الأربعاء، 5 ديسمبر 2012

البرادعي- أسبوع السقوط الكبير ....بقلم : محسن هيكل

في حوار أجرته جريدة الشروق مع البرادعي عام ٢٠٠٩ ذكر فيه ان الترشح لرئاسة مصر محل تفكير ، وقد تلقف المصريون العطاشي للحرية هذه الإشارة من شخصية رفيعة المستوي دوليا ولها احترامها محليا ، وأخذوا ينفخوا فيها - الإشارة للترشح -حتي إذا حان موعد عودته البرادعي الي القاهرة في فبراير ٢٠١٠ -عودته الشهيرة- كان المصريون في استقباله في مطار القاهرة وكأنه عاد لتوه منتصرا من معركة حربية ، حصل علي كأس الأمم الأفريقية٠

وعول عليه كل من يسعي للتغيير ليتصدر مشهد التصدي للنظام ويقود الكفاح السلمي نحو مصر جديدة تسير بسرعة تجابه سرعة السقوط الذي تهوي اليه مصر في ظل نظام مبارك ٠

وسارت الأمور طوال عام من فبراير ٢٠١٠ حتي يناير ٢٠١١ تعرض خلالها الرجل لحملة إعلامية شرسة من أعلام النظام الفاسد ( الفاسد هنا تشمل الإعلام وتشمل النظام) وتعرض لاغتيال معنوي كبير ، الأمر الذي ساهم نفسيا علي الأقل في جعله أغلب الوقت خارج مصر خلال هذا العام الأمر الذي جعل البعض يتململ من عدم وجوده٠٠٠٠

وعاد البرادعي في شجاعة تحسب له يوم ٢٧ يناير ليشارك في جمعة الغضب من مسجد الاستقامة في الجيزة ٠٠حيث أجبر كما قيل للعودة الي بيته ٠٠ وأثناء الخمسة عشر يوما التالية حتي تنحي مبارك زار البرادعي التحرير لمدة ساعة واحدة ليشد - من وجهة نظره - من أزر الثوار ٠

ولكن وقتها كان الميدان أكبر من أي اسم ومن أي منصب دولي ، كان الميدان هو المعلم وكانت له الكلمة العليا وكان يصنع تاريخ آخر لمصر ربما دون أن يدري من بداخله أن أصواتهم المطالبة برحيل النظام ، ستغير وجه مصر ووجه المنطقة كلها ٠

وبعد الثورة قال البرادعي أنه يحب أن يطلق عليه "الأب الروحي للثورة " وكان يستطيع أن يكون كذلك بالفعل لو أنه عمل علي احتواء الجميع ، ولكنه لم يفعل وأصبح طرفاً فاعلا في حالة الاستقطاب التي مرت بمصر طوال العام والنصف الماضية ، كان الرجل ينتقد وأدافع عنه وكتبت دفاعا مجيدا عنه علي صفحتي في الفيس بوك ، وكنت اتمني ان يكون غاندي الثورة المصرية ويحتضن الجميع ، ولكن بالتدريج بدأ يدخل في معارك لا تليق به حتي دفعه هواه إلي الوقوف بجانب شفيق ضد أحد رفاق الثورة لمجرد خلاف شخصي٠

البرادعي في أسبوع واحد سقط بامتياز قبلها ، حتي سقط في أسبوع السقوط الكبير بمغازلته الأمريكان وإسرائيل ودعوته للجيش وتناقضه الغريب بين قوله قضاء مبارك يحاكم مبارك وحديثه عن ظلم التحقيقات التي تجريها النيابة ثم فعل العكس تماما لمجرد الوقوف ضد خصم سياسي٠

وأخيراً ينتقد مشروع الدستور في حوار تلفزيوني أجراه في مصر مؤخرا لان المشروع لم يتحدث الا عن الاديان السماوية الثلاث دون مراعاة ان البوذيين يحتاجون الي معبد يقيموا فيه شعائرهم !!!
(هل لدي البرادعي معلومة لا نعلمها عن وجود بوذيين في مصر)

وأخيرا يقول أمس إن الكلام عن الصندوق تدليس مشككا في جدري الصندوق كوسيلة للوقوف علي معرفة إرادة الناس ٠
وللأسف يدافع أو يبرر أنصار البرادعي عن زعيمنا السابق وزعيمهم الحالي يدافعون عن سقطات البرادعي في الأسبوع الماضي ، بأن الإخوان سبق لهم التعامل مع العسكر وانهم يتعاملون مع أمريكا ويكتبون خطابات ودية لإسرائيل

ولهؤلاء أقول :
إن خطأ غيري لا يبرر خطأي وحتي عموم الخطأ لا يبرره وكل الأقوال وكل شيئ يمكن تبريره وتحليله فيكون المعول عليه في التقييم والمهم هو موقف الناس وأفعالهم عمليا عند الأزمات.

وانتم ، وانا ، كنا ننتقد الاخوان عندما يبررون اخطاء قاداتهم وأصبحتم أنتم تبررون خطايا البرادعي والبون شاسع بين الاخطاء والخطايا ٠

فهل يصل الحد في التبرير لكي يحاول البعض تمييع تصريحات البرادعي الي الدخول في مناقشات حول معني الهولوكست اللغوي واننا ضداسرائيل ولسنا ضد اليهود الذين ظلمهم هتلر ٠٠ الخ

ولهؤلاء اقول : انا لا أناقش المحرقة وظروفها وحقيقتها فهناك معني اصطلاحي للهولوكوست وموقف الغرب واليهود ممن ينكرها حتي صدرت قوانين تجرم من يشكك فيها او ينكرها وما روجيه او رجاء جارودي عنا ببعيد فهناك يحبس كل من يحاول ان يشكك في وقوعها بالشكل الذي تصوره اسرائيل لابتزاز الغرب حتي ان هذه المناقشة اصبحت ممنوعة ولو في نطاق البحث العلمي ٠

فقال البرادعي في الحديث ان من بين أعضاء التأسيسية من ينكر الهولوكوست وهو ما يعد إنكاره عند الغرب جريمة ومعاداة للسامية ٠ طبعا البعض قد يسألني عن معني السامية من أجل أن نخرج من الموضوع ، وهـؤلاء مثلهم مثل من قال في موضع يتهكم عليه المصريين كثيرا نمسك عن قوله كاملا وان كان ذكر بعضه يشير اليه " دا لا كهربائي ولا بيفهم في الكهرباء"

وقد رأينا صمت أنصار البرادعي علي دعوته للجيش والغرب بالتدخل ومغازلته لإسرائيل بل بعضهم نفي وبعضهم أخذ يفلسف الكلام

وهكذا يفعل الاخوان تماما وما يفعله أنصار البرادعي تقريباً ينطبق علي كل مؤيد وعلي كل معارض الا من رحم ربي ٠

فنجد الكل مشغول بالهجوم علي من يعارضه وتبرير مواقف من يؤيده٠

السياسة لدينا ليست قائمة علي التفكير والمناقشة بل علي التخوين والمناكفة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق