كشفت مصادر فلسطينية واسعة الاطلاع في دمشق أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يشعر بحرج شديد أمام حلفائه في إسرائيل وفي بعض العواصم العربية بعد معلومات استخباراتية تؤكد تسرب خطة الهجوم على غزة من داخل مكتبه في رام اللـه الى حركة حماس في غزة قبل بدء العدوان بأيام أو أسابيع قليلة.
وتفيد هذه المصادر أن عباس يحاول قدر المستطاع نفي هذه المعلومات إلا أن عناصر من مكتبه ومن جهاز أمنه الخاص أكدوا لجهاز أمني كبير أن المعلومات تم فعلاً تسريبها قبل بدء العدوان بأيام أو ربما أسابيع قليلة، وأن حركة حماس والفصائل المقاومة بغزة أخذت علماً بتفاصيل الهجوم وبخطة عباس الكاملة، إلا أنها لم تكن تعلم بتوقيته.وفي التفاصيل التي حصلت «الوطن» عليها من المصادر المذكورة، فإن محمود عباس بذل جهوداً مكثفة مع قادة إسرائيل ومع عدد من الأجهزة الأمنية العربية والدولية لإقناعهم بتنفيذ خطته الهادفة الى إنهاء سيطرة حماس على القطاع وإرسال قوات دولية تتولى الإشراف على غزة الى حين تنفيذ انتخابات عامة تشريعية ورئاسية وفق قانون انتخابي جديد يضمن عدم مشاركة حماس في تلك الانتخابات.وكانت خطة عباس تقوم على 5 مراحل:
1- المرحلة الأولى عسكرياً: تقوم إسرائيل بتنفيذ عمليات عسكرية مركزة تستند إلى تنفيذ ضربات عسكرية جوية لمراكز البنية التحتية لحركة حماس وخاصة مراكز القيادة والسيطرة واستهداف بعض قيادات الحركة المؤثرين في قطاع غزة بالتزامن مع تنفيذ عمليات توغل في المناطق الحدودية لإقامة مناطق عازلة تؤدي إلى تقليص القدرات الصاروخية للتنظيمات الفلسطينية ومنعها من تنفيذ هجمات صاروخية مؤثرة على المدن والقرى الإسرائيلية في المناطق المحاذية
.2- المرحلة الثانية: تحريك الأوضاع في داخل قطاع غزة اعتماداً على عناصر حركة فتح وذلك من خلال القيام بعمليات تستهدف الاستقرار الداخلي وتؤدي إلى زعزعة الجبهة الداخلية في قطاع غزة على عدة صعد أمنية واقتصادية واجتماعية.
3- المرحلة الثالثة: استغلال تدهور الأوضاع في قطاع غزة واستصدار قرار دولي بإدخال قوات دولية وعربية لحفظ النظام وإعادة الأوضاع إلى مرحلة ما قبل سيطرة حركة حماس على القطاع بحيث تتولى هذه القوات الإشراف على قطاع غزة إلى حين تنفيذ المرحلة الرابعة
.4- المرحلة الرابعة: الدعوة إلى انتخابات عامة تشريعية ورئاسية في قطاع غزة وفق قانون انتخابي جديد يضمن عدم دخول حماس في تلك الانتخابات وكذلك استبعاد العناصر «المتطرفة» في حركة فتح مع إمكانية وصول عناصر تكنوقراط إلى مراكز صناعة القرار بقيادة الدكتور سلام فياض.
5- المرحلة الخامسة: استغلال النظام السياسي الذي سيتم بلورته في ضوء نتائج تلك الانتخابات للتوقيع على اتفاق نهائي مع إسرائيل يضمن إنهاء الصراع بصورة نهائية.ردة فعل حماسوأضافت المصادر : إنه وفي ضوء المعلومات الخطرة التي تم تسريبها من قبل أحد العاملين في مكتب عباس برام اللـه الى قيادة حركة حماس، عقد اجتماع عاجل في غزة برئاسة الدكتور محمود الزهار وبحضور إسماعيل هنية وسعيد صيام وقائدي كتائب القسام محمد الضيف ومحمد الجعبري لتدارس الأمر، وتم استنتاج ما يلي:
1- أكد سعيد صيام مصداقية المعلومات التي تم تسريبها من مكتب عباس في رام اللـه وقال إن المصدر الذي أرسلها سبق أن قام بتزويد الحركة بمعلومات خطرة في تقارير سابقة تبين لاحقاً أنها صحيحة إضافة إلى أنه مطلع من قرب على تفاصيل دقيقة عن مجريات الأحداث في داخل مراكز صناعة القرار في رام اللـه
.2- تم الاتفاق على اتخاذ قيادة الحركة إجراءات احترازية لرفع درجات الاستعداد والتأهب لمواجهة العمليات الإسرائيلية وخاصة على صعيد تحركات قيادات الحركة، أما على صعيد مراكز القيادة والسيطرة فقد تم الاتفاق على تفعيل خطط طوارئ لضمان استمرار الاتصال بين وحدات كتائب القسام العاملة في جميع المناطق
.3- أما على صعيد الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية فقد تم التأكيد على دورها في المرحلة المقبلة وخاصة لمواجهة مخططات زعزعة الوضع الأمني الداخلي في ظل احتمالات تعرض مقراتهم لعمليات قصف تستهدف مراكز القيادة للأجهزة الأمنية والشرطة وهو الأمر الذي يتطلب إيجاد مراكز بديلة لضمان استمرار أداء تلك الأجهزة بما يضمن استمرار دورها في حفظ الأمن والنظام العام.خطة تفسر حقيقة ما جرىوانطلاقاً من هذه المعلومات ومع الكشف عن الخطة الكاملة للهجوم على غزة، بات من الواضح لماذا استهدفت إسرائيل في أول أيام قصفها مراكز الشرطة الفلسطينية في محاولة لفتح المجال أمام عناصر فتح للتحرك بحرية داخل غزة وزعزعة الوضع الداخلي وإرشاد الطائرات الإسرائيلية إلى أماكن وجود قيادات حماس وهو السيناريو ذاته الذي كان خطط له في الحرب على لبنان إذ كانت إسرائيل طلبت من عناصر 14 آذار التعاون معها والكشف عن مكان وجود قيادات حزب اللـه.كما تفسر هذه الخطة سبب إلحاح بعض وزراء الخارجية العرب على الذهاب الى مجلس الأمن واستصدار قرار دولي لوقف العدوان على غزة وما كرره محمود عباس أكثر من مرة عن ضرورة أن يتضمن القرار وجود قوات دولية في غزة، الأمر الذي لم يتمكن من تحقيقه نتيجة المعلومات التي سبقته الى مجلس الأمن ووصلت إلى عدد من الدول الدائمة العضوية وكانت تؤكد نيات عباس وخطته لاستعادة غزة من خلال القوات الدولية، فكانت النتيجة: صدور قرار لا ينص في أي من فقراته على إرسال قوات أجنبية إلى غزة، الأمر الذي أزعج عباس وإسرائيل وبعض الدول العربية، فكان القرار الإسرائيلي بالاستمرار في العدوان الى حين تدمير غزة كلياً بمن فيها، ومن هنا كان أيضاً كلام الرئيس المصري لوزير خارجية التشيك «بضرورة ألا تخرج حماس منتصرة من غزة».ونتيجة الإجراءات الوقائية التي اتخذتها حماس بعد حصولها على خطة عباس، تمكنت فصائل المقاومة الفلسطينية من الصمود والقتال أكثر مما كان متوقعاً واستبسلت في العديد من المعارك ما جعل جهاز الموساد الإسرائيلي يسأل عباس أكثر من مرة عن إمكانية أن تكون خطة الهجوم قد تسربت الى حماس، الأمر الذي سارع عباس إلى نفيه خشية أن يتوقف الهجوم وتنتصر المقاومة إلا أن الضغوط الدولية ونزول الملايين من العرب والأوروبيين والأميركيين الى الشارع للتنديد بالمجازر الإسرائيلية في غزة إضافة للتحرك السوري والتركي والقطري وصمود المقاومة وشعب غزة جعلت إسرائيل تتوقف وتعلن وقفاً لإطلاق النار من جهة واحدة وفشلت خطة عباس وانتصرت حماس.وتضيف المصادر لـ «الوطن»: بعد الكشف عن خطة الهجوم على غزة، بات من الواضح سبب رفض عباس المشاركة في قمة غزة التي عقدت بالدوحة وجوابه لرئيس الوزراء القطري بأن «مشاركته تعني وكأنه يذبح نفسه من الوريد الى الوريد»، فالرجل أعد وشارك ونسق الهجوم، فكيف يمكن له أن يشارك في قمة تدين الهجوم وتنصر المقاومة؟ فأول من سيذبحه إسرائيل، وإن لم تفعل فالأجهزة العربية التي شاركت في الهجوم كانت ستفعل..
المصدر : الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق