الأربعاء، 28 يناير 2009

قطاع غزة ولعبة دبلوماسية المثلثات

ما زال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أكثر إصراراً على الإمساك بذيل وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، فبالأمس بدت توجهات السياسة الخارجية الإسرائيلية أكثر إصراراً على تحميل إيران مسؤولية تقويض استقرار غزة واليوم بدأ وزير الخارجية المصري أبو الغيط وهو يحمل إيران المسؤولية عن تقويض استقرار غزة.
* ماذا يجري على خط تل أبيب – القاهرة؟
تشير معطيات الأداء السلوكي الدبلوماسي إلى أن وزيرة الخارجية تسيبي ليفني تقوم بإجراء اللقاءات والتفاهمات مع زعماء الاتحاد الأوروبي والقادة الأوروبيين لجهة إقناعهم وحثهم على بذل الجهود من أجل وقف تهريب الأسلحة والعتاد إلى غزة.زيارة ليفني لأوروبا ترافقت مع توقيت قيام زعماء الاتحاد الأوروبي بعقد اجتماع قمة شرم الشيخ المصرية الذي شاركت فيه بجانب القاهرة كل من السلطة الفلسطينية والمملكة الأردنية الهاشمية وكان موضوع القمة هو حث القاهرة على التعاون مع الجانب الأوروبي في فرض الرقابة الدولية على قطاع غزة من الجانب المصري.وعلى هذه الخلفية فإن زيارة ليفني لأوروبا تمثل جزءاً مكملاً لأجندة دبلوماسية قمة شرم الشيخ الهادفة إلى التعاون الأوروبي – المصري في حماية أمن إسرائيل وتحديداً حرمان حماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية المتمركزة في قطاع غزة من خطوط ومصادر الإمدادات ليس تلك التي تصل إليها عبر الأراضي المصرية فحسب وإنما عبر المنافذ البحرية كذلك.
أعلنت القاهرة عن رفضها الصريح لوجود أي أطراف دولية على الأراضي المصرية المتاخمة لقطاع غزة، وبالمقابل لم تسع الوزيرة الإسرائيلية إلى حلفائها الأوروبيين وحسب وإنما سبق أن نجحت في دفع واشنطن إلى التوقيع على مذكرة تفاهم إسرائيلية – أمريكية مشتركة تتعلق بجهة قيام واشنطن بدور في فرض الرقابة على حدود مصر – قطاع غزة.
* قطاع غزة ولعبة دبلوماسية المثلثات:
النظرة الفاحصة في معطيات وخطوط تحالفات الخارطة الدبلوماسية تشير إلى وجود المثلثات الآتية:
• مثلث تل أبيب – واشنطن – بروكسل.
• مثلث القاهرة – واشنطن – رام الله.
ونلاحظ أن هذه المثلثات تتميز بالتداخل والتقاطعات فيما يتعلق بالمصالح الرئيسية والثانوية:
• تلتقي مصالح القاهرة – تل أبيب – رام الله في إقصاء حركة حماس بما يعيد سيطرة رام الله على القطاع.
• تلتقي مصالح تل أبيب – واشنطن – بروكسل في الضغط على القاهرة ورام الله.
• تلتقي مصالح القاهرة – رام الله في الاستجابة للضغوط الإسرائيلية الواردة إما بشكل مباشر عن طريق تل أبيب أو بشكل غير مباشر عن طريق واشنطن – بروكسل بما يتيح حصول القاهرة – رام الله على المساعدات.على خلفية تقاطع المصالح وبرغم الرفض المصري فإن هناك الكثير من الشكوك التي تفيد لجهة احتمال قبول وموافقة القاهرة على استضافة الوجود الدولي على أراضيها المتاخمة لقطاع غزة، وعلى الأغلب أن تحاول القاهرة توفير الغطاء المناسب لاستضافة هذا الوجود وذلك بما يحقق للقاهرة الحصول على المساعدات الأمريكية – الأوروبية، ومن الجهة الأخرى يحفظ للقاهرة "ماء الوجه" إضافة إلى قدرة القاهرة على عزل الصعود الإسلامي في مصر عن الصعود الإسلامي في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية.
* استخدام ورقة "الخطر الإيراني" هل تتيح المخرج للقاهرة؟
ليس من قبيل الصدفة أن يتطابق حديث وزير الخارجية المصري مع تصريحات وزيرة الخارجية الإسرائيلية وليس من قبيل الصدفة أيضاً أن تتطابق تحليلات الصحافة المصرية الرسمية مع تحليلات الصحافة الإسرائيلية فالجميع كانوا بلا استثناء يتحدثون عن ورقة الخطر الإيراني وعن كيفية التعاون من أجل عدم السماح لإيران بمد النفوذ في الشرق الأوسط وقد استطاع وزير الخارجية المصري أن يتفوق على ليفني لجهة الحديث بشكل مباشر عن تحميل إيران المسؤولية في الحرب التي اندلعت في غزة، تماماً على غرار التفسيرات الدبلوماسية المصرية السابقة التي حملت إيران المسؤولية عن حرب صيف العام 2006م بجنوب لبنان.توجد العديد من السيناريوهات التي يمكن أن تنسحب ضمنها القاهرة ومن أبرزها أو فلنقل الأكثر احتمالاً أن توافق القاهرة على الآتي:
• أن لا يتم استقدام القوات الدولية الجديدة وبدلاً عن ذلك يتم إسناد الأمر للقوات الأمريكية التي ظلت مصر تستضيفها في سيناء منذ اتفاقية كامب ديفيد.
• أن يتم التعاون العسكري المصري – الأوروبي – الأمريكي – الإسرائيلي في فرض الرقابة على الممرات والمنافذ البحرية وعلى وجه الخصوص الملاحة عبر البحر الأحمر، خطوط الملاحة في المناطق البحرية المواجهة لسواحل قطاع غزة.إضافة لذلك، فإن وسائط التعاون الأمني – العسكري على خط القاهرة – تل أبيب – رام الله هي بالأساس موجودة وهناك الكثير من التفاهمات والملفات التي سبق لهذه الأطراف التعاون فيها بما في ذلك العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة ضد قطاع غزة، وما جرى فيها من تحركات دبلوماسية واسعة شكلت خلفيات مشهد التفاهم الدبلوماسي على خط أطراف مثلث القاهرة – رام الله – تل أبيب.
منقول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق