الجمعة، 29 نوفمبر 2013
تحالف إسرائيلي سعودي في مواجهة إيران...اطلس للدراسات الاسرائيلية
ابتسامات روحاني التي تأسر قلب أوباما حسبما يزعم زعماء تل أبيب، نجحت على الأقل حتى اللحظة في إشعال أزمة سياسية كبيره بين أمريكا والسعودية وبعض إمارات الخليج، تهدد حسبما يقول المراقبون بانهيار تحالف تاريخي قديم استمر لعقود طويلة، ويفتح فرصة كما يقول مراقبون آخرون لإعادة بناء تحالفات إقليمية جديدة بناءً على المخرجات البائسة لما يسمى بالربيع العربي، تكون اسرائيل جزءاً منها بعد أن استبدل اصطفاف العرب بين معتدلين وممانعين بتقسيم طائفي، سني بزعامة السعودية وبلاعب التعزيز (اسرائيل) وتركيا في تصفيات بعض البطولات، مقابل ايران وعراق المالكي ونظام الأسد وحزب الله وتوابعهم.
الغضب السعودي من سياسات إدارة أوباما انفجر مدوياً وصاخباً على غير عادة السياسات السعودية التي تميزت تاريخياً بعدم التسرع والكياسة واللعب من خلف الكواليس، فكان سخطها أشبه بتظاهرة علنية عبر رفض عضوية مجلس الأمن، وعبر ما سرب قصداً لوكالات الأنباء العالمية عن تصريحات وأقوال الأميرين بندر بن سلطان وتركي الفيصل، الأول تحدث عن توجه سعودي بإحداث تغيير كبير على سياسات وتحالفات السعودية في مجالي النفط وتنويع مصادر السلاح، وأن بلده تقف أمام تغير سياسي كبير سيؤدى الى تراجع علاقات السعودية مع واشنطن، أما تركي الفيصل فقد عبر عن غضبه من سياسية أوباما حيال الملف السوري، عندما وصف الاتفاق الروسي الامريكي بالمسرحية الساخرة، وشاركه في ذلك وزير خارجية السعودية سعود الفيصل الذي رفض الاتفاق واعتبره تنكر لتضحيات الشعب السوري والتفاف على مطالبه.
السعودية وكعادة دول العرب من قبلها اختارت فلسطين سبباً ومبرراً لاحتجاجها وغضبها، وأسقطت عمداً السبب الرئيسي الذي تسبب لها لأن تشعر بهذا القدر من القلق والإهانة، وهو العامل الايراني.
صحيح أن للسعودية اهتمام بقدر ما بالقضية الفلسطينية لا يمكن انكاره، كما لا يمكن انكار الدعم المالي لقيادة السلطة الفلسطينية الذي يتميز أحياناً بسخاء موسمي، لكن ما لا يمكن نفيه أن هذا الدور وذاك الدعم إنما يأتي لخدمة دور سياسي وظيفي إقليمي في المنطقة أسندته اليها واشنطن بحكم زعامتها المالية والدينية التي خولتها لزعامة سياسية اقليمية مكملة لزعامة مصر مبارك، وهو دور يقوم على أساس دعم عملية السلام على الطريقة الأمريكية، وتطبيع العرب رسمياً على فكرة قبول إسرائيل، وقبول الدور الوظيفي لإسرائيل كدولة توازن اقليمي في المنطقة حتى قبل ضمان قيام الدولة الفلسطينية، أولم تكن السعودية من صاغ مبادرة السلام العربية وفرض على العرب تبنيها في قمة بيروت 2002، تلك المبادرة التي وعدت شارون باعتراف العرب والمسلمين بإسرائيل، وجعلت حق عودة اللاجئين مرهون بفيتو إسرائيلي، وهى التي لم تحتج وتغضب على اجتياح الضفة ومحاصرة عرفات، ولم يغضبها عدوان "الرصاص المصبوب" واستشهاد الآلاف ومحاصرة مليوني غزة، ولم يغضبها الاستيطان وتهويد ما تبقي من القدس واستباحة الأقصى وما يتهدده من مخاطر، لا يحق لها اليوم أن تستغل قضية العرب الحقيقية في غضبها جراء شعورها بالإهانة من سياسة أوباما الجديدة تجاه ايران، ففلسطين لا تحتاج غضباً كاذباً أشبه بحمل كاذب أو غيمة صيف عابرة، بل ويغضبها أن توظف في سياقات لا تكون القدس بوصلتها، وهى اذ ترحب بأي انتصار لها من زعيمة العرب (السعودية)، تطالبها، ولكي يكون هذا الانتصار خاليا من أي اشتباه أو التباس ولكي لا يكون موسمياً عابراً هدفه المساومة ورفع الثمن، تطالب أن يتحول هذا الانتصار الى بداية تغيير حقيقي في السياسات الاستراتيجية للمملكة، تقوم على أن اسرائيل وما تمثله من سياسات وممارسات وارهاب وتهديد للعرب والمسلمين تشكل العدو الرئيسي لجميع العرب والمسلمين، الذي تستوجب محاربته وهزيمته تضافر وتوحيد كل طاقات وإمكانات الأمة العربية والإسلامية، بما يتطلبه ذلك من تنحية الخلافات والتغلب على المخاوف الداخلية، مذهبية أو عرقية طائفية.
بيد أن مؤشرات واقع السياسات العربية عامة والخليجية والسعودية خاصة شديدة الوضوح، وهي لأسفنا الشديد تعيد انتاج نفس المخاوف المذهبية المقيتة، وتخلق عدواً، قد يكون موهوماً وقد يكون غير ذلك، اسمه الخطر الشيعي الإيراني، وتحله محل الخطر الحقيقي القومي الديني الملموس الحاضر بقوة في كل ركن وزاوية، وفى كل حرف من أبجديتنا، ألا وهو الخطر الصهيوني الممثل بكيانه المادي إسرائيل.
ان المخاوف العربية المبالغ فيها وغير المبررة التي تغذيها اسرائيل بشكل أساسي من مجرد احتمالية امتلاك ايران لسلاح أو قدرات علمية نووية في ظل السكوت واللوذ بالصمت حيال مئات الرؤوس النووية الحربية التي تمتلكها إسرائيل، فضلا عن غواصاتها النووية التي تجوب خليج وبحار العرب، إنه لأمر مخجل ومثير للاشمئزاز ويصيبنا بالخيبة والإحباط، فمن المخجل أن نحرم على إيران ما حللناه بالصمت المتواطئ لإسرائيل، ومن المعيب على العرب وعلى راعي المقدسات الإسلامية أن يظهر بمظهر المتخندق مع اسرائيل في مواجهة ما تسميه اسرائيل بخطر الجمهورية الإسلامية على السلم الاقليمي والعالمي، ومن المؤسف أن تصل الوقاحة الإسرائيلية الى حد أن يزعم نتنياهو في خطابه العنيف والتحريضي ضد إيران في الأمم المتحدة أن الخطر الايراني لا يهدد اسرائيل فحسب بل يهدد دول الخليج أيضاً، الأمر الذي يبدو انه بدأ يكشف تحالفاً كان سرياً بين اسرائيل ودول الخليج، وبات اليوم أمراً للأسف مبرراً وعلنياً، وهو ما يجعل الاعلام الاسرائيلي يسهب في الحديث عن فرصة نشوء تحالف سني اسرائيلي في مواجهة خطر المحور الايراني الشيعي.
فقد كشفت مراسلة صحيفة "يديعوت" سمدار بيري التي تقول إنها شاركت في سلسلة مباحثات مغلقة عن التحول الايراني كان بعضها بمشاركة أفضل العقول الاسرائيلية وبعضها بمشاركة خبراء ذوي تقدير من العالم العربي وبعضها بمشاركة أفرقة مشتركة، وتقول "كان القاسم المشترك للجميع هو قلقهم من هجوم سحر رئيس إيران الجديد"، انه أمر مثير للاستنكار أن يصل القلق المشترك من إيران الى مستوى اجتماعات رسمية لخبراء عرب واسرائيليين.
ويقول عاموس هرئيل من صحيفة "هآرتس" أن السعودية الآن هي الشريك الرئيسي لإسرائيل في انتقاد السياسة الإيرانية، وفى مقال في صحيفة "معاريف" يقول الكاتب ارييل كهانا أن السعودية واسرائيل تقفان في جبهة واحده في مواجهة إيران، ويشخص الاعلاميون في اسرائيل أن الفرصة باتت متاحة اليوم لنشوء تحالف إسرائيلي سني.
رغم كل الغضب السعودي من سياسات أوباما تجاه إيران ومن مخاوف السعودية من تراجع مكانتها لدى البيت الأبيض، ورغم كل تهديدات السعودية بتغيير سياساتها وتحالفاتها، فإننا نعتقد أنها ستبقى مجرد تصريحات لتفريغ شحنات الاحتقان، وربما للفت النظر ونيل بعض التعاطف الأمريكي معها، فالسعودية لا تملك في ظل ما هي عليه إلا أن تبقى أسيرة للإملاءات الأمريكية، وهي لا تملك من أمرها شيئاً.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق