الأولى: إذا كان خالد مشعل جاسوساً للدولة العبرية، فعنى ذلك أن إسماعيل هنية الذي ما يزال ملاحقاً من الطائرات الإسرائيلية، وسعيد صيام الذي ارتقى شهيداً بألف كيلوجرام من المتفجرات، هما جواسيس، لأنهما شركاء مشعل في المسئولية، والقرار، فإذا كان من هم بهذه المواصفات جواسيس، فمن هو الوطني؟ وما هي الوطنية؟ أم أن هنالك تطويراً لمفهوم الجاسوسية، والوطنية في رام الله، موديل 2009، بمقتضاه؛ يصير جاسوساً كل من تلاحقه الطائرات، ويصير وطنياً من يتبادل مع عدوه القبلات؟. أم أن هنالك معاني جديدة للجاسوسية، والوطنية لم يرد ذكرها في الكتب السماوية، والمواثيق التنظيمية، أو حتى الطقوس البوذية، وتخالف ما تعارف عليه البشر قديماً على صفات الجاسوس التي يحملها "أبو رغال"، وعلى صفات الوطني التي تنطبق على الشهيد "أبو علي إياد"؟ أم أنكم استغفلتم الناس يا رام الله، واستخففتم بعقولهم، ليرمي مطلق التهمة داءه على الآخرين ثم ينسل؟
الثانية: ما يقوله أحد الماشين في مسيرة "جنين": بأن حماس قامت بتصفية 17 كادراً من فتح أثناء المعارك. ولو افترضنا صحة ذلك، فهل حقاً هؤلاء هم كوادر فتح؟ وهل يرضى كوادر فتح الذين نعرفهم أن يكون هؤلاء زملاءهم؟ ولكي تتضح الصورة أكثر، سأستشهد بما أعرف؛ وقد ضل السبيل، وتمت تصفيته، وهو من أسرة محترمة، تنتمي لحركة فتح، ولا داعي لذكرها، وضبط متلبساً بالاتصال مع العدو، واعترف بفعلته، وارتباطه بالمخابرات الإسرائيلية، وتسببه في استشهاد مقاومين معروفين بالاسم، ومع قناعتنا بحقه في محاكمة عادلة، إلا أننا نتفهم ظروف غزة، وأهمية وأد صراع عائلي قد يشتعل، لقد أراح بموته أهله قبل أن يريح الآخرين. وبالقياس على هذه الحالة، كيف يصير أمثاله كادراً في حركة فتح؟ أفلا يخجلون؟ أولئك الذين ضلوا، ويسممون أجواء المصالحة الوطنية بما يمكرون؟
وعلى حركة حماس أن تنشر على المساجد تجاوزات من قامت بتصفيتهم، كي تقطع الشك باليقين، وكل منطقة تعرف ناسها، وتعرف أن من تمت تصفيتهم ليسوا من حركة فتح التي نعرفها، ونحترم كوادرها في السجون، والميادين، وساحات المقاومة، قبل أن يمتطي صهوتها: ذياب العلي، وياسر عبد ربه، وزياد أبو عين، ونمر حماد، وأمثالهم، ممن تدربوا على تذويب المسافة الفاصلة بين وطني وجاسوس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق