الاثنين، 5 يناير 2009

الوضع المخجل في الضفة الغربية ... بقلم د. عبد الستار قاسم

يخرج الوطن العربي والعالم الإسلامي بمظاهرات حاشدة ضخمة غاضبة، ويخرج الناس في دول العالم بمظاهرات احتجاجية منددة بالعدوان الصهيوني على غزة، بينما تقف الضفة الغربية خجولة مرتبكة، وقد أرخت عيونها ذليلة أمام المندوب السامي الأمريكي كيت دايتون. العالم يحتج ويهدر غضبا وحنقا على إسرائيل، بينما تلوذ الضفة الغربية بصمت مهين، أو تحاول أن تختفي وراء مظاهرات متواضعة حزينة يغيب عنها عنفوان شعب فلسطين وإباؤهم.
لأول مرة في تاريخ فلسطين، يتعرض شعب فلسطين لهجوم وحشي همجي ويقف جزء من الشعب متهاويا أمام إرادة دايتون ومن يأتمرون بأمره في السلطة الفلسطينية وأجهزتها. خرج الفلسطينيون في كل مكان مشاركين وحاملي الرايات والأعلام، إلا من الضفة الغربية التي تسير بخجل وحذر وكأن الطير الأسود يحوم فوق رؤوس أبنائها. فقط خرجت مسيرات قليلة العدد وقادها أناس يعترفون بإسرائيل، ومنهم من ينسق أمنيا مع إسرائيل.
أشد ما تقشعر له الأبدان أن أكبر مظاهرة فلسطينية كانت في الأرض المحتلة 48، في حين أن اصغر مظاهرة كانت في نابلس، كبرى مدن الضفة الغربية التي تحكمها سلطة فلسطينية. خرجت مظاهرة سخنين تتحدى الصهاينة، بينما أحاطت أجهزة الأمن الفلسطينية بمظاهرة نابلس عن الشمال وعن اليمين، ومن أسفل ومن اعلى، ومن كل جانب. فهل إسرائيل أحرص على حرية شعب فلسطين من سلطة رام الله؟
الضفة الغربية ليست اقل حماسا لقضية فلسطين من غيرها، وهي تتفاعل في أحاسيسها مع الحدث العظيم، ومع مأساة شعبنا في غزة كما يتفاعل شعب فلسطين في كافة أماكن تواجده، لكنها لا تستطيع ان تعبر عن نفسها. والسبب أن هناك مرعوبين من أصحاب دايتون في رام الله يخشون على أنفسهم من شعب فلسطين، ويخشون تجمع الناس وحركتهم، ويخشون مشاعرهم وأحاسيسهم فيسلطون أجهزتهم الأمنية لتبث الرعب في القلوب، وتمنعهم من قيادة العالم نحو الثأر لغزة. هناك ثقة بأن الغالبية الساحقة من أبناء الأجهزة الأمنية لا يرضون بهذا، لكنهم وجدوا أنفسهم مجبرين.
شعب فلسطين شعب أبي مقدام، وهو لم يلن أمام ضربات الأعداء وبقي صامدا على مدى الأيام، فهل سيبقى متهيبا خائفا من دايتون وأعوان دايتون؟ للشعب تاريخ عظيم، ولا أظن أن هذا التاريخ سينحني أمام غزاة طغاة يستعملون الأموال لإركاع الناس وإسكات أصواتهم. علينا نحن شعب فلسطين في الضفة الغربية أن ننفض عن أنفسنا ما راكمته علينا السنين من هموم وإذعان، ونخرج ثائرين لأنفسنا ولكل شعب فلسطين.
الوضع في الضفة الغربية مخجل، وهو عار على شعب فلسطين، ومن واجب شرفاء القوم أن يضعوا له نهاية.
* أُستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية- نابلس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق