السبت، 14 ديسمبر 2013
حسابات الحل النهائي وخبايا مقترحات كيري>>>شاكر الجوهري
تقدم مهم حدث على مسار المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، برعاية جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، يؤكد ذلك أمران:
الأول: تلويح قادة الأحزاب الأكثر يمينية في اسرائيل بالإنسحاب من الإئتلاف الحكومي في حالة التوصل إلى إتفاق سلام مع الفلسطينيين، كما هو حال حزب "البيت اليهودي".
الثاني: تركيز تسريبات ووسائل إعلام اسرائيلية أن الخلاف بين الجانبين أصبح يتركز على مسائل الحدود..
حين تكون المفاوضات متمركزة الآن حول الحدود، يكون قد م الإتفاق على كل، أو معظم، ما هو داخل هذه الحدود.
الثالث: رفض الأردن التورط بوضع قواته إلى جانب القوات الإسرائيلية على الحدود الأردنية ـ الفلسطينية.
أسباب الموقف الأردني تتلخص في:
أولا: رفض التورط في الحل النهائي الفلسطيني، حتى لا يتهم الأردن باتهامات مماثلة للتي أعقبت هزيمتي 1948، و1967..
ثانيا: سد أي باب يمكن أن يأتي للأردن منه ريح صرصرا..
أن تتمركز القوات الأردنية على الحدود الفلسطينية ـ الأردنية، إلى جانب القوات الإسرائيلية، وفقا لمقترح كيري، يعني امكانية اشتباك هذه القوات مع أي جهة فلسطينية مستقبلا.. خاصة الجهات الموجودة التي تصر على مواصلة الكفاح المسلح حتى تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني، مع يا يستدعيه ذلك من تهريب أسلحة عبر الأردن إلى الداخل الفلسطيني.. وذلك فضلا عن امكانية توظيف هذا التمركز من قبل المعارضة الأردنية ضد النظام.
ثالثا: احتمال أن يؤدي هذا التمركز إلى خلافات مستقبلية، وربما اشتباكات بين القوة الأردنية، والقوة الإسرائيلية.. على نحو من شأنه تهديد معاهدة السلام مع اسرائيل، التي يحتاجها الأردن، بأكثر مما تحتاجها اسرائيل.. ذلك أن هذه المعاهدة حصل الأردن بموجبها على اعتراف اسرائيل بوجوده، ولذلك رفضها المتشددون الإسرائيليون في حينه، ومن بينهم بنيامين نتنياهو، الذين ينشدون كل صباح "الأردن (النهر) ضفتان.. هذه لنا.. وتلك أيضا لنا"..!!!
لقد سبق لنتنياهو أن فاز بانتخابات الكنيست، وشكل أول حكوماته سنة 1996، على قاعدة برنامج انتخابي ضمنه في كتابه "مكان تحت الشمس" الذي يؤكد فيه أن الأردن جزء من "أرض اسرائيل الكبرى".
رابعا: إلى ذلك، فإن تمركز قوات اردنية إلى جانب قوات اسرائيلية على الحدود الأردنية ـ الفلسطينية، وأخذا بعين الإعتبار ما ورد في (ثالثا) يدفع الفلسطينيين إلى رفض أي صيغة مستقبلية تربط بين الأردن وفلسطين، سواء أكانت فدرالية أو كونفدرالية.
رغم كل ذلك، فإن بلوغ مرحلة بحث الحدود، يعني تحقيق تقدم مهم في مفاوضات الحل النهائي للقضية الفلسطينية.
وهذا يستدعي تساؤلات من طراز:
• ماذا عن حدود الدولة الفلسطينية..؟
• ماذا عن تسليح جيش هذه الدولة..؟ الجيش الفلسطيني قائم فعلا تحت مسمى الأمن الوطني..!
• ماذا عن القدس الشرقية في إطار الحل، ونتنياهو أصر على استمرار الإستيطان، خاصة في القدس الشرقية طوال فترة المفاوضات.. بالضد من استحقاقات "خارطة الطريق"، والموقف الأميركي، والموافقة الفلسطينية على استئناف المفاوضات.
• ماذا عن وضع قطاع غزة في الدولة الفلسطينية..؟ وهل سيأذن توقيع الإتفاق بشن حرب جديدة شاملة على قطاع غزة من أجل اخضاعه لسلطة الدولة العتيدة..؟
• ومن هي الجهات التي ستشارك في هذه الحرب إلى جانب مصر..؟!
أحد أهم أسباب الإنقلاب العسكري في مصر على الرئيس محمد مرسي، هو تيسير الحل النهائي للقضية الفلسطينية.
• ماذا عن مستقبل العلاقات الأردنية ـ الفلسطينية..؟ فدرالية أم كونفدرالية..؟ أم كونفدرالية ثلاثية قد تضم أيضا اسرائيل..؟ أم "الأردن هو الأردن.. وفلسطين هي فلسطين.. الشعار الذي رفعه ياسر عرفات في ثمانينيات القرن الماضي، وتبناه الملك عبد الله الثاني في العقد الأول من القرن الثالث للميلاد.
على كل، ليس فقط الأردن الذي يرفض عرض كيري تمركز قوات اردنية واسرائيلية على الحدود الأردنية ـ الفلسطينية، فالقيادة الفلسطينية ترفض أيضا ذلك لأسباب مختلفة اضافية منها:
أولا: أن هذا التمركز المؤقت نظريا (بين 10 ـ 15 سنة) قد يصبح دائما، جاعلا من الكيان الفلسطيني جزيرة معزولة وسط بحر ترسانات السلاح الإسرائيلي..!
ثانيا: أن هذا العزل هو خطوة اسرائيلية مرحلية هدفها النهائي هضم "يهودا والسامرة" في المعدة الإسرائيلية بالتدريج..!
"يهودا والسامرة" هو الإسم العبري للضفة الغربية..
ثالثا: أن مقترح كيري لا ينص فقط على تمركز قوات اردنية واسرائيلية، وإنما هو يتضمن ما يلي، وفقا لتقرير نشره موقع "ديبكا" الإستخباري الإسرائيلي بتاريخ 9 الجاري:
1. "نشر قوة دولية إقليمية، بما فيها القوات الأميركية، على طول وادي نهر الأردن (غور الأردن) والضفة الغربية في الدولة الفلسطينية المستقبلية".
2. هذه القوة تشكل "ضمن مخطط اميركي اقليمي أوسع، لا تزال إدارة أوباما تعمل على تطويره لتشكيل قوة إقليمية في الشرق الأوسط لمكافحة تنظيم القاعدة (العدو الجديد)".
3. "تؤمن هذه القوة اجزاء من سوريا وكذلك الأردن والسعودية والدولة الفلسطينية المستقبلية وإسرائيل ضد أي هجوم من تنظيم القاعدة من مواقع في سوريا والعراق وسيناء".
4. "دمج وحدات القوات الخاصة الإسرائيلية والفلسطينية في مخطط القوة الإقليمية لمكافحة الإرهاب، جنبا إلى جنب مع نشر وحدات اميركية وبريطانية وفرنسية وسعودية واردنية ومصرية وقطرية".
5. "مع اتساع نطاق عملياتها، بدءا من جنوب سوريا إلى سيناء، بما في ذلك إسرائيل والدولة الفلسطينية المحتملة، فإن الجيش الإسرائيلي يكون قادرا على الاستمرار في أداء المهام الأمنية في يهودا والسامرة وغور الأردن، كجزء من قوة جديدة".
لذلك، فإن الدكتور عبد الله النسور رئيس الوزراء الأردني، أكد في جلسة مغلقة مؤخرا "إن الأردن لا يريد عازلا بينه وبين دولة فلسطين المستقلة"، مشيرا إلى أن الدولة الفلسطينية الوليدة ستكون بحاجة لحدود ومعابر وميناء ومطار.. نافيا ما تردد عن سعي الأردن لبقاء قوات أجنبية في منطقة الأغوار.
ووصف مسؤولون فلسطينيون الإقتراح الأميركي بأنه اقتراح اسرائيلي بالفعل، وقالوا إنه إذا أصر عليه كيري فإن المفاوضات ستفشل.
ودعا المسؤولون الوزير الأميركي إلى طرح اقتراح أكثر اتزانا على حد تعبيرهم.
وذكرت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية في وقت سابق، أن هدف زيارة كيري هو عرض اتفاق الإطار لحل المسائل الجوهرية للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي في غضون أسابيع معدودة.
وقالت الصحيفة إن كيري يرمي من خلال ذلك إلى حمل نتنياهو وعباس إلى الوصول إلى نقطة حسم يجبران فيها على حسم امرهما إما الموافقة على خطة السلام الأميركية أو رفضها.
وأضافت أن نتنياهو وعباس سيلزمان باتخاذ قرارات مبدئية صعبة ودراماتيكية بالنسبة لجميع المسائل الجوهرية للنزاع، مشيرة إلى أن هذه القرارات ستحدد الخطوط العريضة لاتفاق دائم بين الطرفين، وتشكل قاعدة لمفاوضات مفصلة في أي موضوع كان.
مما سبق نخلص ثانية إلى أن:
أولا: الأجواء عشية جولة كيري بين عباس ونتنياهو توحي بأن إتفاقا على النار بين الطرفين يتم انضاجه خصوصا وأن الملك عبدلله الثاني والرئيس عباس إتفقا على دعم وإسناد خطة كيري للسلام مما يوحي ضمنيا بأن الطرف المعارض لهذه الخطة هو اسرائيل.
ثانيا: أن ملف الأمن في منطقة الأغوار بصفة حصرية هو الذي يؤخر إنضاج تصورات الإتفاق أو التوافق على خطة كيري، كما تؤكد أيضا صحيفة "معاريف" الإسرائيلية.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق