السبت، 31 يناير 2009

ليس انتقاصاً من حزب الله.. بل إنصافاً لحماس

أوّاب إبراهيم - الجزيرة توك - بيروت
وضعت حرب غزة أوزارها، وتحوّل انشغال العالم من وقف العدوان إلى لملمة الجراح التي تسبّب بها، وإعادة إعمار ما دمره، والبناء على النتائج التي أفضت إليها هذه الحرب، دون مراجعة الأسباب التي أدّت إلى هذه النتائج، وإهمال ملاحم البطولة التي سطّرها مجاهدون ارتقى الكثير منهم إلى بارئهم. ثلاثة أسابيع من المجازر والغارات والقنابل الفوسفورية والشهداء والدمار والجرحى، والعمل الاستخباراتي الدؤوب تَشَارك به الأعداء ومن يُفترض أن يكونوا أصدقاء، لكن فصائل المقاومة رغم ذلك نجحت في الصمود ومواصلة المواجهة..منذ اليوم الأول كان العالم يقارن بين العدوان على قطاع غزة وبين العدوان على لبنان في تموز عام 2006. ومنذ اليوم الأول كان معيار نجاح أو إخفاق المقاومة الفلسطينية في صدّ العدوان يتمّ بناء على ما حقّقته المقاومة في جنوب لبنان، دون الانتباه للاختلافات الجوهرية بين المواجهتين والظروف المحيطة الجغرافية والعسكرية والأمنية والسياسية والدولية بينهما. وهذا لا يعني الانتقاص من البطولة التي سطّرها مقاومو حزب الله جنوب لبنان، لكنه يدعو لتقدير الإنجاز الذي حققته حماس بمعزل عن أي مقارنة ظالمة. فحزب الله اكتسب قبل عدوان تموز باعاً طويلاً في مواجهة الاحتلال بدءاً من الثمانينيات والمواجهات المباشرة بينهما في الشريط الحدودي آنذاك، مروراً بعدوانيْ 1993 و 1996، مُني الحزب خلالها الكثير من الخسائر والتضحيات، لكنه من جانب آخر اكتسب الكثير من الخبرة، وطوال هذه السنوات كان حزب الله يختبر عدوّه أكثر، ويحضّر للمعركة القادمة بشكل أكبر. أما حماس، فالعدوان على غزة كان المواجهة المباشرة الأولى بينهما. طوّر حزب الله ترسانته الصاروخية والعسكرية طوال أكثر من عشرين عاماً بمساندة ورعاية وحماية سورية إيرانية، وكان الحزب خلالها يقوم بتوزيع منصات صواريخه في المناطق الجنوبية وتمويهها كما يشاء، بعد أن يحفر لها الأنفاق باستخدام آلات وأجهزة متطوّرة. في حين أن الصواريخ التي تمكنت حماس من إدخالها إلى غزة أو التي صنّعتها هي حصيلة عام ونصف فقط منذ سيطرتها على القطاع في حزيران 2006، بينما المرحلة السابقة كانت السلطة الفلسطينية تمنع إدخال السلاح وتعتقل المقاومين. منذ نشأة حزب الله والعالم يدرك أنه يرسل شبابه إلى إيران للتجهيز العسكري والتدرّب على استخدام الأسلحة التي تمدّ بها إيران الحزب، كما أن المدربين الإيرانيين كانوا يأتون باستمرار إلى لبنان للإشراف على الدورات العسكرية التي يجريها الحزب لمقاوميه. هذا الأمر كانت حماس تفتقده بالكامل، فلم يكن متاحاً لمقاوميها إجراء تدريبات واسعة، ولا تجربة الأسلحة التي تمكنوا من إدخالها أو تصنيعها، ولعلّ العدوان على غزة شكل فرصة لاختبار الأسلحة التي بين أيديهم واستخدامها عملياً على الأرض للمرة الأولى. واجه حزب الله العدوان على لبنان في منطقة مكشوفة وفارغة من سكانها بعد نزوحهم إلى بيروت وبقية المناطق. فخاض المعركة مع الاحتلال دون ضغوط شعبية. في حين أن حماس واجهت العدوان من الأحياء السكنية والأزقّة، ولم يكن بالإمكان تأمين بدائل لأهل غزة. فكانت مشاهد الشهداء والجرحى المدنيين الذين سقطوا جراء العدوان أكثر ضغطاً على حركة حماس من الاستهداف المباشر لها ولقادتها ومؤسساتها. وقد استغلّ الاحتلال نقطة الضعف هذه. حظيَ حزب الله بغطاء شعبي ورسمي في مقاومته الاحتلال. فالحكومة اللبنانية بعيداً عمّا اتُهمت به من معارضة ما قام به حزب الله، إلا أنها كانت مساندة له في المعركة السياسية والدبلوماسية التي أفضت لصدور القرار 1701 ووقف العدوان، وقد وصف رئيس مجلس النواب نبيه بري الحكومة آنذاك بأنها حكومة المقاومة، إضافة لمساندة سوريا التي تحيط بلبنان. في المقابل فإن شركاء حماس في الوطن شاركوا الاحتلال بمحاولة ذبحها، فلم تخجل رموز السلطة الفلسطينية من إبداء الشماتة بما يجري، وتبرير العدوان وقتل الأبرياء، وصولاً بامتناع رئيس السلطة الفلسطينية عن تقديم شكوى أمام المحاكم الدولية تتهم "إسرائيل" بارتكاب جرائم حرب. أما جيران حماس، فالمساندة التي يفترض أن تقدمها لأهالي القطاع خصصتها لدعم الاحتلال والمساهمة بخنق الفلسطينيين ومنع وصول المساعدات إليهم. هي محاولة لإعطاء حماس ومقاوميها الإشادة التي يستحقون، دون الانتقاص من إنجاز حزب الله. ومن الإنصاف الإقرار بمساهمة الحزب وقيادته بشكل مباشر في تحقيق صمود حماس في مواجهة العدوان على غزة بطرق الطرفان أدرى بها، ومن أجل هذه الغاية كان الشهيد "الحاج رضوان" عماد مغنية ضيفاً دائماً على رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في دمشق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق