السبت، 31 يناير 2009

عقيدة أوباما: عن سياسة خارجيّة بدأت للتوّ ... بقلم :د . أسعد ابو خليل

لم يطل الانتظار. فيما كانت الآمال معقودة والأفئدة مشرئبّة، عاجل أوباما الرأي العام العربي بصفعة مدوّية. أوضح أنّ موقفه لا يختلف البتّة عن موقف سلفه (الذي راقص شيوخ النفط وأمراءه قبل أشهر من نهاية ولايته، وانتظر الشجاع الأمير تركي الفيصل، المرشد الروحي والعملي لأسامة بن لادن، حتى نهاية عهد بوش ليوجّه له بعض الانتقادات في الصحافة الغربيّة). بدّد أوباما كل الأوهام. قال لمن يريد أن يفهم، إن إسرائيل وشعبها في باله، وأن شعب فلسطين بخس الثمن بالنسبة له
أسعد أبو خليل
*أثبت الرئيس الأميركي باراك أوباما إيمانه بمعايير الرجل الأبيض ـــــ وهو ممثّل للرجل الأبيض. وعيّن لهم جورج ميتشل مبعوثاً ـــــ وهو صهيوني ذو تاريخ عريق في خدمة اللوبي الصهيوني في واشنطن، رغم سعادة الإعلام اللبناني بالأصل اللبناني لوالدته ورغم تأكيد سمير عطا الله لاستطياب ميتشل المعجّنات الشرقيّة، مع أنه لم يعتبر نفسه يوماً لبنانياً أو عربيّاً. ثم إن فيليب حبيب كان من أصل لبناني، وكان صهيونيّاً هو الآخر وعرّاب ترشيح بشير الجميّل، السيّئ الذكر.ولكن يبدو أن بثينة شعبان ورثت تحليل التذاكي من المحلل البعثي عماد فوزي الشعيبي. والأخير لمّاح: صرّح بعد صدور القرار 1559 بأن النص لا يتعلّق بالجيش السوري. أما بثينة شعبان (التي تستمرّ في الكتابة في جريدة الأمير سلمان لأنها لم تلاحظ توجّهات سياسة الجريدة نحو حكومتها وحتى نحو بلدها) فكتبت أخيراً مقالة حماسيّة عن تغييرات هائلة في سياسة أميركا في (ما قبل) عهد أوباما. ويبدو أن شعبان بدأت تنسى اللغة الإنكليزيّة إذ إنها أشارت إلى مقالة لروبرت ورث في الـ«نيويورك تايمز» عن كشّافة حزب الله واعتبرتها إشارة إلى تغيير (إيجابي) في النظرة الغربيّة ـــــ حتى الأميركيّة ـــــ إلى الحزب (وإلى العرب بصورة عامّة) مع أن المقالة كانت، لمن قرأها، معادية بالشكل والمضمون للحزب، وحماسيّة في نظرتها إلى ضرورة حماية إسرائيل من أي عداء، حتى لو كان لفظيّاً. وميشال سماحة ينتظر وصول الأسطول الروسي إلى شرق المتوسّط لإنعاش الحرب الباردة، ولإنعاش استراتيجيا النظام السوري في الانتظار الأبدي لتحديد «زمان المعركة ومكانها»، فيما يستعدّ النظام لمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ـــــ وإن عُلّقت ظرفيّاً ـــــ بعد نجاح منقطع النظير للمفاوضات غير المباشرة معه في فندق أو مطعم أو ملهى في تركيا. وجميل مروّة واثق من أن أوباما ضاق ذرعاً بالتعنّت الإسرائيلي.وفريق 14 آذار لا يبدي قلقه ـــــ ليس علناً في أي حال. ونادر الحريري يتابع ملفّات السياسة الخارجيّة والداخليّة على حدّ سواء باهتمام بالغ وتحليل ثاقب وعقل راجح. وهرعت مي الشدياق إلى واشنطن لأخذ تطمينات عن استمرار أميركا في ولعها بسيادة لبنان، مثلما هرع سركيس نعّوم (هل يظن الأخير أن ترويجاته للسياسية السورية مُحِيت من الذاكرة؟) إلى هناك. والجميع يحجّ إلى جيفري فيلتمان (أو العزيز «جيف» كما يسميّه عليّة 14 آذار). و«جيف» ـــــ يقبر أمه ـــــ يتحدّث وكأنه ناطق رسمي باسم أوباما، وكأنه يعرف مسار سياسة أوباما الخارجيّة، أو كأنه من «فريق المطبخ» في شيكاغو. و«جيف» يُطمئِنهم إلى أن أوباما ـــــ ومن المشكوك فيه أنه اجتمع به أو أنه سيجتمع به ـــــ يتابع تفاصيل معركة المتن الانتخابيّة أولاً بأوّل، وأنه مع توحيد الأخوين المرّ في الانتخابات المُقبلة، وهو لا يمانع أبداً في إنشاء «الكتلة الوسطيّة» ـــــ مثله مثل البطريرك الماروني الذي يعارض تدخّل الدين في السياسية إلا إذا صدر عنه شخصيّاً. وجيف يتحدّث إلى وسائل الإعلام اللبنانيّة وكأنه مستشار أوباما المُعيّن لشؤون الأمن القومي واللبناني.بداية، لنوضّح طبيعة «الرعاية» الأميركيّة للبنان منذ الحرب الأهليّة.نستطيع أن نقسّم السياسة الأميركيّة نحو لبنان مرحلتيْن: مرحلة ما قبل الحرب الأهليّة ومرحلة ما بعد الحرب، هذا إذا قبلنا أن الحرب توقّفت ليوم واحد في لبنان. في المرحلة التي سبقت الحرب الأهليّة كانت السياسة الأميركيّة نحو لبنان تتعاطى مع لبنان كبلد مستقل يُفيد إذا استخدم في الحرب الباردة. وكان استعداد فريق من اللبنانيّين للعب دور فعّال (إلى جانب محور الرجعيّة العربيّة (المُسمّاة معتدلة حفاظاً على سمعتها في أعين الناس) في محاربة الشيوعيّة موضع تقدير في واشنطن ـــــ البعض من كتّاب «النهار» نشط في تحبير كتيّبات ضد الشيوعيّة، و«دار النهار للنشر» كانت سبّاقة آنذاك في تقيّؤ الدعاية الأميركيّة ضد الشيوعيّة. والدور الأميركي في حرب 1958، وهي حرب من أجل آخرين لأن الشعب اللبناني هانئ بنظر غسّان تويني («المُنسِّق» السابق لمفاوضات 17 أيار)، كان مرتبطاً بأمور الحرب الباردة ومواجهة الشيوعيّة في الشرق الأوسط. لبنان كان قطعة في لعبة أكبر منه بكثير. لكن حسن ضيافة لبنان للاستخبارات الغربيّة (تُراجع الأوراق الخاصة لفريد شهاب الذي يبدو أنه كان فاتحاً فرعاً لاستخبارات أجنبيّة أثناء إدارته للأمن العام اللبناني، والغريب أنه بقي على إدارته للتجسّس ضد الشيوعيّة في لبنان ـــــ لوجه الرحمن طبعاً ـــــ حتى بعد تقاعده «الرسمي» عام 1958) جعل منه ساحة أو مسرحاً أو ملعباً أو مرتعاً لقوى خارجيّة استسهلت خرق القوى الداخليّة لسيادة البلد. ولم يكن فريق آخر من اللبنانيّين أقل مضيافيّة لاستخبارات عربيّة وشرقيّة طبعاً. وكلّما صرخ فريق لبناني مدافعاً عن السيادة، كان مذنباً أكثر من غيره في خرق تلك السيادة نفسها. تاريخ حزب الكتائب اللبنانيّة المُشين يشهد بذلك.الهوس الأميركي بإسرائيل ومصالح احتلالاتها وتوّسعها وحروبها تبلور بعد حرب 1967، كما يظهر في كتاب ويليام كوانت الشهير. وفي دراسة للزميل جويل بينن (المؤرّخ الرصين للشيوعيّة المصريّة) عن تاريخ المساعدات الأميركية لإسرائيل يظهر بوضوح أن أمراً ما حصل في أواخر الستينيات. أصبحت إسرائيل شأناً أميركيّاً داخليّاً، وتأكدت الحكومة الأميركيّة من هشاشة المعسكر الرجعي العربي، وخصوصاً في زمن جمال عبد الناصر. وفي هذه السنوات، تحوّل لبنان إلى رديف أو ملحق صغير وهامشي لسياسة أميركا في دعم إسرائيل. وكان «الدعم» الأميركي للبنان مذاك دعماً تابعاً للدعم الأميركي لإسرائيل. أي من الممكن التخمين أن الطرف اللبناني الذي يلقى دعماً من أميركا، هو الطرف الأكثر خدمةً للمصالح الإسرائيليّة. قل إنها الصدفة ـــــ «صاءبت» يا محسنين ومحسنات.وفي هذا الصدد، بدأت الولايات المتحدة بدعم قوي لميليشيات اليمين الفاشي في لبنان بعد اندلاع الحرب الأهليّة الضروس، وتلاقى ذلك مع مصلحة الحرب الباردة في محاربة الشيوعيّة. سارع النظام السعودي والأردني والأميركي إلى تمويل ميليشيات الكتائب والأحرار وتسليحها وتدريبها (دائماً يسارع النظام الأردني إلى تدريب ميلشيات إسرائيل وأميركا العربيّة، من نمور الأحرار إلى عصابات الصحوة في العراق إلى عصابات الدحلان في فلسطين). لكن صراعاً بدأ بالتبلور بين أجنحة ودوائر في الحكومة الأميركيّة. الاستخبارات الأميركيّة أرسلت فريقاً للمساهمة في إعانة الجميّل، وفيلكس رودريغز (خريج عمليّة خليج الخنازير الفاشلة والرجل الذي طارد تشي غيفارا في بوليفيا ومثّل بجثّته) حلّ في ربوع الأرز. لكن سفراء أميركا في لبنان أصبحوا منذ 1977 ينظرون لبشير الجميّل كـ«مجرم» و«أزعر» كما وصفه لي ذات يوم في الثمانينيات السفير الأميركي السابق في لبنان، ريتشارد باركر. الخارجيّة الأميركية نصحت بترك الجميّل، لكن إسرائيل، يساندها فريق يميني في واشنطن (تعزّز بعد صعود ريغان)، رفضت بشدّة، وإن اتفقت أميركا مع السعوديّة على تطويع الجميّل عربيّاً لجعله أكثر قابليّة إسلاميّاً. وهنا جاء دور صائب سلام (المؤيّد العربي العلني الوحيد، بالإضافة إلى أحمد الجار الله، لزيارة السادات إلى إسرائيل) في مباركة الجميّل.التركة الثقيلة... (أرشيف ــ أ ف ب)بقية القصة باتت معروفة. سنوات إدارة أمين الجميل الوحشيّة (كيف يُسمح للجميّل بالوعظ والإرشاد؟) كانت بدعم وإشراف أميركي ـــــ إسرائيلي، مع أن الدبلوماسيّين الأميركيّين كانوا يسبغون في السرّ على الجميّل لقب «ترافولتا». وكل احتضان أميركي لفريق في لبنان يأتي بإيعاز من اللوبي الصهيوني. هو الذي كان وراء احتضان ميشال عون في حقبة، ثم عاد واحتضن فريق 14 آذار في حقبة تالية (قبل أن يحتضن رفيق الحريري سرّاً منذ 2001). وليس من الصدفة أن أكثر عتاة الليكود الأميركي المعروفين (والمعروفات) بعدائهم لكل ما هو عربي ومسلم، من أمثال إليوت أبرامز وإلينا روس لتنن وجون بولتون، هم الذين يمثّلون طليعة مناصري دعوة الفريق اللبناني المؤاتي لمصلحة الصهيونيّة. وذكرت الصحافة الإسرائيليّة في ربيع 2005 أن الحكومة الأميركيّة طالبت الحكومة الإسرائيليّة بالتوقّف عن الثناء العلني على فريق آل الحريري تحاشياً لإحراجهم. كان ذلك يوم كان السفير الإسرائيلي ...والآمال المعلّقة (أرشيف ــ رويترز)في الأمم المتحدة يفاخر بصنعه للقرار 1559، عاش لبنان.لم ترتسم بعد معالم السياسة الخارجيّة لأوباما. هناك الكثير من الصلاحية للرئيس الأميركي في مجال السياسية الخارجيّة. وهنا مكمن التأثير. ريتشارد نيكسون كان يقول إن الرئاسة الأميركيّة لا تحتاج إلى رئيس في السياسة الداخليّة لأن الأخيرة تسيّر نفسها بنفسها. أما في مجال السياسة الخارجية، فهي «رئاسة امبراطوريّة» كما سمّاها أرون فلدوسكي، عالم السياسة المُتخصّص في شؤون السلطة التنفيذيّة. وقد عزّزت رئاسة بوش، بصورة تقترب من خرق الدستور وفق بعض الخبراء مثل فنست بغليوزي، صلاحيات الرئيس. لكن إدارة أوباما محكومة بعوامل عديدة مؤثرة في مجال السياسة الخارجية والأمن القومي بإزاء منطقة الشرق الأوسط.أولاً، الهم الاقتصادي سيطغى على ما عداه (دون التقليل من أهميّة غطّاس خوري في رسم السياسة الخارجية لأميركا). والهم الاقتصادي يعني أموراً عدة بما فيها استحالة إقدام أوباما على حرب، إلا إذا تعرّضت أميركا أو حليفتها في أرض فلسطين لتهديد أو هجوم مباشر. أحلام فريق 14 آذار بحروب تحرير أميركيّة ضد سوريا و (أو) إيران تبخّرت. والهم الاقتصادي سيعجّل في إغلاق ملف حرب العراق، لا رأفة بشعبه بل بدافعي الضرائب هنا. والهم الاقتصادي سيؤثّر أيضاً في قدرة الولايات المتحدّة على إزعاج ـــــ هذا إن أرادت ـــــ أنظمة الخليج التسلّطيّة.ثانياً، إن قدرة الولايات المتحدّة على شن حرب جديدة، تحت أية مسبّبات، ضئيلة جدّاً، لأن مغامرة بوش في العراق زادت سقف التهديد الذي يعتبره الأميركيّون مقبولاً كذريعة للحرب، زادته ارتفاعاً. أما إسرائيل فإنها ترى أن ضربة حجر من طفل فلسطيني تمثّل حجة مقبولة لشن حروب على أعدائها، وتقبل أميركا هذه الحجة من دون تردّد.ثالثاً، إن طبيعة توزّع السلطات في أميركا تعطي الرئيس الحالي هامشاً من الاستقلاليّة في مبادرات السياسة الخارجية والدفاع، على ألا تؤدي تلك السياسات والمبادرات إلى خلل في الوضع الاقتصادي. والأولويّة للرئيس الطامح إلى ولاية ثانية ستكون في السياسة الداخلية، وخصوصاً في ظل وضع اقتصادي متدهور. الاستثناء الوحيد هو في رغبة أي رئيس بتحقيق نصر سهل في السياسة الخارجية لتعزيز الرصيد الانتخابي قبل معركة التجديد، وهذا ما حاول فعله جيمي كارتر في كامب ديفيد السيئة الذكر، وما فعله بوش في غزو العراق.رابعاً، من الواضح أن أوباما لا ينوي الحكم من اليسار، وخصوصاً في السياسة الخارجيّة والأمن القومي. وتأليف فريقه للأمن القومي والسياسة الخارجيّة يعكس رغبة في العودة إلى ما يُسمّى هنا «توافق الحزبيْن» على السياسة الخارجية، كما كان الأمر في سياسة أميركا نحو الاتحاد السوفياتي أثناء الحرب الباردة. وتعيين هيلاري كلينتون في منصب وزيرة الخارجية سيخيّب آمال الراغبين في تغيير جذري مقارنة مع عهد بوش، وخصوصاً أن هيلاري تعاملت مع السياسة الخارجية كهدف للاتفاق بين الحزبيْن. أما مستشار الأمن القومي، الجنرال جونز، فهو مرشّح جون مكّين.خامساً، إن رصد مسار سياسات أوباما أو تخمينها في السياسة الخارجيّة يبقى عرضة لمتغيّرات مهما حاول «جيف» أن يخفّف مخاوف فريق 14 آذار، لأننا لا نعرف الكثير عن سياسات أوباما الخارجيّة لحداثة عهده بالتعاطي التنفيذي معها، كما أنه ليس معروفاً إذا كان أوباما سيفرض آراءه وتوجّهاته الشخصيّة على سياسات إدارته الخارجيّة. إن قراءة ما كُتب عن أوباما في أعوامه القصيرة في مجلس الشيوخ وفي إدارته لحملته الانتخابية على امتداد سنتيْن، يشير إلى أسلوب يعتمد على سماع كل الآراء قبل أن يحزم أمره ويقرّر ما يريد هو. وهو لا يعبّر عن رأيه الخاص إلا بعد أن يستنفد سماع آراء الآخرين. وأوباما وقبل كل شيء آخر، هو رجل سياسة، وقد يثبت أنه أقل مبدئيّة من بيل كلينتون نفسه.سادساً، ليس معروفاً بعد الدور الذي سيلعبه نائب الرئيس جو بيدن، لكنه من المستعبد جداً أن يكرّر بيدن تجربة ديك تشيني في الاستحواذ على سلطة القرار. ويمكن الاستخلاص أن سلطة نائب الرئيس تزداد كلما كان الرئيس جاهلاً وكلما كان من النوع الذي يوزع سلطات القرار على مرؤوسيه. وقد صرّح بيدن أن شبه اتفاق قد حصل بينه وبين أوباما يتسلّم على أساسه بيدن ملف «وضع الطبقة الوسطى»، وهي الأساس في هم إعادة الانتخاب.سابعاً، إن سلّم أولويّات السياسة الخارجيّة لأي رئيس تخضع غالباً لا لبرامج موضوعة بل لمفاجآت وتطوّرات لم تكن في الحسبان، وتصبح بالمتابعة اليوميّة من أولويّات الرئيس. لنتذكّر أن بوش ورايس جاءا إلى واشنطن عازميْن على إهمال منطقة الشرق الأوسط ـــــ ليتهما أهملا.هذا لا يعني أن لبنان سيغيب كلياً عن بعض الخطب هنا وهناك. وينتشي فريق 14 آذار كلما تطرّق رئيس أو وزير إلى عبارة «ثورة الأرز». هم لا يعلمون ـــــ أو يعلمون ولا يرغبون بأن يعترفوا ـــــ أن الإشارة إلى لبنان تأتي دائماً في سياق الحديث عن المصالح الإسرائيليّة، وهذا ما عناه النائب في مجلس النواب (لا أدري لماذا تُحوّل وسائل الإعلام اللبنانية كل زائر أميركي من مجلس النواب إلى «سناتور»)، غاري أكرمان، الذي يمثّل دائرة «كوينز» في مدينة نيويورك، التي تمثّل بدورها أهواء قريبة من أهواء بنيامين نتانياهو) في كلامه أثناء زيارته الأخيرة للبنان. وأكرمان يمثّل عتاة كارهي العرب والمسلمين (والمسلمات ـــــ حتى لا نظلم كراهية روس ـــــ ليتنن المقيتة) في داخل الكونغرس الأميركي. وتطميناته عن لبنان هي تطمينات تتعلّق بإسرائيل أكثر مما تتعلق بلبنان، رغم إصرار نشرة المستقبل السلفي على أن إدارة أوباما لن تُقْدم على خطوة في السياسة الخارجيّة قبل أن تأخذ مشورة نادر الحريري.وفريق اللوبي الصهيوني سيكون فاعلاً في الإدارة الجديدة، ودور اللوبي الصهيوني لا يتغيّر بين إدارة وأخرى، لكن الوجوه تتغيّر بين من يناصر الليكود ومن يناصر كاديما، وهلّم جرّاً. ومارتن إندك ودينيس روس وبروس رايدل سيكونون جزءاً من الفريق الصهيوني الفاعل في كل إدارة ديموقراطيّة. ما كان يُسمّى «المستعربين» سيبقى نائماً، كما باشر رسميّاً النوم منذ الثمانينيات. قد يكون السفير ريتشارد مورفي آخر مستعرب فاعل في الإدارة الأميركيّة ـــــ هل لا يزال مخايل ضاهر يذكره بالخير؟ خلفه في إدارة ملفات العالم العربي صهاينة متعصّبون لا يؤهلهم لتولّي المناصب إلا شدّة مناصرتهم للتوسّع والحروب الصهيونيّة. واهتمام مارتن إندك (مدير مركز صابان ـــــ والأخير إسرائيلي ـــــ بشؤون لبنان، واستضافته لزوّار من لبنان ـــــ من وليد جنبلاط إلى أحمد فتفت إلى الياس المرّ إلى نسيب لحّود ـــــ والأخير كان مشهوراً عندما كان سفيراً في واشنطن بأنه كان أكثر دفاعاً عن النظام السوري في أميركا من السفير السوري نفسه، لكنه «مُتجدِّد» و«ديموقراطي») ينبع من رعايته للفريق الذي يتواءم مع مصالح إسرائيل ويتوافق في العداء لأعداء إسرائيل (نفهم هذا العداء لفريق آل الحريري لحزب الله، ولكن ما هو سرّ عداء هذا الفريق لحماس، مثلاً؟ قد يكمن السبب في علمانيّة خالد ضاهر وفيصل المولوي، أو في حب التنوير الذي يرشد أتباع الوهابيّة).إن إدارة أوباما ستأخذ بعضاً من الوقت قبل أن ينتهج أوباما أسلوباً خاصاً به. في الفترة الأولى من ولايته ستكون الأولويّة في الحفاظ على نوع من الاستقرار في المصالح الأميركيّة الامبراطوريّة من دون إحداث خلل إضافي في الوضع الاقتصادي العالمي. وستشهد الفترة الأولى الصراعات التي لا مفرّ منها بين مراكز القوى التقليديّة في صنع السياسة الخارجيّة: بين مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجيّة ووزارة الدفاع. ويمكن أن نزيد عليها مستشار أوباما القانوني، غريغ كريغ، لشدة اهتمامه بالسياسة الخارجية (وعمل في الثمانينيات مستشاراً في شؤون الدفاع والسياسة الخارجيّة للسناتور تيد كنيدي) ولقربه من أوباما بحكم لعبه دور المناظر الخصم أثناء تحضير أوباما للمناظرات مع جون ماكين أثناء الحملة الانتخابيّة. لكن أوباما سيكون المُقرِّر الأول والأخير، ولن يتخلّى عن صلاحيّة التقرير العظمى كما فعل بوش لمصلحة تشيني وفريق المحافظين الجدد.قد يصبح فريق 14 آذار أكثر من يعلن الحداد على اندثار المحافظين الجدد. كان صعودهم فرصة لهم: ظنّوا وتمنّوا وحرّضوا (كما اعترف وليد جنبلاط) من أجل شن حروب أميركيّة تحريريّة إضافيّة. الصفحة الثانيّة من نشرة المستقبل السلفي كانت تنشر أخباراً دوريّة عن حرب أميركيّة على إيران، فيما الصفحة الأولى من النشرة عينها تحمل توقّعات الداعي الديموقراطي، عبد الحليم خدّام، بسقوط النظام السوري في غضون أسابيع. لكن جون بولتون حصل على درع الأرز، ويمكن أن يضمّها إلى ما كسب في سنوات خدمته من ميداليّات صهيونيّة ويمينيّة. وساسة لبنان يتكيّفون بسرعة مع التغيّرات، إذ إن النفاق السياسي السائد يسمح بتوزيع طريف للأدوار: ففيما كان وليد جنبلاط يجول أميركيّاً شاكراً بوش وتشيني وأبرامز لـ«دفاعهم عن لبنان»، كان وزيره غازي العريضي يصدر كتاباً عن إرهاب جورج بوش. وسعد الحريري وجّه رسالة إلى أوباما وضعه فيها «أمام مسؤوليّاته التاريخيّة»، كما ذكرت نشرة آل الحريري. ألا يكفي هذا؟* أستاذ العلوم السياسيّةفي جامعة كاليفورنيا(موقعه على الإنترنت:angryarab.blogspot.com

ليس انتقاصاً من حزب الله.. بل إنصافاً لحماس

أوّاب إبراهيم - الجزيرة توك - بيروت
وضعت حرب غزة أوزارها، وتحوّل انشغال العالم من وقف العدوان إلى لملمة الجراح التي تسبّب بها، وإعادة إعمار ما دمره، والبناء على النتائج التي أفضت إليها هذه الحرب، دون مراجعة الأسباب التي أدّت إلى هذه النتائج، وإهمال ملاحم البطولة التي سطّرها مجاهدون ارتقى الكثير منهم إلى بارئهم. ثلاثة أسابيع من المجازر والغارات والقنابل الفوسفورية والشهداء والدمار والجرحى، والعمل الاستخباراتي الدؤوب تَشَارك به الأعداء ومن يُفترض أن يكونوا أصدقاء، لكن فصائل المقاومة رغم ذلك نجحت في الصمود ومواصلة المواجهة..منذ اليوم الأول كان العالم يقارن بين العدوان على قطاع غزة وبين العدوان على لبنان في تموز عام 2006. ومنذ اليوم الأول كان معيار نجاح أو إخفاق المقاومة الفلسطينية في صدّ العدوان يتمّ بناء على ما حقّقته المقاومة في جنوب لبنان، دون الانتباه للاختلافات الجوهرية بين المواجهتين والظروف المحيطة الجغرافية والعسكرية والأمنية والسياسية والدولية بينهما. وهذا لا يعني الانتقاص من البطولة التي سطّرها مقاومو حزب الله جنوب لبنان، لكنه يدعو لتقدير الإنجاز الذي حققته حماس بمعزل عن أي مقارنة ظالمة. فحزب الله اكتسب قبل عدوان تموز باعاً طويلاً في مواجهة الاحتلال بدءاً من الثمانينيات والمواجهات المباشرة بينهما في الشريط الحدودي آنذاك، مروراً بعدوانيْ 1993 و 1996، مُني الحزب خلالها الكثير من الخسائر والتضحيات، لكنه من جانب آخر اكتسب الكثير من الخبرة، وطوال هذه السنوات كان حزب الله يختبر عدوّه أكثر، ويحضّر للمعركة القادمة بشكل أكبر. أما حماس، فالعدوان على غزة كان المواجهة المباشرة الأولى بينهما. طوّر حزب الله ترسانته الصاروخية والعسكرية طوال أكثر من عشرين عاماً بمساندة ورعاية وحماية سورية إيرانية، وكان الحزب خلالها يقوم بتوزيع منصات صواريخه في المناطق الجنوبية وتمويهها كما يشاء، بعد أن يحفر لها الأنفاق باستخدام آلات وأجهزة متطوّرة. في حين أن الصواريخ التي تمكنت حماس من إدخالها إلى غزة أو التي صنّعتها هي حصيلة عام ونصف فقط منذ سيطرتها على القطاع في حزيران 2006، بينما المرحلة السابقة كانت السلطة الفلسطينية تمنع إدخال السلاح وتعتقل المقاومين. منذ نشأة حزب الله والعالم يدرك أنه يرسل شبابه إلى إيران للتجهيز العسكري والتدرّب على استخدام الأسلحة التي تمدّ بها إيران الحزب، كما أن المدربين الإيرانيين كانوا يأتون باستمرار إلى لبنان للإشراف على الدورات العسكرية التي يجريها الحزب لمقاوميه. هذا الأمر كانت حماس تفتقده بالكامل، فلم يكن متاحاً لمقاوميها إجراء تدريبات واسعة، ولا تجربة الأسلحة التي تمكنوا من إدخالها أو تصنيعها، ولعلّ العدوان على غزة شكل فرصة لاختبار الأسلحة التي بين أيديهم واستخدامها عملياً على الأرض للمرة الأولى. واجه حزب الله العدوان على لبنان في منطقة مكشوفة وفارغة من سكانها بعد نزوحهم إلى بيروت وبقية المناطق. فخاض المعركة مع الاحتلال دون ضغوط شعبية. في حين أن حماس واجهت العدوان من الأحياء السكنية والأزقّة، ولم يكن بالإمكان تأمين بدائل لأهل غزة. فكانت مشاهد الشهداء والجرحى المدنيين الذين سقطوا جراء العدوان أكثر ضغطاً على حركة حماس من الاستهداف المباشر لها ولقادتها ومؤسساتها. وقد استغلّ الاحتلال نقطة الضعف هذه. حظيَ حزب الله بغطاء شعبي ورسمي في مقاومته الاحتلال. فالحكومة اللبنانية بعيداً عمّا اتُهمت به من معارضة ما قام به حزب الله، إلا أنها كانت مساندة له في المعركة السياسية والدبلوماسية التي أفضت لصدور القرار 1701 ووقف العدوان، وقد وصف رئيس مجلس النواب نبيه بري الحكومة آنذاك بأنها حكومة المقاومة، إضافة لمساندة سوريا التي تحيط بلبنان. في المقابل فإن شركاء حماس في الوطن شاركوا الاحتلال بمحاولة ذبحها، فلم تخجل رموز السلطة الفلسطينية من إبداء الشماتة بما يجري، وتبرير العدوان وقتل الأبرياء، وصولاً بامتناع رئيس السلطة الفلسطينية عن تقديم شكوى أمام المحاكم الدولية تتهم "إسرائيل" بارتكاب جرائم حرب. أما جيران حماس، فالمساندة التي يفترض أن تقدمها لأهالي القطاع خصصتها لدعم الاحتلال والمساهمة بخنق الفلسطينيين ومنع وصول المساعدات إليهم. هي محاولة لإعطاء حماس ومقاوميها الإشادة التي يستحقون، دون الانتقاص من إنجاز حزب الله. ومن الإنصاف الإقرار بمساهمة الحزب وقيادته بشكل مباشر في تحقيق صمود حماس في مواجهة العدوان على غزة بطرق الطرفان أدرى بها، ومن أجل هذه الغاية كان الشهيد "الحاج رضوان" عماد مغنية ضيفاً دائماً على رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في دمشق.

عن المنظمة و«مفاجأة» مشعل ... بقلم : عريب الرنتاوي


من هم الذين أعضبتهم "مفاجأة" رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل ودعوته تشكيل مرجعية بديلة للشعب الفلسطيني داخل الوطن المحتل وخارجه ؟.
إنهم صنفان من الناس: الأول، مخلص لقضية فلسطين ووحدانية تمثيل الشعب الفلسطيني ومشروعيته في إطار "وطنه المعنوي" منظمة التحرير، وأحسب أن هذا الصنف يضم شريحة عريضة وواسعة من المواطنين الفلسطينيين...أما الصنف الثاني، ولا يمثل سوى حفنة من الناس لا تتعدى أصابع اليدين والقدمين، هم أنفسهم الذين أفرغوا منظمة التحرير من مضمونها ودمروا دوائرها ومنظماتها واتحاداتها الشعبية، وعطلوا مجلسيها الوطني والمركزي، وأبقوا على لجنة تنفيذية هي بمثابة بطة عرجاء، تكاد تفقد نصابها بالوفاة، فيما الدهر أكل وشرب على من تبقى من أعضائها.
لا شكوك من أي نوع في مخاوف الحريصين على وحدانية التمثيل والشرعية الفلسطينية، لكن الشكوك بل قل الاتهامات، تغلف مواقف الصنف الثاني الذي اختطف المنظمة وحوّلها إلى ورقة يجري استدعاءها أو بالأحرى استخراج أختامها العتيقة والبالية من الأدراج، لاستخدامها في المناكفات الفلسطينية الداخلية، وفي هذه المناكفات فقط.
أكثر الناس جأرا بالتحذير والتهويل والتخويف من دعوات خالد مشعل، هم أكثر الناس الذين عاثوا إفسادا وتدميرا في أوساط منظمة التحرير، هم الذين شجعوا على رفع "السلطة" إلى مرتبة المرجعية وعلى حساب المنظمة واقعيا، هم الذين أتبعوا مكاتب المنظمة وسفاراتها وكادرها للسلطة وحكومة تصريف الأعمال (غير الشرعية)، هم الذين صفقوا لـ "الأبنة وهي تلتهم أمها".
والحقيقة فإن أخطر ما في دعوة خالد مشعل أن "الإطار الجديد" لن يكتسب شرعيته التمثيلية واعتراف العالم به، وسيبقى إطارا ائتلافيا (واسعا أو ضيقا ليس هذا هو المهم)، لن يجد من سينظر إليه عربيا وإقليميا ودوليا كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، حتى من قبل دول محتسبة على ما يسمى "محور الممانعة والمقاومة"، ولو أن الفرصة متاحة لانتزاع هذه الشرعية أو استردادها، لكنا من أوائل من أيد الدعوة، وبارك استعادة المنظمة من أيدي "غير الأمناء على سرها"، و"سر" المنظمة كما هو معلوم، يكمن في التفاف الجماهير الفلسطينية من حولها، لا انفصالها عنهم وتحولها إلى "مزرعة" لهؤلاء الذين لم يعد بمقدرو أي منهم الاقتراب من مخيم أو تجمع شعبي فلسطيني دون أن يكون مدججا بالحراس والمرافقين حليقي الرؤوس المدربين في مدارس دايتون ومعاهده الأمنية.
لذلك ندعو خالد مشعل وقيادة حماس أساسا، للتريث والتفكير مليا فيما هم ذاهبون إليه، فالمنظمة ليست تركة شخصية لهؤلاء الذين استولوا عليها ويرفضون فتحها للتغير والرياح الجديدة وإعادة الهيكلة والبناء، هي ملك الشعب الفلسطيني وثمرة جهوده وتضحياته ونتاج عرق ودماء ودموع أبنائه، يجب العمل بكل السبل المتاحة على تخليصها من أسر "حفنة" الشخصيات التي تتحكم بقرارها، من دون مشاركة من الشعب بمختلف فعالياته وتياراته، ويكفي أن ممثلي فصائل تاريخية في المنظمة عجزوا طوال عام تقريبا في وضع بند على جدول أعمال اللجنة التنفيذية لم يرق لأمانة سرها و"مزاج" القائمين عليها...يكفي أن "الاقتتال" الداخلي بين أعضائها دفع بأحدهم إلى حد إطلاق التهديدات الماسة بشخص وأمن زميل له في اللجنة التنفيذية، ولا ندري بمن يستقوي هؤلاء، بالأمن الفلسطيني أم بمرجعية التنسيق الأمني في بيت إيل.
ندعو خالد مشعل وقادة حماس، إلى التمييز بين توجههم لإنشاء أطر تحالفية وائتلافية واسعة وعريضة من جهة، وبين التورط في خلق منظمات بديلة وموازية من جهة ثانية، نحن نعرف وهم يعرفون بأن فرص انتزاعها لشرعية التمثيل ووحدانيته، تبدو مستحيلة، أقله في المدى المنظور.
ندعو لحشد القوى ورص الصفوف لاستعادة منظمة التحرير، وتحريرها من قبضة خاطفيها، وبالتعاون والتنسيق مع القطاعات الأوسع من قادة فتح وكوادرها، هؤلاء الذين لم تعد لهم صلة بالمنظمة والحكومة على حد سواء، وهم يواجهون اليوم، أو بالأحرى منذ رحيل قيادتهم التاريخية، أزمة قيادة بكل ما للكلمة من معنى، وأهم تجلياتها، محاولات تلزيم حركتهم التاريخية الرائدة، لقيادات من خارجها، جرى تكييفها على مقاس وثيقة جنيف والتنسيق الأمني وعالم المصارف والبنوك.

تفاصل اجتماع الوطني الفلسطيني بعمان : القدومي وقبعة وأبو ميزر وليلى خالد يتصدون لمن خونوا «حماس»

شاكر الجوهري
رئيس تحرير صحيفة المستقبل العربي

عزام الأحمد نفى وجود مقاومة في غزة وأبو عياش اتهم «حماس» بالتآمر مع إسرائيل..!
ليلى خالد : أحمد سعدات انحكم 30 سنة حبس وأبو مازن لم يحاكم من سلمه بعكس اتفاقنا معه
أبو ميزر : «فتح» هي التي أفقدت المنظمة فاعليتها وهي غير مؤهلة لتفعيلها..لم أعتقد أننا مدعوون للردح
.
رفض بيان أصدره سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني بإسم أعضاء المجلس المقيمون في الأردن ، واستنكر ما اسماه «الإنقلاب على منظمة التحرير الفلسطينية». وقال إن أعضاء المجلس «أكدوا أن هذه المؤامرة مخطط ومبيت لها منذ زمن عندما عقدت عدة اجتماعات لما يسمى بالمؤتمر الوطني الفلسطيني في حينه ، واعتبرها (الأعضاء) محاولات لإيجاد بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية».
وحين طلبت إحدى عضوات المجلس من الزعنون إطلاع الأعضاء على مشروع البيان الذي سيصدر عن اجتماعهم ، وكان قد تم إعلانه عبر الفضائيات قبل بدء النقاشات ، أجاب الزعنون إنه تولى صياغة البيان بالإتفاق مع تيسير قبعة نائب رئيس المجلس الوطني ، وفاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير ، الذي كان غادر المكان.
وقد نفى ذلك لـ «الحقائق» كلاً من قبعة والقدومي ، وقالا إنه لا علم لهما بصياغة البيان.
النقاشات التي دارت بين أعضاء المجلس كشفت تباينات كبيرة في وجهات النظر ، فهنالك ممثل لحركة «فتح» تصدى لإبراهيم أبو عياش الذي خوّن خالد مشعل وحركة «حماس» ، قائلاً إذا كان الذين يقاتلون الإسرائيليين خونة ، فماذا تكون أنت..؟ هل تقضي أنت طوال وقتك على جبهة القتال. وحدث تلاسن بينهما.
كما تباينت المواقف حول مسؤولية قيادة منظمة التحرير مما آلت إليه أمور المنظمة من تردي وفساد.
ونفى عزام الأحمد رئيس كتلة حركة «فتح» في المجلس التشريعي الفلسطيني أن تكون حركة «حماس» قاتلت أو قاومت العدوان الإسرائيلي الأخير ، أو أن تكون قد انتصرت. وقال إن حركة «حماس» لم تقاوم.
البيان الذي أعلنه الزعنون طالب مشعل بـ «التراجع عما أعلنه وأن تقوم حماس بالتوجه إلى القاهرة من أجل إنهاء الإنقسام وتحقيق الوحدة الوطنية». وحيا «حركة الجهاد الإسلامي التي أعلنت رفضها المساس بمنظمة التحرير الفلسطينية». ودعا الآخرين لأن يحذوا حذوها. كما طالب «قادة فصائل منظمة التحرير مجتمعين ومنفردين» ، و«جميع أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني في كل مكان للتصدي لهذه المؤامرة والعمل على توجيه خطاب موحد للجماهير لكشفها وشرح ابعادها التي تهدف إلى القضاء على مشروعنا الوطني الفلسطيني».
وأعرب الزعنون عن الأمل في أن «تبوء المحاولة الجديدة» لتشكيل مرجعية بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية بالفشل.
وختم مؤكداً «إننا سنواصل العمل الجاد على مواصلة الحوار الصادق ونستمر بالدعوة إلى الوحدة لإنهاء الإنقسام في ساحتنا الفلسطينية ، وفي نفس الوقت ندعو القوى الإقليمية ، التي أصبحت معروفة لدى شعبنا ، إلى عدم التدخل في شؤوننا الداخلية وقرارنا الوطني المستقل».
افتتاح الزعنون
الزعنون كان افتتح الإجتماع غير الرسمي بتحية فاروق القدومي ، الذي كان وصل العاصمة الأردنية في الليلة السابقة قادماً من دمشق. وشكك من طرف خفي في أن تكون حركة «حماس» حققت انتصاراً في غزة ، قائلاً «أوقفت إسرائيل النار من جانب واحد ، ولا زالت المعركة قائمة ، لأنهم اعادوا انتشارهم ، وهم يعتدون ويقتلون كل يوم في قطاع غزة».
واضاف «يؤسفنا ونحن في هذه الظلال التي تخيم على شعبنا بالكآبة والدمار ، والأمهات الثكلى بالعودة الإسرائيلية المتوقعة لضربنا جميعاً ، ولا تنتقي أحداً»..«وقبل أن ينقشع غبار المعركة ، ظن البعض أننا انتصرنا في الجهاد الأصغر ، ويجب أن نعود وقد انتصرنا على إسرائيل ، وأننا عدنا للجهاد الأكبر بالإنتصار على الشعب الفلسطيني عبر منظمة التحرير الفلسطينية الوطن المعنوي للشعب الفلسطيني».
واستعرض الزعنون ما أسماه محاولات فاشلة سابقة لتشكيل مرجعية بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
لكن الزعنون أشار كذلك إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية تحولت بعد اتفاق اوسلو إلى «وسيلة وأداة للسلطة ، فقزمت المنظمة». وأضاف أن التوجه لإعادة تقوية المنظمة تم بعد اكتشاف النوايا الإسرائيلية ، حيث «اصبحنا نريد العودة للمنظمة وتقويتها».
وأضاف ملمحاً إلى مشعل «من يهدم بيتاً لا يجوز الإستعانة به لبناء بيت جديد».
وتعرض الزعنون إلى إعلان القاهرة لسنة 2005 ، الذي تم التوافق فيه على إعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية ، قائلاً «مؤسف أنه سنة 2005 وضعنا نصاً غير دقيق ، وحمال أوجه..اعتبرنا نحن أننا نريد أن نعيد تفعيل منظمة التحرير ودخول حركتي الجهاد الإسلامي و«حماس» أو أي منظمة جديدة ، لكن «حماس» مقابل التهدئة لمدة سنة ، أطلقت تفسيراً مفاده أن الإتفاق يعني تفكيك وتفعيل المنظمة». ووصف هذا الفهم بأنه «فلسفة خطيرة بدأت من تلك اللحظة».
واستعرض الزعنون كيف انشق خالد مشعل عن الإتحاد الوطني لطلبة فلسطين في الكويت ، مشكلاً «رابطة الطلاب الإسلامية» ، وتساءل «هل يريد تكرار الأمر الآن..؟».
وقال الزعنون ، مشيراً لمشعل «لا يمكن أن يقف شاب في الدوحة ليقول أريد إنشاء منظمة بديلة». وأكد «ستفشل هذه المحاولة كما فشلت المحاولات السابقة».
كلمة تيسير قبعة
المتحدث الثاني كان تيسير قبعة نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني (جبهة شعبية) قال لا يوجد وطني فلسطيني يوافق على إيجاد قيادة بديلة لمنظمة التحرير وبقاء حالة الإنشقاق في الساحة الفلسطينية. واعتبر أن «انقلاب غزة أضعف مجمل القضية الفلسطينية ، ونصر لإسرائيل». وأضاف «جاهل من يفكر بإيجاد قيادة بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية. لا يستطيع أي فصيل أن يصمد في وجه المخطط الإسرائيلي الذي يستهدف قضيتنا الفلسطينية».
وأشار إلى أنه جرت عدة محاولات لإيجاد بدائل للمنظمة باءت كلها بالفشل..لافتاً إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية تحظى باعتراف الشعب الفلسطيني ، والإعتراف الرسمي العربي والدولي. وأبدى أن فقط دولة أو دولتين يمكن أن تعترفا بمنظمة بديلة لمنظمة التحرير. وأكد «أي خطوة لتشكيل قيادة بديلة لن يكتب لها النجاح ، ولن يعترف بها».
لكن قبعة عاود القول «إن الطبيعة تكره الفراغ. ولذا ، يجب أن يتم تفعيل وتطوير المنظمة ودوائرها». وقال «في هذه الحالة لا أحد يمكنه أن يقترب من المنظمة». وتساءل «لم لا نفعل كل لجان المجلس الوطني ، والصندوق القومي..؟». وقال «قبل عقد المجلس الوطني يجب أن تسود عقلية الشراكة من أجل تعميق الوحدة الوطنية». وأكد ثانية «واثق أن مشعل لن ينجح في إيجاد قيادة بديلة ، أو أي جهة أخرى». وقال «منظمة التحرير هي الوطن الفلسطيني إن لم ننجح في تحرير الوطن».
كلمة فاروق القدومي
الكلمة الثالثة كانت لفاروق القدومي أمين سر اللجنة المركزية لحركة «فتح» ، رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الذي تحدث بلغة مختلفة قائلاً مبدياً أنه ليس فقط «الإخوة هم الذين يريدون إزالة المنظمة ، ولكن كذلك القوى التي تقدم الأموال والمساعدات».
وأشار القدومي إلى أن 13 دولة أوروبية رفضت استنكار ما قامت به إسرائيل من عدوان على قطاع غزة. وقال إن المقاومة الفلسطينية في غزة ألحقت هزيمة بالإستراتيجية الإسرائيلية التي كانت تعتمد الحرب الإستباقية ، والحرب الخاطفة ، والقتال على أرض العدو. وقال كل هذا لم ينجح في غزة.
وقال إن صواريخ المقاومة الفلسطينية ضربت أرض العدو. وأشار إلى أن من يحتل أرضاً لا ينسحب منها ، كما انسحبت إسرائيل من أرض غزة.
ولفت إلى أنها المرة الأولى التي لم يكن فيها دعم عربي للمقاومة الفلسطينية. لكنه أشار إلى أن تركيا انحازت في هذه الحرب معنا. وقال «الدم الإسلامي جرى في تركيا ، رغم عضويتها في حلف الناتو».
وأضاف القدومي «انتصرنا بصمود غزة ، التي صمدت وهي محاصرة بشعبها الذي يعد مليوناً ونصف المليون نسمة». ولفت إلى أن معركة غزة كانت أقسى من حرب سنة 2006 على لبنان ، لأن إمكانات المقاومة في غزة قليلة مقارنة بإمكانات حزب الله». ومع ذلك ، قال القدومي «قطعنا مسافة..لا هزائم بعد اليوم».
وتابع القدومي «أقول بعد تجربة خمسين عاماً في العمل الوطني يجب أن نسير للأمام وأن لا ننظر للمهاترات بيننا».
وأضاف «توجد قضية هامة..شاب بيني وبينه ثلاثين عاماً بطلع بحكي كلمتين..كل هذا الكلام لا تخافوا منه. الشعب الفلسطيني مسيس لا يمكن أن يقبل».
لكن القدومي لفت إلى أنه لم يسمع من مشعل قوله أنه يريد أن يشكل بديلاً لمنظمة التحرير..«شخص آخر قال هذا الكلام».
وعاود القدومي الحديث عن انتصار غزة قائلاً «بوش انصرع..الله لا يرده. حتى الأوضاع في الدول المجاورة». وأشار من طرف خفي إلى الذين ينكرون الإنتصار في غزة قائلاً «لا بد من أن تمر بعض الحالات الشاذة في الساحة الفلسطينية».
وتابع «مرة أخرى نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية..لا نمدح ولا نهاجم..مشاكل الدول العربية كثيرة..خلينا على الحياد لنكسب الجميع».
وأشار إلى أنه في السابق «قبل هذه المقاومة الباسلة دخلنا كثيراً في قضايا العرب. سنة 1974 اعترف بنا ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني. قلنا من يريد أن يدعمنا أهلاً وسهلاً ، ومن لا يريد أن يدعمنا لا نقول له أف لكما».
وأكد القدومي «الشعب العربي يجب أن يكون معنا في كل المراحل السياسية. لا بد من تفعيل منظمة التحرير ، وأن تكون المنظمة بكل مؤسساتها في الخارج. المسار طويل..إذا كنا نريد إزالة إسرائيل لن تزول مرة واحدة عبر هجوم عربي واحد. نحن الذين نستطيع أن نضرب كل مفاصل إسرائيل بواسطة حرب نفسية تقلل الهجرة اليهودية لإسرائيل ، وتزيد الهجرة العكسية».
كلمة عزام الأحمد
الكلمة الرابعة كانت لعزام الأحمد رئيس كتلة حركة «فتح» في المجلس التشريعي الذي ألقى كلمة معاكسة تماماً في اتجاهاتها لكلمة القدومي. قال الأحمد «مشكلتنا أننا نستحي ونضيع المسألة الرئيسة»..«أنا أريد أن أقول أن مشعل أخطأ ، وأن الإخوان المسلمين حركة انشقاقية». وأضاف هم ظلوا يرفضون دخول منظمة التحرير منذ تأسيسها. وحين تأسست حركة «حماس» بعد شهرين من الإنتفاضة ، ظل الرئيس الراحل ياسر عرفات يحاول ضمهم لمنظمة التحرير وهم يرفضون. ووسط تنظيمات الإخوان المسلمين في الكويت والسودان واليمن ، «أسس لهم قواعد الشيوخ التي استمرت لمدة شهرين ، لكنهم لم يصمدوا لأنهم شعروا أنهم سيصبحوا فلسطينيين..عبد الله عزام أخذ جماعته وفل».
وأشار إلى عمل حركة «حماس» على تمييز نفسها خلال الإنتفاضة الأولى من خلال برامج وفعاليات مختلفة عن فعاليات القيادة الموحدة للإنتفاضة.
ووصل الأحمد إلى اعتبار أن حركة «حماس» ساعدت على تنفيذ مخطط شارون الساعي إلى فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية.
واتهم «حماس» بعدم الإصغاء إلى نصائح محمود عبّاس من خلال وسطاء من بينهم زياد أبو عمرو ، الذي كلف الإتصال مع «حماس» والقول لهم عبر هاتف الرئاسة في رام الله «لا تغلطوا..لا تدمروا غزة» ، والتأكيد على ضرورة تفويت الفرصة على إسرائيل التي تخطط لتدمير غزة ، وقال إن تدمير غزة تتمة لتدمير الضفة الغربية سنة 2002 ، مشيراً إلى أنه حتى الآن لم يتم إعادة إعمار ثلثي ما دمر في الضفة. ورأى الأحمد أن هدف إسرائيل من تدمير الضفة ثم غزة هو هدم البنية التحتية للدولة الفلسطينية ، بهدف تعطيل قيامها.
ونفى الأحمد وجود مقاومة في غزة. وقال إن المقاومة ليست ضرب صواريخ «من بعيد لبعيد». وأكد «المقاومة غير موجودة في غزة».
وطالب الأحمد بعدم خلط الأوراق عند الحملة على مشعل.
وشن الأحمد هجوماً عنيفاً على دولة قطر لدعوتها إلى عقد قمة عربية لمناقشة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة..وعاد للقول في الجملة التالية مباشرة ، أنه في اليوم الأول للعدوان على غزة ، أتخذ قرار الإتصال مع حركة «حماس» ، وكلف بسام الصالحي الأمين العام لحزب الشعب (الشيوعي) ، من قبل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الإتصال بهم. وقال إنه شخصياً اتصل مع أسامة حمدان ممثل «حماس» في لبنان بواسطة إذاعة لندن. كما أنه اتصل بموافقة الرئيس أبو مازن مع الدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» لمدة 45 دقيقة يطلب الحوار مع «حماس» فرد عليه قائلاً سندرس الموضوع ونرد عليك ، ولم يرد حتى الآن.
ونفى الأحمد حدوث مقاومة للعدوان الإسرائيلي على غزة. وقال ما حدث كان مجرد مقاومة محدودة للقوات الإسرائيلية التي دخلت غزة. وعاد وقال إن حركة «فتح» قدمت شهداء في الدفاع عن غزة أكثر من «حماس».. قائلاً إن عدد شهداء «حماس» هو الأقل من بين شهداء جميع الفصائل..معدداً «فتح» 82 شهيداً ، الجبهة الشعبية 16 شهيداً ، وكذلك الجبهة الديمقراطية..«أقل شيء حماس والجهاد الإسلامي».
وعاد الأحمد ليقول لا مفر من الحوار.
ورد الأحمد بشكل موارب على ما قاله القدومي من أن مشعل لم يقل مرجعية بديلة ، وإنما فقط جديدة ، وهو ما ذهب إليه القدومي. وقال «ما سمعته أنا أن مشعل قال مرجعية جديدة وبديلة».
ودعا الأحمد إلى «عقد مجلس وطني فلسطيني بتشكيلته الحالية بهدف تفعيل دوائر منظمة التحرير ، وتجديد اللجنة التنفيذية للمنظمة ، ورئاسة المجلس الوطني الفلسطيني». وقال «لا يجوز أن نظل ننتظر حتى يتكرم علينا خالد مشعل وحركة الجهاد الإسلامي بالموافقة على عقد مجلس وطني يشارك به الجميع». وأضاف «حين يوافق مشعل والجهاد نعقد مجلساً وطنياً جديداً».
كلمة ليلى خالد
بداية الرد على هذا المنطق بدأ مع كلمة ليلى خالد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية ، التي قالت إن الأحمد يتحدث وكأننا لسنا أعضاء في المجلس الوطني ولا نتابع الأحداث.
الزعنون بادر فوراً إلى مقاطعتها قائلاً هل سنرد على بعضنا البعض بوجود الصحافة..؟
خالد واصلت «توجد حقائق لا يمكن لأحد أن يدحضها..منظمة التحرير هي الكيان الذي تعمد بدماء شعبنا..لذلك ، لا يسمح لأحد أن يتجرأ على هذه المنظمة»..معتبرة إياها «المنجز الوطني الوحيد للكفاح المسلح ، والهوية الوطنية للفلسطينيين». لكن خالد لفتت إلى وجود فرق بين المنظمة ككيان وبين القيادة التي تقود المنظمة. وقالت «إن الإنقسام في الساحة الفلسطينية لم يبدأ مع سيطرة «حماس» على قطاع غزة سنة 2006 ، وإنما منذ توقيع اتفاق اوسلو سنة 1993 ، وأصبح انقساماً عمودياً وأفقياً».
وأشارت خالد إلى أنه في كل اجتماع يطرح سؤال ما العمل ، وتوضع خطط وتطرح آراء «وكل ما توضع خطة نتراجع عنها». وأضافت «يوجد جدل حول عبّاس وحول فيّاض ، لكنه لا يوجد جدل حول مؤسسات منظمة التحرير بهيئاتها التشريعية». وطالبت بتفعيل دوائر المنظمة ولجان المجلس الوطني الفلسطيني والإتحادات الشعبية الفلسطينية.
وتساءلت خالد «من حبس أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية في أريحا..؟». وكشفت «اتفقنا مع أبو مازن على تحريك محاكمات للمسؤولين عن ذلك. وهيه انطق 30 سنة حبس دون أن يحاكم الذين حبسوه»..!
وأضافت «هل نتذكر شي وننسى شي تاني»..؟!
وتابعت «ومع ذلك..نحن منظمة التحرير ، وسنظل نناضل حتى نغير القيادة الحالية التي تحصر خياراتها بالمفاوضات». وأعادت إلى الأذهان كيف أن أبو عمار كان وقع على اتفاق اوسلو وحرك في ذات الوقت كتائب الأقصى. وقالت «هكذا تكون القيادة المحنكة..مبين القيادة الحالية مش محنكين».
عند هذا الحد غادر الزعنون مقر الإجتماع ليعلن البيان الذي صدر بإسم المجتمعين ، فيما كانت الكلمات تتوالى.
أبو الرائد الأعرج «فتح» : لفت إلى أن زكي بني ارشيد الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الأردني قال قبل مشعل إن «حماس» هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
غالب فريجات «فتح» : طالب القدومي بالرد على مشعل.
عمران الخطيب «الجبهة العربية الفلسطينية» : نحن ضد أي مساس بمنظمة التحرير الفلسطينية ، ونطالب بموقف متناغم مع حجم تضحيات شعبنا.
وقال أبو أكرم «الديمقراطية»: الدفاع عن المنظمة لا يكون بالشعارات ، وإنما بخطوات إصلاحية عملية. وطالب القدومي بأن يرد على مشعل من داخل دمشق. «يجب أن يصلني موقفه من داخل دمشق ، وليس من أي عاصمة أخرى..يجب رفض ثنائية التمثيل».
مداخلة محمد أبو ميزر
محمد أبو ميزر (عضو سابق في اللجنة المركزية لحركة فتح) ، بدأ حديثه معيداً إلى الأذهان أن حركة «فتح» سبق لها أن طرحت في وقت مبكر فهمها للوحدة الوطنية بأنه يعني «اللقاء على أرض المعركة».
ونفى أبو ميزر أن تكون الوحدة الوطنية الفلسطينية تحققت في يوم من الأيام داخل منظمة التحرير ، مذكراً بأنه كان عضواً دائماً في لجان دراسة الوحدة الوطنية الفلسطينية. ورد على السؤال الذي طرحه : هل استطعنا أن نحقق الوحدة الوطنية..؟ بالقول «حتى الآن لا زلنا نطالب بالوحدة الوطنية».
وقال الآن نطالب بتفعيل منظمة التحرير ، وهذا يعني أن المنظمة فاقدة لفعاليتها. وسأل من أفقد المنظمة فعاليتها..؟ وأجاب «قيادة منظمة التحرير وفتح بالتحديد».
وعاد أبو ميزر للتساؤل «هل القيادة التي أفقدت المنظمة فعاليتها قادرة على إعادة تفعيلها..؟ وأجاب «كلا»..!
وكشف أبو ميزر عن أنه سبق التوافق بين جميع الفصائل الفلسطينية ، بما في ذلك حركتي «حماس» والجهاد الإسلامي ، على مشروع لإعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير وذلك بعد عدة أشهر من اتفاق القاهرة ، لكن هذا المشروع حين بعث به لرام الله ، لم يعترف به ، وتم رفضه ، وأميتت الوحدة الوطنية.
الزعنون قاطع أبو ميزر قائلاً : لم تقل لنا كيف نواجه خالد مشعل..؟
أبو ميزر : هل هذا هو هدف هذا الإجتماع..؟ إن كان كذلك ، فأنا أقول إن الذي خلق مشعل و«حماس» هو فساد السلطة. لولا الفساد الذي ينخر جسد السلطة لما وجدت «حماس».
الزعنون : «حماس» لم تصدر بيانات حول فساد السلطة..تأبط شراً وأراد تشكيل البديل. على كل حال شكراً.. لكل وجهة نظر ، وأنا أعذر الأخ أبو ميزر.
أبو ميزر : لم أظن الأمر من أجل الردح.
إبراهيم أبو عياش : «أوافق على كل ما قاله الأخ عزام الأحمد. وأضيف الهجوم على غزة تم ضمن مؤامرة تقسيم الشعب الفلسطيني. «حماس» جزء من المؤامرة ، ومشعل هذا الصبي «ما بطلعله» يمس المنظمة. نحن نعرف كيف أنشئت حركة «حماس». رابين هو الذي أنشأها لتكون بمواجهة منظمة التحرير. «حماس» ليست معنية بغير إبقاء الإمارة الإسلامية الظلامية في غزة..يجب صدور بيان واضح في إدانته لخالد مشعل وأحمد جبريل».
تيسير قبعة «شعبية» : لا يجوز التخوين ، موجهاً كلامه لأبي عياش.. كيف سنحاورهم بعد شهر أو اثنين إذا خوناهم الآن..؟
هل هم خون..؟
أبو عياش : نعم هم خون.. متفقون مع إسرائيل على حل الثلاث دول.
قبعة : هذا تطرف لا يفيدنا. لا يجوز تخوين أي تصريح لا يعجبنا.
هنا سمع صوت مرتفع تبين أنه صوت عثمان مرار (أبو مجاهد) من «فتح»: طول عمرك في الجبهة يا أبو عياش..؟ العالم كله وقف معهم ، هل نقف نحن ضدهم..؟! هل انتهت إسرائيل وأصبحت «حماس» هي عدونا..؟.. لا يجوز تخوين إخواننا ، وكلام الأخ تيسير منطقي».
وتعالى صياح عدد من الأعضاء ضد أبو عياش.
عليان عليان «شعبية» : بدأتم تتحدثون بغرائزكم وليس بعقولكم. لم يتحدث أحد عن كيفية معالجة الأمر. هذا مجلس وطني لا أحد يستطيع أن يخون «حماس» أو أي فصيل. ما حدث في غزة نصر ومقاومة. لا يجوز التشكيك.
وتساءل هل حافظنا نحن على المنظمة وبرنامجها وميثاقها..لقد حولت المنظمة إلى تابع للسلطة ، وهذا سهل مهمة «حماس» وغيرها. الحل في العودة إلى إعلان القاهرة لسنة 2005.
منقول

الجمعة، 30 يناير 2009

اردوغان طالب اولم ت باطلاق سراح البرلمانيين الفلسطينيين... اولمرت قال ان عباس سيغضب من ذلك

قال اردوغان على هامش مؤتمر دافوس :
"نحن كبشر يجب علينا التفكير في هذه المواقف وأؤكد على عدم وجود أي توجه غير إنساني لموقفي في دعم الناس في غزة وأنا لست ضد السامية ولا ضد أي دين كان وأذكركم- اسرائيل - بأنكم تؤخرون المساعدات الإنسانية للهلال الأحمر التركي على المعابر".كما شدد على أن الديمقراطية تتطلب قبول إرادة الشعب الفلسطيني واحترام اختياره, مشيرا إلى اعتقال إسرائيل رئيس البرلمان والبرلمانيين والوزراء الفلسطينيين.وأضاف "طلبت من أولمرت إطلاق سراح البرلمانيين والوزراء, فرد قائلا "عباس يغضب لو فعلنا هذا", فقلت له إذن أطلق الأسرى العاديين فقال "إذا تركتهم تعرض محمود عباس لأزمة ثم وجدت بعد هذا اللقاء قتل الناس بدون هوادة في غزة".

كما أبدى استغرابه من المقارنة بين قوة إسرائيل والفلسطينيين قائلا "هل هناك أسلحة لدى الفلسطينيين مماثلة لما هو موجود لدى إسرائيل بما فيها أسلحة الدمار الشامل؟ بالطبع الجواب لا، حتى إنهم يضربون مراكز الأمم المتحدة والمدارس والجوامع بالصواريخ والقنابل".
عن الجزيرة نت عن تفاصيل حادثة دافوس

اردوغان طالب اولم ت با

عشية الانتخابات الاسرائيلية :قيادات اسرائيلية مهزوزة تخطط لتنفيذ عمليات اغتيال لاستعادة هيبتها وشعبيتها

على الرغم من استمرار الجهود المصرية والاوروبية والدفع الامريكي باتجاه استقرار وتثبيت وقف اطلاق النار والوصول الى تهدئة بين حركة حماس واسرائيل، وعلى الرغم من التقارير التي تتحدث عن تقدم باتجاه تحقيق التهدئة، بعد دخول اطراف اوروبية على خط اقناع الحركة بذلك، على الرغم من كل ذلك تستمر المناوشات العسكرية بين اسرائيل والفلسطينيين في غزة، وحسب مصادر في الجيش الاسرائيلي فان العديد من عمليات اطلاق النار سجلت في الايام الاخيرة وبالتحديد منذ عملية معبر كيسوفيم وغالبية هذه العمليات تتم باتجاه الدوريات الاسرائيلية التي تقوم بالحراسة والمراقبة وتمشيط المناطق القريبة من الحدود مع القطاع لا يتم الكشف عنها، خاصة وان هذه العمليات لا تؤدي او تتسبب في خسائر بالارواح. كما ان المستوى السياسي والمستوى العسكري لا يرغبان في تصعيد الامور العسكرية والانزلاق مرة اخرى الى مواجهة عسكرية واسعة مع القطاع، وتحديدا في ظل التوقيت المعقد على حد وصف هذه المصادر عشية الانتخابات العامة في اسرائيل، والتحركات التي بدأتها الولايات المتحدة في المنطقة من اجل التحضير لاطلاق عملية السلام والرغبة في ضمان الهدوء في قطاع غزة، وهذا ما اكدته الولايات المتحدة على لسان مبعوثها الى الشرق الاوسط جورج ميتشل الذي زار المنطقة.
وذكرت مصادر سياسية اسرائيلية لـ (المنــار) أن هذه المناوشات العسكرية وفي هذا التوقيت بالذات عشية الانتخابات تشكل ضاغطا كبيرا على المستوى السياسي وتحديدا على وزير الدفاع ايهود باراك لدفعه الى الرد بعمليات عسكرية غير مسبوقة من حيث مكانة وحجم الاهداف التي ستطالها الردود الاسرائيلية على خروقات وقف اطلاق النار.
واضافت المصادر لـ (المنــار) أن استمرار الوضع العسكري والخروقات اصبح يؤثر سلبا على فرص حزب العمل وزعيمه باراك وفرص حزب كاديما بزعامة تسيفي ليفني في تحقيق تقدم في الانتخابات، وهذا يتضح من خلال استطلاعات الرأي السرية التي يجريها الحزبان العمل وكاديما، وكذلك استطلاعات الرأي العلنية التي تنشرها وسائل الاعلام، ويبدو ان استقرار التهدئة مرتبط ارتباطا وثيقا باستقرار حزب العمل في الاستطلاعات، حيث سجلت بعض هذه الاستطلاعات انخفاضا ملحوظا في نسبة المؤيدين لحزب العمل ، وعودة الاحزاب اليمينية الصغيرة الى حركة الصعود التي كانت سائدة عشية الحرب على قطاع غزة، فالعمليات والمناوشات الاخيرة والخروقات المستمرة لوقف النار باطلاق القذائف ولو على مستويات منخفضة جدا زعزعت الاستقرار من جديد، وهذا يؤدي الى زعزعة صورة باراك، وتؤكد المصادر لـ (المنــــار) أن وزير الدفاع سيضطر خلال الايام القليلة القادمة المتبقية حتى موعد الانتخابات الى اعادة التأكيد بأنه سيد الأمن في اسرائيل، لكن، هذا التأكيد لن يأتي على شكل عمليات واسعة، فالوضع السياسي الداخلي في اسرائيل لن يسمح بذلك، وانما على شكل عمليات محدودة ذات تأثير كبير كالاستهداف المحدد والمحدود (عمليات الاغتيال) واشارت المصادر الى أن باقي الشركاء في الائتلاف الحالي يدعمون هذا التوجه، اما بالنسبة لحركة حماس ، فتقول المصادر أن الحركة لم تعد مستعجلة او متعجلة للتوصل الى تهدئة ووقف مستقر لاطلاق النار، وهي ترغب في استغلال المرحلة الحساسة في الساحة الاسرائيلية لتوجيه بعض الضربات الموجعة ضد القيادة السياسية في اسرائيل التي بادرت واشتركت في الحرب على قطاع غزة، وترى حماس أن هذه الفترة ستجعلها قادرة على استعادة بعض النقاط التي فقدتها خلال العمليات العسكرية والدمار الكبير الذي لحق بالقطاع، كما ان هناك رغبة لدى حماس في تحقيق انجازات تساعد في رفع اسهمها عشية الانتخابات.
وفي السياق نفسه ذكرت مصادر دبلوماسية لـ (المنــار) أن الايام القليلة القادمة قد تشهد احداثا دراماتيكية تؤثر بشكل كبير على الاوضاع والتحركات والقرارات، ويذكر أن وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك قرر الغاء زيارته للولايات المتحدة بشكل مفاجىء، على الرغم من اهميتها، حيث كان يرغب في لقاء وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس من اجل اقناع الادارة الامريكية باعادة ملء مخازن السلاح في اسرائيل ، وتقديم المساعدات التكنولوجية والاستشارية من اجل محاربة الانفاق وتهريب السلاح، لكن، الاحداث الامنية الاخيرة واحتمال تدهور الأوضاع جعلت باراك يؤثر البقاء، كما ان كثيرا من المسؤولين العسكريين وضباط جهاز الاستخبارات الذي التقاهم باراك اكثر من مرة منذ انتهاء الحرب على غزة، اكدوا له بأن على اسرائيل ان تكون مستعدة لمواجهة اية مفاجآت واحتمالات من قطاع غزة.
منقول عن المنار

لماذا ترك عباس الاجتماع الأخير للجنة المركزية لـ "فتح" ولم يلحق به أحد لمراضاته؟

كشفت مصادر مطلعة أن اجتماع اللجنة المركزية لحركة "فتح" الذي عقد الاثنين الماضي شهد نقاشاً حاداً ما بين محمود عباس وعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" اللواء نصر يوسف حول صلاحيات اللجنة في قيادة السلطة الفلسطينية.
وأوضحت المصادر بأن يوسف وقريع يأخذان على عباس تهميش اللجنة المركزية قي قيادة السلطة لصالح حكومة سلام فياض، الأمر الذي اغضب عباس ودفعه لترك اجتماع المركزية دون أن يلحق به أحد لمراضاته.
وأشارت المصادر إلى أن إقدام عباس على تعيين ياسر عبد ربه مشرفا عاماً على الإعلام التابع للسلطة مؤخرا كان سببا آخر في احتدام الصراع داخل مركزية فتح التي تطالب بإحداث تغيير جوهري في إدارة السلطة للشأن الفلسطيني خصوصا بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وأوضحت المصادر بأن أعضاء في المركزية يطالبون عباس بإبعاد الشخصيات الفلسطينية التي تزيد من التوتر مع حركة "حماس" عن الساحة السياسية الفلسطينية.
منقول

"إسرائيل" في مهبّ عاصفة سياسية... بقلم :باتريك سيل

يتجّه الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع في 10 شباط (فبراير)، بحالة ذهنية جماعية مضطربة ومن دون أن يكونوا مستعدين بالشكل المناسب لاتخاذ الخيارات المهمة التي ستترتب على هذه الانتخابات. ويشكّل ذلك خبراً سيئاً بالنسبة إلى إسرائيل وجيرانها وإلى مستقبل عملية السلام.

سيسعى الناخبون الإسرائيليون للإجابة على الأسئلة الثلاثة التالية على الأقل: كيف ستنعكس نتائج حرب غزة السلبية على إسرائيل؟ وماذا تنوي إدارة باراك أوباما فعله على صعيد العلاقات الأميركية - الإسرائيلية؟ ومن هو المرشح، من بين السياسيين الثلاثة أو الأربعة المتنافسين على منصب رئاسة الوزراء، الذي سيكون أفضل من يؤتمن على مستقبل إسرائيل؟

على رغم أن معظم العالم نظر إلى الحرب في غزة على أنها عمل إجرامي ضد مدنيين عزّل، فقد نتجت عنها موجة مغالاة في القومية في إسرائيل، بعد أن اعتُبرت انتصاراً قومياً. كما فرح الإسرائيليون الذين لم يبالوا كالعادة بمعاناة الفلسطينيين، بقدرة جيشهم على ضرب مجتمع عربي. وأراد الكثيرون أن يُستكمل الهجوم الضاري إلى أن يتمّ القضاء على حركة "حماس" و "محو قطاع غزة عن الخريطة".

وأظهرت الحرب، إضافة إلى العجرفة والجنون اللذين يميزان علاقة إسرائيل بجيرانها، وجود كره عميق للعرب بين فئات المجتمع كافة بما في ذلك ما كان يعرف سابقاً باليسار السياسي والأدبي. وكانت ترجمة ذلك سياسياً بتحوّل الناخبين الإسرائيليين إلى اليمين.

ومن المرجح أن ينتج عن صناديق الاقتراع تطوّران.:
الأول هو أن يتقدم حزب "الليكود" برئاسة بنيامين نتنياهو الذي يعارض السلام وإقامة دولة فلسطينية، على حزب "كاديما" الوسطي برئاسة تسيبي ليفني، هذا الحزب الذي لا يملك نوايا سلمية.
أما التطور الثاني فهو أن يحظى حزب "إسرائيل بيتنا" برئاسة أفيغدور ليبيرمان، وهو حزب قومي متشدد وفاشي، بفرصة أن يحلّ مكان حزب العمل برئاسة إيهود باراك، ليصبح ثالث حزب على الساحة السياسية.

وعندما تخف حدة الحماسة القومية، من المرجح أن يواجه الإسرائيليون واقعا مؤلما وهو أن نتيجة الحرب ستكون عكس ما أراده كل من باراك وليفني وإيهود أولمرت، رئيس الوزراء المستقيل.

وسيعي الإسرائيليون حينها أن هذه الحرب ساهمت في تعزيز قوة حركة "حماس" وإعطائها الشرعية عوضا عن القضاء عليها. ومن غير المرجح أن تحول حالة الهياج الديبلوماسي في إسرائيل دون إجراء اتصال محتمل، بقيادة فرنسا، بين الاتحاد الأوروبي وحركة "حماس"، يليه حوار بين الولايات المتحدة والحركة، كما أوصى وزير الخارجية الاميركي الأسبق جيمس بيكر وشخصيات نافذة اخرى في اميركا.

وعوضا عن استمرار حصار إسرائيل لقطاع غزة، ستواجه ضغطاً كبيراً بهدف فتح المعابر. وعوضا عن إجبار حركة "حماس" المهزومة على إطلاق سراح الجندي غلعاد شاليت، لا شك أن إسرائيل ستوافق على مبادلته بألف سجين فلسطيني على الأقل في حال قررت أخيرا أن تدفع ثمن تحريره عوضا عن تركه يتعفن في السجن.

باختصار، عوضا عن وضع عملية السلام جانبا كما أمل المستوطنون الذين يستولون على الأراضي والقوميون المتشددون، عزّزت الحرب الجهود الدولية بغية التوصل إلى حلّ شامل للنزاع العربي - الإسرائيلي، فضلا عن انسحاب إسرائيل من سائر الأراضي التي استولت عليها في العام 1967.

والأمر الأكثر إيلاما بالنسبة إلى رجال الحرب الإسرائيليين هو التغيير الكبير الحاصل في سلوك البيت الأبيض. فينبغي على الإسرائيليين أن يتفاهموا مع رئيس أميركي يسعى لاستعادة العلاقات مع العالم العربي والإسلامي، هذه العلاقات التي تأذّت جراء حرب جورج بوش الابن على العراق ودعمه الأعمى للحربين التي شنتهما إسرائيل في لبنان وفي غزة و "حربه العالمية على الإرهاب" التي شنها من دون تمييز والتي يُنظر إليها على أنها حرب على الإسلام.

وكان أوباما قد أجرى هذا الأسبوع مقابلة مع قناة "العربية" أعلن فيها أنه "يتوجب عليّ أن أقول أن الولايات المتحدة ستعمل من أجل خير العالم الإسلامي وستتكلم معه بلغة الاحترام. فأنا عشتُ في أسرة تضم أفراداً مسلمين وترعرت في بلد مسلم. كما تكمن مهمتي إزاء العالم الإسلامي في القول له بأن الأميركيين ليسوا أعداءه". فلم يسبق لأي رئيس أميركي أن تكلم بلغة مماثلة.

وقال أوباما بالتحديد: "أظن أنه من الممكن أن نشهد ولادة دولة فلسطينية غير مقطعة، وتسمح لشعبها بالتنقل بحرية وبإقامة علاقات تجارية مع البلدان الأخرى وصفقات تجارية تساعد شعبها على أن يعيش حياة أفضل..." فلم يسبق لأي رئيس أميركي أن وجه أي انتقاد لسياسات إسرائيل الحالية وممارساتها.

وقد وصل مبعوث باراك أوباما إلى الشرق الأوسط السيناتور السابق جورج ميتشيل إلى المنطقة، داعيا إلى السلام والتسامح والتوصل إلى تسوية الأراضي. فقد حاول استباق نتائج الانتخابات التي ستجري في 10 شباط (فبراير). ويترتب على الزعماء الإسرائيليين الذين سيتم انتخابهم، أن يتجاوبوا مع مناخ سياسي حولهم بات متغيّراً جذرياً.

ان سياسات إسرائيل فوضوية ومتصدّعة في العمق. ويأتي ذلك نتيجة النظام الانتخابي الذي يقوم على التمثيل النسبي الواسع على مستوى الدولة وهو نظام موروث عن الجماعة اليهودية في فلسطين "ييشوف" التي كانت قائمة قبل قيام اسرائيل عندما كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وهي بمثابة تعبير عن رغبة عدد كبير من المجموعات في جعل صوتها مسموعاً. وينص النظام على أن يكون عدد المقاعد التي تتسلمها كل لائحة مناسبا لعدد الأصوات التي تفوز بها في الانتخابات. ويحق لكل لائحة تفوز بنسبة 2 في المئة على الأقل من الأصوات بالحصول على مقعد في الكنيست. وينتج عن ذلك عدد كبير من الأحزاب الصغيرة، يمثّل كل منها مجموعة تملك مصلحة خاصة وأحيانا آراء متطرفة.

وعلى خلاف الديموقراطيات الغربية مثل بريطانيا أو فرنسا أو الولايات المتحدة، لا يستطيع أي حزب إسرائيلي أن يحكم بمفرده. ويُشترط أن يُجري أي من الأحزاب الثلاثة أو الأربعة الأساسية سواء "الليكود" أو "كاديما" أو حزب العمل أو "اسرائيل بيتنا" ائتلافا مع الأحزاب الأخرى، ليتسلم زمام الحكم. ويجب أن يبحث الحزب عن شركاء ائتلاف بين خصومه و/ أو الأحزاب الأصغر أمثال حزب "شاس" وهو الحزب الديني القومي و "التوراة الموحدة" وحزب "ميريتس"، ناهيك عن الأحزاب العربية التي تعاني المشاكل والتي لم ينجح الضغط العنصري في منعها من المشاركة في الانتخابات.

من السهل رؤية كيف أن الائتلافات الضعيفة تستطيع أن تحدّ من حرية تصرف أي حكومة إسرائيلية لا سيما عندما يتعلق الموضوع بالتفاوض على السلام.

وينبغي على جورج ميتشيل أن يعالج هذا الوضع الحرج. فجلب إسرائيل إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى حلّ، سيتطلب قدراً كبيراً من الكفاءة والعزم والضغط لا سيما في حال ترأس بنيامين نتنياهو الحكومة الإسرائيلية المقبلة.

يستطيع المرء أن يقرّ بأن باراك أوباما، على خلاف كل الرؤساء الذين سبقوه، عازم منذ بداية عهده على ممارسة الضغوط للتوصل إلى سلام عربي - إسرائيلي. وهو يحظى بسلطة ذاتية منقطعة النظير وبدعم سياسي داخل الولايات المتحدة. وتعتمد إسرائيل من جهتها بشكل كبير على الدعم الأميركي، سواء على الصعيد المالي، أو العسكري والسياسي إلى حدّ أنها قد تخطئ في حال شكّلت حكومة إسرائيلية لمواجهته أو لعدم إرضائه. قد يكون ذلك أفضل مؤشر إيجابي وربما الوحيد على مستقبل منطقة مضطربة في العمق.

الجواسيس الكبار والجواسيس الصغار ... بقلم : عريب الرنتاوي

30-1


نشرت صحف إسرائيل الصادرة أمس، تقارير عن جواسيس سقطوا بالعشرات في قبضة حماس والمقاومة الفلسطينية في غزة خلال الأسابيع الثلاثة التي استغرقها العدوان الهمجي على القطاع، وأسهبت الصحف في نشر تفاصيل الخلاف بين المستويين الأمني (الاستخباري) والعسكري (العملياتي) في إسرائيل حول هذا المسألة، الأول يدفع باتجاه الحفاظ على "مصادر معلوماته" والثاني يعطي الأولوية لحياة جنوده في الميدان.
من نافل القول، أنه حين يحدث تعارض من هذا النوع، فإن الأولوية تعطى لحياة الجند على حساب حياة العملاء، فهؤلاء أرخص من أن يفكر بهم أحد، أو أن يعاقب أحد لتخليه عنهم أو تركهم لمصائرهم البائسة، أنهم أرخص من أن يصبحوا "مسألة" أو أن يتحولوا إلى فصل أو حتى صفحة في تقرير "فينوغراد - 2" أو أي تقرير على شاكلته.
هم باعوا أنفسهم وشعبهم وقضيتهم ومقاومتهم وأرواح أبناء جلدتهم، نظير دراهم معدودات، فلماذا يحسب لهم أي حساب ومن أي نوع...لا قيمة لهؤلاء بأنفسهم، قيمتهم بوظيفتهم وأدوارهم القذرة التي يؤدونها في إرشاد الطائرات إلى أهدافها والتأشير على مخابئ السلاح والمقاومين...لا قيمة لهؤلاء ولا لحيواتهم وأرواحهم إلا بالقدر الذي تحفظ معلوماتهم حيوات وأرواح "يهود" مدنيين وعسكريين من شعب الله المختار.
لذلك، رأيناهم يسقطون بالعشرات في قبضة حماس والكتائب والمقاومة، لا لفطنة أمنية مفرطة عند الفصائل ولا بسبب امتلاكها أجهزة أمنية واستخبارية متطورة، بل لأن "مشغلي الجواسيس" في تل أبيب حرقوهم بسرعة، ومن دون تردد، وفي كل مرة كانت فيها تطورات الميدان تستوجب ذلك، كأن يفضي (حرقهم) إلى إصابة هدف أو تفادي إصابة في صفوف القوات الغازية للقطاع الباسل.
مصائر الجواسيس الصغار، لا تختلف كثيرا عن مصائر الجواسيس الكبار، الذين ما أن تنتهي أدوارهم حتى يرفع الغطاء عنهم، فيتركون لقبضات جماهيرهم الغاضبة وشعوبهم المحتقنة، ولطالما حفل التاريخ بصور وحكايات مؤثرة ومعبرة عن المآلات البائسة لكثيرين من هؤلاء...من جواسيس الـ "سي آي إيه" الذين احتشدوا في ساحات سفارة واشنطن في سايغون وعلى أسطح بناياتها علّ إحدى الطائرات العامودية تلتقطهم...إلى شاه إيران الذي ضاقت عليه الأرض بما ومن رحبت، ولم يجد قبرا يأوي عظامه الرميم، إلا بمكرمة ساداتية من طراز خاص، مرورا بالطبع بعشرات القصص والحكايات التي تهجو بمجملها العمالة والخيانة وتحط من قيمة العملاء والخونة أيا كانت درجاتهم وطبقاتهم.
بعض الجواسيس من "طراز متوسط الحجم"، يجري تداول سيرته الذاتية هذه الأيام، على المواقع الالكترونية مع خطوط تشديد كثيرة تحت وقائع وأحداث ظلت غامضة في "تاريخ الاغتيالات" التي ذهب ضحيته عدد من قادة منظمة التحرير وفتح وكوادرهما، لكن أغرب ما في الأمر، أن هؤلاء "الجواسيس المفترضين"، يمتلكون من "الوقاحة" ما يمكنهم من الظهور يوميا على شاشات الفضائيات في حفلات ردح وشتم لم تتوقف أبدا، حتى في "عز المذبحة".
أحد الأصدقاء الظرفاء قال لي: ليس كل جاسوس وظيفته جمع المعلومات، بعضهم يبدأ مهنته هكذا، لكنه ينتهي إلى الردح أو الشتم أو السباب، فتلك وظيفة أيضا، ولها تصنيفها (وكادرها) في الحروب النفسية والسياسية والدعائية والإعلامية، ولأن لكل وظيفة خصائصها ومؤهلاتها، فإن "الوقاحة" أو بالأحرى "النذالة" يجب أن تكون مبتدأ العمل في هذا الحقل، أما خبره فلا أقل من استئصال "شرش الحياء" كما تُستأصل الزائدة الدودية عند التهابها.

غاز مصر وطوابير غزة ... بقلم : زياد ابوشاويش

الشعب الفلسطيني بقطاع غزة قاتل وضحى وصمد في وجه هجوم وحشي غير مسبوق وقدم مثالاً مشرقاً في الصمود والصبر، وأعطى لمعاني العزة والكبرياء بعداً عربياً بنكهة لم يألفها العالم الذي ناصر غزة ووقف منتقداً ومديناً لهذا العدوان ومشيداً بمآثر أهلها وعظيم تضحياتهم.
هذه صورة الشعب الفلسطيني في غزة وأظنها صورة مشرفة لكل عربي ولكل الباحثين عن الحق والمتصدين لجبروت الظلم المدجج بالسلاح والمدعوم من امبراطورية الشر في الولايات المتحدة الأمريكية. هذا الشعب المنتصر يصطف اليوم في طوابير طويلة ولساعات وأيام ليحصل على قنينة غاز تريحه من الحطب ووابور الكاز الذي استخدمها منذ ثلاثة أشهر ليطبخ ويخبز عليها نتيجة الحصار الظالم من قبل اسرائيل والأشقاء عليه.
إن صورة أمهاتنا وجداتنا وأطفالنا وهم يقفون على امتداد مئات الأمتار أمام محطات بيع الغاز منذ ساعات الفجر ولفترة طويلة من الزمن يمزق قلب كل إنسان لديه بعض المروءة والنخوة وخاصة بعد أن قدم هؤلاء نموذجاً يحتذى في التحمل والصمود واستحقوا عن جدارة احترام العالم وتعاطفه.
وفي مقابل هذه الصورة المخجلة والمعذبة لضمير من لديه ضمير ووجدان نجد مستوطني الكيان الصهيوني ينعمون بكل وسائل الراحة والترفيه والدفء الذي يوفره نفط العرب وغازهم.
في جمهورية مصر العربية وقبل العدوان على غزة طالب الشعب المصري بإيقاف تصدير الغاز للعدو الصهيوني لأسباب كثيرة على رأسها حصار اسرائيل للفلسطينيين وإغلاق كل المعابر بوجههم ومنع وصول الطعام والدواء وكل مقومات الحياة عنهم، ووصل الأمر حد تقديم التماس للقضاء المصري الذي حكم ببطلان اتفاقية الغاز بين مصر والدولة العبرية ومنع تصدير الغاز المصري لها. وانتهى العدوان أو بالأحرى توقف ورأى الجميع حجم الكارثة التي حلت بغزة وأهلها المكافحين، ومن بين المعاناة كانت الصورة المعبرة عن هذا التناقض الغريب بين الكلام عن نصرة الشقيق وتقديم العون وإعادة الاعمار وبين الواقع الذي نجده في صفوف الناس المتعبة من أجل الحصول على الغاز الطبيعي الذي يتدفق بشكل منتظم لإسرائيل من الشقيقة مصر فهل هذا معقول؟ وهل الحديث عن فتح معبر رفح منذ اليوم الاول للعدوان يمكن أن يكون صحيحاً ونحن نرى بأم أعيننا حجم المأساة التي يعيشها أبناء غزة وخاصة في موضوع الغاز الذي يصل الى ما بعد غزة ولا يمر عليها، وما فائدة فتح المعبر إن لم تعاملنا مصر في هذا المضمار وغيره كما تعامل الدولة المعتدية على أشقائها بالحد الأدنى؟.

بعض دروس ما بعد غزة.... بقلم :سعد الله مزرعاني

في ظروف انتقالية في الولايات المتحدة وإسرائيل، وعلى الصعيد الفلسطيني أيضاً، (انتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني وسط استمرار الانقسام بين فريقي «فتح» و»حماس»)، لم تتجاوز وظيفة الحرب الإسرائيلية الهمجية على مدينة غزة وقطاعها، هدف إضعاف أو ضرب قوة المقاومة المتنامية هناك، وبناء «معادلة جديدة»، ذات طابع أمني بشكل خاص.وأدى اقتراب الانتخابات الإسرائيلية المبكرة في العاشر من شباط المقبل، دوراً كبيراً في تحديد الموعد. كما أدّت مسألة اختبار معالجة «إخفاقات حرب تموز ضد لبنان لعام 2006»، دوراً حاسماً في تحديد ما بلغه العدوان من وحشية وبربرية، وخصوصاً في ما يتعلق بالتدمير وباستهداف المدنيين وبتجنب الخسائر البشرية الإسرائيلية (هذه جميعاً عناصر متكاملة في التكتيك العسكري الإسرائيلي).ورغم محدودية الهدف الإسرائيلي المباشر هذا، فإنه كانت للعملية ضد غزة وأهلها ومقاومتها، أهداف أخرى غير مباشرة بالتأكيد. وهذه الأهداف تتصل بمجريات المفاوضات القائمة بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني (السلطة الفلسطينية)، وبحسابات راعي هذه المفاوضات، أي الحلف المكوّن من الإدارة الأميركية السابقة ومن «محور الاعتدال العربي».وفي سياق ذلك، كانت الحرب على غزة محاولة في الوقت الضائع من أجل تحسين شروط إسرائيل وحلف «الاعتدال» وواشنطن، تمهيداً لفرض شروط الاستسلام على المفاوض الفلسطيني لاحقاً دون اعتراض أو مقاومة أو عرقلة.من هذه الزاوية المهمة وذات البعد الاستراتيجي، يمكن فهم مسارعة دول «الاعتدال» إلى تحميل المسؤولية لحركة «حماس» في التصعيد وفي استدراج العنف الإسرائيلي. ومن هذه الزاوية أيضاً، يمكن فهم التواطؤ الرسمي المصري في إقفال معبر «رفح» إلا بشروط اتفاقية 2005، حيث لا مكان لـ «حماس» (رغم أنها أصبحت، بعد الاتفاقية المذكورة، تقود الحكومة الفلسطينية بعد انتخابات مشهود بنزاهتها حصلت فيها على أكثرية المقاعد في المجلس التشريعي الفلسطيني). ومن هذه الزاوية أيضاً وأيضاً، يمكن فهم التواطؤ السعودي، المدفوع بعدة أسباب (أبرزها التحالف مع واشنطن) من بينها محاولة تأديب «حماس» التي استعصت على الاحتواء وخرقت الاصطفاف المذهبي ضد «الهلال الشيعي»، و«العربي» ضد الفارسي...أما التواطؤ الغربي، فلم يكن مجرد تعبير جديد عن العجز عن بلورة موقف مستقل عن سياسة الإدارة الأميركية بشأن قضايا المنطقة (رغم التمايز الفرنسي المحدود)، بل جاء تكريساً لموقف خاطئ يرى في «حماس» منظمة «إرهابية» وفق تصنيف أميركي ــ إسرائيلي استقوى أيضاً بسياسات حلف «الاعتدال العربي»، كما أشرنا سابقاً.وفقاً لهذا المناخ، استطاعت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني أن تقول إن «العالم معنا في حربنا الدفاعية ضد الإرهاب». وبناءً على هذه الصورة المشوهة والمغلوطة، بات المجرم ضحية وبالعكس، وباتت المشكلة تكمن في بضعة صواريخ بدائية تطلق من غزة (بشكل دفاعي)، وليس في الاحتلال الجاثم على صدر الشعب الفلسطيني منذ ستة عقود على الأقل.أفسد صمود مقاومي وأهل غزة هذه الرغبات جميعاً: الإسرائيلية والأميركية والغربية والعربية (وحتى جزئياً الفلسطينية). وجاءت النتائج تكرس ذلك في سلسلة تتواصل حلقاتها تباعاً وفي المديين العربي والدولي، وفي الزمن، وبحجم يفسح للاستنتاج بأن ما بعد الحرب على غزة لن يكون كما قبلها:
ــ تقع أهم النتائج في إعادة الاعتبار إلى القضية الفلسطينية التي حل مكانها الصراع مع «الإرهاب» ومع إيران.
ــ وبعودة وهج القضية الفلسطينية، سقطت التسوية التي كانت في الشكل وفي العلن تقوم على دولتين. أما في الواقع، فكانت تهدف إلى تكريس دولة إسرائيل العنصرية اليهودية دون سواها، وتشتيت الفلسطينيين مجدداً بين الأردن ومصر وبقية أماكن الشتات، في ملحقات تابعة وخاضعة وممزقة ببطش السلطات وبعسف وإرهاب قطعان المستوطنات.
ــ والتسوية المذكورة ليست فقط الفلسطينية ــ الإسرائيلية، بل العربية ــ الإسرائيلية بالدرجة الأولى. وقد كان معبراً خطاب الملك السعودي في قمة الكويت عن مدى الخيبة الرسمية العربية. وهي خيبة ناجمة عن فشل الرهانات وعن حجم الجرائم الإسرائيلية التي لم تنفع في إسقاط غزة ومقاومتها، وعن مدى الغضب في الشارع العربي ضد المجرمين والمتواطئين (وفي مقدمتهم أنظمة «الاعتدال»).
ــ التحولات في المواقف: المثال التركي هنا خير مثال!لا نبحث بين أظافرنا إذن عن أسباب لإضفاء صفة الانتصار على صمود غزة ومقاومتها، وصفة الفشل على الحرب الإسرائيلية عليها، رغم فداحة الخسائر البشرية والمادية التي إذا قيست نسبتها بنسبة عدد سكان الولايات المتحدة لفاقت، في مستوى الخسائر البشرية، المليون أميركي في ثلاثة أسابيع فقط! إنه الواقع هو الذي يجعل ما بعد صمود غزة عنواناً لمرحلة جديدة في كفاح الشعب الفلسطيني من جهة، وفي الصراع ضد مشاريع الهيمنة الأميركية، من جهة أخرى. إنّ الاشارة إلى حجم وأهمية بعض نتائج المعركة في مستويات الصراع كلها، يطرح قضايا في غاية الجدية بالنسبة إلى القوى المنخرطة في هذا الصراع من موقع الاعتراض على المشاريع الأميركية والصهيونية. ويأتي في مقدمة ذلك، بلورة مشروع فلسطيني إنساني ــ ديموقراطي، في مواجهة المشروع العنصري ــ الصهيوني. ولعل تجربة «حماس» نفسها هي أول دافع إلى السعي من أجل ذلك. فكما أن الحركة الإسلامية لم تكن مستهدفة بسبب تدينها، كما أكد السيد حسن نصر الله، كذلك فإن الدعم الذي حظيت به، كما الإجرام البربري، كان لأسباب سياسية أيضاً.لا يعني ذلك أن يتخلى أحد عن خلفياته الايديولوجية والعقائدية، بل يعني أن توضع قضايا الصراع في موقعها السليم بعيداً عن ردود الفعل التي تشابه الفعل الخاطئ نفسه، ولو من موقع النقيض الشكلي له. إن وحدة الانتماء الديني والمذهبي لم توفر لـ «حماس» من جانب «خدم» الحرمين الشريفين وحلفائهم، التعاطف والدعم. لقد جاء الدعم على قاعدة الموقع من الصراع، لا على قاعدة الانتماء الديني الذي غالباً ما سخّره متاجرون أو غزاة من أجل تعزيز مواقعهم ومصالحهم قبل سواها.ويفرض ذلك أيضاً، مرونة لا بد منها في التعامل مع موضوع الوحدة الوطنية الفلسطينية. وهي وحدة يجب أن تُبنى من جديد على أساس برنامج كفاحي شامل، لا مانع أبداً من أن يتمرحل ــ على طريق بناء دولة ديموقراطية في فلسطين يتعايش فيها الجميع بشكل متساو وحر ــ في صياغة دولة مؤقتة (تاريخياً) ذات سيادة وقدرة على الحياة.أما في الجانب المهم الآخر والمتصل بـ «محور الممانعة»، فثمة حاجة إلى ترصيد تجربة النجاحات في صيغة استخلاص عبر، لا بد منها، من أجل الانتقال نحو صيغة مواجهة أكثر شمولية وفعالية. ولكي تكون كذلك، يجب أن تكون متعددة الركائز في الحقول السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ويجب أن تحتل قضية المشاركة والديموقراطية حيزها الضروري تبعاً لجذرية المواجهة من جهة، ولضرورة توفير مقومات نجاحها، من جهة اخرى.وفي الجانب الذي يتناول قوى التغيير الشعبية، تطرح مهمات لا تقل أهمية بشأن:
أولاً الحسم بشأن الأولويات. والأولوية هنا هي لمواجهة المشروع الأميركي ــ الصهيوني الذي توسع في السنوات الأخيرة ليشمل أنظمة وقوى كانت تكتفي حتى ذلك التاريخ بالسكوت أو بالتواطؤ...
والثاني بلورة المستلزمات الضرورية للانخراط في الصراع وفق هذه الأولويات، ومن ضمن عملية تمايز لا تُخل بها، بل تضفي عليها طابع الغنى والتنوع وتحدي الارتقاء إلى مستوى أرفع.هذه عناوين متلازمة ومتكاملة في معركة واحدة ومصيرية من أجل ألا تذهب سدى دماء أطفال غزة وتضحيات وصمود شعبها ومقاوميها، ومن أجل أن تهزم العنصرية الصهيونية المجرمة فلا تتكرر المآسي والمجازر في فلسطين أو لبنان أو العراق أو مصر أو سوريا، ومن أجل ألّا يجرؤ، مرة أخرى طامع أو غازٍ على الاعتداء على سيادة بلد أو كرامة شعبه من أجل النهب والنفط والدولارات!
* كاتب وسياسي لبناني

الشيخ سعيد صيام، يا أيها الشهيد.. د. فايز أبو شمالة

أما وقد نلت الشهادة فلم نفاجأ، لأنك من اختار، فجاءتك يا شيخ راضيةً بك، راضياً بها بعد أن قابلتها، وتعرفت عليها، وأمسكتها، وقبلتها، فأورقت بين يديك رياحين ضياء، وشقشقة حناء، لتصير الشهيد سعيد صيام، الذي ما تردد، وما احتار، وهو يختار بين ميتة النيام، وبين ذروة السنام، بين كبوة النوى، وبين رجفة الفضاء، والتقاطك الحصى، كي تعبر الطريق. وتدرك الأجل، تمضي إلى غايتك، لا تعرف الوجل.

مجدوك سياسياً، وتنظيمياً، وإدارياً، وحياتياً، وفكرياً، ولكنك لم تأخذ حقك في الرثاء، ولم تأخذ نصيبك من الدموع التي تفرقت على طول المواجهة، وعرض الصمود، وأنت تمضي مطمئناً على نسيج يداك، سعيداً وأنت تطل على تفاصيل الانتصار، وعلى دقائق المعركة التي حسمت لصالح الشعب الصابر المقاوم، أغمضت عينك لتنام، وأنت تصر على أن الشجاعة صبر ساعة، لقد عبرت الساعات، وارتفعت الرايات، وانكسرت الريح العاتية، وانجلت عن شعب لا يعرف الوهن، وعن جيلٍ جديدٍ مقاومٍ يحاصر المحن.

يا شيخ سعيد، أعيد إليك اليوم ثلاثة مواقف:

الأول: اللقاء الإذاعي، والتلفزيوني الذي جرى معك في ذروة الانفلات الأمني سنة 2006، لقد سقت فيه مثلاً على حاجة الوطن إلى القوة التنفيذية عندما قلت: بأي منطق يتم إطلاق النار في مكتب رئيس بلدية خان يونس ـ المقصود هو كاتب المقال ـ ويتم الاعتداء على مؤسسة عامة تقدم الخدمات للجمهور؟ وهم يعرفون أن رئيس البلدية شخصية وطنية عامة، وأمضى زهوة عمره في السجون الإسرائيلية. فهل هذه وطنية، أم انفلات؟. لقد قلت حقاً يا شيخ سعيد، ولكن لم يسمعك أحد في حينه، ولم يصدقوك.

الثانية: عندما تجاوز قطاع الرواتب في رام الله كل منطق، قلت في لقاء تلفزيوني، وإذاعي، سنة 2008، بأي منطق تقطع رواتب موظفين لهم عشرات السنين، عملوا قبل تأسيس السلطة الفلسطينية، وأمضوا فترات طويلة في السجون الإسرائيلية، وهم ليسوا من حماس، قطعت رواتبهم لأنهم على رأس عملهم فقط. لتأتي المخابرات الإسرائيلية كي تكمل الدور، وتساومهم على صرف رواتبهم. كم كنت رائعاً يا أبا مصعب، وأنت تشرح حالنا!

الثالثة: لم تقل، وإنما فعلت، لنخرج من تحت الرماد، نعلق أكاليل الغار على جبين الوطن، بعد دحر العدوان، وانتصار المقاومة، ونحن نردد: سلمت الأيادي، والعقول، والقلوب، التي رسمت لنا بالكبرياء معالم المرحلة القادمة، ونحن نتجاوز مقولة: وإنها لثورة حتى آخر الشهر. ومقولة: شعب لا يستحق التضحية، لنعبر إلى فيحاء الإرادة مع مقولة: إنه لجهاد، نصر أو استشهاد.

رصاص المساعدات المصهور في غزة.... بقلم ياسر ابو هلالة

وإن كان الدمار يتشابه في بغداد وبيروت وغزة، إلا أن الفروق كبيرة في حسابات الربح والخسارة. فالنظام العراقي أطلق ثلاثين صاروخا على إسرائيل، جلبت له تأييد الرأي العربي والإسلامي، إلا أنه وجد نفسه في مواجهة انقسامين عموديين في المجتمع؛ الشيعة جنوبا والأكراد شمالا. وفي الحرب الأخيرة كان الحصار قد فسخ المجتمع العراقي بشكل مكن الأميركيين من الانسياب من بين شروخه. وإن نجحت المقاومة في العراق في هزيمة الأميركيين إلا أنها لم تطور برنامجا سياسيا وظلت خليطا من جهاد مشروع وإرهاب مذموم وحرب أهلية. على عكس لبنان الذي ظلت مقاومته وإن شارفت على الحرب الأهلية نظيفة. إلا أنها ظلت مهما عظم تأييدها خارجيا جزءا من انقسام داخلي في لبنان.غزة ليست استثناء، فالانقسام الفلسطيني ليس وليد فوز حماس في الانتخابات، رافق الثورة الفلسطينية من ميلادها إلى اليوم. ومن يتهمون حماس بتنفيذ أجندات إقليمية للقتال حتى آخر فلسطيني هم من كانوا يقاتلون حتى آخر لبناني، فالانقسام الذي سببته الثورة الفلسطينية في لبنان تسبب بحرب أهلية أكلت الأخضر واليابس. وإلى اليوم حماس هي الفصيل الوحيد الذي لا يملك سلاحا في مخيمات لبنان. مع ذلك حماس تعبر عن انقسام فلسطيني ليس بين غزة ورام الله وإنما بين الفلسطينيين بمجملهم. فأصواتها في الضفة انتخابيا أكثر من أصواتها في غزة . إلا أن قوتها العسكرية في غزة هي الحاسمة.في ظل الانقسام كيف انتصرت حماس؟ الذي يزور غزة تسهل عليه الإجابة. فالقوة المجتمعية هي الأساس. قل أن تجد بيتا ليس فيه حماس حتى أعرق البيوت الفتحاوية أو بيوت الجبهة الشعبية وغيرها. وهذه القوة المجتمعية هي القادرة على تحمل أعباء الحصار والعدوان وتسيير الحياة ودعم المقاومين. وقادة حماس نبتوا في هذا المجتمع وهم يعرفونه عن قرب، فإسماعيل هنية كان رئيس اتحاد الطلبة في الجامعة الإسلامية قبل أن يكون رئيس الوزراء المنتخب. وعماد حركة حماس ليس الشركات ولا المؤسسات وإنما المساجد التي تشكل محور المجتمع الغزي. ذلك العمود المجتمعي الإسمنتي لا يقوى على حمل سقف غزة لولا حديد الجهاز العسكري والأمني. فعندما تقرأ شهادات ضباط إسرائيليين عن الرجال الذين يخرجون من تحت الأرض وتشاهد أولئك الفتية تدرك أنهم لا يبالغون. بعد الحرب تشاهدهم يتحدثون عن العلميات بحرفية وشجاعة وإيمان، وهم لا ينتظرون رواتب وامتيازات وإنما بصدق يتطلعون إلى إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة. وهم لم يكونوا يقاتلون في بيئة معزولة، وإنما بين أهلهم وأحبائهم، الذين كانوا يساندونهم في المعركة بكل ما أوتوا. وأطفال غزة اليوم يلعبون في الشوارع لعبة القسام والجيش الإسرائيلي. أعمدة الانتصار ليست في الداخل فقط. خارجيا لعب الرأي العام العربي والإسلامي والعالمي دورا حاسما، يقول سيفر بلوتسك في افتتاحية يديعوت "حماس لم تُهزم" بعد جولة غربية له: "أصبت بصدمة عميقة. من اللقاءات، من المحادثات، من المحاضرات ومن الانصات لوسائل الاعلام صعد صوت واضح واحد، يختلف جوهريا عن الصوت الذي اطلق في البلاد: اسرائيل خسرت الحرب في غزة. وخسرت خسارة فادحة. رغم أنها استخدمت كامل قدراتها العسكرية، رغم انها لم تحافظ على ضبط النفس وكبح الجماح اسرائيل لم تكسر حماس، لم تخفف نفوذها وفشلت في المساعي الاعلامية لعرضها كحركة ارهابية تعرض السلام العالمي للخطر – الامر الذي نجحت حقا في فعله لحزب الله".هذا الرأي لا يطرحه بنظره فقط "منتقدو ومعارضو اسرائيل الدائمون، بل وايضا اصدقاؤها ومؤيدوها المؤكدون". ويفسر الرأي العام الغربي "على الرغم من ذلك يعتقد معظم المستطلعين في تلك الاستطلاعات للرأي بان اسرائيل لم تنتصر على حماس. واذا كانت لم تنتصر، فانها تكون قد خسرت".ويستشهد بالصحيفة الاميركية "وول ستريت جورنال" التي يعتبرها "إحدى الصحف الاكثر تأييدا لاسرائيل باللغة الانجليزية، نشرت في عدد نهاية الاسبوع تقريرا كبيرا يشرح كيف عززت اسرائيل حماس، كيف جعلتها جهة سائدة في الساحة الفلسطينية، كيف خرجت حماس من القتال في غزة ويدها هي الاعلى ولماذا كنتيجة لذلك ستكون اسرائيل ملزمة، رغم انفها، التسليم بدولة حماس في كل السلطة الفلسطينية". وحتى في اوساط الطائفة اليهودية في نيويورك، والذين تضامنهم مع اسرائيل كامل، يقول "سمعت المرة تلو الاخرى السؤال الهازئ: هل اسرائيل خرجت الى الحرب ضد حكم حماس ام ضد ادارة الولايات المتحدة؟."في الوقت الذي جعلت حرب لبنان الثانية – الفاشلة في الاحساس الاسرائيلي– حسب قول الكاتب "نزعا شاملا لشرعية حزب الله ومع الزمن جعلت زعيمها حسن نصرالله شخصية تلفزيونية هازئة، فإن حرب غزة الرابعة – الناجحة في الاحساس الاسرائيلي – منحت شرعية لحماس ومكانة دولية لاسماعيل هنية، رئيس وزراء حماس في غزة. اللغة غير المنفلتة لهنية، بكاؤه الصامت في اثناء ظهوره المتلفز من الخندق، نظرته على خلفية دمار غزة، كل هذا قربه من قلوب الكثيرين، في العالم العربي وفي العالم بشكل عام".وتختتم افتتاحية يديعوت بالحديث عن محاورة حماس بالقول "فقط رجل واحد ما يزال يمنع الحكومات في الغرب من فتح حوار مباشر مع حماس التي لم تهزم. اسمه باراك اوباما. ولكن حتى متى؟". في وقت تكشف فيه هآرتس عن محاولات فرنسية لكسر الحصار على حماس وتنقل عن مصدر سياسي كبير في القدس انه منذ انتهاء حملة "رصاص مصهور" في غزة "يتزايد التخوف في اسرائيل من انجراف في موقف العديد من الدول الاوروبية في مسألة تحطيم المقاطعة على حماس".عربيا، ليست القضية انتصار حماس أم هزيمتها. بل قضية انتصار الشعب الفلسطيني في أول جولة على أرضه. من انتصر هو الشعب كله وإن قادته حماس، ولا بد أن يكافأ على إنجازه وتضحياته. أقله في الدعم والإغاثة، وفي غزة يتساءلون لماذا لا تحذو الدول العربية حذو الأردن في تقديم المستشفيات؟ بمعزل عن المواقف السياسية القابلة للاجتهاد. يكشف المستشفى الميداني الأردني زيف الأحاديث عن احتكار المساعدات و(سرقة الأدوية، ليست طرفة، بل قيلت في مؤتمر صحافي في رام الله!) فحماس ترحب بأي مساعدة من أي جهة، بحسب وزير التنمية الاجتماعية في حكومة حماس، حيث يرى "أن واجبنا فقط هو مساعدة من يقدمون المساعدات". قال لي: "عندما كنت رئيسا للبلدية قدم الدنماركيون مشاريع بعشرة ملايين دولار. دورنا كان تنظيميا لمساعدتهم فالمشروع يحتاج إلى أرض من يقدم الأرض؟ تطرح مناقصات دولية للتنفيذ، نحن لا نتدخل بها". مشكلة بعض المنهزمين أنهم يعتقدون أن ما لم يصهره الرصاص المصهور تصهره المساعدات.

الخميس، 29 يناير 2009

«قناعة» الرئيس عبَّاس الجديدة ؟! ... بقلم عريب الرنتاوي

29-1


وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى قناعة (جديدة) بأن إسرائيل لا تريد السلام ، و«إنما تريد إضاعة الوقت والاستفادة من الوقت لتعزيز الاستيطان وتعميق الانقسام» ، ولقد صدق فيما ذهب إليه ، وأقصد تحديداً الجانب المتعلق بنوايا إسرائيل وليس بقناعة الرئيس ، فنحن بحاجة إلى ما هو أكثر من التصريحات لنصدق بأن الرئيس (المنتهية ولايته) ، قد وصل إلى هذه القناعة قولاً وفعلاً ، وأن هذه التصريحات ليست مجرد «ردة فعل» أو تعبير عن «الغضب والعتب والضيق الناجم عن تآكل مكانة السلطة وموقع الرئاسة. وأننا سنرى سلوكاً رئاسياً محكوماً بهذه القناعة الجديدة ، فالرئيس ليس «محللاً سياسياً» ولا «خبيراً في الشؤون الإسرائيلية» تستنطقه قناة «الجزيرة» في برنامج «ما وراء الخبر» ، بل هو صاحب السلطة والولاية ، وفي جيبه الكثير من الأوراق الكفيلة بقلب الطاولة على رؤوس كثيرين ، وكم كنا نتمنى أن نستمع إلى «الشطر الثاني» من بيت الشعر الذي يشرح لنا «معالم الطريق» ويجيب على سؤال: «ما العمل؟».
لا نريد للرئاسة والسلطة أن تمتشقا سلاحاً نارياً وتخرجا إلى الشوارع لمطاردة الدوريات الإسرائيلية التي «تتمختر» على مقربة من المقاطعة وتستبيح كل زاوية في الضفة الغربية الهادئة (قسراً ورغم أنفها) ، ولا نريد للرئيس بعد أن هدأت المدافع نسبياً في القطاع الجائع والمحاصر ، أن ينسحب من التزاماته الإقليمية والدولية ولا من استحقاقات عملية السلام ، فهذا ما دعوناه لفعله في «عز المذبحة» ولم يفعل ، ومن العبث تكرار الدعوة الآن ، فيما المراسم الرئاسية منشغلة بترتيب اللقاءات مع بلير وسولانا وميتشيل ، كل ما نريده من الرئيس ، أن يخرج قليلاً عن النص المكتوب في مسائل الحوار والمصالحة والإعمار والمعابر والتهدئة ، وأن لا يبقى على نغمته المعتادة : حكومة وحدة وانتخابات مبكرة ، فالعالم بعد غزة ، تجاوز هذه الأقانيم ، وما كان صحيحاً قبل غزة لم يعد كذلك بعدها ، والأولويات تبدلت واختلفت ، ومن البؤس استمرار ترديد المواقف ذاتها ، وكأن شيئاً لم يكن.
على الرئيس أن يشرع في إعادة بناء النظام السياسي بمجمله ، بدءاً بتطهير بيته الداخلي ، وفتح أبواب المنظمة لرياح التغيير ، وإقالة الحكومة المسؤولة على الاعتقالات السياسية وتفكيك العشرات والمئات من المؤسسات المدنية والمنظمات الأهلية وإطلاق النار على المتظاهرين ، والشروع في اتخاذ خطوات وإجراءات كفيلة فعلاً ببناء الثقة ولملمة شتات الصف المنقسم ، وطمأنة مختلف الأفرقاء حول مائدة حوار وطني ، والأفضل من دون وسيط ، أو بسلة من الوسطاء (على طريقة سلة العملات) حتى لا يكون الإصرار على الوساطة المصرية الحصرية ، وسيلة لإضعاف الفريق الآخر وحشره في الزاوية.
على الرئيس أن يتصرف من موقع ولايته العامة ، كرئيس لكل الفلسطينيين ، وليس «أميناً عاماً» لفصيل أو اتجاه ، وأن يترك أمر السجال والمناكفات مع الفريق الآخر ، لكثرة كاثرة من المستشارين و«الرداحين» و«الشتامين الشامتين» ، وأن يوفر جهده ومواقفه لإعادة اللحمة الفلسطينية على قاعدة الجمع بين خياري المقاومة والتفاوض ، العمل المقاوم والعمل السياسي ، أما أن نلعن المقاومة يومياً ، ونعلن في الوقت ذاته أن إسرائيل تريد الاستيطان والعدوان ولا تريد سلاماً ومفاوضات جادة ، فمعنى ذلك أننا نترك شعبنا مجرداً من كل الخيارات وأوراق القوة التي يمتلكلها.
لا يكفي أن نردد بأننا «أهل المقاومة وأننا من اخترعها» ، فالأهم أن لا ننهي المقاومة قبل إنجاز أهدافها ومراميها ، وكم من حركات المقاومة والتحرر انتهت «حرساً أبيض» أو «ثورة مضادة».
نأمل أن تكون تصريحات الرئيس عباس ، بداية مراجعة جذرية وشاملة للمسار والمسيرة ، مع أننا نخشى الإفراط في التفاؤل والذهاب بعيداً في الرهان ، فمن لم يستفد من تجربة «السور الواقي وحصار عرفات واغتياله» ، من لم يتعظ بهزائمه الانتخابية والعسكرية ، ولم يبدل زلزال غزة ورصاصها المصهور جملة واحدة في خطابه ، يصعب أن يخوض غمار مراجعة شاملة للتجربة ، والأرجح أن تصريحات كهذه سيطويها النسيان عند أول لقاء تفاوضي مع رئيس الحكومة الإسرائيلية المقبلة ، وربما قبل ذلك.

حل الدول الخمس :كاتب المبادرة العربية توماس فريدمان يقترح مبادرة عربية جديدة

Abdullah II: The 5-State Solution ....by Thomas Friedman
هذه النقاط الرئيسية للمقالة و اريد ان اترجم فقط المقاطع الاساسية
المبادرة السعودية رقم 2:
ما هو حل الدول الخمس ؟
1-اسرائيل ستنسحب من الضفة الغربية و تبادل اراضي انش مقابل انش من الاراضي التي لن تنسحب منها
2-فتح و حماس ستشكل حكومة وحدة و الاردن و مصر سترسل قوات تدريب و مراقبة لمدة خمس سنوات للضفة و غزة
3-اسرائيل ستشرع بانسحاب تدريجي من المستوطنات لمدة خمس سنوات و المتبقي يحل بمبادلة الاراضي
4- السعودية ستدفع بليون دولارللاردن و مصر لقاء التدريب و المراقبة
هل سترعى الولايات المتحدة الحل المقترح؟
هل ستتبنى السعودية و من ورائها الدول العربية المبادرة كما تبنت مبادرة فريدمان الاولى و سمتها المبادرة العربية ؟
هل ستدفع السعودية ثمن الاحتلال الاسرائيلي و مرابطة القوات الاردنية و المصرية في الضفة و غزة ؟
هل ستوافق حماس و اسرائيل على هذا الحل ؟
هل ستدرب مصر و الاردن حرس حدود فلسطيني على النمط المصري و الاردني لحماية حدود اسرائيل ؟
\
In February 2002, I traveled to Saudi Arabia and interviewed the then
crown prince, now king, Abdullah, at his Riyadh horse farm. I asked him why the next Arab summit wouldn’t just propose to Israel full peace and normalization of relations, by all 22 Arab states, for full withdrawal from all occupied lands and creation of a Palestinian state. Abdullah said that I had read his mind (“Have you broken into my desk?” he asked me) and that he was about to propose just that, which he later did, giving birth to the “Abdullah peace plan.”
في 2002 سافرت الى العربية السعودية و قابلت ولي العهد - الان الملك عبدالله ، في مزرعة الخيول خاصته في الرياض .سالته لماذا لا تقترح القمة العربية القادمة على اسرائيل سلام كامل و تطبيع في العلاقات من الدول العربية ال 22 مقابل الانسحاب الكامل من كل الاراضي المحتلة و اقامة دولة فلسطينية . الملك عبدالله قال انني قرات افكاره ( هل اقتحمت مكتبي ) ؟ سالني و انه كان على وشك ان يقترح ذلك و هو ما فعله لاحقا معلنا ولادة خطة عبدالله للسلام .
Unfortunately, neither the Bush team nor Israel ever built upon the Abdullah plan. And the Saudi leader always stopped short of presenting his ideas directly to the Israeli people. Since then, everything has deteriorated.
So, I’ve wondered lately what King Abdullah would propose if asked to update his plan. I’ve even probed whether he’d like to do another interview, but he is apparently reticent. Not one to be deterred, I’ve decided to do the next best thing: read his mind again. Here is my guess at the memo King Abdullah has in his drawer for President Obama. I’d call it: “Abdullah II: The Five-State Solution for Arab-Israeli peace
.”
انا اتساءل مؤخرا ماذا سيقترح الملك عبدالله اذا طلب منه تعديل او تحديث خطته . انا اتحقق اذا اراد مقابلة اخرى و لكن يظهر انه يتحفظ على ذلك و لكن لن انثني او اتراجع فلقد قررت ان اقوم بالشيء الافضل : ان اقرأ افكاره مجددا ، هنا توقعاتي لمذكرة الملك عبدالله في جاروره للرئيس اوباما ، انا اسميها : عبدالله 2 : حل الدول الخمس من اجل السلام العربي الاسرائيلي
Congratulations on your inauguration and for quickly dispatching your new envoy, George Mitchell, a good man, to the Middle East. I wish Mitchell could resume where he left off eight years ago, but the death of Arafat, the decline of the Palestinian Authority in the West Bank, the 2006 Hezbollah-Israel war in Lebanon, the 2009 Hamas-Israel war in Gaza, the continued expansion of colonial Israeli settlements and the deepening involvement of Iran with Hamas and Hezbollah have all created a new reality.
كنت اتمنى ان يستطيع ميتشل ان يستانف من النقطة التي وصل اليها قبل 8 سنوات ، موت عرفات و حرب حزب الله -اسرائيل 2006 في لبنان و حرب 2009 بين حماس و اسرائيل في غزة و التوسع الاستعماري المستمر في المستوطنات الاسرائيلية و تعميق التدخل الايراني مع حماس و حزب الله كل هذه الامور صنعت و اقعا جديدا
Specifically, the Palestinian Authority is in no position today to assume control of the West Bank, Hamas is incapable of managing Gaza and the introduction of rockets provided by Iran to Hamas has created a situation whereby Israel won’t turn over the West Bank to any Palestinians now because it fears Hamas would use it to launch rockets on Israel’s international airport. But if we do nothing, Zionist settlers would devour the rest of the West Bank and holy Jerusalem. What
can be done?
I am proposing what I would call a five-state solution:
1. Israel agrees in principle to withdraw from every inch of the West Bank and Arab districts of East Jerusalem, as it has from Gaza. Any territories Israel might retain in the West Bank for its settlers would have to be swapped — inch for inch — with land from Israel proper.
2. The Palestinians — Hamas and Fatah — agree to form a national unity government. This government then agrees to accept a limited number of Egyptian troops and police to help Palestinians secure Gaza and monitor its borders, as well as Jordanian troops and police to do the same in the West Bank. The Palestinian Authority would agree to five-year “security assistance programs” with Egypt in Gaza and with Jordan in the West Bank.
With Egypt and Jordan helping to maintain order, Palestinians could focus on building their own credible security and political institutions to support their full independence at the end of five
years.
3. Israel would engage in a phased withdrawal over these five years from all of its settlements in the West Bank and Arab Jerusalem — except those agreed to be granted to Israel as part of land swaps — at the same pace that the Palestinians meet the security and governance metrics agreed to in advance by all the parties. The U.S. would be the sole arbiter of whether the metrics have been met by both sides.
4. Saudi Arabia would pay all the costs of the Egyptian and Jordanian trustees, plus a $1 billion a year service fee to each country — as well as all the budgetary needs of the Palestinian Authority. The entire plan would be based on U.N. Resolutions 242 and 338 and blessed by the U.N. Security Council.
The virtues of this five-state solution — Palestine, Egypt, Jordan, Israel and Saudi Arabia — are numerous: Egypt and Jordan, the Arab states that have peace treaties with Israel, would act as transition guarantors that any Israeli withdrawal would not leave a security vacuum in the West Bank, Gaza or Arab Jerusalem that could threaten Israel. Israel would have time for a phased withdrawal of its settlements, and Palestinians would have the chance to do nation-building in an orderly manner. This would be an Arab solution that would put a stop to Iran’s attempts to Persianize the Palestinian issue.
President Obama, too much has been broken to go straight back to the two-state solution. It would be like trying to build a house with bricks but no cement. There’s no trust and no framework to build it. Israelis and Palestinians need the kind of cement that only Egypt, Saudi Arabia and Jordan can provide. It would give Israelis security and Palestinians a clear pathway to an independent state.
I hope you will give careful consideration to the five-state solution.
Peace be upon you,
Abdullah bin Abdul Aziz

لهذا يكرهون حماس.... بقلم : عبد العزيز كحيل

بغض الحكام العرب وحواشيهم من المثقفين والإعلاميين بحركة المقاومة الإسلامية ليس سرا على أحد،وإذا لم يصرحوا بذلك فإن حالهم أبلغ من مقالهم ومواقفهم السياسية من أحداث فلسطين تعبير واضح عن مشاعرهم نحو هذا الفصيل الذي خرج عن مقتضيات الجيوسياسية وسبح_ومازال_ ضد تيار التطبيع ورفض الانبطاح واستعصى على المؤامرات المعلنة والمتخفية, ولعل أبرز قادة 'فتح' أفصح تعبيرا عما يختلج في بواطن الأنظمة العربية وقد تجرؤوا أكثر من مرة فنعتوها بأبشع الصفات وخلعوا عليها أقبح الألقاب،ورد هذا على لسان دحلان و أحمد عبد الرحمن وغيرهما

فلماذا يكرهون حماس؟

قضية استعصائها على التدجين ومعاكستها للحلول الاستسلامية هي السبب الرئيس في الموقف الرسمي العربي منها ثم زاده حدة التفاف الشارع العربي والإسلامي_والفلسطيني بالدرجة الأولى_ حولها ونفوره من سلطة رام الله وتنازلاتها وتآمرها على خيار المقاومة,وهذا كاف لفهم بعضهم لحماس ووصفها بالإرهاب وإلحاقها بإيران والقاعدة باعتبار هؤلاء "محور الشر" حسب التصنيف الأمريكي الذي لا تقابله الأنظمة إلا بالتأمين،لكن الحركة العصية زادت التأليب عليها بممارسات أخرى لا يمكن لهذه الأنظمة أن تقبلها أبدا وتعتبرها تحديا غير مباشر لها بل وتهديدا مبطنا لاستقرارها...تصوروا أن رئيسا للوزراء وصل إلى السلطة في انتخابات شهد العالم بنزاهتها و شرعيتها (وهذا في حد ذاته استفزاز كبير للجمهوريات العربية الاستبدادية والوراثية فضلا عن المملكات والإمارات) يقوم هو بإمامة الناس في صلاة الجمعة فيعيد إلى الأذهان صورة مضيئة من تاريخ الإسلام الناصع يهدم شعار"لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة" ،هل تقبل العلمانية العربية مثل هذا التحدي وهي التي لا تسمح للإسلام بموقع إلا في الوجدان أو حضور الزعماء صلاة العيد(بضوء أو بغير ضوء)...؟ هذا الاستحضار للتاريخ إماءة إلى الخلافة الإسلامية وعودتها وهو ما لا يمكن للنخب العلمانية أن تقبله بحال.

رئيس وزراء يؤم المصلين في صلاة التراويح في مساجد مختلفة في الأحياء الشعبية... أليس هذا أيضا استفزازا للحكام العرب واستصغارا لهم أمام الرأي العام المسلم؟هل فيهم من يحفظ سورة من القرآن أو يسمع بأحكام التلاوة أو يقوم الليل في رمضان...أو يؤدي الصلاة أصلا في حياته؟

رئيس وزراء يشرف على مشروعات لتحفيظ القرآن الكريم فيبلغ عدد الحفاظ2500 بين ذكر و أنثى وصغير و كبير...وأين هذا ؟ في قطاع غزة المحاصر سياسيا واقتصاديا و تجاريا وثقافيا بمباركة-بل بمساهمة- الحكام العرب منذ سنوات حيث كانوا ينتظرون انتشار التمرد والانحراف إلى جانب الجوع والمرض والموت لكن 'حماس' تأبى إلا التأكيد على أنها 'أصولية' وتنشر هذه الأصولية عبر المحاضن القرآنية التي تنمي تلك الروح التي يحتويها كتاب الله عز وجل ويشمئز منها حكام العرب وحاشيتهم أيما ا شمئزاز ...روح العزة والشموخ والتميز والكرامة والتحدي والجهاد...فبدل أن يفعل إسماعيل هنية مثل أقرانه العرب فيترك القرآن للتبرك وتزيين الرفوف إذا به يضاعف عدد حفاظه الذين سيكونون بالضرورة"أصوليين"و"إرهابيين"وبدل أن يقيم المهرجانات الغنائية والرقصية كما يحدث في كل مكان بما في ذلك رام الله فإنه يقيم مهرجانات للقرآن الإنشاد الإسلامي فيعطي قدوة في غاية السوء لا يغتفرها التقدميون والمتنورون والحداثيون والمسلمون العلمانيون الذين ترضى عنهم أمريكا والصهاينة فيدوم تواجدهم على كراسي السلطة والثقافة والإعلام.

ولم تكتف حماس"المارقة"بهذا النشاط الاستفزازي وإنما حولت معبر رفح المغلق إلى محراب يؤدي فيه مئات المصلين صلاة التراويح في الخلاء تعبيرا عن إدانتهم لسجانيهم العرب وتمسكا بهويتهم ونضالهم.

أما الطامة الأخرى التي زادت من غيظ القوم على"حماس"فهي فضائية الأقصى التي ليس فيها أغان ولا رقص بل قرآن وأناشيد حماسية،لا تستضيف نجوم الطرب والفن ولكن عوائل الشهداء والمجاهدين،ليس في أخبارها وبرامجها مفردات التطبيع والتسوية وإنما آيات الثبات والبطولة...ولعل جريمة هذه القناة الكبرى-التي تعتزم أمريكا الأمر بمنع بثها-هو انفرادها بمبادرة لا يعقل إطلاقها أن يقدم عليها أي تلفزيون في زمن ملوك الطوائف العرب ألا وهي إحياؤها في فبراير2008 لذكرى اغتيال الإمام الشهيد حسن البنا رضي الله عنه...أي نعم...إحياء استغرق ساعات من البث الحي لهذا المجدد الرمز الذي أقض العروش المهترئة حيا وميتا ولا يسمح بلده"مصر"بذكر اسمه ويمنع أسرته من تنظيم أبسط احتفال لذكراه،وتجرؤ قناة حماس على تخصيص حصص لتمجيده واستضافة ابنه وتلامذته وأتباعه وذكر وأثره وبطولاته واعادة شريط اغتياله

هكذا تعدت حماس الخطوط الحمراء فأربكت العرب وخلطت حساباتهم وفضحتهم أمام الرأي العام العالمي...تتبنى المرجعية الإسلامية بوضوح وتبسط الأمن في غزة وتتعامل مع الشعب الفلسطيني بأكمله بمسؤولية سياسيا واجتماعيا وتحبط المؤامرات الداخلية والخارجية ويتحدث باسمها وزراء ونواب وإعلاميون ومقاومون على درجة رفيعة من الإلمام بالملفات والدراية بالواقع المحلي والإقليمي والدولي...كل هذا مدعاة لأن يكرهها أعداء الإسلام والديمقراطية المنبطحون أمام أمريكا والصهاينة والمتوجسون من شعوبهم ومن نسمات الحرية.

لكن لحماس رب يحميها وجماهير تلهج بذكرها ورصيد جهادي وسياسي يؤهلها للاستمرار والقيادة والريادة،فلا خوف عليها من بغض هؤلاء لها...بل هذا البغض نيشان شرف ووسام تقدير على صدرها وجبينها يضاعف لها رصيد الحب عند الجماهير المسلمة ويجلب لها التقدير من كل الخيرين والمنصفين

عبد العزيز كحيل

تشكيك إسرائيلي في «إنجازات غزّة»: بيت العنكبوت لم يُرمَّم

«تل أبيب نسيت أن تُخبر الفلسطينيّين بانتصار الجيش واستعادة الردع»إسرائيل «محبطة». عملية كيسوفيم «فاجأتها». بدأت تتساءل عن «الإنجازات» التي حققتها في عدوانها على غزة. الردع المزعوم بدا «أوهن من بيت العنكبوت»... هذا ليس خطاباً «حمساوياً»، بل أجواء عكسها أمس كبار المعلّقين الإسرائيليين المعروفين بقربهم من الدوائر الأمنية والعسكرية في الدولة العبرية

مهدي السيد

أرخت عملية كيسوفيم التي أودت بحياة ضابط إسرائيلي، أول من أمس، بظلها الثقيل على مسؤولي تل أبيب الذين حاولوا تغطية تداعياتها بمظلة من التصريحات النارية التي لم تفلح في أن تحجب حال الإرباك التي عكستها الصحف العبرية، من خلال جملة من الأسئلة التي لم يخلُ بعضها من السخرية، بينما تضمّن بعضها الآخر دعوات تحريضية صريحة إلى التصعيد ضد الفلسطينيين، حفاظاً على ما بقي من إنجاز «الردع»، بعد حملة «الرصاص المصهور».وتعليقاً على العملية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية عند معبر كيسوفيم، قال المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هرئيل، إنها «لم تؤدِّ فقط إلى إظهار أن قدرة الردع الإسرائيلية أوهن من بيت العنكبوت»، بل أدخلت الحملة الانتخابية لحزبي السلطة، «كديما» و«العمل»، في «أزمة عسيرة» قبل أقل من أسبوعين على موعد الانتخابات. وأشار هرئيل إلى أنّ المشكلة الأكبر بالنسبة إلى هذين الحزبين، هي في أنهما عملا على تعليق الآمال لتحسين وضعهما الانتخابي «على الورقة الأمنية وعلى ترميم الصورة الإسرائيلية ضدّ حماس».وإذ لفت هرئيل إلى أن العملية الأخيرة أعادت خلط الأوراق، عاد وتساءل: «إذا كانت قوة الردع الإسرائيلية قد استعيدت فعلاً في غزة، فلماذا قُتل هناك جندي بعد وقت قصير على انسحاب الجيش؟».وأضاف ساخراً: «سواء كانت العملية الأخيرة تشير إلى أن تل أبيب نسيت أن تُخبر الفلسطينيين بانتصار الجيش الإسرائيلي واستعادة الردع، أو كان ما حصل هو مناورة محكمة من حماس لاستفزازنا على اعتبار أن الانتخابات ستردعها عن التصعيد، فمن الواضح أنه يتعيّن على إسرائيل القيام برد عسكري مناسب». ووصلت الأمور بهرئيل إلى القول إنّ «مسار الأمور يُظهر الخشية من أن تكون إسرائيل تتحدث بالعبرية حيث يجب أن تتحدث بالعربية».وتطرّق هرئيل إلى الزاوية العملانية لقتل الضابط في كيسوفيم، متوقّعاً أن يضطرّ جيش الاحتلال إلى فحص كيفية نجاح المقاومين في التسلل إلى السياج الحدودي، من دون رصدهم.وفي السياق، استغرب عوفر شيلح، في «معاريف»، مواقف المسؤولين الإسرائيليين وردود فعلهم التي أظهرت كما لو أنهم «فوجئوا» بالعملية. ورأى أن «الصراع على الكرامة والردع، وعلى من الذي يقول الكلمة الأخيرة ومن ينزف قطرة الدم الأخيرة، لم ينته أبداً بضربة واحدة».واستعاد شيلح تفاصيل مرحلة ما قبل انسحاب الاحتلال من جنوب لبنان في عام 2000، مقارناً سلوك حزب الله بما تقوم به المنظمات الفلسطينية اليوم، من ناحية تفحّص «حدود الصبر» لدى الدولة العبرية.وعلى حدّ تعبير الصحافي في «معاريف»، فإنّ تنظيمات المقاومة تتصرّف كأنّ شيئاً لم ينتهِ بعد، «ما دامت المعابر بقيت مغلقة، وما دام لا يوجد إعلان للتهدئة». وفي عبارة تشبه ما كتبه هرئيل، حذّر شيلح من أن تنظيمات المقاومة «لسبب ما، لا تقرأ الصحف التي كُتب فيها أن قوة الردع الإسرائيلية قد رُمّمت».وجزم شيلح بأن «حالة من الإحباط تسود إسرائيل»، عازياً إياها إلى أسباب عديدة: النشوة التي عمّت الجمهور لكون الجيش الإسرائيلي قد «رمّم نفسه»، والشعور بالانتصار الذي «ليس له أي صلة تقريباً بقوة الخصم الحقيقية وبما جرى على أرض الواقع»، والروزنامة السياسية التي تشتدّ نارها مع اقتراب استحقاق الانتخابات.وعن التهديدات بالرد على «حماس» بشدة، رأى شيلح أنها «ستتحطم على سور الألم الذي أوجده الرصاص المصهور»، طارحاً السؤال التالي: «على افتراض أننا لن نخرج غداً لاحتلال غزة من جديد، ما الذي يمكننا أن نقوم به ضد الفلسطينيين ولم نفعله حتى الآن؟».في المقابل، جاء تعليق المراسل العسكري لصحيفة «إسرائيل اليوم»، يوآف ليمور، على عملية كيسوفيم مليئاً بالغضب وبالدعوة إلى «رد قاسٍ»، لأنه «إذا لم نرد الآن وفوراً، نكون قد أسأنا إلى التزاماتنا تجاه الجمهور. والأسوأ من ذلك، نكون قد أوجدنا سابقة ستؤدي إلى التدهور وإلى سحق سريع للردع الذي حُقّق في عملية الرصاص المصهور».ورغم ذلك، أشار ليمور إلى أن «منطقية قرار الرد القاسي تواجهها مشكلة التطبيق»، ذلك أنه لا أحد يريد العودة إلى «الرصاص المصهور رقم 2، وتحديداً ليس في اليوم الذي سيحضر فيه (المبعوث الرئاسي الأميركي) جورج ميتشل إلى الأراضي المحتلة».وما يزيد من حدة المعضلة، بحسب ليمور، هو أنّ ثمة أزمات أخرى اختصرها بالتالي: «العالم ليس إلى جانبنا»، مذكّراً بأنه في أوروبا تزداد الأصوات الداعية إلى التحاور مع «حماس».وقد انضمّ معلّق الشؤون الأمنية والعسكرية في «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، إلى يمين ليمور في تشديده على وجوب توجيه ردّ قوي على المقاومة الفلسطينية، «حتى لو كان ثمن الرد تجدد إطلاق صواريخ القسام، أو الدخول مجدداً إلى غزة».وبدا واضحاً مجدداً أنّ الهمّ الرئيسي بالنسبة إلى يشاي هو تجنّب تكرار ما حصل في جنوب لبنان، و«بغية الإيضاح لحماس ولمصر وللعالم أن إسرائيل لن تتحمّل نسخة مكرّرة لما حصل من أحداث على الحدود في مقابل حزب الله بعد الانسحاب من لبنان» عام 2000.وحذّر يشاي من أنه إذا لجأت حكومته إلى ضبط النفس، أو إذا اكتفى الجيش بردّ محدود، فقد يؤدي ذلك إلى نشوء وضع توقف فيه «حماس» إطلاق صواريخها، «لكنها تواصل العمل على طول القطاع».وتخوّف يشاي من أنّ العملية يمكن أن تكون سابقة تعزز رفض «حماس» إقامة منطقة حدودية عازلة على طول حدود القطاع الفلسطيني. وأنذر يشاي قيادته من أنها إذا لم تردّ بقسوة، سياسياً وعسكرياً، فإنّ «عملية كيسوفيم ستمثّل سابقة ونموذجاً لما سيحصل إذا لم يؤخد بمطلب إسرائيل الداعي إلى إنشاء منطقة فاصلة وخالية من المقاتلين ومن النشاطات فوق الأرض وتحتها، بعمق نصف كيلومتر على الأقل، وعلى طول السياج الحدودي».

عن الاخبار

هل اتفق فاروق القدومي وخالد مشعل مع الأسد على منظمة تحرير "جديدة "!؟

مصادر فلسطينية في دمشق :
القدومي قد يكون قريبا على رأس تحرك " فتحاوي " كبير لدعم إنشاء مرجعية وطنية فلسطينية تكون بديلا لمنظمة التحرير ، و تكون " حماس " عمودها الفقري !؟
كلمة السر من الأسد لمشعل : عليكم استثمار ما حصل في غزة .. سياسيا !
على مدى عشرات السنين ، ومنذ أن قرر العرب الرسميون اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية " الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني " ، كانت " المنظمة " موضوع تناتش هذه الأنظمة و " خردقتها " عبر الدكاكين التي افتتحتها داخلها ، وحتى داخل التنظيم الأم ـ فتح . إلا أن أيا من هذه الأنظمة لم يتجرأ رسميا على تجريد " المنظمة " من صفتها الاعتبارية ، حتى في ذروة الصدامات العربية ـ العربية و الفلسطينية ـ الفلسطينية. وإذا كانت أول وآخر محاولة جدية من تلك المحاولات قد جرت في العام 1983 حين عمل الأسد الأب على " اقتطاع " جزء من فتح ـ الأم من خلال انشقاق " فتح ـ الانتفاضة " ، فإنها لن تكون الأخيرة على ما يبدو . ومن المرجح أننا الآن على وشك سماع أخبار " نوعية " تتعلق بمحاولة جديدة من تلك المحاولات ، لكن أكثر جدية واتساعا. وطبقا للمعلومات الواردة من مصادر فلسطينية يسارية في دمشق ، فإن أمين سر اللجنة التنفيذية لحركة فتح " أبو اللطف " ، فاروق القدومي ، ربما يكون أنجز اتفاقا مع الأسد الابن خلال اليومين الماضيين على إنشاء " منظمة تحرير فلسطينية بديلة " تسحب الشرعية من سلطة محمود عباس في رام الله ، الذي انتهت ولايته في التاسع من الشهر الجاري بصفته رئيسا للسلطة الفلسطينية . وبحسب ما أكدته هذه المصادر فإن " أبو اللطف " ، أحد أبرز القادة التاريخيين لحركة " فتح " ، ومن موقعه الاعتباري المعنوي والتنظيمي ، من المرجح أن يكون قريبا على رأس تحرك كبير في " فتح " لدعم إعلان مرجعية وطنية فلسطينية على أنقاض منظمة التحرير التي لم تعد موجودة عمليا ، خصوصا وأن " فتح " على أبواب أحد مؤتمراتها التنظيمية الأكثر حساسية. ولم تستبعد هذه المصادر أن يكون أحد القادة التاريخيين الآخرين للحركة ، هاني الحسن ، داعما القدومي في تحركه المرتقب ، لاسيما وأن علاقته ( هاني الحسن) بمحمود عباس وبأولياء نعمة " آل الحسن " في السعودية ، أصبحت شبه مقطوعة، بعد أن اتخذ بحقه إجراء تنظيمي على خلفية دعمه شبه الصريح لحركة " حماس " في عملية الطرد والتطهير التي قامت بها في غزة صيف العام 2007 ضد جماعات دحلان وأجهزته الأمنية ، المدعومة أميركيا وإسرائيليا ومصريا . لكن محركي هذا المشروع ، طبقا للمصادر لا يزالون يصطدمون بتحفظات فصيلين تاريخيين أساسيين هما الجبهتان الشعبية والديمقراطية . كما أن هناك خلافا بين محركي المشروع يتعلق برغبة معظمهم في أن يكون الأمر بعد عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني الوطني الفلسطيني وترميمه بأعضاء جدد بدلا من الموتى . ويستند أصحاب المشروع إلى مجموعة أسس سياسية وتنظيمية لا تفقتقر إلى المنطق :
أولا ـ إن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أصبحت فاقدة الشرعية من الناحية التنظيمية والعملية ، ليس لأن عددا من أعضائها قد توفي وحسب ، بل ولأن بعض الفصائل الممثلة فيها ليست سوى دكاكين بالمعنى الحقيقي لا المجازي ، ولا تمثل أحدا على الأرض ، على الأقل في الداخل الفسطيني ، بينما " حماس " و " الجهاد الإسلامي " اللتان تمثلان انتخابيا أكثر من نصف الشعب الفلسطيني داخلا وخارجا، ليستا ممثلتين في قيادة المنظمة ؛
ثانيا ـ إن سلطة رام الله ، ممثلة بزمرة صغيرة من التجار واللصوص والمافيات ، وقسم منهم من عملاء إسرائيل بالمعنى الدقيق للكلمة ( تعاونوا أمنيا مع إسرائيل ضد فصائل وطنية ، وتورطوا في توريد الإسمنت لبناء الجدار العنصري ، وتورطوا في اغتيال عرفات .. إلخ ) ، أثبتت فشلها السافر في تحقيق أي إنجاز منذ إبرام اتفاق أوسلو قبل 15 عاما ، بل أصبح وضع المناطق التي تخضع لسلطتها ، ولو الشكلية ، أكثر سوءا بما لايقاس مما كانت عليه تحت الاحتلال الإسرائيلي السافر . كما أن هذه السلطة تتفرد باتخاذ قرارات وإبرام اتفاقيات مع إسرائيل مدمرة للقضية الفلسطينية على المستوى التكتيكي والاستراتيجي ، ليس لأنها لا تسترشد باللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير فقط ، كما يفترض أن يكون عليه الأمر ، بل لأنه لم يعد يوجد عمليا لجنة تنفيذية تشرف على هذه المفاوضات ، للأسباب المذكورة أعلاه .
ثالثا ـ إن القضية الفلسطينية ، لاسيما بعد " حرب غزة " ومجيء إدارة أميركية جديدة أحد أهدافها ( بالتشارك مع إسرائيل والسعودية ومصر) تصفية القضية الفلسطينية عبر تسوية تقضي عمليا على ما تبقى من حقوق فلسطينية ، تقف عند منعطف ربما يكون الأخطر في تاريخها . وهو ما يستلزم وجود قيادة وطنية موحدة تمثل أوسع فئات وتيارات الشعب الفلسطيني داخلا وخارجا ، وتكون على مستوى التحديات التي تنتظرها. وتدعو مصادر " الحقيقة " إلى قراءة ما جاء في مقال
توماس فريدمان يوم أول أمس في النيويورك تايمز في هذا السياق ، حيث دعا إلى " مبادرة عربية 2 " . ويبدو أنها من إيحاءات الملك السعودي . ولا بد من التذكير هنا بأنه كان أول من سرب " مبادرة الملك عبد الله " الأولى التي أصبحت " مبادرة عربية " في قمة بيروت .
رابعا ـ إن النظام السوري ، وأكثر من أي وقت مضى ، بحاجة للإمساك بالقرار الفلسطيني ، أو ما يعتبره " ورقة " من أوراقه التفاوضية . وهو يشعر بأن ما يطبخه النظامان المصري والسعودي خلف الكواليس لا يصب في صالحه على هذا الصعيد .
في سياق ما تقدم علينا أن نقرأ الكلام " الواضح جدا " الذي قاله الأسد لخالد مشعل خلال استقباله قبل يومين ، حيث دعا المقاومة الفلسطينية حرفيا إلى " استثمار النصر العسكري في غزة ... سياسيا " .
ويوم أمس جاء الجواب من الدوحة ، وليس من غيرها (!) ، لكن على لسان خالد مشعل في احتفال في العاصمة القطرية ، حيث تحدث أمام الجمهور عن " مفاجأة على الصعيد السياسي الفلسطيني " ، مشيرا بوضوح إلى ""تحرك تقوم به الفصائل سوف تفاجئ به الاطراف الآخرين لبناء مرجعية وطنية جديدة تمثل فلسطينيي الداخل والخارج وتضم جميع القوى الوطنية الفلسطينية وقوى الشعب وتياراته الوطنية (...) لأن منظمة التحرير الفلسطينية في حالها الراهنة لم تعد تمثل مرجعية الفلسطينيين وتحولت ادارة لانقسام البيت الفلسطيني".
منقول بتصرف