الأربعاء، 28 يناير 2009
حماس لم تهزم ..... بقلم :سيفر بلوتسكر
في ختام حرب لبنان الثانية خضت تجربة كررت نفسها – ولكن بالعكس – في هذه الايام حقاسافرت في حينه بتكليف من الصحيفة الى اوروبا والى الولايات المتحدة وسمعت من كل صوب اناسا يهنئوننا على انتصارنا في الحرب.هكذا في المحادثات الخاصة وكذا في التحليلات المنمقة في وسائل الاعلام.الرأي العام في الغرب كان انه وان كانت اسرائيل من الناحية العسكرية لم تنهي المهمة، ولكن جملة انجازاتها في حرب لبنان مثيرة جدا للانطباع.حزب الله تلقى ضربة شديدة ووعيه كوي لسنوات طويلة، الامم المتحدة اتخذت قرارات مثلما ارادت اسرائيل، في الحدود اللبنانية يرابط جيش لبناني ودولي، وكل هذا حين استخدمت اسرائيل بعضا من قوتها العسكرية واظهرت كبحا جما للجماح. هذا التقدير الغريب، في أن اسرائيل انتصرت نصرا عظيما في حرب لبنان الثانية، تناقض تماما مع احساس الاحباط، الاستياء والخجل الذي ساد البلاد في حينه.والان ايضا، في سفريتي الاخيرة الى الخارج اصبت بصدمة عميقة.من اللقاءات، من المحادثات، من المحاضرات ومن الانصات لوسائل الاعلام صعد صوت واضح واحد، يختلف جوهريا عن الصوت الذي اطلق في البلاد : اسرائيل خسرت الحرب في غزة وخسرت خسارة فادحة.رغم أنها استخدمت كامل قدراتها العسكرية، رغم انها لم تحافظ على ضبط النفس وكبح الجماح اسرائيل لم تكسر حماس، لم تخفف نفوذها وفشلت في المساعي الاعلامية لعرضها كحركة ارهابية تعرض السلام العالمي للخطر – الامر الذي نجحت حقا في فعله لحزب الله.الاجمال غير المثني هذا على "رصاص مصهور" يطرحه ليس فقط منتقدو ومعارضو اسرائيل الدائمون، بل وايضا اصدقاؤها ومؤيدوها المؤكدون.التقدير بان "اسرائيل لم تنتصر في غزة" يتجاوز الخطوط السياسية الدارجة.يعتقد معظم المستطلعين في تلك الاستطلاعات للرأي بان اسرائيل لم تنتصر على حماس.واذا كانت لم تنتصر، فانها تكون قد خسرت.الصحيفة الامريكية "وول ستريت جورنال" احدى الصحف الاكثر تأييدا لاسرائيل باللغة الانجليزية، نشرت في عدد نهاية الاسبوع تقريرا كبيرا يشرح كيف عززت اسرائيل حماس، كيف جعلتها جهة سائدة في الساحة الفلسطينية، كيف خرجت حماس من القتال في غزة ويدها هي الاعلى ولماذا كنتيجة لذلك ستكون اسرائيل ملزمة، رغم انفها، التسليم بدولة حماس في كل السلطة الفلسطينية.وحتى في اوساط الطائفة اليهودية في نيويورك، والذين تضامنهم مع اسرائيل كامل، سمعت المرة تلو الاخرى السؤال الهازىء : "هل اسرائيل خرجت الى الحرب ضد حكم حماس ام ضد ادارة الولايات المتحدة؟ إذ ان اسرائيل اخضعت الادارة الامريكية واجبرتها على التوقيع على مذكرة تفاهم لمكافحة تهريب السلاح الى قطاع غزة ولكن حكم حماس نفسه لم يهزم، لم يصفى، لم ينزل الى ركبتيه بل ولم يتعهد بالحد الادنى المتوقع من منظمة مهزومة. فقد نجا، وهو يرفس ويطرح شروطا. ماذا اجديتم؟ أين اخطأتم في الاستراتيجية؟"عدت من لقاءاتي في المنفى وانا ملقن درسا.في الوقت الذي جعلت حرب لبنان الثانية – الفاشلة في الاساس الاسرائيلي – نزعا شاملا لشرعية حزب الله ، فان حرب غزة الرابعة – الناجحة في الاحساس الاسرائيلي – منحت شرعية لحماس ومكانة دولية لاسماعيل هنية، رئيس وزراء حماس في غزة.اللغة غير المنفلتة لهنية، بكاؤه الصامت في اثناء ظهوره المتلفز من الخندق، نظرته المهينة على خلفية دمار غزة، كل هذا قربه من قلوب الكثيرين، في العالم العربي وفي العالم بشكل عام.فقط رجل واحد لا يزال يمنع الحكومات في الغرب من فتح حوار مباشر مع حماس التي لم تهزم.اسمه براك اوباما.ولكن حتى متى ؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق