السبت، 6 أكتوبر 2012

"حزب الله" وحربه المقبلة !...هاني حبيب

تأكيداً لتهديداته السابقة بتحرير الجليل شمال فلسطين، في أي حرب مقبلة بين إسرائيل و"حزب الله"، نشر الحزب مؤخراً على موقعه تفاصيل خطته التي ستكون (ساحتها الأساسية مناطق شمال فلسطين المحتلة ـ الجليل ـ وصولاً إلى بحيرة طبريا، كذلك الأهداف التي سيتم اجتياحها، كميناء حيفا ومعسكر هزانا في جبل الشيخ، وكافة معسكرات وثكنات الجيش الإسرائيلي في الجليل)، كما تضمنت الخطة عزلاً للمدن ذات الأغلبية العربية في شمال إسرائيل، وأكثر من ذلك، فإن الموقع عرض تفاصيل وخطة الهجوم من خلال تقسيم عملية الاجتياح إلى أربعة مفاصل أساسية، فهناك قوات عسكرية ستقوم بالسيطرة على مناطق الساحل حتى مدينة حيفا، بينما قوات ثانية ستسيطر على الجليل الشرقي وصولاً إلى بحيرة طبريا، أما الثالثة فمحور أهدافها هي وسط الجليل بينما الرابعة ستدافع عن الحدود الجديدة للجليل المحرر مع دولة الاحتلال!.

الغريب أن هذا السيناريو الذي نشره حزب الله على موقعه، كان قد نشره موقع "دبكا" الإسرائيلي، بالتفصيل قبل أسابيع، مع تفاصيل أكثر وأدق، إذ ان الوصول إلى ميناء حيفا سيتم وفقاً للسيناريو الذي نشره موقع دبكا، سيتم من خلال 150 مقاتلاً على قوارب تم إعدادها فعلاً، بينما ستقوم قوة أخرى من "حزب الله" باحتلال موقع شلومي الواقع على بعد 300 متر فقط من الحدود اللبنانية، وذلك لمنع الجيش الإسرائيلي من إرسال تعزيزات لنهارياً. وتفاصيل عديدة تشير إلى أن ما أشار إليه موقع "حزب الله" حول خطة تحرير الجليل، هي ذاتها تقريباً تلك التي كشفها موقع الاستخبارات الإسرائيلية "دبكا" منذ أسابيع، وهو موقع تستخدمه الاستخبارات الإسرائيلية لتسريب متعمّد لما يسمى سيناريوهات أو معلومات أو إشاعات وبالونات اختبار.

والواقع أننا لا نرى أي جديد في تهديدات "حزب الله" بتحرير الجليل شمال فلسطين المحتلة، فخلال هذا العام، عبر أمينه العام السيد حسن نصر الله أكثر من مرة عن عزم "حزب الله" على تحرير فلسطين، أوعلى الأقل الجليل، ففي منتصف شباط هذا العام، وفي مهرجان الشهداء، هدد حسن نصر الله في خطابه بتحرير الجليل وملاحقة وقتل القادة والجنرالات الإسرائيليين، كرد على اغتيال عماد مغنية عام 2008، وقال "السيد" ساخراً في خطابه "آمل أن تكون لدى الإسرائيليين ملاجئ جيدة كافية".

وقد تكررت هذه التهديدات أكثر من مرة من خلال خطابات نصر الله وقادة "حزب الله"،خاصة بعدما أجرى الحزب مناورات في منطقة البقاع تحاكي احتلال شمال فلسطين من خلال عشرة آلاف مقاتل من النخبة واستمرت هذه المناورات ثلاثة أيام متتالية، تضمنت مناورات لتغيير سكن وإقامة القادة والكوادر، وتغيير طرق تنقلهم وإقامة تحصينات من المفترض أن تجري واقعياً جنوب الليطاني في لبنان، هذه المناورات التي جرت قبل شهر تقريباً، أعقبتها جملة من التهديدات من قبل "حزب الله" بتحرير شمال فلسطين المحتلة، علماً أن هذه التصريحات تشير إلى "احتلال" وليس "تحرير"، كما نورد في مقالتنا هذه!.

ومع أن هذه التهديدات ليست جديدة، رغم ما تضمنته من سيناريوهات وخطط عسكرية، كان يجب غدم الكشف عنها إذا كانت هذه التهديدات سيتم تنفيذها فعلاً، على أن الأمر قد ينطوي على خداع حربي، إلاّ أن التوقيت بات هاماً لقراءة حقيقة وجدوى هذا النشر لتفاصيل مثل هذه الخطة، التي قد يتخذها الاحتلال الإسرائيلي ذريعة لإقناع المجتمع الدولي بضرورة القيام بضربة استباقية ـ مشروعة ـ في ظل هذه التهديدات!

على أن أهم ما في توقيت هذا النشر من قبل "حزب الله"، أنه جاء في ذروة التوتر والتهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربة إلى مفاعلات النووية الإيرانية، وتذكير "حزب الله" من أنه سيصطف إلى جانب إيران في هذه الحرب، ولن ينتظر كي تبقى هذه الحرب مجرد عدواناً إسرائيلياً على جنوب لبنان أو كل لبنان، وأن الحزب، سيستنسخ العقيدة العسكرية الإسرائيلية ذاتها: "إذا كانت هناك من حرب، فيجب أن تجري على أرض العدو" وهذه المرة، لن يسمح "حزب الله" ـ حسب السيناريوهات التي أعلن عنها عبر موقعه ـ بأن تنقل إسرائيل الحرب إلى لبنان كما فعلت عام 2006، بل إن "حزب الله" لن يقف عند إطلاق أعداد هائلة من الصواريخ على كل أنحاء إسرائيل، بل سيجتاح شمال الدولة العبرية لتحرير كافة مناطق الجليل المحتل، الهجوم بديلاً عن الدفاع، الأمر الذي يستدعي من الجيش الإسرائيلي الانشغال بمعارك حقيقية بالتلاحم المباشر وليس من خلال القصف الميداني عن بعد، هذا الأمر سيساعد إيران على أن تقوم بخطوات جدية والانتقال ربما من مجرد الدفاع والهجوم الصاروخي إلى ما هو أبعد من ذلك، من خلال فتح جبهات عديدة على طول الحدود وداخلها، ومن الطبيعي أن يستفيد "حزب الله" خلال هذه الحرب من تجربة الحرب الإسرائيلية على لبنان قبل ستة أعوام.

إلاّ أن من يطالع السيناريوهات المنشودة على موقع "حزب الله"، بالكاد يرى أو يلاحظ أن هناك عدواً على الجانب الآخر، متخماً بالأسلحة والقدرات العسكرية الهائلة، والأهم، جهاز استخباراتي قوي، أقدر على تحليل هذه السيناريوهات وربما التأكد فيما إذا كانت حرباً نفسية أو مجرد بالونات اختبار أو خططاً جدية، وأن الجيش الإسرائيلي أكثر قدرة على استلهام العبر من تجاربه وحروبه العديدة، خاصة حربه السابقة على كل من لبنان وقطاع غزة.

ولعلّ "حزب الله"، المتهم بالولاء لإيران أكثر من لبنان والعروبة، والذي يشارك شبّيحة نظام الأسد في قمع الثوار السوريين، يحاول من خلال نشر هذه الخطط والسيناريوهات، حرف الانتباه عن دوره المشبوه من ناحية، ونقل الاهتمام "بدوره في تحرير شمال فلسطين"، لتعرية أطراف عربية تقاعست حتى الآن عن مد يد العون للفلسطينيين لتحرير بلادهم، وفي كل الأحوال، فإن مثل هذه الحرب، إذا وقعت، وبصرف النظر عن نتائجها، فإنها أبعد ما تكون حرباً من أجل فلسطين!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق