ولكن الطائرة بدون طيار لم تطلق من قطاع غزة، ومسار تحليقها يدل على أن من أطلقها قصد خلق غموض بالنسبة لمصدرها، وليس لانه خشي الا تعرف اسرائيل بل لانه سعى الى أن يطلق رسالة دون أن يجتاز الحافة التي تستدعي ردا اسرائيليا.
الاشتباه المعقول يقع، بالطبع، على حزب الله. فالمنظمة الشيعية تحاول منذ زمن بعيد تطوير قدرات في مجال الطائرات غير المأهولة، بدعم ايراني. بل انها أطلقت في الماضي طائرات بدون طيار مشابهة الى اسرائيل، من ناحية حزب الله توجد ميزة كبيرة في اطلاق طائرات الى المجال الاسرائيلي ليس من الحدود الشمالية، بل من جهة البحر ومن منطقة غزة: فهذا يشهد على قدرة تحليق وسيطرة محسنة بالنسبة لمحاولاته السابقة، وكما أسلفنا أيضا يبعد عنه حافة المسؤولية. فمن يكون قادرا على اطلاق طائرة بدون طيار كهذه الى مسافة أكثر من 100كم عن الحدود الاسرائيلية – اللبنانية، برأي حزب الله (اذا كان هو حقا)، سيكون قادرا عند الحرب على الوصول الى عدد كبير من المواقع الحساسة في اسرائيل. طائرة بدون طيار "انتحارية" كهذه، محملة بالمواد المتفجرة، هي قنبلة موجهة، من ناحية حزب الله يوجد فيها صعود درجة في عرض قدراته.
لماذا الان؟ لهذا السؤال ايضا توجد أجوبة منطقية. فالتوتر بين اسرائيل وحزب الله عال منذ زمن بعيد. وأحداث مثل تصفية قائد عمليات حزب الله في سوريا او الانفجار الغريب في مخزن السلاح التابع للمنظمة، حتى لو لم يتم من قبل جهات اسرائيلية، تعزيها المنظمة بشكل طبيعي لاسرائيل ولحلفائها.
في الجيش الاسرائيلي يشيرون الى أن الردع الناشيء في حرب لبنان الثانية لم يعد قويا مثلما كان في الماضي، في ضوء جملة الضغوط التي تعيشها المنظمة داخل لبنان، مصاعب سيدتها ايران والوضع السائل في سوريا، والامر من شأنه أن يشعل نار مواجهة في كل لحظة معينة. واضح لنصرالله أنه في مثل هذه الحالة لن تدخل اسرائيل الى القتال ببطء وتدرج مثلما في صيف 2006، بل ستعمل على الفور بكل قوتها. في خطوة كهذه فان حزب الله يعطي الاشارة بان ليس لديه هو أيضا نوايا بان يلعب لعبة التصعيد وان لديه قدرات كفيلة من ناحيته أن تفاجيء اسرائيل، من قبيل اطلاق الصاروخ الذي اصاب البارجة "حنيت" في أثناء الحرب.
هذا الحدث، كما ينبغي الافتراض سيبقى في اطار الاشارات المتبادلة. أحد لا يشعل حربا على اطلاق اداة طائرة، انتهى باعتراض بلا اصابات. ولكن في الجيش الاسرائيلي، اذا كانوا بالفعل يعزون اطلاق الطائرة لحزب الله، فانهم يضيفون حدث أمس الى قائمة محاولات العمليات العديدة لجهاز حزب الله الخارجي، والتي احبطت في معظمها، والعملية في بورغاس التي تعزى بوضوح للمنظمة.
وبينما تخف حدة التوتر في محور اسرائيل – ايران قليلا، وذلك لان المظاهرات في طهرات تخفف جدا الاحتمال الذي تبقى لهجوم اسرائيلي قريب فان مرعي ايران خلف الحدود يؤشر بانه هنا وأنه لا يخاف. في التوقع الاستخباري السنوي قررت شعبة الاستخبارات العسكرية أمان بان الاشتعال قد ينشب هذه السنة في ملابسات غير متوقعة، من لحظة الى لحظة. حتى بدون اطلاق الطائرة واعتراضها أمس، فان الجبهة الاكثر تفجرا تبقى الحدود اللبنانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق