السبت، 31 يناير 2009

عن المنظمة و«مفاجأة» مشعل ... بقلم : عريب الرنتاوي


من هم الذين أعضبتهم "مفاجأة" رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل ودعوته تشكيل مرجعية بديلة للشعب الفلسطيني داخل الوطن المحتل وخارجه ؟.
إنهم صنفان من الناس: الأول، مخلص لقضية فلسطين ووحدانية تمثيل الشعب الفلسطيني ومشروعيته في إطار "وطنه المعنوي" منظمة التحرير، وأحسب أن هذا الصنف يضم شريحة عريضة وواسعة من المواطنين الفلسطينيين...أما الصنف الثاني، ولا يمثل سوى حفنة من الناس لا تتعدى أصابع اليدين والقدمين، هم أنفسهم الذين أفرغوا منظمة التحرير من مضمونها ودمروا دوائرها ومنظماتها واتحاداتها الشعبية، وعطلوا مجلسيها الوطني والمركزي، وأبقوا على لجنة تنفيذية هي بمثابة بطة عرجاء، تكاد تفقد نصابها بالوفاة، فيما الدهر أكل وشرب على من تبقى من أعضائها.
لا شكوك من أي نوع في مخاوف الحريصين على وحدانية التمثيل والشرعية الفلسطينية، لكن الشكوك بل قل الاتهامات، تغلف مواقف الصنف الثاني الذي اختطف المنظمة وحوّلها إلى ورقة يجري استدعاءها أو بالأحرى استخراج أختامها العتيقة والبالية من الأدراج، لاستخدامها في المناكفات الفلسطينية الداخلية، وفي هذه المناكفات فقط.
أكثر الناس جأرا بالتحذير والتهويل والتخويف من دعوات خالد مشعل، هم أكثر الناس الذين عاثوا إفسادا وتدميرا في أوساط منظمة التحرير، هم الذين شجعوا على رفع "السلطة" إلى مرتبة المرجعية وعلى حساب المنظمة واقعيا، هم الذين أتبعوا مكاتب المنظمة وسفاراتها وكادرها للسلطة وحكومة تصريف الأعمال (غير الشرعية)، هم الذين صفقوا لـ "الأبنة وهي تلتهم أمها".
والحقيقة فإن أخطر ما في دعوة خالد مشعل أن "الإطار الجديد" لن يكتسب شرعيته التمثيلية واعتراف العالم به، وسيبقى إطارا ائتلافيا (واسعا أو ضيقا ليس هذا هو المهم)، لن يجد من سينظر إليه عربيا وإقليميا ودوليا كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، حتى من قبل دول محتسبة على ما يسمى "محور الممانعة والمقاومة"، ولو أن الفرصة متاحة لانتزاع هذه الشرعية أو استردادها، لكنا من أوائل من أيد الدعوة، وبارك استعادة المنظمة من أيدي "غير الأمناء على سرها"، و"سر" المنظمة كما هو معلوم، يكمن في التفاف الجماهير الفلسطينية من حولها، لا انفصالها عنهم وتحولها إلى "مزرعة" لهؤلاء الذين لم يعد بمقدرو أي منهم الاقتراب من مخيم أو تجمع شعبي فلسطيني دون أن يكون مدججا بالحراس والمرافقين حليقي الرؤوس المدربين في مدارس دايتون ومعاهده الأمنية.
لذلك ندعو خالد مشعل وقيادة حماس أساسا، للتريث والتفكير مليا فيما هم ذاهبون إليه، فالمنظمة ليست تركة شخصية لهؤلاء الذين استولوا عليها ويرفضون فتحها للتغير والرياح الجديدة وإعادة الهيكلة والبناء، هي ملك الشعب الفلسطيني وثمرة جهوده وتضحياته ونتاج عرق ودماء ودموع أبنائه، يجب العمل بكل السبل المتاحة على تخليصها من أسر "حفنة" الشخصيات التي تتحكم بقرارها، من دون مشاركة من الشعب بمختلف فعالياته وتياراته، ويكفي أن ممثلي فصائل تاريخية في المنظمة عجزوا طوال عام تقريبا في وضع بند على جدول أعمال اللجنة التنفيذية لم يرق لأمانة سرها و"مزاج" القائمين عليها...يكفي أن "الاقتتال" الداخلي بين أعضائها دفع بأحدهم إلى حد إطلاق التهديدات الماسة بشخص وأمن زميل له في اللجنة التنفيذية، ولا ندري بمن يستقوي هؤلاء، بالأمن الفلسطيني أم بمرجعية التنسيق الأمني في بيت إيل.
ندعو خالد مشعل وقادة حماس، إلى التمييز بين توجههم لإنشاء أطر تحالفية وائتلافية واسعة وعريضة من جهة، وبين التورط في خلق منظمات بديلة وموازية من جهة ثانية، نحن نعرف وهم يعرفون بأن فرص انتزاعها لشرعية التمثيل ووحدانيته، تبدو مستحيلة، أقله في المدى المنظور.
ندعو لحشد القوى ورص الصفوف لاستعادة منظمة التحرير، وتحريرها من قبضة خاطفيها، وبالتعاون والتنسيق مع القطاعات الأوسع من قادة فتح وكوادرها، هؤلاء الذين لم تعد لهم صلة بالمنظمة والحكومة على حد سواء، وهم يواجهون اليوم، أو بالأحرى منذ رحيل قيادتهم التاريخية، أزمة قيادة بكل ما للكلمة من معنى، وأهم تجلياتها، محاولات تلزيم حركتهم التاريخية الرائدة، لقيادات من خارجها، جرى تكييفها على مقاس وثيقة جنيف والتنسيق الأمني وعالم المصارف والبنوك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق