الأحد، 18 يناير 2009
لمثل سعيد صيام اخترعوا "أف 16" ....بقلم : ياسر ابو هلالة
نحتاج في ظل الفساد والانتهازية والخراب الأخلاقي إلى نموذج مثل سعيد صيام. ليس للفلسطينيين وحدهم بل للعالم النامي عموما الذي غدت فيه الوظيفة العامة وسيلة الإثراء الأساسية. وقيل في تحليل فوز حماس الكاسح إنه كان ردا على فساد السلطة لا إعجابا ببرنامج حماس. النزاهة وحدها في شعب يقارع الاحتلال لا تكفي. فقادة حركات التحرر ليسوا موظفي مصارف ولا محاسبين في شركات. الإيمان والشجاعة والقوة صفات أخرى. لن يكون مشهد استشهاده وابنه وشقيقه وزوجة شقيقه و.. أكثر بشاعة من استشهاد الأطفال ملتصقين بأمهاتهم. لم تكن نهاية مفاجئة. كتبت أكثر من مرة وأنا أذب عن أعراض المجاهدين في غير حملة صحافية عليهم أنهم طلاب شهادة لا طلاب حكم، وأن الحكم وسيلة للمقاومة لا المقاومة وسيلة للحكم. ولم يكن سرا أن صيام من أبرز المستهدفين لما يضطلع به من مسؤولية أمنية. لم يبن سلطة الأجهزة بل ساهم في بناء سلطة المقاومة، وفي عهده تطورت المقاومة وصار لها سلاح صاروخي يحسب له ألف حساب ويستنجد بواشنطن للحد منه. لم يحكم وزير الداخلية السيطرة على الحدود بل حفر الأرض واقام مديرية للأنفاق والتهريب تمكنت من إدخال كل هذا العتاد للمقاومة تماما كما مكنت القطاع المنكوب من مواصلة الحياة عبر تهريب الغذاء والدواء والمحروقات.سيأتي يوم ينصف فيه هذا الرجل الذي تمكن من إدارة وزارة قوامها أجهزة متمردة تعمل ضده. وفي أيامه تحقق أمن لدى المواطن الغزي لم يشهده في أيام الاحتلال ولا في أيام السلطة. وكتبت الصحافة الغربية كيف تمكن الناس من السهر على شاطئ غزة للمرة الأولى. حقق الأمن لأبناء شعبه وسلب الأمن من الإسرائيليين المحتلين على عكس من ظنوا أن واجبهم إشاعة الرعب في أوساط شعبهم وتحقيق الأمن للعدو. لا يوجد قائد في حماس بمنأى عن الاستهداف. وهو في آخر مؤتمراته الصحافية كشف كم كانت أجهزة أوسلو متورطة في استهداف قادة المقاومة وهذا قدرهم. يعيشون ويموتون مثل شعبهم. يمكن أن نتخيل الساعات الأخيرة لأبي مصعب رحمه الله. كان يرى في صورة ابنه كل شباب فلسطين المحرومين من الحياة الطبيعية. كان يسعى إلى حياة أفضل لهم، حياة بكرامة بحرية. لم يكن يحلم بأبراج داخل غزة وخارجها. إذا كنا قد تعبنا من متابعة الأخبار على الشاشات فكيف بسعيد صيام في هذه الأسابيع الثلاثة؟عندما نفثت الأف 16 حممها مَنْ كان يحمي مَنْ الأبن أم الأب؟ في لحظات ود الأب لو افتدى ابنه، لقد عشتُ طويلا أنت لا تزال شابا. الابن يود لو يفتدي أبيه الأمة تحتاجك، الشقيق يفتدي زوجته الأولاد أولى بك .. جمعهم الموت والجنة هي الموعد. طبعا لم يفكر الأب للحظة بالتوريث وتوزيع المكاسب والمنافع كالمعتاد في العالم الفاسد. يعلمنا الشعب العظيم في غزة الكثير، فالحياة ليست منافع ومكاسب وشركة توزع أرباحها آخر العام .. الحياة فيها قيم لا تقدر بثمن. فيها قادة بحجم سعيد صيام، لا يرهبون المواجهة ويصممون على النصر ويتقدمون بشعبهم نحو الحرية. لمثله اخترع الأميركيون الأف 16 أحدث المقاتلات التي صممت لمواجهة الاتحاد السوفياتي. إنه رجل بحجم دولة عظمى. قيل: قل من خصمك أقل لك من أنت. إن خصمهم العالم الطاغي الظالم، خصمهم أميركا وإسرائيل وعملاؤهما بكل سلاحهم وإمكاناتهم وأموالهم. استرحت يا أبا مصعب، أنت وفلذة كبدك عند رحمن رحيم، كم تعبت، وكم تلقيت من طعنات، سجنك العدو وسجنك الشقيق وأبعدت في مرج الزهور وقضيت في نيران الأف 16 .. يكفي، آن لك أيها الفارس أن تترجل أيها الشهيد السعيد. سلام عليك . .abuhilala@yahoo.com
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق