الجمعة، 1 يوليو 2011

الحروب السرية للتحالف السعودي ـ الإسرائيلي

الحروب السرية للتحالف السعودي ـ الإسرائيلي
بقلم مهدي دارس ناظم رويا

كما يقول المثل الصيني القديم، بالإمكان إستخدام الأزمات كفرصة من قبل البعض.



إن تل أبيب، واشنطن والناتو يستفيدون من الإنقلابات المفاجئة الحاصلة في العالم العربي. فهم لا يحاربون ضد الطموحات المشروعة للشعوب العربية فحسب، إنما يديرون بذكاء المشهد الجيو ـ بوليتيكي العربي كجزء من استراتيجيتهم للسيطرة على أوراسيا.



الصراعات الطائفية في مصر: وسيلة لإضعاف الدولة المصرية



ما يحكم مصر اليوم حكومة عسكرية عبارة عن حركة مضادة للأهداف والتطورات الثورية. فبالرغم من الإصرار المتزايد للشعب المصري، لا يزال النظام القديم موجوداً في مكانه. مع ذلك، فإن أسس هذا النظام بدأت تصبح أكثر إهتزازاً في الوقت الذي يصبح فيه الشعب المصري أكثر راديكالية في طلباته.



كما كان الحال في حقبة مبارك، يسمح النظام العسكري، أيضاً، للطائفية بالإنتشار في مجهود من أجل خلق إنقسامات داخل المجتمع المصري. ففي أوائل عام 2011، عندما هاجم مصريون بقوة مبانٍ حكومية اكتشفوا أوراقاً سرية تظهر بأن النظام المصري كان يقف خلف الهجمات على المجتمع المسيحي المصري.



مؤخراً، هاجم متطرفون سلفيون أقليات مصرية، ليس فقط مسيحيين وإنما مسلمين شيعة أيضاً. ويشير ناشطون مصريون وقادة في المجتمعين القبطي والشيعي بأصابعهم الى الحكومة العسكرية في القاهرة، إسرائيل، والعربية السعودية.



فالحكومة العسكرية المصرية، تل أبيب، والسعوديون، كلهم جزء من تحالف مشؤوم. هذا التجمع هو العمود الفقري للبنية الإمبريالية الأميركية في العالم العربي. إنهم يعتمدون على واشنطن. فهم منتصرون بالقدر الذي تظل فيه الولايات المتحدة مهيمنة في منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا.



إن السعوديين يعملون الآن مع واشنطن في مصر لتأسيس حكومة إسلامية مفترضة. وهذا العمل يتم من خلال أحزاب سياسية موَّلها السعوديون وساعدوا على تنظيمها. فما يُدعى بالحركات السلفية الجديدة أمثلة رئيسة وأولية على هذا الأمر. ويبدو أيضاً بأن حركة الإخوان المسلمين، أو على الأقل بعض فروعها، قد تم إنتخابها لتكون ضمن هذه الحكومة ( لتحييدها لصالحهم من خلال إستيعابهم ضمن المجموعة الموجودة).



التحالف السعودي – الإسرائيلي وسياسة الإنقسام



أصبحت روابط السعوديين مع تل أبيب في السنوات الأخيرة أكثر نفاذاً ووضوحاً للعيان. هذا التحالف الإسرائيلي ـ السعودي السري موجود ضمن سياق تحالف خليجي ـ إسرائيلي أوسع. فالتحالف مع إسرائيل مشكل من خلال تحالف إستراتيجي بين العائلات الملكية الحاكمة في العربية السعودية والمشيخات العربية في الخليج الفارسي.



تشكل إسرائيل والعائلات الخليجية الحاكمة، معاً، خط الجبهة الأمامي بالنسبة لواشنطن وحلف الناتو ضد إيران وحلفائها في المنطقة. كما أن هذا التحالف يعمل لصالح واشنطن، أيضاً، لجهة زعزعة إستقرار المنطقة. فجذور الفوضى الموجودة في جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا هي نتاج هذا التحالف الخليجي – الإسرائيلي.



إنساجاماً مع خط الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي، كان هذا التحالف المتشكل من إسرائيل والحكام الخليجيين هو الذي عمل على خلق الإنقسامات العرقية بين العرب والإيرانيين، الإنقسامات الدينية بين المسلمين والمسيحيين، والإنقسامات المذهبية بين السنة والشيعة. ” إنها سياسة الإنقسام” أو ” الفتنة” التي عملت على إبقاء العائلات الخليجية الحاكمة موجودة في السلطة وعلى إبقاء إسرائيل في مكانها. فإسرائيل والعائلات الخليجية الحاكمة لن يُكتب لها البقاء من دون الفتنة الإقليمية.



إن تل أبيب والسعوديين هم كاتبو الإنشقاق الحمساوي ـ الفتحاوي وكذلك إقصاء غزة عن الضفة الغربية. لقد عملوا معاً في حرب 2006 ضد لبنان بهدف سحق حزب الله وحلفائه السياسيين. كما تعاونت العربية السعودية أيضاً في نشر الحالة الطائفية والعنف المذهبي والطائفي في لبنان، العراق، الخليج الفارسي، إيران، والآن مصر.



لقد خدمت كلُّ من إسرائيل والحكومات الملكية الخليجية واشنطن في هدفها لجهة تحييد إيران وحلفائها في نهاية الأمر، بالإضافة الى تحييدها أي شكل من أشكال المقاومة ضد الولايات المتحدة في جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا. هذا هو سبب تسليح البنتاغون القوي والشديد لتل أبيب والمشيخات الخليجية. كما كانت واشنطن تبني أيضاً الدروع المضادة للصواريخ في إسرائيل والمشيخات العربية ضد إيران وسوريا.



إيرانوفوبيا



كان التحالف ما بين المشيخات الخليجية وإسرائيل مفيداً في خلق موجة الإيرانوفوبيا ( الرهاب الإيراني) في العالم العربي. فالهدف النهائي للإيرانوفوبيا هو تحويل إيران في نظر الرأي العام العربي الى عدو للشعوب العربية، وبذلك حرف الإنتباه عن الأعداء الحقيقيين للعالم العربي، تحديداً القوى الإستعمارية الجديدة التي تحتل الأراضي العربية وتسيطر عليها.



إن الإيرانوفوبيا حالة ذهنية، وسيلة من وسائل البروباغندا. فالهدف الإستراتيجي هو عزل إيران وإعادة تصور المشهد الجيوبوليتيكي لجنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا. علاوة على ذلك، تم إستخدام الإيرانوفوبيا من قبل العائلات الخليجية الحاكمة، بدءاً من الإمارات العربية المتحدة وصولاً الى العربية السعودية والبحرين، كعذر كاذب لقمع شعوبهم، المطالبة بالحريات الأساسية وبالحقوق الديمقراطية في هذه المشيخات.



إن تحالف 14 آذار في لبنان، الذي هو عبارة عن مجموعة من الوكلاء التابعين للخليجيين والأميركيين والحلفاء لإسرائيل، قد استخدموا أيضاً الإيرانوفوبيا و”سياسة الإنقسام” في محاولة للهجوم على حزب الله وحلفائه في لبنان. أما الهدف فهو إضعاف وتقويض العلاقات اللبنانية – الإيرانية والعلاقات اللبنانية ـ السورية. وقد قام تحالف 14 آذار، تحديداً تيار المستقبل الذي يسيطر عليه الحريري، بإستيراد ما يدعى بالمقاتلين السلفيين التابعين لفتح الإسلام بهدف جعلهم يهجمون على حزب الله. كما كان لتيار المستقبل دور في المشروع الإسرائيلي ـ السعودي في زعزعة إستقرار سوريا وإزالتها من “الكتلة السياسية المقاومة”.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق