وللتعريف تتمتع شبه جزيرة القرم حاليا بالحكم الذاتي ضمن سيادة الجمهورية الأوكرانية وتقع في جنوب البلاد محاطة بالبحر الأسود من جنوبها وغربها فيما يحاصرها بحر " ازوف" من الشرق وتبلغ مساحتها 27000 كم مربع " مساحة فلسطين التاريخية تقريبا " ويبلغ عديد سكانها حوالي 2:5 مليون نسمة نصفهم من الروس فيما لا يزيد سكانها من أصول أوكرانية عن 305 والبقية عبارة عن أقلية تترية إسلامية وأشهر مدنها المعروفة هي " سيفاستوبول " صاحبة الميناء الأشهر الذي يحتضن أسطول البحر الأسود الروسي .
وتعتبر القرم أراضي روسية حتى خمسينيات القرن الماضي حين قرر الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف عام 1954 نقل شبه الجزيرة إلى أوكرانيا وسلخها على الأراضي الروسية .
وشهدت شبه الجزيرة العديد من الحروب الدموية المدمرة اشهرها الحرب الروسية العثمانية او ما يعرف في كتب التاريخ بحرب القرم التي اندلعت عام 1853 بين الإمبراطورية الروسية والعثمانية واستمرت حتى عام 1856 وانضم إليها لاحقا بريطانيا ومصر وفرنسا وسردينيا او ايطاليا حاليا تلك الدول التي دخلت الحرب الى جانب الدولة العثمانية التي كانت تعاني حالة ضعف كبيرة .
وأرجعت الكتب العثمانية والغربية الحرب إلى أطماع روسيا على حساب الأراضي العثمانية في شبه جزيرة القرم التي كانت مسرحا لمعارك دامية انتهت بتوقيع اتفاقية باريس وهزيمة الروس.
وأرسل الزعيم النازي ادولف هتلر في أيلول من عام 1941 أقوى الجيوش الألمانية لاحتلال شبه الجزيرة الإستراتيجية ليفتح الطريق الى القوقاز وثرواته النفطية ونجح الجيش الألماني باحتلال المنطقة بعد معارك طاحنة خسر فيها الجيش الأحمر مئات ألاف الجنود القتلى وأضعافهم من الجرحى والأسرى إضافة إلى مقتل الاف المدنيين وتدمير عاصمة القرم " " كيرتش" التي سوتها القوات النازية بالأرض.
وكانت المحاولات السوفيتية لتحرير المنطقة عديدة وفاشلة.. مثل عملية إنزال قوات مشاة البحرية على الساحل بالقرب من كيرتش التي جرت وسط عاصفة بحرية وصقيع بلغ 15 درجة تحت الصفر ورغم النجاح الأولي أسفرت العملية عن خسائر فادحة بين العسكريين السوفيت لتتجاوز 300 ألف شخص وقع نصفهم في الأسر الى ان دخلها الجيش الأحمر في ابريل عام 1944 وطرد النازيين منها.
وعادت القرم إلى دائرة الصراع حين اقترب موعد انتهاء عقد إيجار القاعدة البحرية الروسية الذي يحل وفقا للاتفاق الأصلي عام 2017 وأسفرت ضغوط روسية هائلة على إجبار أوكرانيا على توقيع معاهدة تمدد بموجبها تواجد الأسطول الروسي في شبه جزيرة القرم بـ 25 عاما اخرى تنتهي عام 2042 .
ومع اندلاع الأزمة الأوكرانية الجديدة احتلت شبه الجزيرة عناوين الصحف العالمية مجددا وجذبت انتباه الخبراء الذين حاولوا استقراء الموقف الروسي من الأحداث الجارية فيما ابرز الإعلام الدولي ما قال بأنه مدرعة روسية ظهرت في احد مدن شبه الجزيرة التي تشهد تظاهرات ومواجهات .
وخرج اليوم " الأربعاء" ألاف المتظاهرين ليتجمعوا أمام مبنى برلمان " القرم " لتندلع مواجهات عنيفة بين متظاهرين مؤيدين لروسيا باعتبارها الوطن الأم وآخرين يؤيدون الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والدول الغربية فيما تحاول الشرطة المحلية تفريق الجموع الغاضبة التي هتفت بأعلى صوتها " القرم ارض روسية " وإخلاء الشوارع
وتحدثت التقارير الصحفية عن مقتل متظاهر داسته الجموع خلال التظاهرات الحاشدة في القرم فيما خرج حوالي 10 ألاف تتري مسلم في تظاهرات مؤيدة للحكومة الأوكرانية الجديدة المشكلة بالمناطق الغربية.
ويبقى السؤال الكبير الذي يحير خبراء الصراعات الدولية ماذا تنوي موسكو فعله" وهل لها دور في تنظيم هذه التظاهرات والصدامات استعدادا وتمهيدا لتدخلها عسكريا.
في غضون ذلك قال وزير الدفاع الروسي" سيرغي شيغو " اليوم " الأربعاء" ان بلاده تتخذ وستتخذ جميع الخطوات الضرورية لضمان امن المنشات ومخازن الذخيرة التابعة لسلاح البحرية الروسي والقائمة في شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا .
" نحن نتابع عن قرب ما يجري في القرم ونتابع ما يدور في المنقطة المحيطة باسطول البحر الاسود " قال وزير الدفاع الروسي في تصريح نقلته وكالة الانباء الروسية. ولم يدلي الوزير الروسي باية تفاصيل تتعلق بنوايا موسكو لكن توترا حادا يمكن لمسه في الاجواء السائدة ما حدا بالكثير من الدول الغربية الى دعوة روسيا بعدم التدخل في اوكرانيا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق