الأحد، 28 أكتوبر 2012

«كاسكو» يا إخوان يا مسلمين!/ سعيد حسنين

عندما رأيت سفير جمهورية مصر العربية في إسرائيل، مصر الثورة، مصر الإخوان، مصر الإسلام، مصر العصر الذهبي، مصر ما بعد مبارك، يسلم أوراق اعتماده للرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس، أو كما يسميه العرب (شيمون بيريز) لم أفاجأ البتة، فالإخوان في عهد مبارك ليسوا الإخوان في الحكم، الإخوان في عهد مبارك معارضة وهجوم كاسح على الكيان الإسرائيلي، ومطالبة ملحة بإلغاء اتفاق كامب ديفيد المعيب الذي جلب لمصر العار والشنار، كما كان يحلو لهم القول، ألم يقل لي أحد قادة الإخوان في مقابلة خاصة وبالحرف الواحد:"اتفاق كامب ديفيد ليس قرآنًا منزلاً"، ومن يعتقد بأن الإخوان تحولوا من طرف لآخر فهو مخطئ، فإعادة السفير إلى بلاد السمن والعسل كشف جزءًا من أوراق هذه الجماعة التي طبل وزمر لها الكثيرون، خاصة هنا في فلسطيننا، احتفلوا وفرحوا بحكم الإسلام وراحوا يرددون بأن الدور جاي ع كل البلدان العربية وفي مقدمتها سورية!! والله ونعم الإخوان ونعم الحكم!




الرئيس المصري محمد مرسي استهل رسالته لبيرس بالقول:"صاحب الفخامة السيد شيمون بيريز رئيس دولة إسرائيل! عزيزي وصديقي العظيم! واختتمها بصديقك الوفي محمد مرسي! فلا يقولن أحد بأن هذه خدعة من السيد الرئيس ولا دبلوماسية ولا مجبور ولا مناورة، بل هي قناعة من قناعات الإخوان في المحافظة على طيب العلاقة الأخوية مع إسرائيل، بل تعزيز هذه العلاقة أكثر بكثير مما كانت عليه في عصر مبارك، فمن يتوكل على الله يجعل له مخرجًا يا سيادة الرئيس، لا أن تعتمد كليًّا على الشيطان الأكبر، الولايات المتحدة الأمريكية ومن لف لفها، من يتوكل على الله فهو حسبه يا سيادة الرئيس، فوالله لو اجتمع كل الخلق على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، ووالله لو اجتمعت كل الدنيا على ان تنفعك بشيء فلن ينفعوك الا بشيء كتبه الله لك.



هذه قناعات الإنسان المؤمن، لا أن يقول:"هذه أمريكا" كما كان يقول الخانع من قبلك مبارك، ولا كما يقول بعض الرؤساء العرب الذين يحسبون ألف حساب لأمريكا وإسرائيل ويتجفلون من مجرد ذكر اسم أمريكا وإسرائيل، وهنا أكرر ما كان يقوله الرئيس الراحل الخالد فينا، طيب الذكر، المرحوم جمال عبد الناصر:"سنضرب الإنجليز بالجزمة" "وسنكنس مصر من الطغاة الظالمين"، ألم يقد المرحوم عبد الناصر ثورة ضد الاستعمار؟ ألم يعّمر عبد الناصر مصر؟ ألم يتحد عبد الناصر العالم بشرقه وغربه بتأميم قناة السويس؟ ألم يفتح التعليم أمام جميع المصريين بعدما كان مقتصرًا على أبناء النبلاء؟ ألم يقد الإصلاح الزراعي؟ إذن كيف نجح هذا الرجل الخارق في استقطاب اهتمام العالم أجمع وكيف نجح في نيل احترام العدو قبل الصديق؟ أليس بعناده في مواجهة الإمبريالية وتحدي الاستعمار الغاشم؟ كان شعاره: "مصر والإنسان المصري والأمة العربية".



وهكذا أيها المواطنون العرب في كل مكان، نقرأ من رسالة مرسي إلى بيرس أنها رسالة تودد وخنوع وخضوع والتسليم بالأمر الواقع، بأن أمريكا هي البداية وهي النهاية عنده وعند أمثاله، لا بل تجد من بيننا من يجلد الأشراف والأحرار الذين يتحدون ويواجهون الغطرسة الأمريكية والصهيونية، وفي مقدمتهم سماحة السيد حسن نصرالله، فلمصلحة من يُهاجم سماحته في هذا الظرف الدقيق والمعقد، وهو المطلوب الأول أمريكيًّا وصهيونيًّا؟ لا بل من بعض صهاينة العرب؟ ألم يكن تحديه لإسرائيل في نظر الهابطين مغامرة غير محسوبة؟ وهل يريد كل دعاة الديمقراطية في العالم من عرب وعجم بأن تكون سورية على شاكلة مصر وزعامة مصر الجديدة؟ رسالة مصر "أم الدنيا" إلى إسرائيل هي رسالة محبة وسلام وشرب خمر، فالسفير الجديد عاطف سالم شرب مع بيرس نخب المحبة أمام الكاميرات، دق الكاس بالكاس، ومصر أعادت السفير إلى تل أبيب في ظل تعاظم العدوان على غزة والتهديد صباح مساء باجتياحها، هل هذا ضوء أخضر يا سادة يا كرام لإسرائيل بأن تعاود عدوانها على القطاع المحاصر؟! فالتراجع الرهيب في خطاب حركة الإخوان من معاداة اتفاقية كامب ديفيد إلى ضرورة رفع الحصار عن قطاع غزة، وإلى الوقوف صفًّا واحدًا موحدًا في وجه الغزو الاستعماري لفلسطين وإلى أي بقعة في العالم العربي، يوحي بأن الجماعة خلعوا عباءة الإسلام وأن التغيير في مصر ليس تغييرًا بل تبديلاً وأن الربيع العربي انقلب إلى خريف تساقطت فيه كل مبادئ العزة والكرامة، فما لهذه الأمة من محيطها إلى خليجها إلا أن تعيد حساباتها جيدًا في برامجها، عسى ربي ينعم علينا بقائد يسير على نهج العزة والكرامة والحرية، وكفى الله المؤمنين شر القتال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق