الخميس، 1 يناير 2009

صمود غزة يربك معسكر العدو وحلفائه ... بقلم: زياد ابوشاويش

ركبت إسرائيل أعلى خيلها كما يقال في الأمثال فدمرت كل مقرات الحكومة الفلسطينية ومنشآتها في قطاع غزة كما دمرت كافة مقرات حركة حماس المعروفة والعلنية، وقتلت مئات الفلسطينيين عسكريين ومدنيين بطريقة وحشية، وأغلقت كل المنافذ والطرق إلى غزة بما في ذلك قصف شريط فيلادلفيا الحدودي الذي تفترض أنه يضم أنفاق تستخدم في المرور بين مصر وفلسطين وتساعد في تخفيف الحصار، وهي مستمرة حتى الآن في العدوان غير المسبوق على القطاع بحراً وجواً وتهدد وتتوعد باجتياح بري حشدت له آلاف الجنود ومئات الدبابات والمدرعات والناقلات تحت غطاء جوي كثيف ومتفوق... فماذا كان رد غزة ومقاومتها؟
إطلاق مزيد من الصواريخ على المدن والبلدات الإسرائيلية وتزايد مداها بشكل مضطرد، وليس هذا فحسب هنا، بل تلك الروح القتالية والصمود المدهش الذي يتمتع به الناس رغم كل المعاناة وافتقاد مقومات العيش، ناهيك عن حرب همجية ومدمرة يتعرض لها، وهو يتحضر لصد الاجتياح المتوقع بمختلف الأشكال والاستعدادات في حدود إمكاناته المتوفرة.. لكن بأفضل المعنويات، وبالتصميم على الصمود وتحقيق النصر.
كان العدو وحلفاؤه يتوقعون أن ترفع المقاومة نتيجة الضربات الساحقة والمدمرة والمفاجئة رايتها البيضاء وترضح للطلبات والشروط الإسرائيلية، لكن العكس تماماً هو ما حدث، فلا المقاومة وحماس رضخت، ولا خرج الناس في غزة طلباً لوقف النار وقبول التهدئة، بل أعلنت كل القوى الوطنية رفضها المطلق لأي مبادرة بهذا الاتجاه لا تتضمن قبول العدو بشروطنا وطلباتنا.
ورغم التخطيط المسبق للعدوان على غزة والتنسيق المفضوح بين إسرائيل وأصدقائها من العرب والعجم تجد قيادة العدو نفسها أمام واقع مختلف عما تصورته كنتيجة لعدوانها الشامل، وهي تدرك في نفس الوقت حجم الخسائر التي ستتكبدها لو قامت باجتياح القطاع أو توغلت براً فيه بعمق كبير.
نعلم أن اسرائيل تحاول الاستفادة من دروس عدوان تموز 2006 على لبنان ولكن في المقابل تقوم المقاومة والشعب في غزة بالاستفادة من ذات الدروس للصمود وصد العدوان، هذه الدروس التي تؤكد على الصمود السياسي في وجه الاهداف التي يتوخاها العدو من غزوته الراهنة والتمسك بخياره حتى الرمق الاخير والمراهنة على التفاف الناس والأمة وراء هذا الخيار .. خيار المقاومة.
لقد تحدث أولمرت رئيس وزراء العدو عن وقف النار لمدة 48 ساعة لأسباب إنسانية كما ادعى وتحدثت الصحف الاسرائيلية كما السياسيين عن خيارات الاجتياح البري ، حجمه ومستواه ومدته وبرز أكثر من توجه، ويزعم العدو بين الفينة والأخرى أنه على وشك دخول القطاع لإنهاء المقاومة ثم يعود للقول أنه لن يوقف العدوان إلا إذا توقفت الصواريخ وتعهد مطلقوها بعدم العودة لذلك مرة أخرى رغم معرفته بأن ذلك غير مقبول وغير ممكن من الناحية العملية.
إذن هناك إرباك أقله في تحديد الطريقة التي يجب أن يستمر بها هذا العدوان، وما إذا كان من مصلحة إسرائيل الاكتفاء بالضربات الجوية والبحرية مع الحصار لتحقيق الهدف السياسي من العدوان، كما أن هناك ارتباك وتخبط في صفوف حلفائه ومواقفهم المعلنة تجاه عدوانه وسيزداد هذا الإرباك والتخبط حجماً وعمقاً لو توحدت إرادة شعبنا وقياداته في غزة والضفة وراء خيار المقاومة والصمود ومواجهة العدوان يداً واحدة وقلباً واحداً... فهل نفعل؟
* كاتب فلسطيني يقيم في دمشق. Zead51@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق