍ مختلفٍ تماماً عن ذاك الذي صنعته لنا «الحداثة»، عالم تتّصل فيه البلاد والشعوب ببعضها البعض في سلام نسبيّ، وتكون الأولوية للتبادل وحريّة السفر والاستقرار. في القرن الثالث عشر، صنع «النظام العالمي» شريطاً حضاريّاً متّصلاً يمتدّ من صحارى آسيا الوسطى إلى سواحل المتوسّط، نشأت في كنفه أعظم المدن التي عرفها الشرق. هناك مستقبلٌ بديلٌ من العالم الوحشي الذي نمكث فيه اليوم، مستقبلٌ غير قائمٍ على الكراهية والحدود المغلقة والحروب الّتي لا تنتهي، عليك أن تفكّر بهذا جيّداً قبل أن تقرّر أن تكره إيران.

رئاسة النظام السوري تنفي صحة ما نشرته"الأخبار" من شعوذات وهذيانات نقلا عن "زوار دمشق"!؟

منقول

ما قالته الصحيفة عن امتلاكنا "سلاحا يعمي بصر إسرائيل" و أن الجيش الروسي سيقاتل على على الأراضي السورية في حال وقوع عدوان على سوريا ...غير صحيح
 نفت رئاسة النظام السوري على صفحتيها الرسميتين، في موقعي"تويتر" و "فيسبوك"، ما نشرته صحيفة "الأخبار" اللبنانية اليوم من شعوذات وهذيانات نقلا عمن أسمتهم" زوار دمشق". ويقصد بهذا التعبير شبيحة النظام السوري وعملاء أجهزته الأمنية من الإعلاميين والسياسيين الذين يزورون دمشق ويقومون بعد عودتهم "ببيع" بضاعتهم لوسائل الإعلام اللبنانية.
  وقال النفي المقتضب إن" رئاسة الجمهورية تؤكد أن ما نقلته صحيفة الأخبار اللبنانية على لسان السيد الرئيس الأسد، في عددها الصادر اليوم، غير صحيح".
  وكانت الصحيفة نقلت على صدر صفحتها بالمانشيت العريض مجموعة شعوذات وهذيانات على لسان رأس السلطة في سوريا، نقلا عن أحد زواره دون أن تسميه، زعم فيها أن روسيا ، وتعويضا عن تسليم السلاح الكيميائي ، تعهدت بأن تقاتل بجنودها على الأراضي السورية إذا ما تعرضت لاعتداء خارجي. كما وزعم أن روسيا زودت سوريا بسلاح"يعمي بصر إسرائيل" في أي مواجهة معها، ناسبا لرأس السلطة قوله "نحن أصلاً صنعنا الكيميائي في الثمانينيات كسلاح ردع في مواجهة السلاح النووي الإسرائيلي. الآن لم يعد سلاحاً رادعاً. لدينا اليوم أسلحة ردع أكثر أهمية وأكثر تطوراً حيال إسرائيل التي يمكننا أن نعمي بصرها في لحظات".
  وقال مصدر متابع لـلموقع تعقيبا على هذه التصريحات "صحيح أن رأس النظام في سوريا غير متوازن في معظم تصريحاته، ولكن لا يمكن أن يصل به الأمر حد إطلاق شعوذات وهذيانات من هذا النوع، خصوصا عندما يتعلق الأمر بحليفه الروسي"، مشيرا إلى أن ما يسمى"إعلام الممانعة والمقاومة" يلهث جاهدا منذ قرار النظام تسليم الترسانة الكيميائية في سعيه" لتبييض هذا الفعل الخياني المشين وتبريره وإيجاد الأعذار له بشتى السبل ، بما في ذلك خلق شعوذات وهذيانات من هذا النوع. وربما ليس بعيدا ذلك اليوم الذي نقرأ فيه تسريبات مجنونة شبيهة بهذه الشعوذات تزعم أن سوريا لم تسلم سلاحها الكيميائي إلا بعد أن أصبح لديها سلاح نووي"!
  من ناحية أخرى، لاحظ المصدر أن "النفي الرئاسي" نشر على صفحتي "رئاسة الجمهورية" فقط، دون أن تنشره وكالة"سانا" الرسمية أو التلفزيون الرسمي، الأمر الذي يعني أن الفريق الإعلامي الخاص برأس السلطة "يعمل بمعزل عن إعلام السلطة الرسمي وباستقلالية عنه إلى حد ما"!

مصدر ديبلوماسي بريطاني: اتفاق روسي ـ أميركي غير معلن على بقاء الأسد في السلطة حتى العام 2016

منقول

هناك اتفاق روسي ـ أميركي يقضي باجتثاث آل الأسد من الحياة السياسية السورية ، ولكن بعد العام 2016، وبعد الانتهاء من تسليم "الكيماوي" والقضاء على المسلحين
قال مصدر ديبلوماسي بريطاني إن قرار الأمم المتحدة الرقم2018 الخاص بسوريا، والذي صيغ استنادا إلى "تفاهم جنيف" الروسي ـ الأميركي في 14 من الشهر الجاري، يتضمن إطارا عاما للحل السياسي للأزمة السورية، وليس مجرد أطار للتخلص من الترسانة الكيميائية السورية فقط. ولفت المصدر في حديث مع"الموقع" اليوم الأحد في لندن إلى أن القرار الأممي المذكور يتضمن عددا من المواد والفقرات التي تؤطر العملية السياسية ، وخصوصا منها المادتين 16 و 17 ، فضلا عن ديباجة القرار. فقد أشارت المادتان إلى وجوب إيجاد حل سياسي على أساس "بيان جنيف 2012"، بما في ذلك تشكيل حكومة مؤقتة تضم السلطة الحالية والمعارضة ، وإلى عقد مؤتمر دولي بشأن سوريا من أجل تنفيذ ذلك. وكشف المصدر أن موسكو و واشنطن اتفقتا ـ دون الإعلان عن ذلك ـ على تأجيل "الانتخابات الرئاسية" في سوريا، المستحقة دستوريا العام القادم، قبل انتهاء "الولاية الدستورية " الثانية لبشار الأسد في 16 تموز / يوليو 2014، لمدة عامين ، وتأمين "غطاء سياسي دولي" يسمح بتمديد ولاية بشار الأسد استنادا إلى "الفقرة 2" من المادة "87" من الدستور السوري النافذ منذ العام الماضي(إذا انتهت ولاية رئيس الجمهورية و لم يتم انتخاب رئيس جديد يستمر رئيس الجمهورية القائم بممارسة مهامه حتى انتخاب الرئيس الجديد). وأكد المصدر أن مهمة الأسد خلال العامين القادمين ستنحصر في مهمتين، أولاهما" الانتهاء من تجريد سلاحها الكيميائي، وبقية الأسلحة ذات الطابع الهجومي الذي يهدد أمن إسرائيل والدول المجاورة الأخرى، والإبقاء على الأسلحة ذات الطابع الدفاعي فقط"، وثانيتهما"محاربة المجموعات الأصولية المحلية والمستجلبة من الخارج، على أن تقوم الولايات المتحدة بإرغام حلفائها في المنطقة على المشاركة في العملية من خلال إحكام السيطرة على حدودها، و وقف تسليح هذه الجماعات وتحويل الأموال لها". وأكد المصدر أن الجانب الروسي تحدث مع حلفائه في دمشق بهذا الخصوص، وأخذ تفويضا منهم بمفاوضة الولايات المتحدة على هذا الأساس، لكنه أضاف بندا آخر لـ"شروط التسوية" يؤمن له ولعائلته "مستقبلا مشرفا"، وهو أن ينص أي اتفاق للتسوية على بند"يسقط جميع التهم بارتكاب جرائم الحرب ، وغيرها من الجرائم ، التي حصلت حتى تاريخ إبرام اتفاق التسوية،عن جميع المتهمين؛ وأن يشمل هذا الإسقاط جميع من يوافقون على اتفاق التسوية، ويستثني كل من يعارضه". وهو شبيه بما حصل في لبنان بعد "اتفاق الطائف"، والذي كان من شأنه أن يكرس "أمراء الحرب" حكاما لـ"لبنان الجديد" منذ العام 1992 وحتى الآن، وربما إلى الأبد!
ولاحظ المصدر أن الاتجاه العام للمداولات غير المعلنة بين موسكو و واشنطن يميل الآن نحو جعل نظام الحكم في سوريا في مرحلة ما بعد الأسد"برلمانيا" على نحو كامل، بحيث يجري تجريد الرئاسة الأولى من صلاحياتها وضمها إلى صلاحيات رئيس الحكومة ، وهو ما تريده الولايات المتحدة وحلفاؤها، أو"رئاسيا وديمقراطيا برلمانيا مختلطا" على غرار النظام اللبناني بعد اتفاء الطائف، بحيث تكون السلطة فيها لمجلس الوزراء "مجتمعا"، أي لرئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة معا، على أن يجري تشكيل الحكومة من قبل الحزب أو تحالف الأحزاب الفائز في الانتخابات، وهو "الحل الوسط" الذي طرحته موسكو. ورجح المصدر أن يكون الخيار الثاني هو الأقرب إلى الإقرار والتوافق، لافتا إلى أن "هيئة التنسيق الوطني" تبلغت معلومات بهذا الخصوص من موسكو. وقد أكد مصدر في"الهيئة" هذه المعلومات لـ"الحقيقة"، مشيرا أيضا إلى أن هناك اتجاها لشطب كلمة"العربية" من اسم الدولة ليصبح"الجهورية السورية" كما كان عليه حاله بعد الاستقلال، أخذا بعين الاعتبار مطالب الأحزاب الكردية والقوى الأخرى مثل"السريانية" والتركمانية" التي أبلغت المعنيين في الدولتين بمطالبها تلك.
في السياق نفسه، قال المصدر إن إجراءات الدعوة إلى عقد "مؤتمر جنيف" لتسوية الأزمة السورية تسير على قدم وساق من وراء الكواليس، وهناك طواقم "تنفيذية" روسية وأميركية تعمل على ذلك، كل على جبهة حلفائه وأنصاره، مشيرا إلى أن"الائتلاف" على وشك أن يصبح"في ذمة التاريخ"، إذ إن هناك عملية تفتيت وتكسير لـ"الإئتلاف" تقوم بها الولايات المتحدة وحلفاؤها بهدف استخراج تكوين جديد من أنقاضه وبقاياه مع آخرين من خارجه يتولى"المفاوضات مع السلطة في مؤتمر جنيف باسم المعارضة". وكشف المصدر أن العالم "سيفاجأ خلال الفترة القادمة بطواقم سورية جديدة معارضة لم يسمع بها أحد من قبل، يجري تدريبها الآن على أيدي أجهزة المخابرات الأميركية والفرنسية والبريطانية ، وحتى الإسرائيلية نفسها. وهؤلاء عبارة عن أشخاص يعملون في مؤسسات وشركات وجامعات غربية في أوربا والولايات المتحدة ، وحتى في الداخل السوري. وسيجري تقديم هؤلاء إلى الرأي العام باعتبارهم تكنوقراط لا علاقة لهم في السياسة. لكن هؤلاء هم ـ في حقيقة الأمر ـ حصة أجهزة الاستخبارات والدول الغربية في نظام الحكم القادم إلى سوريا بعد اتفاق جنيف"!

الخميس، 19 سبتمبر 2013

قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي : الجيش السوري انتهى ولم يعد يشكل أي خطر علينا، وتسليم الأسد سلاحه الكيماوي نصر كبير لإسرائيل

ال الجنرال يائير غولان ، قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، إن الجيش السوري انتهى ، ولم يعد يشكل أي خطر على إسرائيل . وأضح غولان في حديث مع"يديعوت أحرونوت" بالقول:"إن الأسد سيبقى لسنوات (...) ولا أرى أي قوة تطيح به غداً".  وتوقع غولان أن يتجاوز رأس السلطة في سوريا المأزق العسكري الراهن مع قوات المعارضة. إلا أنه قلل من قدرة الجيش السوري على الرد على إسرائيل في حال تم استهداف سوريا، مشيراً إلى أن الجيش السوري " انتهى ودمر عمليا، بعد أن مني بخسائر في الافراد بلغت أكثر من 25 الف قتيل، وأطلق ما بين 40 و50 في المئة من صواريخه بعيدة المدى، فضلاً عن أن مقاتلي المعارضة سيطروا على بعض بطاريات المدفعية المضادة للطائرات". وأوضح "يمكنه ان يسبب أضراراً لنا، ويمكنه ان يسبب مضايقات كبيرة لنا، ولكن لا يمكنه اليوم أن يشن هجوماً برياً ضد دولة اسرائيل".وحذر غولان من المبالغة في التهديد الذي يمثله «الجهاديون»، على اعتبار أن «الجهاد العالمي عدو سيء، ولكنه عدو بدائي نسبياً لا يتمتع بتأييد قوة اقليمية». وأضاف أن «الجيش السوري مع حزب الله، وبالطبع مع قوة اقليمية مثل ايران في الخلفية، عدو أخطر بكثير من عناصر الجهاد العالمي»، مشيراً إلى أن «حزب الله سعى للحصول على صواريخ ارض ــ ارض دقيقة، وأخرى مضادة للطائرات وللسفن من سوريا مقابل تزويدها بمقاتلين يساعدون الاسد على محاربة المعارضين». ولكنه أضاف أنه «بحسب المعلومات التي لدينا» لم يرغب الحزب في الحصول على اسلحة كيميائية.
ورأى غولان أن نجاح الاتفاق الروسي ــ الأميركي حول تفكيك الأسلحة الكيميائية السورية "سيعتبر انجازاً كبيرا لإسرائيل".

الجيش السوري بدأ هجوما ساحقا صباح 21 من الشهر الماضي لاجتياح الغوطة الشرقية، لكن قذائف"الكيميائي" أصابته بالشلل وأوقفت هجومه، ولم يكن جنوده يرتدون أقنعة الغاز

 أكدت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية   أن  وزير خارجية النظام السوري، وليد المعلم، صعق بالاتفاق المتعلق بتجريد سوريا من الأسلحة الكيميائية. وقالت الصحيفة في تقرير لمراسلها المخضرم في الشرق الأوسط روبرت فيسك" إن المعلم ، وحين أعلن  قبول سوريا بالمبادرة، كان وجهه أشبه بمن تعرض للصدمة" لكون المبادرة تصب في مصلحة إسرائيل.

وكان المعارض السوري البارز هيثم مناع ، رئيس "هيئة التنسيق الوطني في المهجر"، أكد على نحو غير مباشر هذه الرواية المتعلقة بالمبادرة حين كشف الأسبوع الماضي في مقابلة مع قناة "الميادين" أن "الهيئة"، وحين تقدمت بمبادرتها لوضع السلاح الكيميائي السوري تحت رقابة موسكو إلى حين انتخاب حكومة وطنية ، بحيث يعاد إلى سلطة الدولة السورية بعد ذلك، "فوجئت بأن المسؤولين في الخارجية الروسية يتحدثون بسقف أعلى بكثير، وهو تجريد سوريا من سلاحها الكيميائي من خلال الأمم المتحدة والتوقيع على معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية"، وليس وضعه تحت إشراف موسكو مؤقتا.  
على صعيد متصل، كشف روبرت فيسك في التقرير نفسه أن الجيش السوري كان يقوم بتمهيد ناري كثيف جدا فجر 21 آب / أغسطس الماضي، وكان يتحضر لأكبر عملية عسكرية لاجتياح معاقل المسلحين في الغوطة الشرقية. لكنه ، وبعد بدء العملية بقليل وتمكنه من اجتياح عدد من مواقع المسلحين في الغوطة لتأمين رؤوس جسور لعملية الاجتياح، فوجىء بـ"المجزرة الكيميائية"، الأمر الذي أصابه بالذهول والإرتباك ، خصوصا وأن أيا من قواته المهاجمه لم يكن يستخدم قناعا واقيا من الغاز! وطرح فيسك عددا من الأسئلة التي من شأنها أن تنفي استخدام السلاح الكيميائي من قبل الجيش السوري في تلك الليلة.
 أكد التقرير أن الجيش بدأ تمهيدا مدفعيا وصاروخيا عنيفا عند الواحدة بعد منتصف ليلة 20 / 21 من الشهر الماضي، على أن يبدأ الهجوم الشامل عند  ساعات الفجر الأولى، لكن قذيفتين كيميائيتين ضربتا المنطقة التي كان ينوي دخولها بين دوما وعربين عند الواحدة و 35 دقيقة، أي بعد بدء التمهيد بنحو نصف ساعة، وكان المقصود بها أن تردعه عن التقدم وتجبره على وقف هجومه. وهو ما حصل على الأرض في الواقع!

مصدر في "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية":خمسة من الخبراء ينتمون لـ"معهد البحوث البيولوجية" في إسرائيل،كان بعضهم دخل "السفيرة" بمساعدة العقيد العكيدي والعقيد محمد العمر

 كشف مصدر مطلع في "السكرتاريا التقنية" في "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية" أن المنظمة ستستعين بخبراء إسرائيليين للعمل ضمن فريق بعثتها لمسح وتدمير البرنامج الكيميائي السوري الذي يبدأ الشهر القادم، بعد أن تصبح عضوية سوريا في معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية نافذة بتاريخ 14 منه. وقال المصدر إن "السكرتاريا التقنية"، واستنادا إلى "إطار التفاهم الروسي ـ الأميركي" الخاص بالقضية، وإلى نظام عمل المنظمة، يمكنها الاستعانة بخبراء إسرائيليين، رغم أن إسرائيل ليست عضوا في معاهدة حظر الأسلحة ، ولكن بشرط أن يكونوا من حملة جنسية أخرى مسموح لأصحابها بدخول الأراضي السورية.
وكانت وزارة الخارجية السورية أودعت في الرابع عشر من الشهر الجاري صكوك الموافقة على معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، لتكون بذلك الدولة العضو رقم 190. وستصبح العضوية نافذة بعد 30 يوما من تاريخ الإيداع، بالنظر لأن انضمامها جاء بعد مرور أكثر من عشر سنوات على نفاذ المعاهدة. وقال المصدر لـلموقع .... إن "المجلس التنفيذي" للمنظمة سيجتمع مطلع الأسبوع القادم من أجل تثبيت عضوية سوريا بعد أن أحيطت الدول الأعضاء الأخرى علما بطلب الانضمام السوري، ومن أجل صياغة قرار يتعلق ببدء عملية مسح شاملة للأسلحة الكيميائية السورية ومنشآت إنتاجها وتخزينها في ضوء"إطار التفاهم الروسي ـ الأميركي" الصادر في 14 من الشهر الجاري، والذي تلقت المنظمة نسخة منه.
وقال المصدر إن سبعة خبراء إسرائيليين من أصل تسعة جرى الاتصال بهم حتى الآن، أعربوا عن استعدادهم للالتحاق بفرق التفتيش التي سترسلها المنظمة إلى سوريا، كونهم يحملون جنسيات أخرى غير إسرائيلية(ألمانية،وروسية، وأوكرانية، وبيلوروسية، وفرنسية،وكندية)، كاشفا أن الاتصال بهم جرى بمبادرة من الكندي "سكوت كيرنز" Scott Cairns  نائب رئيس لجنة التحقيق في "مجزرة الغوطة"، والمدير العام للمنظمة السفير التركي أحمد أوزومجو، الذي سبق له أن كان سفيرا لبلاده في إسرائيل خلال الفترة 1999 ـ 2002، ولدى الحلف الأطلسي خلال الفترة 2002 ـ 2004، وقنصلا في حلب مطلع الثمانينيات الماضي. وكشف المصدر أن خمسة من الخبراء الإسرائيليين الذين جرى الاتصال بهم يعملون في "معهد إسرائيل للأبحاث البيولوجية" التابع لرئيس الحكومة الإسرائيلية مباشرة، والمعني بالأبحاث الكيميائية والبيولوجية الدفاعية والعسكرية. وهو معهد يعتبر من أكثر المراكز سرية في العالم. أما الباقون فيعملون في أوربا وكندا. وقال المصدر إن الاتصالات التي جرت مع هؤلاء الخبراء"تشكل انتهاكا سافرا لملحق المادة الأولى من معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية المتعلق بالسرية"، مشيرا إلى أن "ما سيحصل في سوريا من فضائح ترافق عمل المفتشين والخبراء، سيكون نسخة أكثر رداءة مما حصل في العراق، حيث كان عملاء الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية يقومون بجمع المعلومات لصالح أجهزة استخبارات بلديهما، وليس لصالح الأمم المتحدة، فضلا عن أن بعضهم ـ كما ثبت لاحقا ـ عمد إلى تلويث أسلحة عراقية تقليدية بمواد كيميائية محظورة أحضروها معهم إلى العراق من أجل فبركة اتهامات للحكومة العراقية تزعم أنها لا تزال تخفي أسلحة كيميائية"!
وكان عدد من العاملين في المعهد الإسرائيلي المذكور دخلوا إلى مدينة حلب وبلدة"السفيرة" صيف العام الماضي تسللا عن طريق تركيا بمساعدة الاستخبارات التركية ورئيس "المجلس العسكري في حلب" العقيد عبد الجبار العكيدي ، حيث تولى العقيد المهندس محمد العمر ، أحد أخطر عملاء "الموساد" في "الجيش الحر"، عملية توجيههم إلى مصانع "السفيرة"، كونه كان يعمل في جهاز أمن مصانع"السفيرة" قبل "انشقاقه" في تموز / يوليو من العام الماضي بعد تجنيده من قبل الاستخبارات الإسرائيلية، فضلا عن أنه من أهالي ريف حلب الذين يعرفون المنطقة جيدا!
على صعيد متصل، قال المصدر إن عسكريين من "الحلف الأطلسي"، ومن روسيا والولايات المتحدة سيشاركون في عملية مسح ونقل وتدمير الترسانة الكيماوية السورية، واصفا ما سيراه العالم على شاشات التلفزة بأنه "أكبر عملية استعراضية لإذلال دولة تقوم بها الدول الغربية منذ الشروع في عملية تدمير العراق العام 1991". وأشار إلى أن عدد المواقع العسكرية التي سيمسحها ويفتشها فريق خبراء المنظمة يبلغ من حيث المبدأ 53 موقعا، قابلة للزيادة مع تطور عملية المسح والتفتيش ، موضحا بالقول إن بعضها يشكل القائمة التي قدمتها الحكومة السورية للمنظمة واعترفت بأنها على صلة بأنشطتها الكيميائية، بينما بعضها الآخر مصدره أجهزة استخبارات غربية وإسرائيلية، فضلا عن"المجلس الوطني" و"الجيش الحر" اللذين كانا تقدما بأول لائحة للمواقع السورية شتاء العام 2011 بتوقيع رئيس المجلس الدكتور برهان غليون. غير أن هذه القائمة الأخيرة خلطت بين مواقع عسكرية سرية للأسلحة التقليدية و/أو تصنيعها،وبين مواقع على صلة بالبرنامج السوري الخاص بالأسلحة غير التقليدية!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سكوت كيرنز :
نائب رئيس لجنة الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي تولت التحقيق في "مجزرة الغوطة". يحمل الجنسية الكندية (ومعلومات غير مؤكدة بعد عن حمله جنسية إسرائيلية). يعمل في مجال التفتيش على الأسلحة الكيميائية منذ عشر سنوات ، وهو باحث ومدرب عسكري في "مركز البحوث والتطوير العسكري" الكندي الواقع بالقرب من مدينة "سوفيللد" الكندية. وهو جزء من "قاعدة القوات الكندية في سوفيلد". ويتألف المركز من ثمانية مخابر أبحاث معنية بـ"الأبحاث الدفاعية البيولوجية والكيميائية"، وفق التعريف الرسمي به، فضلا عن تطوير الأسلحة والنظم العسكرية التكنولوجية المتحركة.
"معهد الأبحاث البيولوجية في إسرائيل":
يقع في منطقة " نيس زيونا" נֵס צִיּוֹנָה جنوب شرق تل أبيب بحوالي 20 كم . وهو من المناطق التي طلبت إسرائيل من شركة "غوغول" تعميتها وعدم إظهارها على خرائطها ومحركات بحثها. يعنى المعهد، وهو عسكري / مدني يتبع رئيس الوزراء مباشرة، بتطوير الأبحاث البيولوجية والكيميائية العضوية ، بما في ذلك الأسلحة والمواد السمية المستخدمة في عمليات الاغتيال السرية، فضلا عن الأبحاث المتعلقة بعلم الوراثة البشري والحيواني والنباتي. وكان المعهد الجهة التي زودت الاستخبارات الإسرائيلية ("الموساد") بالمادة السمية التي استخدمت في محاولة اغتيال خالد مشعل في العاصمة الأردنية العام 1997، وكذلك بمادة"الترياق" المضادة التي أنقذته. وترتبط باسم المعهد، الذي أنكر ذلك، واحدة من أكبر الكوارث الجوية التي كادت أن تتسبب بكارثة كيميائية في هولندة. فقد كشف تحطم طائرة "إلعال" الإسرائيلية في مطار "شخيبول" الهولندي العام 1992 عن أنها كانت تحمل مواد كيميائية خامية (حوالي مئتي لتر من مادة dimethyl methylphosphonate) لصالح المعهد المذكور من أجل تصنيع غاز الأعصاب / السارين. وكانت الشحنة قادمة من الولايات المتحدة بتصريح رسمي! علما بأن المادة المذكورة تدخل في إطار المواد الخاضعة لمراقبة "منظمة الأسلحة الكيميائية" التي لم توقع عليها إسرائيل.