الجمعة، 23 يناير 2009

إنَّ مِنَ الحــماس لَسِحرا! بقلم : بيان مراقب

حركة يُغتال قادتها في كلِّ بضعة أشهر مرَّة أو مرتين, ويؤسر أبطالها منذ فجر انطلاقتها, و تحاصر وتحارب بيد أعدائها وأعوانهم, و تُهاجم وتُرمى بقيح الكلام من أقبح النفوس؛ وبرغم كل ذلك وأكثر فإنها لا تتأثر وتظلُّ شامخةً, رأسها يعلو فوق السحاب وجذورها تتمترس في قلب الأرض, ولا يُضيرها ما ينسج حولها من مكائد وما يُرمى به جدارها المنيع من قذائف.استشهد "عيَّاشها" فعيَّشت المغتصبين في نار عملياتها الاستشهادية, واغتيل مؤسِسها, فأسست حكومة للشعب الفلسطيني وتربَّعت على سُدَّتها, وحوصرت غزَّتها فأخرجت الشعوب من الدول العربية والإسلامية والغربية (كفنزويلا وأمريكا و بريطانيا وألمانيا و تركيا واليونان و بلجيكا وبوليفيا والنرويج... والقائمة تطول) لتحمل تلك الجموع راياتٍ خضراء وأعلاماً فلسطينية, و تهتف بصوت هادر: "كلنا غزة".في مظاهر استشهاد القادة والحرب والحصار, سطع نجم حماس وعلا صيتها برغم أنها الحلقة الأضعف؛ فما الذي سيجري اليوم بعد أن أصدرت هذه الحركة المباركة بيان الانتصار!؟
لا ينفع المال الأنام ولا الغنى.. ما لم يكن تاج الأنام حماس.
ولا يكون التاج في الحربِ إلا مِشعلاً مسرجاً تمُدّه الدماء بالثبات وتزيده المقاومة اصراراً على المواقف , و لا يكون المشعل إلا في القمة - ليشمل في حدود نوره كلّ محب وصديق وليهتدي به كل ضالٍ للطريق- ولا تكون القمة إلا لحماس ومن دعم صمودها وبارك جهادها. "الكيان الصهيوني أصبح اليوم عاجزاً عن النصر". هذا ما قاله رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية في قمة الدوحة, و التي مثَّل فيها الشعب الفلسطيني الصامد في قطاع العزَّة, وعن يمينه الجهاد الإسلامي وعن شماله الجبهة الشعبية القيادة العامة, في صورة تُعجِب الأطهار وتغيظ الأعداء والفُجَّار؛ توحدت فيها قوى المقاومة خلف نبراسها و مشعلها. وفي اللحظة التي حاصر فيها العدو الصهيوني حركة حماس, وأراد أن يُطيح بحكمها في غزة, خرجت له في قمَّة يُنصت لها الملوك وتُصفِّق لها الشعوب؛ لتتحدث باسم المقاومة وتهاجم الكيان المسخ وتتوعّده بهزيمةٍ سرعان ما تحققت باندحار الجيش الصهيوني وهو يجرُّ أذيال الخيبة و أشلاء الضحايا.
صيام من باب الرَّيان.
رحل في هذه الحرب إلى الجنان قادةٌ و رموز حمساوية لا مثيل لها في العالم أجمع, وسطَّرت تلك الرموز بدمائها و أشلاء أهلها طريق العزَّة و رسمت خارطة النصر. فزادت دماء الريّان من ثبات حماس و صلابتها, وأشعلت حروق صيام نار الثأر في قلب المقاومة؛ وما لملمة الكيان الصهيوني لأوراق الحرب و تراجعه عنها بحجج واهية, بعد اغتيال المجاهد سعيد صيام, إلا خير دليلٍ على خوفهم من ردة الفعل القسَّامية.لم يشترك نزار الريان وسعيد صيام, في الاسم الذي جمع بين الصيام و جزاء أهله فحسب, بل تشابهوا أيضاً في أن استشهادهم جاء في يوم سُنَّ فيه الصيام. فحملت شهادتهم الزَّكية رسالة نديَّة بهيَّة توضِّح للجميع التحام حماس مع شعبها وتقاسمها الهموم معه ودفاعها عنه, واختلاط دماء رموزها مع دماء أطفاله. وبيَّنت هذه الشهادة كيف أنَّ الله مع هذه الحركة حتى في تنسيق أيام الاتخاذ والاصطفاء! " إما النصر وإما الشهادة" كانت الشهادة في يوم الخميس للقادة, ونُقل بيان النصر الأول في ليلة الخميس 21-1- 2009 عبر "القدس" إلى أبناء حركة حماس في العالم.
بالهنا يا هنيَّة.
لم يسبق للتاريخ الحديث أن شهد رئيساً للوزراء يجهر بصوته المغوار قائلاً:" إننا نقبل رؤوسكم وأيديكم والأرض من تحت نعالكم أيها الرجال الأحرار الأبطال" - ولا أحرار ولا أبطال بعد اليوم إلا في غزَّة- ولم يشهد التاريخ الحديث قائداً يحمل همَّ شعبه كما حمل ابن حماس همَّ الإسلام, ولم يشهد العالم رئيساً منتخباً لا يُعارضه عاقل إلا رئيس وزراء حكومة المقاومة الفلسطينية. "ستنتصر غزَّة" هذا ما قاله القائد إسماعيل هنيَّة في يوم 12-1-2009, يوم رفع أكفَّ الضراعة يدعو لشعبه المظلوم, وتُردد الأمة من خلفه "آمين". وفي يوم 18-1 كانت استجابة دعاء المظلوم والإمام العادل حاضرة في خطاب أبي العبد:"نحن في لحظة تاريخية وانتصار تاريخي، إن هذا الانتصار يفتح الباب واسعاً أمام حتمية النصر الأكبر". عينه على الأقصى ودعاؤه للأسرى و قلبه مع اللاجئين. فمن اللحظةِ الأولى لهزيمة الصهاينة, ربط الانتصار بانتصارٍ قادم يعيد كامل الحقوق المسلوبة؛ فهو لا ينسى بأنَّه قد صرَّح ذات يوم بما في قلبه وفكره, و ردد بصوته الجهور ثلاثاً: لن نعترف بإسرائيل!
القسَّام.. جيشٌ لا يُقهر.
هل يشرب القسَّامي ويأكل!؟ و هل يشعر بالنعاس!؟ وكيف يقتل الصهاينة دون أن يتأثر؟ أسئلةٌ يطرحها الصغار ويحار في أجوبتها الكبار؛ فما الذي سنقوله عن ذاك القسامي الذي يواصل الليل بالنهار وهو يُقارع مدفعية من دبابةٍ وطائرةٍ و زورق, ويتمكن برغم شدَّة المواجهة من صهر الرصاص المسكوب, وتوسيع بقعة الزيت اللاهب! وكيف لنا أن نشرح بأن جندياً أعزل إلا من قليل السلاح, يجندلُ جيشاً مُعززاً بأطنان القنابل ومُحمَّلاً بكل المُعدَّات القتالية المتطورة!؟ وكيف نستوعب أن قطاعاً محاصراً من الجو والبر والبحر, يجبر الأعداء على الهرولة لعقد اتفاقياتٍ تمنع من تسلُّحه وإمداده ببعض الذخائر! (مع علم الصهاينة المُسبق بأن شيئاً لن يمنع " الأشباح" من تحقيق مُرادهم, وأنهم إذا ما أرادوا إدخال السلاح فلن يحول بينهم وبين ذلك حائل أو مانع).حربٌ معلنة لاجتثاث كتائب القسَّام من قطاع العزَّة؛ تقابلها الكتائب بإعلان تخطيطها و عملها على أسرِ جنودٍ صهاينة, وهو ما طبَّقته فعلياً في أرض المعركة, يوم استدرجت جنوداً مُدججين بالسلاح و أوقعتهم أسراها قبل أن تقصفهم الطائرات الصهيونية, التي فتَّت الجنود بنيرانها الصديقة! عظمة كتائب العز لم تقف عند حدِّ الدفاع عن غزَّة و الاستبسال على أعتابها, و ردِّ العدوان وإركاع العدو؛ بل إنها تخطت هذا إلى مرحلة صيدِ الجنود, لاطلاق سراح أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال.
أَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً!؟
هذا قول الذين كفروا يوم كانوا يتمتعون بقوة و فخامة و هيبة, ولكنَّ ذعر قادة الصهاينة وقلقهم من إشاعات "إنترنتيَّة", و مناظر جنود النخبة وهي تهرب كالفئران الصغيرة خوفاً من طلقات قناصٍ قسَّامي, و صور حرق علم الكيان الصهيوني في مختلف دول العالم و إسقاط سمعته وهيبته في الوحل؛ أعدَّت إجابةَ على هذا الأسئلة وبيَّنت بأن الذين كنزوا القوة و ادعوا الهيبة خسروها في أولِّ مواجهة, وأول الغيث قطرة "فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً".

منقول من شبكة فلسطين للحوار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق