الأربعاء، 25 مارس 2009

عباس، وشاليط، ودبيكا، والمنطق ....بقلم: د. فايز أبو شمالة

نقل عن وكالة رويترز للأنباء؛ أن السيد محمود عباس دعا الأوروبيين إلى عدم تخفيف الحظر المفروض على التعامل مع حماس، ويحذر من أن خطوة كهذه قد تعيق المصالحة الفلسطينية، وتشجع حماس على عدم الاعتراف بشروط الرباعية، ورغم نفي "رياض المالكي" أنه نقل رسالة سابقة المضمون إلى بروكسل، إلا أن وكالات الأنباء ذاتها قد نقلت عنه شخصياً القول: إن خطوات التقارب الأوروبية مع حماس قد تقوض محادثات الوحدة بإعطاء حماس انطباعاً عن تغيير مواقف الاتحاد الأوروبي منها سواء وافقت على الاتفاقات الانتقالية أم لم توافق. إن في هذا الكلام الخطير نفي للنفي الذي صدر عن المالكي نفسه، ويعيدني إلى خبر نشره موقع "دبيكا" العبري التابع للمخابرات الإسرائيلية منذ عدة أيام، ورفضت تصديقه؛ إذ قالت المصادر الشرق أوسطية في الموقع: بعدما تم تبادل الأسماء بين حماس و(إسرائيل) بشأن إتمام صفقة تبادل الأسرى، جاء من القاهرة يوم الخميس الماضي في 19-3 أن المحادثات قد توقفت لأجل تسهيل إقامة حكومة وحدة فلسطينية.

لقد ذهب بعض الكتاب في تحليل الربط بين إقامة حكومة وحدة فلسطينية، وصفقة تحرير الأسرى إلى القول: إن نجاح صفقة تبادل الأسرى سيفتح الطريق إلى نجاح الحوار الفلسطيني، الذي سيفضي إلى فتح المعابر، وتعمير غزة، بالتالي ترفض (إسرائيل) عملية التبادل في اللحظة الأخيرة كي تفشل الحوار الفلسطيني، ولكن موقع "دبيكا" العبري قال كلاماً غير ذلك، وربط بين موافقة واشنطن، وبروكسل على البرنامج السياسي للحكومة الفلسطينية العتيدة كشرط لإتمام صفقة تبادل الأسرى، أي أنه سيتم تحرير "شاليط" إذا تمت الموافقة الأمريكية على نسخة البرنامج السياسي للحكومة الفلسطينية، وإن لم يتم فلن يتحرر "شاليط".

المؤكد أن هنالك رابطاً ما بين إنجاح صفقة التبادل، وما يلي ذلك من تهدئة بين حماس وإسرائيل، وفتح المعابر، وتعمير غزة، وبين توقف كل ذلك للضغط على حماس كي توافق على شروط الرباعية، وهنا نحن أمام تفسيرين لتأخر صفقة تبادل الأسرى، وتحرير شاليط، ولأننا لا نفترض سوء النية المبيت، كذبنا الربط بين نجاح صفقة شاليط، وفتح المعابر، والتهدئة التي ستعطي لحماس قوة تفاوضية في حوار القاهرة، إلى أن جاء الخبر عن وكالة "رويتر" للأنباء ليصب في خانة الشك في وجود تنسيق ما بين عباس و(إسرائيل) يهدف إلى تأخير قضية الإفراج عن شاليط، وتأخير الاتفاق على التهدئة، وتأخير فتح المعابر إلى أن يتحقق التوافق الفلسطيني، وهذه بعض وسائل الضغط على حماس كي تبدي تنازلاً في حوارات القاهرة، ومن هنا يمكن تصديق تهديد عباس بحل السلطة الفلسطينية في حالة اتفاق (إسرائيل) مع حماس على التهدئة، وإطلاق سراح الأسرى، وعلى رأسهم مروان البرغوثي، لأن ذلك سيشكل الضربة القاضية لسلطة أعطت كل شيء، وتنتظر الإسناد في المقابل.

ينهي موقع "دبيكا" تقريره بالقول: إن طريق تحرير "شاليط" طويلة ما دامت قد ارتبطت بالوحدة الفلسطينية، والتوافق على برنامج حكومة الوحدة الفلسطينية. ومعنى ذلك بالفلسطيني: إذا كانت صفقة تبادل الأسرى وسيلة للضغط على حماس، والأسرى الفلسطينيين، فما أطول بال حماس، وما أوسع صدرها، وما أعمق صبرها!!.

الأحد، 22 مارس 2009

الكاتب حافظ البرغوثي ونقيضه ..د. فايز أبو شمالة


يبكي السيد حافظ البرغوثي رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة في مقاله المنشور صباح يوم الجمعة على قيادة حماس في الضفة الغربية التي فقدت القرار، فيقول: "أن قيادات حماس في الضفة ليسوا في وضع صنع القرار، ليس منذ الآن حيث سيطر جناح غزة على القرار في حماس منذ فترة طويلة وهو الآمر الناهي" فإذا كان هذا الرأي صحيحاً، فلماذا كرر السيد البرغوثي في كل مقالاته السابقة بأن حماس دمشق هي المسيطرة على القرار؟

في نقدي لمقال السيد حافظ البرغوثي لا أهدف إلى الدفاع عن حماس، وقيادتها، فلست من حماس، وإنما أهدف إلى احترام عقل القارئ الفلسطيني الذي تعود أن يقرأ رأياً نقدياً جريئاً لرئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة، ولاسيما أنه قد ربط في مقاله بين وجع الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، وهو يقول: "إسرائيل بعد أن فشلت في النيل من حماس في غزة ترتد إلى الضفة الغربية" .وهذا كلام فيه وفاء، وفيه إقرار بأن الدولة العبرية تنتقم من حماس الضفة الغربية كلما فشلت عن الرد على حماس في غزة؛ أي أن حماس المسيطرة على غزة أعجزت إسرائيل عن الرد عليها، بينما السلطة الفلسطينية الضعيفة في الضفة الغربية عجزت عن حماية مواطنيها، فصاروا البردعة التي تركبها إسرائيل كلما فشلت في غزة.

ويقول السيد حافظ حرفياً: "عملياً تدفع قيادات حماس في الضفة من حريتها وعمرها بسبب السياسة الهوجاء للاحتلال الذي عجز عن غزة، فاستسهل اعتقال القيادات والنواب من منازلهم دون مبرر أمني أو قانون". فإن سألنا أهل الرأي: لماذا صارت الضفة الغربية ضعيفة، وغزة منيعة؟ سيأتي الجواب: لأن في الضفة الغربية سلطة فلسطينية اعتمدت المفاوضات سبيلاً لتحرير الأرض منذ خمسة عشر عاماً، وتكره المقاومة إلى حد التنسيق الأمني مع الإسرائيليين، واعتقال المقاومين. بينما أضحت غزة منيعة بالمقاومة!.

رغم إقرار السيد حافظ البرغوثي في مقاله هذا بقوة حماس، والعجز الإسرائيلي عن الضغط عليها في غزة، فإن كل مقالاته السابقة عن حرب غزة كانت تؤكد النصر الإسرائيلي، وتعيب على حماس الفشل في المواجهة، وتعيب أيضاً أسر الجندي "شاليط" الذي كلف كثيراً. فأي الموقفين نصدق فيهما الكاتب؟ ثم؛ إذا كانت إسرائيل تعاقب حماس في الضفة الغربية رداً على عجزها في غزة، فلماذا تصف أيها الكاتب قرار حماس الذي فرض نفسه مُعَجِّزاً للدولة العبرية بأنه تابع، بينما قرار السلطة الذي عجز أمام إسرائيل بأنه مستقل، حين تقول: استقلالية القرار تفترض أن يكون القرار محلقاً في فضاء فلسطين وليس في فضاءات خارجية" فإذا كان تحليق القرار الفلسطيني في فضاء فلسطين كما تصف يقود إلى هذا العجز، والضعف، والتنسيق الأمني، فسحقاً لهذا التحليق، وأنعم بالقرار الفلسطيني الذي يحلق في أي فضاء يؤدي إلى العزة الفلسطينية، والعجز الإسرائيلي.

تأملات في مفهوم الوحدة الوطنية ..إبراهيم غوشة

تواتر بصورة مكثفة استعمال مفهوم أو شعار "الوحدة الوطنية"·· ونحن هنا نحاول أن نتناول هذا المفهوم بالبحث وتسليط الاضواء عليه.


أبسط ما يمكن أن نفهمه هو توحّد الرؤية والإجماع على مصلحة الوطن من كافة الجوانب، أو استحضار مصلحة الوطن لتكون الجامع على الوحدة بين المواطنين؛ أي أنّ كل حركة أو حزب يتمسّك بالثوابت الوطنية المتعلّقة بوحدة الشعب، ووحدة الأرض، ويضمّنها برنامجه السياسي.

فالحركة التي تتمسّك بتحرير الأرض من الاحتلال أولا يمكن أن تدخل في وحدة وطنية مع حركة أخرى تؤمن بهذا التوجّه مهما كان التوجّه في الفكر إسلاميًا أو وطنيًّا أو قوميًّا، ولكن لا يمكن لها أن تدخل في وحدة وطنية مع من لا يؤمن بالمقاومة طريقًا للتحرير، أو من يؤمن بالتعاون والتنسيق مع الاحتلال، ويجعل المفاوضات فقط طريقًا وحيدًا للتخلّص من الاحتلال·

لذلك لم تستطع الوحدة الوطنية أن تجمع بين الجنرال "ديغول" الثائر والمقاتل الفرنسي ضد الاحتلال النازي وبين الجنرال "بيتان" الفرنسي المتعاون مع الاحتلال، ولا بين "جبهة التحرير الجزائرية" التي انطلقت ثورتها في (1- 11- 1954) ضد الاستعمار والاحتلال الفرنسي وبين "جماعة مصالي الحاج" التي كانت تؤمن بالتفاوض والتعاون مع الفرنسيين؛ ومن هنا فإن فصائل المقاومة الفلسطينية مثل "حماس" و"الجهاد" وغيرها، لا يمكن أن تدخل في وحدة وطنية مع سلطة "أوسلو" التي تهزأ بالمقاومة، ولا تؤمن إلا بالتعاون مع الاحتلال، وبالمفاوضات فقط، وذلك منذ 18عامًا بدون أي نتيجة، أو تحرير شبرٍ واحدٍ من الوطن·


هذا التناقض الفلسطيني الداخلي هو تناقض في البرامج، ولا يمكن الخروج منه إلا بالاحتكام إلى مرجعية واحدة، وهي هنا "منظمة التحرير الفلسطينية"من خلال مؤسساتها وأولها المجلس الوطني، بحيث يُشكّل على أسس سياسية ديموقراطية تسمح لأكثر من عشرة ملايين فلسطيني يقيمون في داخل فلسطين المحتلة وخارجها باختيار ممثليهم بانتخابات ديموقراطية نزيهة، وهذا المجلس هو الذي يحدّد ميثاقه الوطني القومي والإسلامي، ويقول كلمته في السلم والحرب، وينشئ أو يلغي الاتفاقيات والمعاهدات والقرارات، كما يتم تشكيل اللجنة التنفيذية وبقية المؤسسات بحسب الأوزان السياسية داخل المجلس الوطني·

وعليه فإن أهم لجان الحوار الحالي في القاهرة هي لجنة المجلس الوطني الفلسطيني، بحيث يتم تفعيله، وانتخابه بحرية ونزاهة تضع العربة الفلسطينية على السكة الصحيحة، حتى يكون بديلا عن هذا الصراع المسلح المرفوض من كافة الشعب الفلسطيني، وتكون الكلمة الأولى والأخيرة للشعب الفلسطيني الذي يختار ممثليه في هذا المجلس·

الأربعاء، 18 مارس 2009

شاليط" حتى انبلاج النهار.. د. فايز ابو شمالة

"جلعاد شاليط" قضية سياسية تحاكي واقع الصراع العربي الإسرائيلي، وليس كما يحسب البعض أنها قضية إنسانية، أو قضية أسير إسرائيلي مقابل آلاف الأسرى العرب، أو كما يحسب آخرون أن "شاليط" قد جر على غزة الحصار والدمار، بل على العكس من ذلك؛ إن الصمود، والصبر، والانتصار في معركة "شاليط" يؤسس قواعد التعامل القائم على الندية بين العرب واليهود، وبداية كسر الحصار، وانبلاج النهار، زد على ذلك، فإن قضية "شاليط" تعني معادلة الظلم، ولاسيما أن أكثر من ألف أسير عربي في السجون الإسرائيلية لم يظلموا، ولم يعتدوا على الدولة العبرية بمقدار ما اعتدى وقتل ودمر جندي إسرائيلي واحد، ومن هنا يجيء القول: إن ألف أسير عربي يتم مبادلتهم بأسير يهودي واحد؛ لأن محصلة ما قتله الألف سجين تعادل حصيلة ما قتله جندي إسرائيلي واحد، مع الأخذ بعين الاعتبار عدوانية الجندي الإسرائيلي، ودفاع الإنسان العربي عن نفسه. لقد عرفنا كيف تراكم (إسرائيل) مخزون السجناء، وكيف توجه التهم إليهم، وقد كنت شاهداً في سجن عسقلان على سجناء فلسطينيين قضوا عشرات السنين من شبابهم في السجون دون أن يكون لهم أي علاقة بالمقاومة، لقد تعرضوا للتعذيب، واعترفوا بما وجهت لهم المخابرات الإسرائيلية من أعمال قتالية، وحكم عليهم بأحكام مزاجية عالية، ولم يكتشف القضاء الإسرائيلي عنصريته، وظلمه إلا بعد أن تم اكتشاف الفاعل الحقيقي بعد عدة سنوات. من هنا تجيء قضية "شاليط" لتصوب بعض الظلم الواقع على الأسرى العرب، ولتأخذ بعدها العالمي في تفاوض يحاكي كيان العرب جميعهم، وكرامتهم، فإما أن تعدل نتائج المفاوضات من خطيئة الخضوع لإرادة اليهودي التي عششت في بلاد العرب، وإما أن تظل آية الكبرياء لدى العرب مقلوبة، ويكتب على هذه الأمة الذلة والمسكنة. أما من حيث القيمة الإنسانية فإن "شاليط" لا يساوي في سوق المقاومة سجدة شكرٍ للسجين يحيى السنوار، أو خصلة شعرٍ للسجين "كريم يونس" الذي شاب خلف الأسوار، وحزن "شاليط" الذي نقدره لا يعادل تصبر "قاهرة السعدي" التي تركت أطفالها الأربعة منذ سبع سنين دون شاي الصباح، ولا يساوي "شاليط" في سوق الإنسانية دمعة امرأة فلسطينية ذبح السجان اليهودي فرحتها ليلة الزفاف عندما اعتقل عريسها. في صفحة 247، من كتابة "مكان تحت الشمس" كتب "بن يامين نتان ياهو" يقول: "إن صفقة تبادل الأسرى التي تمت سنة 1985، شكلت القاعدة التي انطلقت منها الانتفاضة الفلسطينية بعد عامين" وهذا كلام صحيح، ولا ننكره على المكلف برئاسة وزراء الدولة العبرية الذي سيقر بنفسه الصفقة القادمة وفق مشيئة حماس إذا أفشلتها الحكومة الراهنة.

اسرائيل تنشر20 اسما ممن ترفض الافراج عنهم بينهم 10 تطالب بابعادهم

نشرت اسرائيل الليلة اسماء عشرين اسما ممن ترفض الافراج عنهم بينهم عشرة تطالب اسرائيل بابعادهم خارج الوطنوالاسماء التي وافقت اسرائيل على ابعادهم هم:1- عطا لطيف شقير 2- ناصر عبدالله نزال 3- زياد كيلاني4- سعيد محمد يوسف بدارنه5- محمد طاهر الكرم6- وليد انغس 7- ابراهيم شماسنه8- عايد شلالدة9- ادريس الرجبي10- فادي جعبهاما هذه الاسماء فتطالب حماس الافراج عنهم اسرائيل ترفض1- بهيج بدر محكوم 18 مؤبد2- عبدالله جمال برغوثي محكوم 67 مؤبد3- محمد حسن احمد عمران مؤبد4- ابراهيم حامد مسؤول عن قتل 82 اسرائيليا5- عباس السيد مسؤول عن قتل 82 اسرائيليا6- مهند شريم مسؤول كتائب القسام في طولكرم7- رائد خضوري 8- جمال ابو الهيجا9- معاذ بلال10- حسن سلامة 38 مؤبدوقال موقع هآرتس الالكتروني ان الحكومة الاسرائيلية, قررت في نهاية جلستها الخاصة التي عقدتها اليوم" الثلاثاء" لمناقشة قضية تبادل الاسرى نشر قائمة الاسرى الذين تطالب حماس باطلاق سراحهم مقابل الجندي شاليط وذلك بهدف اطلاع الجمهور على نوعية الاسماء والاعمال التي قاموا بها وعلى وجه الخصوص مئات الاسرى ممن يوصفون باصحاب الايادي الملطخة بالدماء وذلك فيما يبدو تبريرا منها لرفضها عقد صفقة تبادل خلال مفاوضات القاهرة الاخيرة .واضافت الصحيفة ان القرار اتخذ في نهاية جلسة استمرت اكثر من ثلاث ساعات جرى خلالها اطلاع الوزراء على اسباب فشل المفاوضات التي جرت في القاهرة بواسطة مصرية .وقدم ايهود اولمرت ومبعوثه الخاص عوفر ديكل ورئيس الشاباك يوفال ديسكين خلال الجلسة شرحا مفصلا لاسباب فشل مفاوضات تبادل الاسرى فيما قال مصدر مشارك في جلسة الحكومة بان رئيس الشاباك ايد فكرة نشر قائمة الاسرى قائلا"بانه من الهم ان يعلم الجمهور الاسرائيلي طبيعة من تطالب حماس باطلاق سراحهم ".وابلغ المعنيون بمفاوضات الاسرى وزراء اسرائيل بان حماس قد تراجعت عما اتفق عليه سابقا واصر على مطلبه باطلاق سراح جميع الاسرى والبالغ عددهم 450 اسيرا دون استثناء رافضا فكرا ابعاد ايا منهم .وفور انتهاء جلسة الحكومة استدعى اولمرت عائلة الجندي شاليط للاجتماع به فورا حتى يضعهم في صورة الاوضاع وما الت اليه مفاوضات التبادل واسباب فشلها .وفي النهاية تقرر ان يخرج اولمرت مساء اليوم " الثلاثاء" بتصريح اقر بفشل المفاوضات لاطلاق سراح شاليط , وان اسرائيل رفضت شروط حركة حماس لاتمام الصفقة.وقال ": لدينا خطوط حمراء لن نتجاوزها ولن نخضع لاملاءات "منظمات ارهابية", وسنبذل كل الجهود لاطلاق سراح شاليط.كما وقررت الحكومة الاسرائيلية في جلستها الخاصة تشكيل لجنة مكونة من قادة الاجهزة الامنية يناط بها مهمة تقديم توصيات خاصة خلال وقت قصير بزيادة الضغط على حماس في غزة بشكل مكثف وفعال تشمل تجميد زيارات ذوي اسرى حماس في السجون الاسرائيلية وزيادة الضغوط على المعابر اضافة الى دراسة فرض عقوبات جديدة على حماس .واضافت المصادر ان الحكومة قررت اضافة الى اللجنة الامنية تشكيل لجنة وزارية مكونه من وزير القضاء دانيال فريدمان والوزير حاييم رامون ورافي ايتمام والمستشار القضائي للحكومة ميني مزوز يناط بها ايجاد انظمة جديدة من شانها ان تساوي بين شروط اعتقال الاسرى الفلسطينيين وشروط احتجاز شاليط على ان تقدم نتائج دراستها خلال جلسة الحكومة الاسبوعية التي ستعقد الاحد القادم اذا لم تقم حتى هذا التاريخ حكومة جديدة.لماذا فشلت مفاوضات تبادل الاسرى في القاهرة ؟وكانت الصحف الاسرائيلية الرئيسية تناولت وباسهاب كبير موضوع عودة عوفر ديكل ويوفال ديسكين من القاهرة بخفي حنين بعد ان فشلا في ابرام صفقة تبادل الاسرى خلال جولة المفاوضات التي استمرت حتى ساعات مساء امس" الاثنين" واثارت لدى وسائل الاعلام الاسرائيلية وعائلة شاليط امالا كبيرة وواسعه بقرب انهاء القضية واطلاق سراح الاسرى ضمن صفقة تبادل خاصة وان مبعوثي رئيس الوزراء الاسرائيلي حملا معهما ما اطلقت عليه الصحافه الاسرائيلية العرض الاكثر كرما منذ بداية الازمة والذي لم تتردد حماس برفضه والتمسك بمطالبها كاملة وغير منقوصه ما افشل الصفقة حسب تحليل صحيفة" معاريف" التي نقلت تصريحات بهذا المعنى عن مصادر في مكتب اولمرت .وفي اطار محاولة البحث عن اسباب فشل جولة المفاوضات الاخيرة والتي وصفت بالفرصه الاخيرة قبيل انهاء اولمرت مهام منصبه قال الكاتب والمحلل الاسرائيلي عوفر شليح في مقال نشرته معاريف بان اولمرت اصبح اسيرا لاقواله وافعاله التي اطلقها وقام بها مع بداية الازمة التي تفجرت مع بداية عهده وعلى وجه الخصوص تصريحاته المتسرعه بانه لن يخضع لاي شروط تمليها حماس والفصائل الفلسطينية التي اسرت شاليط تلك التصريحات التي انتجت مواقف متطرفه اصبح من الصعب على اولمرت التراجع عنها ما عقد سير المفاوضات وجعلها رهينه لهذه المواقف المسبقة .ولم يغفل الكاتب تحميل الخلافات الداخلية خاصة بين باراك واولمرت الذي وصف علاقتهما بالحامضة والتي يصعب اخفاء العدائية فيها خاصة مع اقتراب نهاية ولاية اولمرت جزءا من مسؤولية الفشل في انهاء موضوع شاليط مضيفا لهذه الاسباب ما وصفه بتعنت حماس وتمسكها بمطالبها .واعادت بعض المصادر الاسرائيلية سبب تعثر مفاوضات التبادل الى مجموعه خاصة من الاسرى الذين تطالب حماس باطلاق سراحهم الامر الذي ترفضه اسرائيل او تتحفظ عليه حتى اللحظة لما لهذا الموضوع من حساسية في الشارع الاسرائيلي نابعه اساسا من طبيعة العمليات التي قام بها هؤلاء الاسرى .واستعرضت صحيفة "معاريف" مجموعه من الاسماء التي وصفتها بالعقبة امام مفاوضات الاسرى والتي حالت دون اتمام الصفقه وهي : مروان البرغوثي المحكوم بالسجن المؤبد خمس مرات لمسؤوليتة عن عمليات عسكرية بوصفه مسؤول تنظيم فتح في الضفه الغربية " عباس السيد والذي تصفه المصادر الاسرائيلية بمسؤول حماس في منطقة طولكرم وتحمله المسؤوبية عن عملية فندق " بارك " والتي ادت الى مقتل 30 اسرائيليا ، عبد الله البرغوثي الذي تصفه اسرائيل بخبير حماس في مجال المتفجرات وتحمله مسؤولية اعداد العبوة التي انفجرت في مقهى " مومنت " في القدس ومطعم سبارو وفي مقر الجامعه العبرية ، ابراهيم حامد قائد الجناح العسكري لحماس في الضفه الغربية والذي خطط غالبية العمليات التفجيرية القاسية التي وقعت في الانتفاضة الثانية وفقا لما تتهمه به اسرائيل ، احمد سعدات وهو الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وتحمله اسرائيل مسؤولية اغتيال وزير السياحه الاسبق رحبعام زئيفي ، حسن سلامة والذي تحمله اسرائيل المسؤولية المباشرة عن موجة التفجيرات التي شهدها عام 1996 وهو احد اقرباء محمد ضيف ، يحيى سنوار احد مؤسسي الجناح العسكري التابع لحماس وحكم بالسجن المؤبد لقتله عددا من العملاء ، امنه منى والتي تتهمها اسرائيل باستدراج فتى الى رام الله عبر الانترنت وقتله وحكم عليها بالسجن المؤبد .

الثلاثاء، 17 مارس 2009

إذا قالت حماس!. بقلم :د.فايز أبو شمالة

إذا وقعت يوماً تحت ركلات اليهود، وقيّدوك بالسلاسل، وجرجروك في أقبية التحقيق، ورموك في الزنازين، فإن هذا التعذيب الجسدي أهون مرات من التعذيب النفسي عندما يوشوش في عقلك المحقق بتكرار الأمثلة: ألف عين تبكي ولا عين أمي تبكي، الحيطان لها أذنان، وإذا جاء الطوفان خبط على رأس ابنك واطلع، هذا الشعب لا يستحق التضحية، ناس تأكل الدجاج، وناس تقع في السياج!. أنت تقضي عمرك في السجون والقيادة تعيش في المجون. ولماذا المقاومة حتى القبر وغيرك ثورة حتى آخر الشهر؟ وما شابه ذلك من أقوال تعمد رجل المخابرات الإسرائيلية تعميمها، والإيحاء بأنها النموذج السائد في حياة شعبنا، الذي يجب أن يتعود رجاله النجاة بأنفسهم والفرار، ليتعود جيش الصهاينة التقدم الزائف والانتصار.
كان لابد من حدث جلل يقلب كل النظريات الإسرائيلية، ويعيد إلى شعبنا حالة الانتماء بوفاء، والعطاء بصفاء، والتضحية بالنفس، والرجاء، فجاءت عملية أسر الجندي "جلعاد شليط" لتنسف القواعد الأساسية التي قام عليها الإعلام الصهيوني في اختراق الوجدان العربي، جاءت لتقول: نحن على استعداد كي نموت ألف مرة، وأن تنسف بيوتنا، وأن نُعذب، وأن تُقطّع أجسادنا، ولا نترك إخوة لنا في السجون.
وجاء إخفاء "جلعاد شليط" قرابة ثلاث سنوات في منطقة تحت المراقبة الإسرائيلية، ويجري عليها المسح بالقمر الصناعي كل عشر دقائق، لينسف أسس الجاسوسية التي زعزعت أركان المنطقة، وادعت أن عين اليهودي تبصر ما وراء الغيب، وتعرف ما في الأرحام.
وجاء صمود غزة، وصبرها على الويلات الإسرائيلية، وتحملها أصناف العذاب الذي انصب على رأسها، جاء لينسف قواعد التعامل مع العدو الذي ظن أن مزيداً من القوة، والقتل، و الضغط، والتدمير، والحصار سيخضع الجباه العالية، ويركّع النفوس الأبية.
وجاء الصبر في التفاوض، والإصرار على المطالب الأساسية التي تمثلت بإطلاق سراح عدد 450 أسيرا فلسطينيا من العيار الثقيل مقابل تحرير "شاليط"، وعدم التزحزح عن هذا الطرح الذي ستخضع له الدولة العبرية، جاء لينسف الأسس التي قام عليها التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي لخمسة عشر عاماً تعود فيها الإسرائيلي أن يملي شروطه.
ولا بد أن يجيء الفرح الفلسطيني لعملية تبادل الأسرى كبيراً، وطاغياً، وثائراً، وعاصفاً، وهادراً بحجم شلال الدم الذي نزف، وبحجم الوعد الذي أزف، وعلى مستوى الصدمة النفسية التي ستشل عصب الأمل في نفوس اليهود، الذين يعرفون أن المفاوضات على إطلاق سراح "شاليط" لا تقف عند حدود الصفقة، وإنما ستمتد آثارها، وانعكاساتها بعد ذلك لتطال كل مناحي الاشتباك السياسي، والميداني الإسرائيلي الفلسطيني، وستفهم أي قيادة إسرائيلية بعد ذلك بأن ما تقوله المقاومة لا راد له، وهو قضاءٌ مبرمٌ، وسوف يمضي، وإذا قالت حماس فصدقوها، فإن القول ما قالت حماس.

الاثنين، 16 مارس 2009

مسئول حمساوي: خلافات صفقة التبادل لا تزال قائمة

مسئول حمساوي: خلافات صفقة التبادل لا تزال قائمة بعد إصرار "إسرائيل" على إبعاد 100 أسير لليمن وسوريا ولدول أوربية
نقلت مصادر إعلامية نقلا عن مسئول في حركة حماس لم تذكر اسمه قوله إن الخلافات بين حماس والجانب الإسرائيلي حول صفقة تبادل أسرى فلسطينيين بالجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط لا تزال قائمة على الرغم من حدوث تقدم في هذا الملف.
وقال المسئول عقب مغادرة موفدين إسرائيليين القاهرة بعد محادثات حول ملف شاليط: حصل تقدم في موضوع الصفقة، إلا أن الخلافات لا تزال على حالها، الجانب الإسرائيلي قدم مقترحات جديدة، وهذا لا يعني أن الصفقة باتت قريبة".

ذكر المراسل العسكري يؤاف ليمور للتلفزيون الإسرائيلي نقلا عن مصادر عسكرية مطلعة أن المباحثات التي أجراها رئيس الشاباك يوفال ديسكن والمبعوث عوفر ديكل حول قضية شليت اقتربت من النهاية والخلاف الوحيد الذي بقي بين إسرائيل وحماس هو شرط إسرائيل إبعاد 100 أسير من الأسرى ( الكبار ) الذين قتلوا عدد كبير من الإسرائيليين فإسرائيل طالبت بإبعادهم إلي كل من اليمن وسوريا ودول أوربيه أما حماس قد رفضت الأمر ووافقت علي إبعاد عدد اقل من 100 أسير .
وأضاف المراسل يقول بان وزراء الحكومة الذين سيجتمعون غدا الثلاثاء سيصابون بالذهول عندما سيسمعون أسماء الأسرى الذين وافقت إسرائيل الإفراج عنهم مقابل استعادة شاليت.
يشار هنا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت يجتمع في هذه الأثناء مع كل من ديسكن وديكل في مقر وزارة الحرب في تل أبيب ويستمع إلي تقريرهما حول المفاوضات التي أجروها في القاهرة
من جانب آخر ذكر مصدر عسكري بان الإفراج عن المعتقلين الكبار الذين قتلوا عدد كبير من الإسرائيليين في الضفة الغربية يعني عودة العمليات الاستشهادية في عمق المدن الإسرائيلية وفي قلب المستوطنات في الضفة الغربية.
الجعبري وديكل.. لاعبان جديدان بصفقة تبادل الأسرى
الأول: نائب القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ومهندس عملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط..

الثاني: مهندس إسرائيل في صفقة تبادل الأسرى مع حزب الله اللبناني..

أحمد الجعبري وعوفر ديكل لاعبان جديدان شهدتهما المفاوضات غير المباشرة التي ترعاها مصر حاليا بين إسرائيل وحماس بشأن مبادلة الأسرى، والمنتظر أن تحسم خلال الأيام القليلة المقبلة.

فبينما يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي المستقيل إيهود أولمرت في مبعوثه الجديد للمفاوضات "ديكل" ورقة إنقاذ يختتم بها ولايته بصفقة مشرفة لاسترجاع الجندي الأسير لدى المقاومة جلعاد شاليط بعد سلسلة من الإخفاقات السياسية وقضايا الفساد الداخلي، حشدت "حماس" كل ما تستطيع من قوى في وفدها المفاوض لانتهاز ما تراه "فرصة سانحة" لإطلاق سراح نحو ألف أسير فلسطيني بينهم 450 من قيادات الحركة وفصائل المقاومة الأخرى.

وكشفت مصادر سياسية فلسطينية مطلعة لمراسلنا أن الجعبري الذي يوصف بأنه "رئيس أركان" كتائب القسام قد وصل إلى القاهرة قبل أربعة أيام ليرأس وفد حماس في مفاوضات تبادل الأسرى التي يرأس الوفد الإسرائيلي بها "ديكل".

ونسب الإعلام الإسرائيلي للجعبري التخطيط لعملية أسر شاليط في منتصف يونيو 2006، وللجعبري تاريخ مع الأسر منذ كان في الـ17 من عمره حيث حكمت عليه محكمة إسرائيلية بالسجن 13 عاما، قضى منها 11 عاما، وعرض عليه الإفراج بعدها شريطة توقيع تعهد بترك العمل العسكري فرفض وقضى باقي محكوميته، وبعد خروجه أنشأ "جمعية النور للأسرى والمحررين" وتقلّد مسئولية لجنة الأسرى بحركة "حماس".
"ديكل".. منقذ أولمرت

مع قرب مرور ألف يوم على أسر شاليط، وفشل كل الوسائل الأخرى في استرجاعه، وفيها حرب الـ22 يوما على غزة، والحصار واعتقال نواب ووزراء من "حماس"، فضلا عن قضايا الفساد التي أثقلت ملف أولمرت، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي المستقيل الاستعانة بـ"ديكل" لإنهاء الصفقة التي جعلت إسرائيل التقدم فيها شرطا لتهدئة أوسع مع حماس وإنهاء حصار غزة، والسماح ببدء إعادة إعمارها.

والتحق ديكل بجهاز الأمن الداخلي "الشاباك" وهو في الـ25 من عمره، وقضى به قرابة 30 عاما، أتقن خلالها اللغة العربية وتدرج في عدة مناصب كان أبرزها رئيس قسم "شئون إسرائيل والأجانب" بالجهاز.

كما تولى رئاسة منطقة رام الله بالجهاز، ومنطقتي القدس والضفة المحتلتين عام 2000، ما أتاح له فرصة إقامة صداقة قوية مع أولمرت الذي كان وقتها رئيسا لبلدية القدس، وجمعهما حبهما لرياضة الجري.

وبعد أيام قليلة من انتهاء حرب لبنان في يوليو 2006، وتحديدا في 18 أغسطس استدعى أولمرت ديكل ليقلده منصبه الجديد كمبعوثه في مفاوضات تبادل الجنديين إيهود غولدفاسر وإلداد ريغف الأسيرين لدى حزب الله، واستطاع ديكل إقناع معارضي الصفقة من أعضاء الحكومة آنذاك، بأن ثمن الصفقة منخفض نسبة إلى صفقات أخرى.

وفي يوليو 2008 سجل ديكل في تاريخه إتمام صفقة التبادل ما بين إسرائيل وحزب الله بوساطة ألمانية، والتي تم بموجبها إعادة رفات الجنديين الإسرائيليين وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين وعلى رأسهم سمير القنطار، إلى جانب نحو 195 جثمانا لمقاومين عرب.

رسالة شاليط
ويواجه أولمرت ضغوطا من الرأي العام الإسرائيلي لبذل مزيد من الجهد وإبداء قدر أكبر من المرونة للإفراج عن شاليط، الذي تتفاعل وسائل الإعلام الإسرائيلية مع قضيته بقوة في محاولة لاستدرار التعاطف معه.

ومن آخر ما نشر في هذا الشأن رسالة طويلة أوردتها عائلة الجندي الأسير على لسانه، ونشرتها صحيفة "معاريف" الإسرائيلية اليوم الإثنين، قال فيها: "لـو تعـلمون ما يمـر عليّ وكيف أعيش يـوما بيـوم وساعة بساعة ولحظة بلحظة، لأدرّكتم أنه لا يوجد ثمن للخوف ولا للاشتياق ولا لخيبة الأمل، أحلم كيف سأعود إلى البيت وكيف سيكون اللقاء مع الأهل، ولكن الأمر في كل ليلة يعود لنقطة البداية، وأبقى أفكر في نقطة واحدة يجب عليكم أن تسمعوها.. أنقذوني".
وتعرض أولمرت لضغوط متزايدة لإعادة شاليط وهو حاليا في الأيام الأخيرة بفترة ولايته التي استمرت ثلاثة أعوام وشهدت حرب لبنان في عام 2006 التي اعتبرها كثير من الإسرائيليين فاشلة، ومحرقة غزة التي استمرت 22 يوما وانتهت دون تحقيق هدفها المعلن بوقف إطلاق صواريخ المقاومة، فضلا عن اتهامه في العديد من قضايا الفساد.



الأسرى والإبعاد .... بقلم : مصطفى الصواف

القلوب والأنظار تتجه الآن نحو حكومة الاحتلال التي ستستمع اليوم إلى موفديها إلى القاهرة لمعرفة ما لديهم من جديد في موضوع صفقة الأسرى مقابل إطلاق سراح الجندي الأسير جلعاد شاليط لدى حركة المقاومة الإسلامية حماس.

الأحاديث المتواترة من أطراف متعددة أن هناك تقدماً في الصفقة وأن الجانب الصهيوني لديه رغبة بالاستجابة لمطالب حماس في صفقة الأسرى بعد أن فشل في تخفيض سقف الصفقة وأبدى اعتراضات على قوائم الأسرى وكانت تتحدث عن قانون "أيدي ملطخة بالدماء"، وحاولت حكومة الاحتلال على مدى السنوات الثلاث الماضية أن تحقق شيئاً ولكن النتيجة أن الصهاينة وجدوا أمامهم موقفاً واحداً من قبل حركة حماس لم يتغير حتى وصلنا إلى ما يتحدث به الإعلام اليوم عن الموافقة من قبل الصهاينة على قائمة حركة حماس المقدمة منذ الوهلة الأولى والتي كانت عبارة عن الإفراج عن ألف من المعتقلين إلى جانب الإفراج عن النساء والأطفال والوزراء والنواب والتي يتوقع أن يعرضها رئيس الوزراء ايهود اولمرت على حكومته الراحلة بعد أيام.

حركة حماس قسمت الصفقة إلى ثلاث مراحل، وكانت المرحلة الأولى تضم 350 أسيراً يتم الإفراج عنهم لحظة تسلم مصر جلعاد شاليط، بمعنى لحظة وصول الأسرى إلى معبر بيت حانون ويدخلون قطاع غزة وفق القوائم المسلمة للاحتلال عبر الوسيط المصري، عندها يكون شاليط قد سُلَّم إلى الجانب المصري، المرحلة الثانية هو الإفراج عن 100 من الأسرى عندما تجرى مراسم تسليم شاليط من مصر إلى الصهاينة، والتزامن مهم هنا حتى لا يتراجع الصهاينة عن التزاماتهم وكل ذلك بضمانات مصرية، وبذلك يكتمل العدد إلى 450 وهذا الرقم هو المختلف عليه في الماضي، هؤلاء الأسرى التي شملتهم قائمة حماس هم من أصحاب الأحكام العالية وممن أمضوا أكثر من عشرين عاماً داخل السجون الصهيونية، وأتوقع أن هذا الرقم سيشمل أكبر عدد من الأسرى الذين لم يأمل أحد أن يأتي اليوم الذي يتم الإفراج عنهم وكان يظن الكثيرون أن الموت داخل السجون سيكون مصيرهم.

المرحلة الثالثة من الصفقة تتكون من 550 أسيراً من بقية الأسرى إلى جانب النساء والأطفال والوزراء ونواب التشريعي، وتركت حماس قوائم الـ 550 دون تحديد أسماء أو نوعيات لأن على ما يبدو أن المرحلة الأولى والثانية تشمل روح ومضمون الصفقة ويتحقق الهدف من أسر شاليط، مع أهمية كل الأسرى والرغبة الجامحة في الإفراج عنهم والسعي بكل الوسائل حتى يتم إطلاق سراحهم.

صحيح أن حركة حماس ترفض فكرة الإبعاد لأي من الأسرى وهي تطالب بضرورة أن يعود الأسرى إلى منازلهم حيث ذويهم لاعتقاد حماس أن عودة المبعدين من مرج الزهور قضى على فكرة الإبعاد، إلى جانب ذلك قضية كنيسة المهد وإبعاد من كان بداخلها ونقض الصهاينة لعهودهم مازالت ماثلة أمام ناظر حركة حماس والشعب الفلسطيني.

لكن قد تحاول حماس التوصل إلى تفكير عملي، فبدلاً من أن لا تكون هناك صفقة ويبقى هؤلاء الأسرى داخل السجون الصهيونية، أن تطرح السيناريو التالي، وهو أن توافق على إبعاد عدد قليل جداً منهم قد لا يتجاوز أصابع اليدين إلى أي دولة عربية وليس وفق ما تريد حكومة الاحتلال من إبعاد نحو تسعين منهم إلى خارج قطاع غزة، وأسرى الضفة الغربية قد يكون هناك ميل إلى إمكانية استقبال المفرج عنهم في قطاع غزة بدلاً من الضفة الغربية ولكن بموافقة الأسرى أولاً وقبل أي شيء في كل الأحوال.

أعتقد أن مثل هذا السيناريو لو وافقت عليه حماس بالفعل، على الجانب الصهيوني الموافقة عليه، بعد أن فشلت كل محاولاته على مدى السنوات الثلاث الماضية وعلى رأسها العدوان المجنون على قطاع غزة من الإفراج عن شاليط.

"الجعبري" يقود محادثات صفقة الاسرى في القاهرة وتمديد مهمة ديسكين وديكل بـ 24 ساعة أخرى وتأجيل جلسة الحكومة الاستثنائية الاسرائيلية الى يوم غد

قالت الاذاعة العبرية الرسمية ان رئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود أولمرت اوعز الليلة الماضية إلى مبعوثَيْه في القاهرة رئيس جهاز الامن العام يوفال ديسكين ومسؤول ملف الاسرى عوفر ديكل بتمديد محادثاتهما مع كبار المسؤولين المصريين بـ 24 ساعة أخرى. ويأتي الإيعاز في محاولة لدفع صفقة لتبادل الاسرى مع حركة حماس تشمل الافراج عن الجندي الاسير غلعاد شاليط.وبالتالي تقرر أن يؤجَّل إلى يوم غد موعد جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية التي كان من المقرر عقدها صباح اليوم للاطلاع على تطورات قضية شاليط. ورغم عدم ورود أي إشارة حتى اللحظة حول تحقيق انطلاقة في محادثات القاهرة، إلا أن الصحف الإسرائيلية وصفت محادثات اليوم بحاسمة. وقال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أن الجانب الإسرائيلي طرح عرضاً جديداً يخص صفقة تبادل الأسرى مشيراً إلى أنه سيتضح اليوم ما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق الآن أم يتعين الانتظار إلى ما بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
وقالت مصادر ممطلعة ان قائد القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، أحمد الجعبري وصل إلى القاهرة قبل أربعة أيام ليرأس وفد الحركة في المفاوضات غير المباشرة التي تقودها مصر مع الجانب الإسرائيلي برئاسة عوفر ديكل من اجل التوصل الى اتفاق لإطلاق الجندي الاسرائيلي الاسير في غزة غلعاد شاليت في مقابل أسرى فلسطينيين.
يُذكر ان الجعبري لم يغادر الأراضي الفلسطينية طوال حياته، وهو المسؤول عن سلامة شاليت وتأمين مخبئه، وتولى الإشرف على إعداد قائمة الأسرى. وشارك القياديان في «حماس» محمود الزهار ونزار عوض الله في هذه المفاوضات التي تقودها مصر منذ ثلاثة أيام. واوضحت المصادر أن الوفدين يقيمان في غرفتين متقابلتين في فندق في القاهرة، وان الوسيط المصري يتحرك في ما بينهما بالأوراق.
وعن العرض الاسرائيلي، قالت المصادر إن إسرائيل أبدت موافقتها على اطلاق أعداد تزيد على 300 اسم من قائمة تضم 450 اسماً قدمتها «حماس»، موضحة ان هناك اسماء ترفض بشكل قاطع الموافقة عليها. وأشارت إلى أن إسرائيل عرضت اطلاق اسرى مسنين، وآخرين امضوا أكثر من ثلاثين عاما في السجون، «لكنها ترفض اطلاق أسرى ضالعين مباشرة في عمليات قتل أعداد كبيرة من اليهود، كما ترفض اطلاق أسرى مدرجة اسماؤهم في قائمة حماس من سكان القدس الشرقية وداخل الخط الاخضر (اسرائيل) باعتبارهم مواطنين إسرائيليين لا يحق لحماس المطالبة بالإفراج عنهم».
وقالت إن «الجناح السياسي لحماس أبدى مرونة كافية، لكن الجناح العسكري متشدد للغاية، إذ ما زال يصر على اطلاق كل الأسماء في قائمة حماس، ويقول إنه على استعداد للانتظار سنة أخرى في سبيل تنفيذ مطالبه والإفراج عن جميع أسراه لأن هذه الفرصة سانحة». ورجحت انجاز الصفقة في حال قدمت إسرائيل مزيدا من الأعداد تصل إلى نحو 400 اسير. ولاحظت أن العرض الاسرائيلي النهائي الاسبوع الماضي كان إطلاق 210 فقط، فيما أصبح العدد الآن يفوق الـ300. وتشترط إسرائيل إبعاد 90 من الأسرى إلى خارج الاراضي الفلسطينية، وثلاثين من سكان الضفة إلى قطاع غزة، بينما الأسرى المتبقون سيعودون إلى منازلهم.
وعن آلية التنفيذ، قالت المصادر: «ما زالت الآلية نفسها التي تم التوصل اليها منذ عامين بالوساطة المصرية، وهي تنقسم إلى 3 مراحل، الاولى إطلاق 150 أسيرا عند مغادرة شاليت غزة ووصوله الى القاهرة، وبعد اسبوع 150 آخرين، ومع تزامن وصوله إلى إسرائيل إطلاق 150، وبعد شهرين النساء والشيوخ والوزراء والنواب».
ورأت المصادر ان هذه فرصة سانحة يجب عدم اضاعتها قبل مغادرة ايهود أولمرت موقعه رئيسا للحكومة، خصوصا أنه حصل على ضوء اخضر من رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتانياهو الذي لا يريد أن يتحمل مسؤولية هذا الملف. ولفتت المصادر إلى أن مصر معنية تماما بتحقيق انجاز في هذا الملف بالتزامن مع الحوار الفلسطيني للتوصل إلى رزمة حل متكاملة، لافتة إلى أن القضايا مرتبطة ببعضها.

الأربعاء، 4 مارس 2009

صور من عقد قران سمير القنطار على الاعلامية الحسناء زينب برجاوي





عقد قران عميد الأسرى اللبنانيين السابق في السجون الإسرائيلية سمير القنطار على الإعلامية زينب برجاوي يوم الاحد الموافق 01.03.09. وحضر حفل عقد القران الذي جرى في منزل والد العروسمحمد البرجاوي في منطقة الجناح، رئيس الجمهورية السابق العماد أميل لحود ونجله النائب السابق أميل أميل لحود. ووفد منتدب من قبل سماحة حسن نصرالله ضم الحاج أبو عماد مغنية، الحاج أبو عصام أشمر، الشيخ أكرم بركات، النائب السابق محمد برجاوي، والحاج بلال داغر . كما حضر الحفل السفير الإيراني محمد رضا شيباني، الوزير السابق وئام وهاب ، ناشر جريدة السفير طلال سلمان، رئيس مجلس ادارة الأخبار ابراهيم الأمين، مدير مكتب قناة الجزيرة في بيروت غسان بن جدو، مدير البرامج في قناة العالم محمد بيشكر، السيد محمد صادق الحسيني، رئيس بلدية الغبيري الحاج محمد الخنساء، الفنان الدكتور وسام حمادة، وحشد من المدعوين والأقارب.وخلال الحفل قال الرئيس لحود: " المناسبة عزيزة جداً على قلبي، واعتبر سمير القنطار واحدا من ابنائي واتمنى للعروسين الحياة السعيدة والرغيدة". بدوره رحب والد العروس بالرئيس لحود مثنياً على مواقفه الوطنية ودعمه الثابت للمقاومة.

الثلاثاء، 3 مارس 2009

أمريكا بين احتمالين‏:‏ الحرب أو التفكك ..د‏.‏ محمد السعيد إدريس

نبوءة عالم التاريخ الأمريكي بول كيندي التي أوردها في مؤلفه الشهير‏:‏ صعود وانهيار الامبراطوريات الكبري أخذت تقترب من الولايات المتحدة الأمريكية بمعدل يفوق كل تلك التوقعات التي ظهرت في أعقاب إنهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي عام‏1991‏ جوهر هذه النبوءة التي أضحت أشبه بــ القانون السياسي يقول أن دخول الإمبراطوريات الكبري في حروب كثيرة هنا وهناك تحت إغراء امتلاك القوة والسعي إلي اكتساب المكانة يؤدي لتعرضها إلي حالة من الاستنزاف المالي والاقتصادي والمعنوي تقودها في النهاية إلي الانهيار التدريجي بمعدل يتوافق مع التباين بين معدلات الدخل ومعدلات الانفاق‏.‏
والذين تابعوا الانهيار السوفيتي وبالذات من الأمريكيين‏,‏ انقسموا إلي مجموعتين‏,‏ الأولي أخذتها النشوة وأخذت تتحدث عن الانتصار النهائي للرأسمالية علي الاشتراكية وخلود التفوق الأمريكي والغربي والهيمنة الأمريكية المطلقة علي العالم‏,‏ وكان علي رأس هؤلاء عالم السياسة الأمريكي ياباني الأصل فرانسيس فوكوياما الذي ألف كتابا حمل عنوان نهاية التاريخ وكان يعني نهاية الحروب بالانتصار النهائي للرأسمالية والسيطرة الأمريكية المطلقة‏,‏ أما المجموعة الثانية فقد شعرت بالخطر يقترب من الولايات المتحدة وأن مصير الاتحاد السوفيتي ليس بعيدا عن الولايات المتحدة هؤلاء أدركوا الخطر من منطلق وعيهم بحقيقة حرب الاستنزاف المتبادلة التي خاضها الأمريكيون مع السوفيت علي مدي سنوات الحرب الباردة وعلي الأخص في عقد الثمانينات في عهد الرئيس الأسبق رونالد ريجان باعتبارها أشبه بــ حرب الديوك التي عادة ما تنتهي بانتصار أحد الديكة وموت الآخر‏,‏ لكن هذا المنتصر مآله هو الآخر الموت بعد ساعات وربما بعد أيام لأن الحرب التي دارت بينه وبين خصمه لم تكن حربا من طرف واحد بل كانت حربا متبادلة واستنزافا متبادلا‏,‏
وكان الاستنتاج الذي خلص إليه هؤلاء هو أن الانهيار الأمريكي قادم‏,‏ قد تصمد الولايات المتحدة سنوات لكن المصير السوفيتي سيظل يطاردها‏.‏
هذه الاستنتاجات أو النبوءات تفرض نفسها الآن في ظل الأزمة المالية والاقتصادية الأمريكية الرهيبة فإذا كان فوكوياما قد تراجع عن مقولاته فإن هذه المراجعة لم تكن كافية لوقف عجلة الإنهيار لأن فيروس التآكل الداخلي كان قد نال كثيرا من الجسد الأمريكي الذي أخذ في التحلل التدريجي غير المنظور إلي أن جاءت كارثة أزمة الرهونات العقارية التي ضربت النظام المالي الأمريكي والعالمي بضربات ساحقة أقرب إلي ما يعرف في رياضة الملاكمة بــ الضربة القاضية الفنية التي يبدو الملاكم اثر تعرضه لها متماسكا خارجيا لكن اقرب إلي الإنهيار من الداخل الأمر الذي يجعل حكم المباراة يعلن بانتهائها‏.‏
الذين يتابعون تداعيات الأزمة المالية علي الاقتصاد الأمريكي يقولون أن حال الولايات المتحدة الآن أقرب إلي حال الملاكم الذي تلقي ضربة قاضية فنية‏,‏ وإن لم يكن قد سقط ومازال يقف علي قدميه إلا أن المباراة قد انتهت من الناحية الفعلية‏,‏ ربما تكون هناك بعض المغالاة في التشبيه لكن الواقع الحقيقي مؤلم إلي أبعد تقدير لأسباب كثيرة أولها انتقال الأزمة من كونها أزمة مالية لتتحول إلي أزمة اقتصادية في ظل حالة الركود الهائلة التي فرضت نفسها‏,‏ والتي تدفع إلي البطالة‏,‏ وإلي الأزمات الأجتماعية وثانيها أن حل الركود الراهن يستحيل أن يتحقق علي نحو ما حدث من حلول لأزمة الركود العالمية التي حدثت في ثلاثينيات القرن الماضي‏,‏ وتلك التي سبقتها في العقد الأول من ذات القرن‏,‏
فقد أمكن حل الأزمة عن طريق تفعيل أو تنشيط الطلب علي السلع في ذلك الوقت كانت هناك مصانع معطلة بسبب الركود وبتفعيل الطلب بدأت هذه المصانع تعمل مجددا وأمكن حل الأزمة لكن الحال الأمريكي لا يسمح بنجاح ذلك الحل لأن أمريكا أصبحت تقريبا من الأغلب خالية من المصانع ومعظم الصناعات الأمريكية تم نقلها إلي الدول كثيفة العمالة بدوافع من حماية البيئة الأمريكية‏,‏ وأصبح الاقتصاد ا لأمريكي يعتمد علي أمرين‏:‏ أولهما‏,‏ الخدمات المالية‏,‏ وهذه انهارت‏,‏ وثانيهما‏,‏ الصناعات التكنولوجية المتقدمة‏,‏ وهذه صناعات ذات عمالة خفيفة وتنشيطها لن يؤدي إلي تشغيل عمالة مكثفة تساعد علي تفعيل الطلب وحل مشكلة الركود‏.‏
الصناعة الوحيدة التي لم تفرط فيها أمريكا هي صناعة السلاح‏,‏ وهذا القطاع الصناعي هو الوحيد الذي مازال مزدهرا‏,‏ وهو الذي يمكن أن يؤدي إلي بعض التنشيط الاقتصادي‏,‏ لكن شرط تفعيل الطلب علي شراء السلاح‏,‏ وليس هناك من وسيلة لذلك إلا دخول الولايات المتحدة نفسها في حرب هذا يعني أن المستقبل الأمريكي أضحي مرهونا أو محشورا بين احتمالين‏:‏ الحرب أو الانهيار‏,‏ وهذا ما يكثر الحديث عنه الآن سواء في تحليلات أو في نبوءات تؤكد كلها أن الولايات المتحدة قد دخلت مرحلة صعبة من تاريخها‏.‏
الذين يتنبأون بخيار الحرب‏,‏ يقولون أن الأزمة المالية العالمية في أوائل القرن الماضي انتهت وحلت بنشوب الحرب العالمية الأولي التي بدأت عام‏1914‏ وانتهت عام‏1918‏ وأن الأزمة المالية العالمية التي حدثت في ثلاثينيات ذلك القرن انتهت بالحرب العالمية الثانية‏,‏ وهم يقولون أن الأزمة المالية الحالية سوف تنتهي بحرب لكن لا أحد يعرف أين ستحدث هذه الحرب‏,‏ وكيف يمكن أن يكون الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما رئيسا لحرب وهو الذي جاء يبشر بالسلام ويطالب بالتغيير‏.‏
وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس توقعت منذ أسابيع ألا يكون ثمة خيار أمام أوباما سوي أن يحذو حذو الرئيس جورج بوش في مقاربته لقضايا السياسة الخارجية‏,‏ هذا التوقع يؤكده تعقيدات فرص سحب القوات الأمريكية من العراق حسبما كان يريد أوباما في ظل تحفظات قوية رافضة من جانب الجنرالات الأمريكيين في العراق‏,‏ كما تؤكده الأوضاع الصعبة للموقف الخاص بالصراع العربي ــ الإسرائيلي حيث الانحياز أو الالتزام الأمريكي المطلق بإسرائيل وأمنها علي نحو ما أعلنت وزيرة الخارجية الجديدة هيلاري كلينتون‏,‏ كما أن تعقيدات الأزمة مع إيران وأفغانستان تؤكد أن حالة العسكرة التي فرضها بوش علي التوجهات الأمريكية ستفرض نفسها علي إدارة أوباما خاصة بعد اختيار بنيامين نيتانياهو رئيسا لحكومة إسرائيل وإعلانه أولويات حكومته بمواجهة ثلاثة تهديدات‏:‏ التهديد الإيراني والأزمة الاقتصادية الداخلية ثم تعقيدات السلام مع الفلسطينيين‏,‏ وهي أولويات قد تعجل بالحرب ضد إيران من جانب إسرائيل وعندها ستكون أمريكا مدفوعة للتورط فيها قبل أن تحسم تورطها المعلق في أفغانستان‏.‏
أما الذين يتنبأون بالانهيار الأمريكي فإنهم‏,‏ بعضهم أو أغلبهم‏,‏ أصبحوا أسري نبوءة ايجور بانارين عميد أكاديمية وزارة الخارجية الروسية والأستاذ في العلوم السياسية والمحلل السابق في الاستخبارات السوفيتية‏(‏ كي‏.‏ جي‏.‏ بي‏)‏ والمستشار المقرب من رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين‏,‏ والضيف الدائم علي الكرملين وأجهزة الإعلام وله مؤلفات مهمة عديدة‏.‏
نبوءة ايجور بانالين استندت إلي التحليل والأرقام لا إلي حركة النجوم أو قراءة الكف فقد درس تطورات الاقتصاد الأمريكي الأخيرة واستنتج أن هذا الأخير سينهار في وقت لا يتجاوز منتصف عام‏2010‏ وسيلي ذلك انهيار الدولار‏,‏ وحرب أهلية أمريكية طاحنة تتوج بتحلل الولايات المتحدة وانقسامها إلي ست دول‏.‏
بعض الردود الأمريكية علي هذه النبوءة جاءت غاضبة‏,‏ لكن غضبها يوحي ببعض التشكك والمهم أن هذه النبوءة تؤكد وجود قلق حقيقي من وجود مخاطر حقيقية تهدد وجود الكيان السياسي الاتحادي الأمريكي‏,‏ وهو قلق لا ينافسه غير قلق احتمالية الحرب التي مازالت مجهولة الهوية من ناحية أسلحتها وميادينها وما إذا كانت ستكون هي الحرب العالمية الثالثة أم الطريق إليها‏.‏

فتح لن تتخلى عن سامريتها وحماس لن تتراجع عن ثباتها ... عن شبكة فلسطين للحوار

مع إنطلاق الحوار في القاهرة بين أهل الحق وأهل الباطل فإنه قد ظهرت نوعيتين متضادتين وقعتا ما بين إفراط وتفريط أظهرت وجود خلل لدى البعض في إدراكه لطبيعة صراع الحق والباطل وعدم استيعابه لدوره كمسلم يتوجب عليه امتلاك الوعي المستلهم من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم التي سار عليها المسلمون على مر العصور وعمل من خلالها القادة العظام من أمثال الخلفاء الراشدين وصلاح الدين الأيوبي وكبار المجاهدين الذين ثبتوا على العهد فما بدلوا ولا غيروا من الثبات شيئا نحن أمام فريقين وبينهما أهل الثبات والفهم والتصور الشمولي لحقيقة الوضع ومجرياته الذين يبتعدون عن سطحية عاطفية أو عصبية مقيتة تعمي البصر والبصيرة وتجعل الفرد متذبذبا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ليصبح بين يوم وآخر متغير المواقف متضارب الأراء يوجه سهامه للمجرم والبرئ على حد سواء !الفريق الأول لم يعي حقائق السيرة النبوية ومفاهيمها وسياستها الشرعية التي تعمل لصالح المسلمين لتجده مثل الخب الذي يخدعه خب !هذا الفريق لم يستوعب سيرة النبي صلى الله عليه وسلم عندما لم يكتفي بحوار يهود المدينة مرات ومرات بل وجعلهم مواطنين فيها لهم حقوق وعليهم واجبات مطالبين بادائها والقيام بها كما جاء في وثيقة المدينة عندما هاجر اليها النبي صلى الله عليه وسلم ونظم من خلالها العلاقة السياسية والامنية بين القاطنين فيها من المسلمين وغيرهم ليوجب عليهم الاشتراك في الدفاع عنها والعمل من أجل صالح الدولة الناشئة حينها كان النبي صلى الله عليه وسلم برغم معرفته بمكر يهود وخيانتهم وخداعهم فإنه كان يطالبهم بالالتزام بما توجبه عليهم حقوق المواطنة التي قبلوها من خلال وثيقة المدينة ولم يعني محاورة النبي صلى الله عليه وسلم لهم إضفاء أي صفة خير أو إحسان الظن بهم أو الانخداع بظاهر كلامهم وإنما بقي اليهود هم اليهود في نظر المسلمين ولم تتغير هذه النظرة لديهم ليحسنوا الظن بقادة يهود وكبرائهم الذين لم يتوقفوا عن المؤامرات والدسائس والاتصال بالأعداء لحثهم على العدوان على المدينة ولو نظرنا لمن اشتهر بإسم الاحمق المطاع وهو عيينة بن حصن فإننا نجد أنه شارك مباشرة في التحريض على قتال المسلمين وقاد قومه للاشتراك في الحرب القبلية ضد المدينة المنورة ومع ذلك فقد راسله النبي صلى الله عليه وسلم في زمن الحرب وحاوره وقدم له العروض من أجل صالح المسلمين وليس من أجل صالح عيينة بن حصن وقومه وبعد انتهاء الحرب الأولى التي خاضها عيينة بن حصن ضد المسلمين وبعد محاورته للنبي صلى الله عليه وسلم فإنه بقي على حاله من الحماقة التي تعادي المسلمين ومع ذلك فقد حاوره النبي صلى الله عليه وسلم من أجل عدم نصرة اليهود في خيبر عندما غزاها المسلمون ولم يعني ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت تتغير نظرته لعيينة بن حصن ويظن به الخير ولكن محاورته كانت من اجل مصالح المسلمين لرد هذا الاحمق عنهم الذي لم يدع حماقته ولا حقده ولا عداوته للنبي صلى الله عليه وسلم ( ونحن في زماننا يوجد لدينا أحمق فاجر لديه عزيمة في حمقه لن تتغير ولن يجعله الحوار في حقيقة الأمر أخا أو رجلا نظيفا وإنما سيبقى على حماقته إلى أن يشاء الله ) ولن نكتفي بوقفات مع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم بشأن أهداف الحوار وآليات وكيفية العمل من أجل صالح المسلمين وليس الأعداء وإنما سنتجه الى مثال رباني مجاهد تشرب هذه المعاني من السيرة فعمل بها ليصنع انتصارا عظيما من انتصارات المسلمين خلد في التاريخ الاسلامي والغربي على حد سواء لقد تعلم صلاح الدين الأيوبي رضي الله عنه هذه المعاني التي يتوجب على القائد الحكيم التحلي بها ليكتم غيضه الشخصي ويعلم بأن الغيض لاتدار به الدول ولا يعالج الأحداث وإنما هو مجرد مخزون متراكم سيأتي له وقت يمهد من خلاله بروية وصبر للاقتصاص من الخائن الفاجر لقد صبر صلاح الدين على خيانات شاور المتتالية الذي كان ينام على عهد مع صلاح الدين لينقضه في الصباح لتصبح عادته الخيانة والعمالة والاجرام وحينها كان ما يزال صلاح الدين شابا مندفعا لاتوجد لديه انصاف حلول ولا حكمة سياسية تعلم أين تضع السيف وأين ترفعه ولكن عمه المجاهد أسد الدين شيركوه علمه هذه المعاني ليدرك بأن تخبطات شاور وخيانته ماهي الا محاولات غريق يرى سراب قشة يريد التعلق بها وأن له وقت سيأتي فيه الحساب ولذلك منع شيركوه صلاح الدين من قتل شاور مرات ومرات برغم خيانته المتجددة بشكل متسارع لأنه لم يكن من صالح الحكم الاسلامي الناشئ في مصر احداث قلاقل داخلها بقتل زعيم الخونة الذين مازالوا منتشرين هناك وسيحدثون ارباكا في عمل هذا الحكم وربما يؤدي الأمر إلى ضياع مصر من أيديهم وهي التي تمثل لهم هدفا استراتيجيا لتحرير القدس صبر صلاح الدين ليس من أجل شاور أو من أجل الظن بأنه يمكن أن يرق قلبه وتنظف سريرته ليختلف حاله ويتحول من خائن إلى مجاهد وإنما صبر لأن صلاح الدين كان يعمل من أجل صالح المسلمين وليس من أجل صالح شاور ، وعندما حان الوقت المناسب للاقتصاص منه فحينها نفذ القصاص بأقل الخسائر التي لم تضع جهود المسلمين في معركة ليست هي المعركة الرئيسية المتمثلة في تحرير القدس وقتال الصليبيين ولو انتقلنا من سيرة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم ومن سار على نهجه من أمته لوجدنا سيرة نبي الله تعالى موسى عليه السلام التي اظهرت بجلاء أن الحق سيبقى حقا وأن محاورة الباطل لا تعني منحه صك براءة من رجسه الذي لن يغيره أو يبدله لقد ذكر لنا القرآن الكريم قصة السامري الخائن لله ولدينه ورسوله ولقومه الذين حرف لهم عقيدتهم وذكر القرآن لنا محاور نبي الله موسى للسامري وسؤاله عن سبب حرفه لدين الله ولم يذكر لنا القرآن الكريم أن مجرد محاورة السامرئ تعني اضفاء الصلاح عليه أو إحسان الظن به أو عدم كشف زيفه وضلاله وخيانته التي لم يتركها لولا ردع نبي الله موسى عليه السلام له وهذا ما يقودنا للخطأ الذي يقع فيه الفريق الثاني الذي يظن ان محاورة فاجر أو خائن أو منحرف تعني وجوب السكوت عن فجوره وانحرافه والأدهى من ذلك الإعتقاد بأن تغيير الأفعى لجلدها يعني انها تمضي في طريق الخير رغبة منها بنوايا صادقة !!الحالة الفتحاوية هي حالة سامرية ليست متغيرة بحسن نوايا أو صحوة ضمير وإنما هي حالة ردعت بصمود حماس وثباتها بعد ان واجهت جميع الحيل والمكايد والدسائس والخيانات الفتحاوية الهادفة لهزيمتها وتحطيمها وعندما فشلت المكيدة الفتحاوية فإنها ذهبت بإتجاه تسعى من خلاله مواجهة الفناء القادم لها طال الزمان أو قصر لتتعلق بقشة تمنحها بعض الوقت ولا تعني نجاتها من الغرق الحتمي لايعني حدوث الحوار ان عباس تخلى عن خيانته أو أن اتفاقه مع حماس سينظف سجله المليء بالخيانات والتفريط والتحقير لجهاد الشعب الفلسطيني ولايعني حدوث الحوار ان عزام الأحمد تخلى عن حقده وكرهه لحماس ولنهج المقاومة أو أنه تخلى عن تطاوله على الذات الالهية أو توقف عن تمني رؤية الأشلاء المجاهدة تمزقها قذائف الطائرات الصهيونية كما تمنى ذلك من قبل بحق القوة التنفيذية ليقوم أسياده الصهاينة بتنفيذ امنيته ثاني يوم بقصف مقرات القوة التنفيذية ! لايعني حدوث الحوار أن فتح تتخلى عن فسادها وإفسادها الذي سيبقى مستمرا حتى بعد حدوث الاتفاق ونجاح الحوار لأن قوم فتح لم يأتوا للحوار بصحوة ضمير ولم ترق قلوبهم لدمعات الأطفال والنساء في غزة ولم يهتز كيانهم لرؤية ما جلبه حلفاؤهم الصهاينة من تدمير للمباني والانسان في غزة وإنما جاءت فتح لحوار عاجز عقب خمسة أيام من العدوان على غزة بعد ان علموا أن زعرانهم في العريش لن يدخلوا غزة التي لم تنهار السلطة الشرعية فيها ولم يحتلها الصهاينة ولم تأتي الدبابة الصهيونية لتقل عباس وفريقه لهناك ولذلك حوار حماس معهم هو حوار نبي الله موسى مع السامري وهو حوار نبي الله صلى الله عليه وسلم مع يهود المدينة ومشركي العرب وهو صبر صلاح الدين على خيانات شاور من أجل صالح المسلمين وليس من أجل صالح فاجر خائن لن يترك خيانته !وفي جانب آخر فإنه يسع الفرد ما لايسع القيادة وهذا بشأن وقف الحملات الإعلامية التي قررتها القيادة المجاهدة التي لها السمع والطاعة والتي لاتعني من خلالها أن يصمت أفرادها أو مناصريها أو الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج عن فضح وتعرية الخونة والعملاء بل إن القيادة الحكيمة لا تتعامل بإرتجالية فكرية كما يظن البعض فهي قد وضعت خطوطا واضحة لهذا الحوار الذي لا تخوضه من اجل الحوار بلا أي معنى وإنما هي تؤكد أنها تذهب من أجل اتفاق وفق ارضية التعاون مع المقاومة ورفض التنسيق الامني ورفض المفاوضات العبثية ورفض تشكيل أي حكومة تخضع لإملاءات غربية تريد سلبنا حقوقنا فالقيادة لا تستجدي أي وحدة ولا ترى الوحدة " مجردة " هي هدف في حد ذاته بل إن الوحدة على الشر والافساد تعد معصية وخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين ولابد من محاربتها لأنها ليست وحدة محمودة وإنما هي منبع الشر أما الوحدة التي نعرفها من ديننا هي الوحدة التي تتعاون على الخير حتى لو كان أحد أطرافها لايريد الخير ولكنه مجبر من غير إرادة منه نتيجة عدم مقدرته على مواجهة أهل الحق بعد أن حاول ذلك مرات عديدة وفشل كما هو حال فتح !وفي الختام لابد من الإشارة الى مهزلة أصوات فتحاوية تظن أنها تقتنص هدفا في مرمى حماس بتشويش على حوارها مع الفجرة المنحرفين بإدعاء التساؤل غير البرئ عن كيفية محاورة فتح وقادتها ان كانوا خونة وينسى هؤلاء القوم كلمات كبيرهم عباس خلال عشرين شهرا قبل أن ييأس من القضاء على حماس عندما كان يردد اسطوانته المشروخة بأن لا حوار مع القتلة ولا حوار قبل عودة " شرعيته " لغزة ولا حوار قبل عودة الأوضاع لما كانت عليه " من فلتان وزعرنة فتحاوية " ولا حوار قبل محاكمة " القتلة " وكل ذلك ذهب ادراج الرياح وحاور " القتلة " بعد أن فقد عباس الأمل هو وجماعته في القضاء على حماس الراسخة في ارضها وفي أرواح شعوبها من الخليج الى المحيط

مقترح فلسطيني لتصفية الأنفاق..بقلم د.فايز ابوشمالة

كذبابة على ظهر فيل، هكذا وصف خبير في الأنفاق القذائف التي ألقتها الطائرات الإسرائيلية على الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة ومصر العربية، وأضاف: لن يجدي كل السلاح العسكري الإسرائيلي، والهندسي في إنهاء الأنفاق التي نزلت عميقاً إلى خمسين متراً تحت الأرض، ووصلت إلى الصخرة الحافظة للمياه الجوفية، وامتدت في الاتجاه الفلسطيني إلى ثلاثة كيلو مترات بعيداً عن الحدود، تحسباً لاجتياح إسرائيلي بالكامل لمنطقة الحدود، وأضحت بعض الأنفاق بكفاءة عمل، وأمن لا يقل عن نفق بحر المانش الواصل بين فرنسا وبريطانيا. من المؤكد أن صناعة الأنفاق في قطاع غزة تعبر عن إرادة شعب يصر على الحياة، وقادر على ابتداع مقومات بقائه بكل الطرق، لأن البديل عن طلب الحياة هو الاستسلام للموت، وهذا ما ترفضه أدنى الحشرات، وحتى أصغر النباتات التي تفتش بجذرها الصغير عن مصدر الماء، ويتطلع رأسها الدقيق باتجاه الضوء، فكيف بالإنسان؟ وكيف بالفلسطيني المنتمي الذي يدرك البعد السياسي للحصار المفروض على بلاده؟ لصناعة الأنفاق أهمية كبرى في تزويد قطاع غزة بالوسائل القتالية كما تدعي الدولة العبرية، وقد قامت بالدور التعويضي لنقص مقومات الحياة كل فترة الحصار، والعاملون في هذه الصناعة يتفننون في تطويرها وإتقانها، وهم غير مستعدين للتخلص منها حتى لو لاح لهم رفع الحصار بالكامل عن قطاع غزة، فقد تطور العمل بالأنفاق حتى صار علماً. لذلك لا بد من تطوير مقترح فلسطيني لتصفية الأنفاق يقوم على إزالة مدينة رفح، ومخيمها بالكامل بعرض خمسة كيلو متر مربع، لتترك منطقة حدودية مع مصر العربية، على أن يعاد توطين سكان منطقة رفح ومخيمها، والمقدر عددهم بربع مليون مواطن في المنطقة الفاصلة بين بيت حانون ومدينة عسقلان التي اغتصبتها الدولة العبرية سنة 1948، وهي منطقة شبه خالية من السكان، وتسمح بتعويض الفلسطينيين في منطقة رفح، بنفس مساحة أراضيهم التي سيتركونها مناطق حدودية مع مصر. إضافة إلى تصفية الأنفاق، وخلق واقع حدودي جديد مع مصر العربية، فإن تطبيق هذا المقترح يحقق للفلسطينيين جزءاً من حق العودة وفق قرار الأمم المتحدة رقم 194، وبالتالي يقرب الحلول السياسية المطروحة من الواقع، ويضاعف من مساحة أراضي قطاع غزة بما يأذن لسكانه بالحياة. إن هذا المقترح ليهدف إلى تخفيف جزء من الاحتقان الذي يشحن المقاومة، وينسجم مع توجهات المبعوث الأمريكي "جورج ميتشل" الذي أبلغ القيادات الإسرائيلية بأن الطريقة الوحيدة لتغيير الواقع السياسي في غزة، وجعل الوضع الأمني مريحاً لإسرائيل هو الدعم الاقتصادي للمواطنين، والعمل على إقامة صندوق خاص ينبثق عن مؤتمر المانحين المنعقد في شرم الشيخ، لإعادة تعمير غزة، وقد درس "ميتشل" مع الإسرائيليين إمكانية تغيير التوزيع السكاني داخل قطاع غزة، خاصة في المناطق التي تضم مخيمات اللاجئين، التي وصفها بأنها حاضنات المقاومة. إن فكرة إعادة التوزيع السكاني داخل قطاع غزة قد طبقها "شارون" سنة 1970، ولكنها لم تنجح، ولكي تنجح أفكار المبعوث الأمريكي "جورج ميتشل" يتوجب في إعادة التوزيع السكاني داخل الأراضي التي اغتصبتها (إسرائيل) سنة 1948.

متشائل؟! ... بقلم : صلاح حميدة

هذا التعبير لمفكر فلسطيني استخدمه ليعبر عن حالة الحيرة بين التشاؤم والتفاؤل، وهما المتناقضان اللذان لا يلتقيان، إلا في الحالة الفلسطينية، وكان الشق الأخير من دمج المتناقضين هو الشق الأخير من التفاؤل، فيما أغلب الكلمة أخذ من التشاؤم، وهو تعبير عن واقع الحال أيضاً الذي لا ييأس حتى لو كان الوضع كله ينبىء عن سوء الحال. استعرت هذا التعبير من صاحبه، لأسقطه على واقع الحوار الوطني الفلسطيني الحالي، فمنذ انطلاق الحوار في القاهرة والمزاج الغالب فلسطينياً متشائم من إمكانية نجاح الحوار، حيث يشعر الكثيرون أن ما يتم إنما هو حوارات للحوار فقط، مثل المفاوضات للمفاوضات فقط التي تتم مع الجانب الصهيوني، وأن الحوار لن ينتج عنه أية نتائج إيجابية. ويعتبر الكثيرون أن الخطوط السياسية والفكرية فلسطينياً لن تلتقي أبداً، وأن التناقضات وصلت حداً لا يمكن لها أن تقترب من بعضها، بالرغم من كون هذا التحليل هو الأقرب إلى الواقع، إلا أن الجميع أظهر استعداداً للحوار بجدية وبتفاؤلية كما أعلنوا، وقال الجميع أنهم لمسوا لغة لم يلمسوها من قبل، وكان الاتفاق على وقف الحرب الإعلامية والملاسنات الصحافية، وحرص القادة على كسر الحاجز بين القواعد والجماهير من خلال الظهور معاً في المؤتمرات الصحافية، هذه التصرفات والتصريحات كان لها الأثر الكبير في خلق حالة تفاؤلية حذرة فلسطينياً. شكلت نتائج معركة غزة دافعاً قوياً للتصالح الداخلي، وبدا أن الأطراف الإقليمية والدولية تريد هذا التصالح، وبدأت الإتصالات بحماس من الأوروبيين، وقام عدد من النواب والساسة بزيارات لقطاع غزة، لم يكونوا ليفعلوها من قبل المعركة، وكان واضحاً أن القوم الذين حاصروا حماس وعملوا على إبادتها في صراع شديد مع ذاتهم بين القبول بواقع وجودها كرقم صعب لا يمكن تجاهله، أو محاولة إعادة الكرّة للقضاء عليه بطرق أخرى، أو بنفس الوسائل القديمة. بداية لا بد من معرفة دوافع وأغراض كل طرف من الحوار الوطني : · حركة حماس:- تؤكد حركة حماس أنها معنية بالمصالحة، وهي كانت تعلن ذلك صباح مساء، بأنها تريد الوحدة الوطنية الفلسطينية، على أساس حماية المقاومة الفلسطينية ورفض التفريط بالثوابت والحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني المتمثلة بالأرض والعودة والقدس وحق مقاومة الإحتلال، ولذلك لم يكن غريباً تصرف حماس لاستغلال أي بارقة لتوحيد الصف الفلسطيني. كما أن حماس معنية برفع وطأة ومعاناة الحصار عن أهل غزة بعد ما عانوا وضحوا وصمدوا، خاصة وأن مفاتيح معبر رفح بيد حركة فتح وداعمها النظام المصري، اللذين يغلقان الشريان الرئيس للحياة لأهل غزة، كما أن حماس تعلم علم اليقين أنها في وضع قوي شعبياً وعربياً وعالمياً بعد صمودها الأسطوري في معركة ( الفرقان)، وبالتالي ستكون في وضع قوي لتقريب الآخرين من طريقها لا العكس. *حركة فتح:- حركة فتح يتجاذبها جناحان، أحدهما يريد المصالحة مع حماس وإصلاح الوضع الداخلي في الحركة، وبدأ ينشط أخيراً بعد معركة غزة، وهذا الاتجاه يقوده مروان البرغوثي، والذي أعلن أنه لا يريد أن يخرج إلا من خلال صفقة الأسرى التي تديرها حماس، ولا يريد الخروج ببادرة حسن نية، وهذا يدلل على عمق الانقسام بين هذا التيار والتيار الثاني الذي يقود حركة فتح الآن، وهو الجناح الذي يرفض كل أشكال المقاومة، ويعتبر أن المدخل للوحدة الداخلية يجب أن يعبر من باب الانصياع لمطالب المحاصرين للشعب الفلسطيني، اي بالتنازل عن الحقوق الفلسطينية هكذا مقابل لقمة الخبز؟! وتمثل هذا أخيراً، بتصريحات هيلاري كلنتون التي قالت إن المطلوب من حماس الاعتراف بإسرائيل إذا أرادت للحوار أن ينجح؟! وهذا بين بما لا يدع مجالاً للشك أن من يفاوض حماس على الطاولة يعبر فقط عن ما تريده كلنتون، وما عزز ذلك الانطباع، أن أحداً من حركة فتح لم يحتج على تصريحات كلنتون، بل قام رئيس حركة فتح محمود عباس، بتأكيد ذلك من خلال تصريحاته برفقة خافيير سولانا، والذي قام أيضاً بالإعلان عن إقحام ما أطلق عليه إعمار غزة بالحوار، وبوضع نتائج الحوار في خانة الابتزاز السياسي، من خلال وضعه لأموال الاتحاد الأوروبي الموعودة كورقة تفاوضية بيد فتح، لابتزاز حماس بمعاناة الغزيين؟!. إذا كان المطلوب من حركة فتح هو الانصياع لشروط الرباعية والاعتراف بإسرائيل؟ فلماذا ذهبت فتح للحوار وهي تعلم علم اليقين أن حماس لن تقبل بهذه الشروط؟ وهل كان هذا هو المطلوب من البداية وأخفي ، ثم أعلن عنه الآن على أبواب مؤتمر إعادة الإعمار في مصر؟ أم كانت الأمور تسير بشكل جيد ثم وضعت العربة أمام الحصان لإفشال الحوار؟ أم أن الهدف كان منع حماس من إعلان ما بجعبتها مما نشر القليل منه قبل أيام من باب وقف الحرب الإعلامية؟ أم أنهم في فتح كانوا يراهنون على القدرة على تطويع حماس تحت سيف معاناة الغزيين؟ أو أنهم أرادوا إجهاض تشكيل قيادة جديدة للمقاومة، من باب أن أبواب منظمة التحرير مفتوحة الآن، فلماذا تقومون بتشكيل مؤسسة تضم القوى غير المنضوية تحت لوائها؟. · الأطراف الدولية والإقليمية:- بالنسبة لإسرائيل ودول محور النفاق العربي ومن يطلقون على أنفسهم اللجنة الرباعية، فهم يعيشون أزمة شديدة بعد معركة غزة، ولا بد أنهم أرادوا امتصاص آثار هذا النصر، ويعكس ذلك إفشال أي اتفاق مع حماس في اللحظة الأخيرة، فالتهدئة تتم ويبقى الإعلان، وتجد أنها تفشل في اللحظة الأخيرة؟! وتبادل الأسرى يتم الاتفاق عليه ويبقى التنفيذ واللمسات الأخيرة، ويتم إفشال كل شيء في اللحظة الأخيرة؟! والحوار يبدأ ويسير بوضع جيد وتفاؤلي، ثم يتم وضع العربة أمام الحصان، وتوضع نتائج محددة للحوار وهو في بدايته؟! فإذا كانت نتائج الحوار موجودة ومفروضة سلفاً، فلماذا الحوار أصلاً؟! ما يتم حتى الآن يعتبر معطلاً للحوار الحقيقي المفضي إلى المصالحة الحقيقية المبنية على التوافق على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، وما يتم الآن يعتبر فقط كسباً للوقت ونوعاً من امتصاص نتائج النصر والصمود في غزة، وتعميقاً للمعاناة الشعبية في غزة، أملاً في زيادة النقمة على حماس وحكومتها وإسقاطهما شعبيا، خاصة وأن الحملة على حماس لا تدار فقط على المحاور الرسمية والإعلامية التابعة لهذه الأطراف، بل تعدت ذلك إلى حركات إسلامية، تعادي حماس وتتصيد أخطاءها، فقد بدأت هذه الحركات تأخذ منابر متأمركة لمهاجمة حماس والتشكيك بمواقفها، بل تقوم هذه الأطراف التي لا يسمع لها صوت إلا في طعن المجاهدين في ظهورهم، تقوم بالتشكيك والغمز واللمز ومحاولة نزع حتى صفة الإسلامية عن حماس، فحماس عند هؤلاء دائماً على خطأ؟! إن هادنت فتح فهي على خطأ؟ وإن قاتلت فتح فهي على خطأ؟! وإن تحاورت مع فتح أو لم تحاورها فهي على خطأ؟! وإن قبلت الرعاية المصرية أو لم تقبلها فهي على خطأ؟! وإن قاتلت اليهود فهي عل خطأ؟! وإن هادنتهم فهي على خطأ؟! يفرحون لعثرة حماس؟! ويسوؤهم انتصارها؟! إذا انتصرت فالفضل ليس لها؟! وإن هزمت فالعار يقع عليها؟!. لن أستعجل التشاؤم، مع أن التفاؤل قليل، ولكن ما يظهر من تصريحات حالياً يوحي بأن ما تريده حماس، ليس ما يريده غيرها، وأن الأمور تسير باتجاهات أخرى لا تمت لحقوق وثوابت الشعب الفلسطيني بصلة، ولذلك أعتقد أن الأمور لا تسير نحو الانفراج الداخلي، وقد يكون الصدام قريباً، وقد تصل حركة حماس وقوى المقاومة إلى حد يجعلها تقدم على خطوات إستراتيجية في مواجهة ما يحاك لها من مؤامرات، ولذلك فأفضل توصيف للحالة العامة هو تعبير التفاؤل الذي يغلب عليه التشاؤم: أي: التشاؤل، ولذلك فأنا متشائل!!

تقرير صحافي: اسرائيل تعتبر المعكرونة والعدس ومعينات السمع تهديدا لأمنها

قال تقرير صحافي بريطاني ان اعضاء وفد اميركي رفيع المستوى اصابه الذهول اثناء جولته في غزة بعد ان اكتشف ان الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة يشمل العدس والمعكرونة ومعجون الطماطم. وتساءل عضو الكونغرس الاميركي بريان ليرد "متى انفجرت مؤخرا قنبلة عدس؟ وهل سيقوم احدهم بعملية قتل مستخدما قطعة معكرونه؟". ولم تسمح اسرائيل بادخال معجون الطماطم الا بعد ان اثار رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي جون كيري الموضوع مع وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك خلال زيارته الشهر الماضي. وقيل لهم ان اسرائيل تعتبر المعكرونة من الكماليات وليس من الضروريات الانسانية. ويظل الغموض يحيط باجمالي عدد المنتجات التي تحظر اسرائيل توريدها الى غزة. وبالنسبة للمسؤولين الدوليين ووكالات الاغاثة الذين يواجهون تاخيرا طويلا قبل ان يتمكنوا من ادخال المواد التموينية. وتحظر اسرائيل لدواع امنية مواد مثل الاسمنت وقضبان الحديد اذ انها تعتقد ان بامكان "حماس" ان تستخدمها لبناء مستودعات او صواريخ تستهدف المدنيين الاسرائيليين. اما معينات السمع فانها محظورة خشية استخدام الزئبق في بطارياتها لانتاج اسلحة كيمياوية.
ومنذ انتهاء العدوان الاسرائيلي على غزة في كانون الثاني (يناير) فان خمس شاحنات مليئة بدفاتر مدرسية اعيدت كما تقول منظمات غير حكومية على اعقابها عند معبر كرم سالم حيث تفرض "اجور مناولة" قدرها 1000 دولار (700 جنيه استرليني) على كل شاحنة.
اما الاوراق المطلوبة لطباعة الكتب المدرسية الجديدة للمدارس الفلسطينية فقد منعت من العبور، وكذلك الحال اجهزة التبريد والمولدات ومضخات المياه وغاز الطبيخ والحمص. وقد اعربت الحكومة الفرنسية عن استيائها الشديد عندما حظر دخول جميع انظمة تنقية المياه. وقال الناطق باسم وكالة "اونروا" الدولية كريستوفر غانيس ان: "احدى المشاكل الرئيسة هو أن "قائمة المحظورات" لا تثبت على حال، فقد اكتشفنا ان الحظر يفرض على اساس حالة بعد اخرى ويوما بعد يوم"؟
ونقلت صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية عن المدير التنفيذي لهيئة "هيومان رايتس ووتش" كينيث روس قوله ان: "سياسة الحصار الاسرائيلية يمكن ايجازها بكلمة واحدة وهي العقاب وليس الامن".

فرنسا ومصر .. سباق مع الزمن لانجاز الملفين قبل رحيل اولمرت

عن المنار

جهات عديدة داخل اسرائيل تسعى لعرقلة انجاز صفقة تبادل الأسرى، وتحذيرات من مواقف الحكومة الاسرائيلية القادمة في حال لم تنجز هذه الصفقة، خاصة بعد أن انجز تماما اتفاق التهدئة ، لذلك تشهد الساعات الأخيرة تحركات واتصالات مكثفة تقوم بها مصر وفرنسا لانهاء هذا الملف، بعيدا عن حسابات المصالح لهذه الجهة أو تلك، واسكاتا لأصوات التذمر التي تنطلق من اسرائيل شاكية من الثمن الهائل الذي ستحصل عليه حركة حماس جراء الافراج عن الجندي الاسرائيلي جلعاد شليط . فقد ذكرت مصادر سياسية لـ (المنــــار) أن هناك جهات تخشى عدم تنفيذ صفقة تبادل الاسرى قبل رحيل ايهود اولمرت عن الحكم في اسرائيل، وأشارت المصادر الى أنه على الرغم من الرغبة الكبيرة لدى أولمرت بانجاز هذه الصفقة قبل رحيله سواء لدوافع أخلاقية او انسانية، فالجندي شليط اختطف اثناء ولايته، الا انه يحاول تعطيل الاعلان عن اتفاق التهدئة الذي بات جاهزا الى حين انجاز ملف تبادل الأسرى، حيث يخشى استحالة الوصول الى صيغة مقبولة على حماس واسرائيل خلال الفترة المتبقية من ولايته، حيث تصر حركة حماس على الافراج عن الاسماء الكاملة التي وردت في القائمة التي نقلتها الحركة الى اسرائيل عبر القاهرة قبل عدة اشهر، ورفضت حماس قبل ايام استلام قائمة اسرائيلية مقترحة تتضمن اسماء وردت في قائمة حركة حماس مصرة على مواقفها ومطالبها، وتشترط ايضا أن تتم المرحلة الاولى بالتوازي مع الافراج عن شليط بالافراج عن كامل الاسماء الواردة في قائمة الحركة.
وقالت المصادر لـ (المنـــار) نقلا عن مقربين من ايهود اولمرت قولهم، أن الثمن الذي تطالب به حركة حماس هو باهظ جدا ويثير قيادات عسكرية أو سياسية، وهو ثمن لا يستطيع رئيس وزراء حكومة انتقالية مثل اولمرت أن يدفعه في ضوء الرفض الكبير وغير المسبوق لبعض الأجهزة الأمنية والاستخبارية، وتحديدا جهاز الأمن العام (الشاباك) الذي يؤكد بأن دفع مثل هذا الثمن الذي تطالب به حماس سيعرض الأمن القومي الاسرائيلي للخطر ، وأنه لا يمكن القبول بصفقة تبادل للاسرى بهذا الحجم مقابل استعادة جندي اسرائيلي واحد ، حتى لو كان على قيد الحياة، ولا تستبعد المصادر نقل ملفي التهدئة وصفقة التبادل الى الحكومة القادمة برئاسة نتنياهو، خاصة وأن نتنياهو بدا غير متشجع للصفقة وشروطها خلال اتصال اجراه معه ايهود اولمرت لاطلاعه على نتائج الزيارة التي قام بها عوفر ديكل المسؤول عن ملف الاسرى والمفقودين في ديوان رئيس الحكومة الاسرائيلية الى العاصمة المصرية، وعلى الرغم من أن موقف رئيس الوزراء المكلف لا يعتبر ملزما بالنسبة لاولمرت الا أن هناك ضرورة للتشاور والأخذ برأي نتنياهو في ظل المعارضة الكبيرة للاجهزة الأمنية، وعدم رغبة اولمرت في تحمل المسؤولية لوحده.
وكشفت المصادر لـ (المنـــار) أن القاهرة تعمل بشكل مكثف لاقناع حركة حماس بابداء بعض المرونة، وكذلك اقناع اسرائيل بالعمل حثيثا لانجاز صفقة تبادل الاسرى، وترى الجهات المصرية بأن على حماس انهاء ملف التهدئة وشليط قبل وصول حكومة نتنياهو لأن الأمور قد تعود الى المربع الاول، وقد لا تكون الانجازات والمكاسب التي تم تحقيقها في اطار اتفاق التهدئة قائمة وقابلة للتطبيق في ظل حكومة يرأسها نتنياهو، أي أن على حركة حماس انهاء الملفين التهدئة وشليط مع حكومة اولمرت، وعندها سيحصل الملفان على الضمانات اللازمة اقليميا ودوليا بحيث يفرض على الحكومة المقبلة في اسرائيل تطبيقه والتعامل معه.
وحذرت جهات مصرية من أن الخلافات بين مهندس اتفاق التهدئة عاموس جلعاد وبين بعض الضباط في المؤسستين العسكرية والامنية قد تؤدي الى اعادة فتح هذا الملف من جديد في ظل وجود معارضة داخل المستويين لبعض النقاط التي تم الاتفاق عليها بين مصر واسرائيل وحماس، خاصة اذا لم يتم اغلاق هذا الملف قبل وصول نتنياهو الى الحكم. وفي هذه الحالة ستجد حركة حماس نفسها أمام واقع جديد صعب على صعيد الملفين.
وأضافت المصادر لـ (المنـــار) أن اصرار أولمرت على ربط اتفاق التهدئة مع ملف شليط سيظل قائما ايضا في ظل الحكومة القادمة في اسرائيل، ولكن، قد تكون الظروف أصعب بكثير، ولهذا تحاول القاهرة منذ ايام انجاز صفقة شليط مستعينة ببعض الاطراف ذات القدرة على التأثير على الجانبين حماس واسرائيل، وطالبت مصر بدور أكبر لفرنسا في المساعي الرامية لانجاز صفقة تبادل الأسرى وهناك اشارة واضحة لتعاون القاهرة وباريس في هذه المسألة.
وفي هذا السياق ، اكدت مصادر مقربة من حماس لـ (المنــــار) أن الحركة ليس بعيدة عن هذه التحضيرات والتوقعات والتحذيرات ، وهي تدرك بأن الاوضاع قد تنقلب لتصبح على عكس مصالحها، لذلك، تشهد قيادات الحركة مشاورات واسعة لاتخاذ قرار نهائي بالنسبة لملف شليط الذي اصبح مرتبطا بملف التهدئة على رغم معارضة حماس لذلك.

سلام "فتح" ومقاومة "حماس" ... بقلم : علي الغفلي

إن عالم الصراع والتعاون في السياسة مفتوح على كافة الاحتمالات، ومن المتوقع أن تتحلى القيادات الحقيقية بالقدرة على استيعاب هذه الاحتمالات، وحسن التعامل معها. فقد يدرك قادة أقوى الجيوش أن جدوى الاستمرار في استخدام وسائل العنف في التعامل مع العدو محدودة، وأنه مهما تعاظمت العزيمة لدى هؤلاء القادة وجيوشهم، فإنهم يستوعبون في مرحلة معينة مدى فداحة الخسائر المتراكمة التي قد يفرضها الإصرار على توظيف الأدوات المسلحة في معالجة الصراع مع عدو لا يتورع عن استخدام درجات أشد من العنف عند الاشتباك معه. لذلك، يمكن أن يرضخ هؤلاء القادة المؤمنون بمركزية خيار الصراع المسلح ضد العدو في نهاية المطاف أمام عقلانية خيار تعليق استخدام الأدوات العسكرية، أو ترشيد استخدام هذه الأدوات، وربما يقررون إيقافها تماماً، وذلك طلباً لصيانة المكاسب السياسية التي تحققت، أو لدرء تكبد المزيد من الخسائر البشرية والمادية، أو لمنع تزايد الخسائر السياسية التي قد يصنعها الإصرار على الاستمرار غير المثمر في خوض الصراع من خلال أفكار وأدوات العنف المسلح.
وفي الجانب المقابل، قد يدرك أكثر السياسيين إيماناً بأفضلية الوسائل السلمية الحدود المتدنية للإنجازات التي قد تحققها مسارات التعامل الدبلوماسي مع الخصوم، ويمكن أن تضيق صدور أكثر الدبلوماسيين حلماً أمام الطرق المسدودة التي تؤدي إليها المفاوضات العقيمة، وينفد صبر القادة السياسيين المثابرين حين يتأكد لديهم إصرار الأطراف التي يتفاوضون معها على إضاعة الوقت، وتفتيت قضية النزاع، وتدليس الحقائق، وذلك من أجل الابتعاد بشكل كامل عن أمل التوصل إلى تسوية سلمية مقبولة، واستبداله باليأس من تحقيق أية مكاسب سياسية. ليس من الحكمة أن يستمر الاستعداد لكل من التفاوض السلمي وخوض غمار الجولات الدبلوماسية إلى الأبد، وينبغي لذلك ألا يتردد هؤلاء السياسيون المؤمنون بالسلام كعقيدة ووسيلة لتسوية الصراع في إعلان عدم استعدادهم الاستمرار في مفاوضات استسلامية مكلفة، لا تأتي بالمنافع المرجوة، بل تجر الأضرار السياسية والوطنية المتراكمة.
حين نضع أهمية ضخمة على القضية الفلسطينية، وندرك جوهرها وأبعادها، فإنه من الطبيعي أن تلقى كل من فتح وحماس، بصفتهما الطرفين الفلسطينيين المتنافسين على قيادة التعامل مع العدو الصهيوني، اهتماماً خاصاً عند تناول الكيفية التي يتم من خلالها إدارة الصراع مع "إسرائيل". في هذا الصدد، ينبغي ألا يبتعد عن قيادات حركة حماس الاعتقاد بأن ثمة منافع وتكاليف سياسية ينبغي وضعها في الحسبان عند اتخاذ قرار تبن أو تعديل أو نبذ أدوات العنف المسلح في التعامل مع العدو تحت لواء المقاومة النبيلة، ولا ينبغي أن ينفرد في اتخاذ القرار في هذا الخصوص القادة أصحاب العقيدة المسلحة فقط، ولا توجد أي نقيصة في أن يتحلى مثل هؤلاء القادة ببعض من المرونة التي تفرضها المتطلبات السياسية، أو أن يسمحوا لمن تغلب عليهم النزعة السياسية بأن يشتركوا في اتخاذ قرار الاشتباك مع العدو بوسائل أخرى غير عسكرية. لقد كانت محرقة غزة مناسبة كبيرة لكي تتمتع أيديولوجية المقاومة وقدرات حركة حماس بما يشبه الانفراد في قيادة الصراع مع "إسرائيل" خلال فترة الحرب، وأخذ قادة الحركة فرصة ثمينة لتطبيق هذه الأيديولوجية وتوظيف القدرات المتاحة لديها. لقد نجحت حماس في ممارسة عقيدتها الراديكالية التي هي أقرب في واقع الأمر إلى الصمود الباسل منها إلى المقاومة، ولكن اتضحت أيضاً التكلفة البشرية والمادية العالية للاشتباك العنيف مع الكيان الصهيوني، ولم تتجسد بعد الفوائد السياسية التي تحققت بالنسبة للفلسطينيين بعد محرقة غزة.
لذلك، حين يطلق السياسي الفرنسي الشهير في القرن الماضي جورج كليمنصو مقولة "إن الحرب من الأهمية بمكان إلى درجة أنه لا يمكن تركها للقادة العسكريين وحدهم"، فإن المغزى المتحقق هو حتمية وضوح الأهداف والاعتبارات السياسية قبل وخلال وبعد كل نشاط عسكري، وهو مغزى حيوي نعتقد أن حركة حماس على وشك التوصل إلى فهمه واستيعابه، إن لم تكن قد توصلت إلى ذلك بالفعل، خاصة بعد أن خاضت حماس في غزة معركة الصمود الباسل أمام المحرقة التي اقترفها الجيش "الإسرائيلي" على مدى ثلاثة أسابيع متواصلة، وأيضاً كما يبشر موقفها المتعاون في جهود المصالحة مع حركة فتح والتي أدارتها الدبلوماسية المصرية بكفاءة عالية.
وفي السياق ذاته، فإنه يتعين على قادة حركة فتح إدراك أن إيمانهم بخيار السلام مع "إسرائيل"، واستعدادهم لإبداء التنازلات الصعبة التي تحتمها المفاوضات الدبلوماسية مع عدو عتيد ومراوغ، وانخراطهم في جهود التسوية السلمية على مدى ثمانية عشر عاماً، لم تلق جميعها لدى الكيان الصهيوني التقدير والتعامل اللائقين، ولم تسهم في معالجة أو تعويض خسائر الفلسطينيين من أرض ومقدسات وأرواح وممتلكات على مدى الستين عاماً الماضية، ولا تبشر بأن تحمي الفلسطينيين من تكبد المزيد من هذه الخسائر الوطنية والإنسانية في المستقبل. إن الانطباع المباشر المتولد لدى محاولة تقييم مسار المفاوضات السلمية بين الفلسطينيين و"إسرائيل" مليء بالمضامين السلبية، من محاولات الدولة اليهودية استخدام هذه المفاوضات من أجل صنع التصدعات في صفوف الفلسطينيين، وإجبارهم على تقديم التنازلات السياسية تلو الأخرى، وإنهاكهم في جولات المراوغة والمماطلة، وإغراقهم بالاشتراطات التعجيزية المسبقة، وإيصالهم في نهاية المطاف إلى الاقتناع بعدم وجود أسس عملية لتحقيق الحلم الوطني الفلسطيني بإنشاء دولة يمكن أن تكتب لها الحياة.
ثمة مقولة أخرى تنسب إلى سياسي فرنسي قديم وشهير هو شارلز موريس تاليراند يتعين على القادة في حركة فتح استيعاب مغزاها بعد تجربة تفاعلات دبلوماسية السلام مع "إسرائيل": "الدبلوماسية هي الكذب والإنكار". على الرغم من إيماننا العام والراسخ بأهمية الأدوات الدبلوماسية من أجل تسوية الصراعات بين دول العالم، وجزمنا بأن الوسائل السلمية هي الأكثر كفاءة من أجل تناول النزاعات بمختلف أنواعها، إلا أن الاستنتاج الذي لا مفر منه هو أن الكيان الصهيوني كان يفتقد خلال الجزء الأكبر من وجوده، العقلية التي يمكن أن تحترم السلام مع الفلسطينيين، واستمر في نسج الأكاذيب لتبرير الاحتلال وإطالة أمده، وظل يفكر بالدبلوماسية كأساس لتسوية الصراع مع ضحاياه الفلسطينيين. مرة أخرى، من الأهمية بمكان الإشارة إلى اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي تحقق في القاهرة، والذي يمكن أن يوحي بأن قبول حركة فتح التقارب مع حماس يؤشر إلى بداية إدراك الأولى لمحدودية جدوى التفاوض السلمي مع "إسرائيل"، واستعدادها لقبول أو تفهم منطق المقاومة الذي تتبناه حركة حماس.
إذا كان البعض يسارع إلى إصدار الأحكام على جدوى منهج حماس في الصراع مع "إسرائيل" من خلال نتائج قيادتها على مدى ثلاثة أسابيع هي عمر محرقة غزة، فإن الأولى الحكم على منهج فتح من خلال حصيلة قيادتها على مدى نحو عقدين من الزمن هي عمر مفاوضات السلام مع تل أبيب. يتمتع منهج السلام بأفضلية عالمية كوسيلة لحسم الصراع، ولكنه في حالة حركة فتح يفتقد المصداقية بسبب غياب أدوات المساومة اللازمة من أجل إرغام "إسرائيل" على تقديم التنازلات المهمة التي يستحقها الفلسطينيون. ويتمتع منهج المقاومة بالمصداقية العاطفية، ولكنه في حالة حماس يفتقد القوة العسكرية اللازمة لحسم الصراع من خلال هزيمة "إسرائيل" وإجبارها على الانسحاب. على أية حال، ينبغي ألا ينحصر الخيار المتاح أمام الفلسطينيين والعرب بين مقاومة حماس أو سلام فتح، بل يجب أن يتوجه التفكير إلى تأسيس قواعد المزاوجة بين قدرات المساومة التي يوفرها منهج المقاومة بالنسبة لفتح، وإمكانات الحسم التي يوفرها منهج السلام بالنسبة لحماس.
بإمكان كل من فتح وحماس، ومعهما المساندون والمتعاطفون، الاستفادة من مقولة الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي: "ليست الدبلوماسية بديلاً عن العسكرية، وليست العسكرية بديلاً عن الدبلوماسية. إن أياً منهما سوف يفشل من دون الآخر".
* رئيس قسم العلوم السياسية، جامعة الإمارات
الخليج الاماراتية

مشكل لا تحله سوى المعجزة ... بقلم : د. فهمي هويدي

احذر من التعجل في تقييم مؤتمر الحوار الفلسطيني، الذي شهدته القاهرة في نهاية الأسبوع الماضي، ليس فقط لأن نتائجه لم تتبلور بعد، ولكن أيضاً لأن ثمة شواهد تدل على أن المعروض على الجميع هو ذات «الفيلم» القديم بإخراج مختلف.
1
لا أريد إطفاء أنوار الفرح، ولكن ما جرى صبيحة اليوم الذي أعلن فيه بيان اتفاق الفصائل على إطلاق الحوار (الخميس 26/2) يقوم بـ«اللازم» في هذا الصدد. ذلك أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في رام الله ألقت القبض في نفس اليوم على 15 من أعضاء حماس بالضفة، وفصلت ستة من وظائفهم، وخلال الأيام التي استمرت فيها مشاورات القاهرة. ظلت الأجهزة تستدعي كل صباح أعداداً من أعضاء حماس للتحقيق معهم، وتستبقيهم طوال اليوم، ثم تصرفهم في المساء وتطلب منهم العودة لمواصلة التحقيق في اليوم التالي.
صحيح أن السلطة في رام الله أطلقت سراح 45 حمساوياً، من بين 400 تحتجزهم في سجونها، إلا أن استمرار الاعتقال والتنكيل أثناء اجتماعات القاهرة له رسالة يتعذر تجاهلها، تقول إن الموقف الجوهري قد يهدأ، لكنه لن يتغير.
هذه الإشارة إلى ما هو جوهري في المواقف تستدعي خلفية أخرى يتعين التذكير بها قبل أي دخول في التفاصيل، حتى نكون على بينة من أصل الخلاف وجذوره، والقوى والعناصر التي تتحكم في مساره. ذلك أننا نبسط الأمر كثيراً ـ هكذا قلت أكثر من مرة ـ إذا حصرنا الخلاف بين حركتي فتح وحماس، أو اعتبرناه صراعاً حول السلطة، لأنه في حقيقته خلاف حول المنهج يتجاوز الحركتين ويطرح نفسه بقوة في الساحة السياسية العربية، من حيث إنه تجسيد للانقسام بين نهجين، أحدهما التزم بالتسوية السياسية، والثاني انحاز إلى صف المقاومة، وهو ما دعا أحد المثقفين الفلسطينيين البارزين إلى القول إن الانقسام في الصف الفلسطيني لم يبدأ بنتائج انتخابات عام 2006، ولا بعد تولي حماس للسلطة في القطاع في منتصف عام 2007، وإنما بدأ مع توقيع اتفاق أوسلو في عام 1993 (الذي كان عرابه السيد أحمد قريع رئيس وفد فتح في لقاءات القاهرة الأخيرة).. منذ ذلك الحين اعتبرت المقاومة عقبة في طريق السلطة، التي نشأت بعد أوسلو، وظل الأمر تحت السيطرة، إلى أن أفرزت انتخابات عام 2006 سلطة جديدة منحازة إلى صف المقاومة، الأمر الذي أربك العملية واعترض المسار الذي كان مرسوماً. لذلك ظل إقصاء تلك السلطة وعدم الاعتراف بنتيجة الانتخابات مطلباً ألحت عليه وتمسكت به كل القوى المنحازة إلى التسوية السياسية، فلسطينياً وعربياً. وهذا الإقصاء هو الهدف النهائي لكل المساجلات والمصادمات والحيل، التي تتابعت على المسرح الفلسطيني منذ عام 2006 وحتى هذه اللحظة.
2
هذا الموقف كان واضحاً وصريحاً أكثر من اللازم في مؤتمر المصالحة، الذي تمت الدعوة إليه في القاهرة خلال شهر نوفمبر الماضي، وبسببه فشل عقد المؤتمر وقتذاك. ذلك أن الورقة التي قدمت للمؤتمر، وكان مطلوباً التوقيع عليها قبل الدخول في أي تفاصيل، تضمنت ثغرات أساسية كان متعذراً تمريرها لأسباب عدة، إذ نصت مثلاً على أن تكون المقاومة في إطار «التوافق الوطني»، بمعنى موافقة الجميع مسبقاً عليها. كما نصت على أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية (حتى تلك التي تقوم بالتنسيق الأمني مع الإسرائيليين!) وحدها المخولة بمهمة الدفاع عن الوطن والمواطنين. وهو ما كان يعني إلغاء المقاومة من الناحية العملية، والانحياز بالكامل إلى خط التسوية السياسية.
هذه المرة اختلف الأمر من أوجه عدة، فمن ناحية كانت ظلال العدوان البشع على غزة ماثلة أمام الجميع، بما استدعته من تعزيز لموقف المقاومة. وإحراج لدعاة التسوية السياسية. ومن ناحية ثانية فإن نتائج الانتخابات الإسرائيلية جاءت دالة على أن الأغلبية في "إسرائيل" ليست مستعدة لإقامة السلام مع الفلسطينيين. من ناحية ثالثة فإنه على صعيد الإجراءات، فإن «السيناريو» الذي وضع لترتيب الحوار جاء مختلفاً. ففي جولة نوفمبر الماضي كان مطلوباً من ممثلي الفصائل أن يوقعوا في البداية على الورقة، التي حملت عنوان «المشروع الوطني الفلسطيني». وبعد التوقيع ينفض السامر، لتتولى خمس لجان مناقشة تفاصيل ملفات القضايا العالقة الخمس: المصالحة الوطنية ـ حكومة الوحدة الوطنية ـ إعادة بناء الأجهزة الأمنية ـ الانتخابات الرئاسية والتشريعية ـ إعادة بناء منظمة التحرير.
أما كيف اختلف السيناريو هذه المرة، فقد كان ذلك واضحاً في أن الجهة المصرية الداعية للحوار (المخابرات العامة) لم تقدم ورقة بخصوص موضوعاته ومبادئه، كما حدث في السابق، ولكنها قدمت أكثر من ورقة تتعلق بإجراءات الحوار وإطار عمل اللجان الخمس. وما لا يقل أهمية عن ذلك أن الترتيب المصري تخلى عن فكرة التوقيع أولاً ثم مناقشة التفاصيل، ولجأ إلى أسلوب آخر أفضل، إذ دعي وفدان من حركتي فتح وحماس للحوار أولاً، ثم دعي 11 فصيلاً آخر إضافة إلى ممثلين للمستقلين. وفي نهاية هذه المناقشات صدر البيان الخاص بتشكيل اللجان ومهامها والتوقيت الزمني لتلك المهام (تحدد يوم العاشر من مارس لبدء أعمال تلك اللجان، على أن تنتهي من مهامها خلال عشرة أيام).
3
الذين تابعوا المؤتمر الصحفي الذي بثه التليفزيون عقب انتهاء اجتماعات ممثلي فتح وحماس لابد أنهم لاحظوا أن أجواء ودية خيمت عليه. وحين سألت عن تفسير لاستمرار الاستدعاءات والاعتقالات لأعضاء حماس في رام الله أثناء انعقاد المؤتمر، قيل لي إن ثمة أطرافاً نافذة في محيط السلطة مازالت على موقفها المخاصم والرافض للمصالحة. مع ذلك فقد لمست من أجواء وفدي المباحثات أن ثمة إدراكاً جيداً لحقيقة أن الظروف كلها لم تعد تحتمل استمرار الشقاق الذي ضاق به الفلسطينيون والعرب أجمعون، فممثلو فتح والسلطة المؤيدون للتسوية السياسية وجدوا أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية تشكل تحدياً لكل مشروعهم، الذي لم يحقق شيئاً في وجود الأقل تشدداً، وكان عليهم أن يتوقعوا الأسوأ في ظل الحكومة الجديدة الأكثر تشدداً. وممثلو حماس جاءوا مهجوسين بنتائج العدوان على غزة، التي خرجت منها المقاومة في وضع أفضل، في حين دمر القطاع وأصبح في وضع أسوأ. صحيح أن صمود الناس كان عظيماً ومشرفاً، لكنهم دفعوا لقاء ذلك ثمناً باهظاً كان لابد من السعي إلى التخفيف من آثاره بكل السبل. كان ذلك واضحاً مثلاً في موقف ممثلي حماس في مسألة معتقليهم في الضفة إذ في حين أنهم تمسكوا في جولة نوفمبر الماضي بإطلاق سراح أولئك المعتقلين كشرط لتهيئة الأجواء لإجراء المصالحة، فإنهم هذه المرة قبلوا بفكرة الإفراج التدريجي عنهم. وقال لي أحدهم إن قيادة الحركة رأت في الظروف الحالية أنها يجب ألا ترهن المصالحة وتعلقها على شأن يخص أعضاءها. وحين وجدت أنها مخيرة بين وضعين، أحدهما سيئ والآخر أسوأ، فاختارت الأول وقبلت بالتمهل في تصفية ملف المعتقلين، تجنباً لانفراط المصالحة والإعمار، وهو الاحتمال الأسوأ. ومن العوامل التي أسهمت في عدم تمسكهم بشرط إطلاق سراح الجميع أن السيد أحمد قريع قال أثناء مناقشة الموضوع إن ملف المعتقلين ليس كله بيد السلطة، لأن "إسرائيل" طرف فيه. ذلك أن عدداً غير قليل من المعتقلين تم احتجازهم من جانب السلطة تنفيذاً لالتزامها بخريطة الطريق (2003)، التي نصت في مرحلتها الأولى على قيام الجهاز الأمني الفلسطيني بوقف «العنف والإرهاب»، و«اعتقال وتوقيف وشل حركة الأشخاص والجماعات التي تخطط لمقاومة "إسرائيل" في أي مكان». (بالمقابل كان على "إسرائيل" أن توقف الاستيطان لكنها لم تفعل).
4
أهم صورة فوتوغرافية للربع الأول من العام كانت لممثلي الفصائل الفلسطينية الثلاث عشرة، وقد جلسوا حول طاولة مديدة توسطت قاعة مهيبة في مبنى المخابرات العامة، في حين تصدر الاجتماع الوزير عمر سليمان رئيس الجهاز. ذلك أن الصورة التي بثت على الملأ وجهت ثلاث رسائل على الأقل: الأولى شخصية ردت له الاعتبار بعد فشل مؤتمر المصالحة الأول. والثانية: تقول للجميع إن القاهرة وحدها القادرة على ترتيب وإطلاق المصالحة الفلسطينية، وأن الذين حاولوا التحرك بعيداً عنها لم يجدوا مفراً من العودة إليها في نهاية المطاف. بالتالي فهي قادرة على القيام بما لم يستطع أن يقوم به اتفاق مكة أو صنعاء أو جهود الدوحة أو الوساطة التركية. الرسالة الثالثة وجهت إلى "إسرائيل" التي تراجعت عن اتفاق التهدئة لأسبابها الانتخابية، متصورة أن ذلك يوسع من خيارات الحكومة الجديدة إزاء القطاع، وهى تعلم أن التهدئة كانت مقدمة للمصالحة بتداعياتها الأخرى. وأرادت مصر بترتيب الاجتماع أن تبلغ القادة الإسرائيليين بأنها قادرة على المضي في المصالحة بدون تهدئة.
ثمة رسالة رابعة وجهها السيد عمر سليمان في كلمته أمام الفصائل، حين غمز في قناة حماس والجهاد، قائلاً: إن مؤتمر المصالحة الأول لم ينعقد بسبب عدم توافر الإرادة لدى البعض، (لم يكن ذلك هو السبب الحقيقي كما ذكرنا) وحين دعا إلى اتخاذ قرار الفصائل (بشكل مستقل بعيدا عن التوازنات الإقليمية)، مشيراً بشكل ضمني إلى دور إيران في مساندة حماس. ومتغاضياً عن الجهات التي تدعم الطرف الآخر، والتدخلات الدولية المفتوحة في مختلف عناوين الملف الفلسطيني. وهي رسالة جاءت دالة على أن القاهرة ما زالت على موقفها المسجل في ورقة «برنامج العمل الوطني الفلسطيني»، التي أعدتها لمؤتمر المصالحة الأول.
الآتي المتمثل في مهام اللجان الخمس، بعضه مقدور عليه، وبعضه يتعذر إنجازه، فالمصالحة إذا تمثلت في وقف الحملات الإعلامية والإفراج عن المعتقلين بصورة تدريجية، ورفع الحظر عن الجمعيات، التي تم إغلاقها، فإن ذلك يظل في حدود الممكن. ولا أظن أنه ستكون هناك مشكلة كبيرة في الاتفاق على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في يناير عام 2010، وأشك كثيراً في أنه يمكن أن يتحقق شيء في إعادة بناء منظمة التحرير، وهي المسألة التي اتفق عليها في مؤتمر القاهرة عام 2005، ولكن السيد أبومازن رفض أن يتخذ أي خطوة بخصوصها. وأظنه لن يغير موقفه، بعدما أصبحت مفاتيح المنظمة في يد السلطة.
أما القضية التي يمكن أن تفجر الموقف وتعيده إلى نقطة الصفر فهي مسألة حكومة الوحدة الوطنية، التي سيظل تشكيلها والاتفاق على برنامجها من المستحيلات إذا استمر الإصرار على إقصاء حماس منها، في ظل حصولها على أغلبية مقاعد المجلس التشريعي. أما إذا وجدت فيها فإن ذلك سيؤدي إلى إفساد الفيلم كله، الذي يراد به في النهاية إقصاؤها وإخراجها من المشهد السياسي. علماً بأن تشكيل الحكومة ضروري للشروع في إعادة بناء الأجهزة الأمنية ولإعادة الإعمار في القطاع.
إن الخرائط الراهنة لا تسمح بحل ذلك المشكل المركب، إلا في حالة واحدة هي أن تهبط علينا معجزة من حيث لا نحتسب.
الشرق القطرية

حماس والليكود ومفاوضات القاهرة ... بقلم : د. محمد صالح المسفر

قبل كل شيء فلابد للكل أن يعترف بأن حركة حماس الفلسطينية هي حركة تحرر وطني فلسطينية عقيدتها الإسلام. هذه الحركة أبلت بلا حسناً في كل معاركها المسلحة إن كانت ضد الفساد والمفسدين في الداخل، وضد الطابور الخامس المنتشر في غزة والضفة، وحربها ضد مشروع دايتون الأمني وزمرته المهيمنين والعابثين بالأمن، وتمكنت من إخراجهم وإلى الأبد. حركة حماس فرضت وجودها على الساحة الدولية بنظافة اليد وصدق المواقف وحبها لوطنها ومواطنيها، لم تساوم ولم تتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني المعترف بها دولياً وأعني حق العودة، وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها مدينة القدس، والانسحاب الكامل من الأراضي التي احتلت عام 1967، وهدم الجدار العازل، وعدم التدخل في الشأن الفلسطيني، وإنهاء المستوطنات.
أصحاب المصالح الذاتية من الفلسطينيين، يتبعهم بعض القيادات العربية المهزومين يقولون إن حركة حماس حركة إسلامية متشددة في مطالبها ومرتبطة بإيران وسوريا، ولتكن حركة متشددة لاسترداد حقوق شعبها المشروعة، ما هو المانع في ذلك؟ ومن الذي جعل حركة حماس تكون لها علاقة بإيران؟ أليس الحصار العربي الذي فرض عليها؟ الم تستعد بعض الأنظمة العربية الغرب كله ضد حركة حماس كما فعلت وتفعل سلطة العباسية من رام الله؟ ـ نحن في أجواء مصالحة عربية قبل قمة الدوحة لا نريد أن ننكأ الجراح وما أكثرها ضد الشعب الفلسطيني من بعض الأنظمة العربية.
ما يجري في القاهرة هذه الأيام من حوارات في لجان خمس شكلت للنظر في الشأن الفلسطيني ـ الفلسطيني أمر مرحب به وكنا ننتظره من زمن ليس بالقصير، لكن ما يخيفنا في هذا كله هو إزاحة حماس من الصدارة بحجج وذرائع مؤداها نريد تشكيل "حكومة" يقبل بها المجتمع الدولي و"إسرائيل" للتعامل معها، يقول عباس المنتهية ولايته دستورياً: "لا نريد حكومة تعيد الحصار الذي فرضه العالم على الحكومات السابقة التي شكلتها حماس أو شاركت فيها" وهذا معناه عدم إشراك حماس في صناعة القرار الفلسطيني، وهذا قول مخيف. البديل نريد "حكومة" فلسطينية تسترد الحقوق الوطنية للفلسطينيين، وأن تفرض إرادتها على المجتمع الدولي كما فرضت حماس إرادتها على ذات المجتمع، صحيح أن الثمن الذي دفعته حماس غال، ولكن من يخطب الحسنا لا يفله المهر. أما أصحاب نظرية "المفاوضات الخيار الاستراتيجي الوحيد أمام الفلسطينيين" والبحث عن رضا المجتمع الدولي بحكومة فلسطينية جربناه على مدى 15 عاماً ولم نستفد شيئاً، المستوطنات اتسعت دائرتها، والقدس تنهش قطعة قطعة، والأرض تصادر بتمدد صور العزل في مدن وقرى الضفة الغربية، والمياه تستنزف من أعماق الأرض، والتربة الزراعية تلوث. حقاً هذا الأسلوب لم يعد صالحاً البتة.
في الحوارات الجارية اليوم يجب الانطلاق في إصلاح الشأن الفلسطيني من تاريخ انعقاد مؤتمر القاهرة الأسبوع الماضي وليس انطلاقاً من جذور الماضي، فالماضي الذي مارسته السلطة أو منظمة التحرير الفلسطينية كلها لم يقدم حلولاً للفلسطينيين، لقد أعطت المنظمة والسلطة تنازلات لصالح "إسرائيل" ولم تأخذ مقابل ذلك أي شيء للفلسطينيين، يجب فك ارتباط الاقتصاد الفلسطيني ب"إسرائيل" وربطه بالاقتصاد الأردني والمصري، أما الأمن فيجب أن يكون فلسطينياً وليس غير ذلك.
2 ـ أريد تذكر القائلين بأن حركة حماس والجهاد الإسلامي حركتان متطرفتان، ووصفتهما أمريكا بالإرهاب، وصدقها عرب الجاه والسلطان، ونسأل سؤالاً بريئاً، ما حكم ولاة أمرنا في الحكومة الليكودية القادمة وحركة شاس، وإسرائيل بيتنا ـ بزعامة اليهودي الصهيوني المتطرف ليبرمان؟ أيهما أكثر تطرفا حماس والجهاد الإسلامي أم الثالوث الصهيوني الرهيب الذي يحكم إسرائيل اليوم؟ مطلوب من القادة العرب الذين يلتقون بالسيد متشل المبعوث الأمريكي والسيدة كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية، والسيد سولانا أن يبلغوهم بان الثالوث الذي سيحكم "إسرائيل" اليوم هم أكثر تطرفاً وأشد إرهاباً. إنهم توسعيون على حساب أصحاب الحق الطبيعي والقانوني وهم الشعب الفلسطيني.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس المنتهية ولايته عليه أن يدرك ورهطه الذين معه بأن كل جهودهم قد باءت بالفشل الذريع وعليهم أن يستغلوا الصمود البطولي للشعب الفلسطيني في غزة ومقاومته الباسلة لتقوية مكانتهم التفاوضية وليس لإضعاف وإخراج حماس والجهاد من دائرة الحل. إن التحريض على حركتي حماس والجهاد الإسلامي من قبل قيادات سلطة رام الله سراً وعلانية بأساليب مختلفة في المحافل الدولية والعربية أمر غير أخلاقي ويضر بحقوق الشعب الفلسطيني وحتى يحط من مكانة رجال السلطة الميامين عند القيادات السياسية الدولية، وأذكر بما قاله زعيم عربي للرئيس الفرنسي "لا نريد حماس أن تحقق أي انتصار أو إشعار الرأي العام العربي بأنها حققت انتصاراً" وصل هذا القول إلى كل أسماع الدنيا وعلى أثره هبطت مكانة ذلك الزعيم العربي بين القيادات الغربية.
آخر القول: يا قادة السلطة الفلسطينية في رام الله اتقوا الله في أهلكم ووطنكم وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور.
الشرق القطرية

اعمار غزة كسلاح سياسي ... بقلم : د. عبد الباري عطوان


تبدأ اليوم في 'منتجع شرم الشيخ' أعمال المؤتمر الدولي لإعمار قطاع غزة بمشاركة 75 وفداً، ليس من بينها وفد الدولة التي دمرت القطاع وقتلت 1350 من ابنائه (اي اسرائيل) ولا حركات المقاومة التي دافعت عنه وصمدت برجولة في مواجهة العدوان.
ومثلما جرى استخدام ورقة المعابر ولقمة الخبز لتركيع الفلسطينيين أبناء القطاع ودفعهم للثورة ضد حركات المقاومة هذه، من المرجح ان يتم استخدام ورقة إعادة الاعمار، والأموال التي سترصد لهذه المهمة (2.8 مليار دولار) من اجل تحقيق الغرض نفسه، اي القول لأبناء القطاع بشكل واضح لا لبس فيه او غموض: اذا اردتم هذه الاموال واعادة الاعمار فأنتم تعرفون جيداً المقابل المطلوب، والكرة الآن في ملعبكم.
الدول المانحة أكدت أنها لن تتعامل في مسائل الاعمار الا مع السلطة في رام الله، وان جميع الأموال والمشاريع المخصصة ستمر عبر قنواتها فقط، اي وضع 'فيتو' كبير على حركات المقاومة، وحركة 'حماس' على وجه التحديد.
تنفيذ هذا 'الفيتو' بدأ بمجرد صدور القرار الاسرائيلي بوقف إطلاق النار من جانب واحد. فجميع المسؤولين الغربيين والامميين الذين زاروا قطاع غزة لتفقد أوضاع الدمار فيه، ابتداء من بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة، ومروراً بخافيير سولانا، وانتهاء بتوني بلير، لم يلتقوا مطلقاً مع أي من المسؤولين في حكومة حركة 'حماس'، حتى إن وفد الكونغرس الأمريكي الذي قيل انه تسلم رسالة من الحركة إلى الرئيس الجديد باراك اوباما تركها في القدس المحتلة ولم يحملها معه في طريق العودة.
نستغرب هذه 'المرونة' من قبل هذه الحكومة، مثلما نستغرب قبولها بمثل هذا التجاوز لها، وهي القوة المسيطرة التي تتكفل بإدارة شؤون القطاع، لعلها تريد عدم الوقوف في طريق العاصفة، او تقديم مصلحة الناس المتضررين من جراء العدوان، وهم الأغلبية الساحقة، على مصلحة الحركة وكرامتها الشخصية (بالنسبة الى قياداتها) والتنظيمية (بالنسبة إلى الحركة ككل).
لا نفهم استبعاد اسرائيل من حضور هذا المؤتمر، واعفاءها بالتالي من تبعاتها المالية، فهي التي قصفت القطاع من البر والبحر والجو، واستخدمت قنابل الفوسفور الحارقة، ودمرت مقر وكالة الاونروا التابعة للامم المتحدة، والعديد من مدارسها، ونسفت بيوتاً فوق رؤوس اصحابها، حيث تفيد الاحصاءات الدولية بتدمير بيت من بين كل ستة بيوت.
الحكومة العراقية الحالية، حليفة أمريكا ما زالت تدفع تعويضات للكويت عن الأضرار التي لحقت بها من جراء غزو الحكومة السابقة، وبلغ مجموع هذه التعويضات المدفوعة حتى الآن 13.5 مليار دولار. أما الحكومة الألمانية فبلغ حجم ما دفعته من تعويضات لضحايا المحرقة أكثر من 130 مليار دولار، ويمكن ضربها بعشرة لنتعرف على قيمتها بمعايير هذه الأيام.
فلماذا يتم استثناء اسرائيل، وهي التي قبضت مئات الملايين من الدولارات بسبب صواريخ العراق التي لم تقتل إلا بضعة مستوطنين؟ لماذا يتم استثناؤها، أو اعفاؤها بالأحرى من دفع تكاليف ما خلفته آلتها العسكرية من دمار وضحايا في قطاع غزة؟الوفود العربية المشاركة في هذا المؤتمر، بما في ذلك وفد الدولة الراعية، أي مصر، يجب ان تثير هذه النقطة بكل وضوح، وتصر على حتمية تحميل اسرائيل مسؤولية هذا الدمار، حتى لا تقدم مرة أخرى على تدمير ما يتم اعماره، بأموال الدول المانحة، والعربية من بينها على وجه الخصوص.
اننا نخشى أن لا تُعفى اسرائيل من مسؤولية التعويض أو المساهمة مالياً في اعادة الاعمار فقط، وانما ان تخرج المستفيد الأكبر من هذه العملية، من حيث الاستيلاء على أموال اعادة الاعمار بطرق غير مباشرة، مثل توريد الاسمنت والحديد ومستلزمات البناء من قبل شركاتها، فهي التي تتحكم بالمعابر كلياً، وهي صاحبة الكلمة النهائية حول من يدخل وما يدخل إلى قطاع غزة، بما في ذلك معبر رفح المصري.
نقل المخاوف والمطالب الفلسطينية هذه إلى المؤتمرين في شرم الشيخ، يحتاج إلى وفد فلسطيني قوي قادر على تحمل هذه المسؤولية نيابة عن شعبه، والارتقاء إلى مستوى شهدائه وجرحاه، ولكننا لسنا متفائلين في هذا الصدد، وهناك أكثر من مؤشر يؤكد تشاؤمنا.
فبعد يوم واحد من انتهاء جولات الحوار الفلسطيني بنجاح، حسب ما جاء في تصريحات المسؤولين المشاركين من مختلف التنظيمات، خرج علينا الرئيس محمود عباس بتصريحات في حضور خافيير سولانا المبعوث الأوروبي، أكد فيها ان أي حكومة توافق فلسطينية تنبثق عن هذا الحوار يجب أن تعترف بحل الدولتين وتعترف باسرائيل وحقها في الوجود، والالتزام بجميع الاتفاقات السابقة التي وقعتها السلطة والمنظمة.
لا نعرف ما اذا كانت هذه التصريحات صدرت عن قناعة، أم انه جرى فرضها من قبل جهات خارجية لا تريد للحوار الفلسطيني ان ينجح ويعطي ثماره وفاقاً ومصالحة فلسطينيين يحققان طموحات جميع الفلسطينيين في الوطن والمهجر الذين سئموا من هذا التشرذم الفلسطيني.
فالرئيس عباس يعرف جيدا ان هناك ست لجان انبثقت عن الحوار، ستناقش مجمل القضايا الخلافية المطروحة، وبما يؤدي الى اعادة ترتيب البيت الفلسطيني، فلماذا توجيه مثل هذه الضربات الاستباقية لاجهاض عمل هذه اللجان حتى قبل ان تبدأ؟ اليس من الحكمة التريث، واعطاء فرصة كاملة لهذه اللجان والمشاركين فيها لانجاز التوافقات المأمولة؟فإذا كان الرئيس عباس، والولايات المتحدة، واللجنة الرباعية وكل الداعمين للعملية السلمية، فشلوا في اجبار اسرائيل على الالتزام بحل الدولتين، وجاءت نتيجة اعوام من المفاوضات الثنائية على مستوى الوفود، او الزعماء، المفتوحة منها والمغلقة، صفرا مكعبا، فلماذا يريد الرئيس عباس فرض ما عجز عن فرضه على حركات المقاومة التي ظلت قابضة على الجمر، وقاومت العدوان الاسرائيلي وصمدت في وجهه؟
منظمة التحرير اعترفت باسرائيل على مرأى ومسمع العالم بأسره قبل 15 عاما، فماذا جنت من خلف هذا الاعتراف، واسقاط سلاح المقاومة، وتعديل الميثاق؟ هل حصلت على الدولة المستقلة ام على اكثر من نصف مليون مستوطن في الضفة والقدس المحتلة، واعادة احتلال مناطق الحكم الذاتي كاملة، وتجويع مليون ونصف مليون في القطاع، وبناء السور العازل و...و؟
والاهم من ذلك ان كل هذه المطالب الاستباقية التعجيزية تأتي ونحن على ابواب حكومة يمينية متشددة ترفض الاعتراف بحل الدولتين، وتتحدث فقط عن السلام الاقتصادي، اي تحويل الشعب الفلسطيني من متسول درجة عاشرة الى متسول درجة ثامنة.
نطالب الدول العربية، التي دعمت الرئيس عباس، ان تقول له كفى، انت تهيننا بمثل هذه التصريحات، وتعمل على نسف حوار استغرق الكثير من الوقت والجهد من اجل ترتيـــبه وانجازه، واذا كنت تتــــهم الآخرين باتباع اجندات غير عربية، فإن مثل هذه التصريحات تدفع بهم لاتهامـــك بالشيء نفسه ايضا

برزت "الثعالب" يوماً في ثياب "المانحين" ! .... بقلم : طارق شمالي


هرول زعماء أكثر من ثمانين دولة إلى منتجع شرم الشيخ للمشاركة في مؤتمر "إعادة إعمار قطاع غزة "، حيثُ المكان المفضل أمريكياً واسرائيلياً لعقد أي مؤتمر يخدم إسرائيل ويحافظ على أمنها .فتحدث الزعماء الذين حضروا من مختلف دول العالم عن "حرصهم" الشديد على إعادة بناء غزة من جديد ، وعبروا عن" بالغ أسفهم وحزنهم "على المئات من الضحايا والبيوت المدمرة التي سببتها تلك "الكارثة الطبيعية" .فما حدث في غزة لم يكن بفعل آلة الحرب الصهيونية التي لم تترك سلاحاً فتّاكاً إلا واستخدمته لقتل أطفالٍ في عمر الزهور وتمزيق أجساد النساء والشيوخ، وتدمير البيوت ودور العبادة والمدارس ورياض الأطفال والجامعات وحتى مقرات الأمم المتحدة .هكذا أراد المؤتمرون أنْ يُجَّمِلوا صورة الوجه الصهيوني القبيح ويُعلنوا براءة القادة الصهاينة الملطخة أيديهم بدماء الأطفال والنساء من جرائمهم القذرة . فما حدث في غزة سببه أهل غزة الذين ارتكبوا إثماً كبيراً عندما مارسوا حقهم الطبيعي في اختيار من يمثلهم عبر انتخابات حرة ونزيهة لم يسبق لها مثيل في المنطقة العربية من قبل .فاليوم تبرز جميع الثعالب في ثياب "المانحين" لتدَّعي أنها الحريصة على مصلحة الشعب الفلسطيني، فهاهي تسعى لإعادة بناء ما تم تدميره أثناء العدوان على غزة .وكأنَّ الشعب الفلسطيني لا يعلم عدوه من صديقه، فمن شارك اليوم في هذا المؤتمر تحت شعار هذا الهدف المزعوم كان قد شارك قبل ذلك في تدمير القطاع والعدوان على غزة إنْ لم يكن بشكل مباشر كإسرائيل، فعبر التواطؤ والتآمر كما بعض الدول العربية ، أو بالدعم المالي والعسكري كما راعية السلام النزيهة "أمريكا" .واليوم قالتها وزيرة الخارجية الأمريكية صراحة أنَّ هناك حاجة لتحرك عاجل لتحويل "الأزمة" إلى "فرصة" تقربنا أكثر من الهدف المشترك .والحديث هنا موجه بشكل خاص إلى ما يسمى بمحور الاعتدال العربي، أن هذه الأزمة يجب أن تُستغل من أجل تحقيق الهدف المشترك وهو القضاء على حركة حماس لتمرير أي اتفاقية سلام ترضاها أمريكا وإسرائيل .فهل هناك وقاحة و-سفالة- وقلة أدب أكثر من ذلك !؟ ، أن تستغل ظروف الناس المأساوية حيث بيوتهم مهدمة ومصابهم جلل وهم في أمّس الحاجة لمد يد العون "الإنسانية" لهم ومساعدتهم للخروج من أزمتهم ، أن يستغلها البعض لتحقيق مصالح سياسية خسيسة لتلك الدولة أو ذاك !؟.فالهدف من هذا المؤتمر بات واضحاً وضوح الشمس وهو ما لم يتم تحقيقه عبر العدوان العسكري ، السعي لتحقيقه سياسياَ عبر استغلال تلك "المأساة" التي سببتها تلك "الثعالب" للشعب الفلسطيني .ولقد عبر الكيان الصهيوني عن" دعمه" لجهود مساعدة الفلسطينيين "بشرط" ألا تصل الأموال إلى حركة حماس .لذلك الشروط الإسرائيلية كانت حاضرة في هذا المؤتمر وقد لمسنا ذلك من خلال تصريحات جميع الزعماء الذين تحدثوا في هذا الموضوع ، فالأموال يجب أن تمر عبر محمود عباس المعتمد أمريكياً وصهيونياً فقط وإلا فلا إعمار لغزة !.وليست المشكلة في مرور تلك الأموال عبر عباس أو سلطة رام الله ، ولكن المشكلة أن هذه الأموال مرهونة بتنازلات سياسية أهمها تحقيق مطالب الرباعية الدولية ومن ضمنها الاعتراف بإسرائيل .وقد فشلت تلك الدول في تحقيق هذه المطالب والمصالح عبر الحصار والمقاطعة الإقتصادية منذ تشكيل حماس للحكومة الفلسطينية قبل سنوات ، ومن ثم عبر الحرب الوحشية والعدوان الأخير على غزة .لذلك الحرب على غزة مستمرة وهذه المرة سياسياً ، فلا إعمار بدون تنازلات ، والابتزاز السياسي شعار وعنوان للحرب القادمة التي تقودها الثعالب الجرباء على أهل الطهر والعفاف في غزة الشموخ والإباء .لذلك ليكن شعارنا كما هو لن تخترق الحصون ..ولن تسقط القلاع ..ولن ينتزعوا منا المواقف ..فما تريده "الثعالب" لن يكون" فلغزة الكلمة الفصل" .

الاثنين، 2 مارس 2009

هل تتمكن القاهرة من ترتيب أوراق دبلوماسيتها والخروج من نفق أبو الغيط

عمر سليمان يتسلم دفة الدبلوماسية المصرية وتوقع حرب باردة سعودية – مصرية للهيمنة على القوى الفلسطينية
دخلت السياسة المصرية في مرحلة المعاناة من تداعيات نتائج ما بعد العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة وتشهد الساحة المصرية عملية تنظيم وإعادة ترتيب واسعة لأوراق السياسة الخارجية المصرية سعياً من أجل إخراج دبلوماسية مصر من النفق المظلم الذي أدخلها فيه وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط..
* ماذا يجري حالياً في مصر؟
تقول المعلومات والتسريبات القادمة من القاهرة بأن نظام الرئيس حسني مبارك يرتب أوراقه من أجل محاولة إعادة الحيوية لدور مصر الإقليمي الذي برغم تدهوره فقد تدهور أكثر فأكثر بسبب نتائج العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة ضد قطاع غزة وتتضمن الجهود المصرية الحالية الآتي:
• استضافة جهود إعادة الإعمار بما يتضمن عقد المؤتمرات وجذب المستثمرين والمانحين إضافة إلى التوفيق بين الأطراف الفلسطينية والإقليمية والدولية المعنية بإعادة تعمير القطاع
.• رعاية مساعي الوحدة الوطنية الفلسطينية بما يؤدي إلى تهدئة الخلافات وعقد المصالحة الوطنية الفلسطينية بين حركتي حماس وفتح وصولاً إلى إقامة وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية تحت مظلة السلطة الوطنية الفلسطينية.
• السعي للتفاهم مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي حول الأجندة الشرق أوسطية القادمة والدور المصري المطلوب فيها.
• السعي لإضعاف المعارضة الداخلية المصرية المتزايدة وذلك باستخدام كافة الوسائل السياسية والأمنية والقانونية والإعلامية المتاحة.هذا، ويشير الأداء السلوكي السياسي المصري الحالي إلى أن الجهد الدبلوماسي المصري يركز حالياً أولاً وقبل كل شيء على تعزيز روابط خط القاهرة – واشنطن وتحديداً حث الإدارة الجديدة على ضرورة المضي قدماً لجهة الاستفادة من خدمات القاهرة إزاء الملفات الشرق أوسطية وتشير التحليلات إلى أن مخاوف القاهرة قد تزايدت أكثر فأكثر باحتمالات تحول دبلوماسية واشنطن الشرق أوسطية باتجاه الرياض.
* صعود نجم عمرو سليمان وهبوط نجم وزير الخارجية أحمد أبو الغيط:
عانى الرئيس حسني مبارك كثيراً من تداعيات العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة وتقول المعلومات بأن الرئيس مبارك لم يسبق أن تدهورت مكانته ووزنه بسبب تداعيات أي من العمليات العسكرية الإسرائيلية السابقة ضد الفلسطينيين ولكن بالنسبة لعملية غزة الأخيرة فإن السبب يرجع إلى الآتي:
• في اللحظات الأخيرة التي تزامنت مع العد التنازلي الإسرائيلي لشن عملية غزة انعقد في القاهرة اجتماع ضم الرئيس مبارك ووزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني.
• رتب وزير الخارجية أحمد أبو الغيط بالتنسيق مع الإسرائيليين مدخلات جدول أعمال اجتماع مبارك – ليفني بحيث تؤدي مخرجاته إلى خلق إدراك لدى الإسرائيليين بأن مصر تقف إلى جانبهم في العملية العسكرية ضد قطاع غزة.على هذه الخلفية فقد وجد الرئيس مبارك نفسه وقد تورط لجهة أنه كان يتحدث في اجتماعه مع الوزيرة الإسرائيلية برسم المحددات التي رسمها له وزير الخارجية أبو الغيط. وقد خلفت هذه المواقف صورة سلبية ما زال صعباً على الرئيس المصري حسني مبارك أن يخرج نفسه منها.لم تتوقف أزمة الرئيس مبارك على اجتماعه مع ليفني فقد أعقبتها الضربة الموجعة التي سددها رئيس الوزراء إيهود أولمرت عندما أصدر قراره بإقالة عاموس جيلعاد المسؤول الأمني – الدفاعي الرفيع المستوى والمفاوض الإسرائيلي الرئيسي في تفاهمات القاهرة المتعلقة بتداعيات أزمة غزة، وبرغم اعتذار جيلعاد وإعادته إلى منصبه فإن أولمرت استبدله في مفاوضات خط تل أبيب – القاهرة بيوفال ديشكين رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشين بيت) وتقول التحليلات والتسريبات أن إعفاء جيلعاد من مفاوضات القاهرة يشكل ضربة قاصمة لوزير الخارجية أبو الغيط إضافة إلى أن تعيين ديشكين يشكل تعزيزاً لموقع عمر سليمان.تقول التسريبات أن تراجع دور الخارجية المصرية ووزيرها أبو الغيط خلق فراغاً في دبلوماسية مصر إزاء إدارة ملف أزمة غزة وهذا الفراغ تقدم لملئه عمر سليمان وزير المخابرات المصرية.
* إنقاذ دبلوماسية القاهرة: إشكالية الرافعة الأمريكية:
تركز القاهرة جهودها من أجل استثمار جهود الخارجية الأمريكية القادمة لتوظيفها كرافعة لانتشال دبلوماسية القاهرة من الرمال المتحركة التي أغرقتها فيها العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة ضد قطاع غزة. هذا، وتقول التسريبات الأمريكية الآتي:
• سيتم عقد مؤتمر دولي للمانحين من أجل إعادة تعمير قطاع غزة.
• تاريخ انعقاد المؤتمر هو يوم 2 آذار.• مكان انعقاد المؤتمر هو مدينة شرم الشيخ المصرية.
• ستحضر وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون المؤتمر.
• ستلتزم الولايات المتحدة بتقديم 900 مليون دولار لإعادة الإعمار.تقول التحليلات والتسريبات أن وزير المخابرات عمر سليمان نجح في عقد لقاء حماس – فتح في القاهرة تحت غطاء معلن هو المصالحة الفلسطينية ولكن الهدف غير المعلن هو التفاهم حول كيفية التعاون والتنسيق لجهة الآتي:
• التعامل بإيجابية إزاء المانحين الدوليين.
• إعطاء القاهرة دوراً أكبر في إدارة عمليات إعادة الإعمار.تشير التوقعات إلى أن دبلوماسية القاهرة ستسعى للاستفادة من الزخم الذي سيوفره مؤتمر شرم الشيخ للمانحين لجهة القيام بالآتي:
• تعزيز السيطرة على الملف الفلسطيني عن طريق استخدام أموال إعادة الإعمار لتقوم بدور "المال السياسي" في ضبط الخلافات الفلسطينية – الفلسطينية.
• استخدام الأساليب غير المباشرة لجهة إقصاء السعودية عن طريق إدماج دبلوماسية الرياض إزاء الملف الفلسطيني ضمن دبلوماسية القاهرة إضافة إلى السعي من أجل عرقلة قيام الرياض بأي دور دبلوماسي مستقل عن دبلوماسية القاهرة في المنطقة.برغم جهود القاهرة فإن محاولات إعادة الدور الإقليمي المصري الجارية حالياً هي مجرد محاولات تكتيكية تفتقر إلى السند الاستراتيجي الذي يقدم لها العمق والدعم وعلى الأغلب أن يؤدي تشبث القاهرة بأطروحة الدور المركزي في المنطقة أولاً إلى إفقاد القاهرة لمصداقيتها الدبلوماسية أمام واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي وثانياً لإشعال حرب باردة سعودية – مصرية منخفضة الشدة، إضافة إلى احتمالات توتير العلاقات مع الأطراف الأخرى، وعلى وجه الخصوص تركيا التي تحاول القيام بدور في المنطقة ولكنها وبأي حال من الأحوال لن تقبل أن تكون دبلوماسيتها الشر أوسطية مقيدة بالسقف الدبلوماسي المصري!!
منقول

الحوار ودايتون وكلينتون .... بقلم : أ. سري سمور

في كل بيت أو أي تجمع فلسطيني كبر أم صغر،يتبادل الناس الحديث الذي قد يكون صاخبا في الغالب عن الحوار والمصالحة ومستقبل العلاقة بين حركتي فتح وحماس ،وتتباين آراء الناس عامتهم وخاصتهم،فمن متشائم لا يرى في الأفق انفراجا أو تقدما رغم انطلاق قطار المصالحة من القاهرة،إلى متفائل يرى بأن القطار على وشك الوصول إلى محطة المصالحة الشاملة والوحدة والائتلاف على برنامج وطني يجمع شتات القوى الفلسطينية،وهناك «المتشائل» ،والتعبير أساسا للأديب الراحل إميل حبيبي،الذي يقف على مسافة تطول أو تقصر بين هذا وذاك،وطبعا بغض النظر عن استطلاعات الرأي التي ثبت لنا بشكل قطعي أنها لا تعبر عن حقيقة الوضع واتجاه الرأي في الداخل الفلسطيني طوال السنوات الماضية.
كنت وما زلت من المتحمسين للحوار والمصالحة والائتلاف حول برنامج سياسي ونضالي مشترك بين مختلف القوى والفصائل لا سيما كل من فتح وحماس،أو على الأقل إيجاد وخلق حالة من التعايش تنهي الجدل والمناكفات الداخلية استعدادا لمواجهة الأخطار المحدقة بقضيتنا الفلسطينية ،وهي أخطار وتهديدات قد تكون الأصعب في تاريخها منذ عقود، وبعيدا عن التفاخر؛ فقد كتبت عن الحوار والمصالحة مرات عدة، وطرحت آلية مقترحة لحوار مثمر، انطلاقا من عقيدتي كمسلم يرى أن واجبه محاولة إصلاح ذات البين المأمور به بنص قرآني صريح «وأصلحوا ذات بينكم» ، ومن كوني أحد أبناء الشعب الذي يتطلع إلى الخلاص من الاحتلال ويرى أن الوحدة الوطنية ضرورة لا غنى عنها من أجل مواجهة مخططات العدو، ولقناعتي بأن ما يجمع شعبنا بمختلف أطيافه أكثر بكثير مما يفرقه،بل لقد لاحظنا أنه وتزامنا مع انطلاق مسيرة الحوار في القاهرة تساقطت الأمطار بغزارة،وأغاث الله سبحانه وتعالى شعبنا بماء منهمر بعد حالة من القنوط،والخوف من عام قحط وجفاف،ولم يفت أبناء شعبنا أن يعلقوا على هذا التزامن بين الغيث والحوار بتفاؤل وفرح وابتهال إلى الله جل وعلا.
وربما من المخيف أو المزعج استخدام أداة الاستدراك (لكن) لأن ما وراءها في العادة ينسف أو يلغي ما قبلها ، المهم بأن قناعتي وقناعة الكثيرين من أمثالي لم تتزحزح بهذا الشأن ، وتنفست الصعداء حين رأيت أن طاولة الحوار قد جمعت الفصيلين الكبيرين مع إدراكي لاختلاف البرنامجين وتعارض النهجين ، وتباين الآراء حول مجمل القضايا ، ومازال الأمل معقودا على سير عجلة الحوار نحو الهدف المنشود ، رغم ما يعكر الصفو وهو موضوع المقال.
أول أمس (السبت) ظهر خبر مزعج تلاه أو تزامن معه خبر لا يقل إزعاجا، وتفاعل الخبران مع الوضع مما بعث شعورا بأن قطار المصالحة توقف في محطة انطلاقته وأن عطبا قد أصابه أو أن الوقود اللازم لسيره على السكة لا يكفي!
الخبر الأول هو تجديد مهمة الجنرال الأمريكي «كيث دايتون» لمدة عامين،والخبر الثاني هو تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية «هيلاري كلينتون» بأن الحوار لن ينجح إلا إذا التزمت حماس بشروط الرباعية الدولية وان على حماس نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل والتقيد بالالتزامات السابقة!
كالصاعقة نزل الخبران على كل من تفاءل ، وعلى المتشائم أيضا حيث أن المتشائمين –على الأغلب-كانوا يتوقعون أن يسير قطار المصالحة فيتوقف في منتصف الطريق أو قبل المحطة الأخيرة ، لا أن يتوقف فور انطلاقه.
إن دايتون هو سبب المشكلة كما نعلم ، ولا يمكن أن يكون هو الحل ،وبصراحة متناهية هناك سؤال يطرح نفسه بقوة ويطرق أبواب غرفة الحوار ويتجلّى على مائدته ، وهو سؤال بالمناسبة قد طرحه أكثر من خبير وأكاديمي ومراقب:كيف يمكن إعادة بناء وترتيب الأجهزة الأمنية وهناك ثلاثة جنرالات من الأمريكان يشرفون عليها مباشرة ويتواجدون باستمرار في الضفة الغربية،لا سيما دايتون الذي ذاع صيته؟!
علما بأنه قد تم تشكيل لجنة للأجهزة الأمنية ، تعنى بإعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس مهنية ووطنية، وهذه لجنة يعول عليها الكثير لأن اتفاق مكة قد تعطل بسبب المعضلة الأمنية ، وهل يريد دايتون أن يبسط نفوذه على غزة أيضا؟قد يكون من المبكر الحكم على الأمر من وجهة نظر البعض لأن اللجان لم تبدأ المحادثات ولم تشرع في بحث التفاصيل،صحيح،ولكن تجديد مهمة دايتون يضعنا في حيرة وقلق وخوف من العودة إلى الوراء ،أما تصريحات هيلاري كلينتون الرافدة لتجديد مهمة جنرال بلادها فتصب في اتجاه مشابه،وترسم معالم السياسة الأمريكية في عهد أوباما ، فعهد بوش كان عهد الحروب الاستباقية ، وسياسة «الفوضى الخلاقة» التي تبنتها وزيرة خارجيته رايس ويبدو أن أوباما يريد العودة لسياسة العصا والجزرة ، وإذا كانت إدارة بوش قد وضعت فيتو على انطلاق الحوار،وعلى مجرد عقد لقاء بين فتح وحماس، فإن إدارة أوباما تتبع على ما يبدو سياسة السماح بالحوار مع وضع الشروط والمحددات والتصور لما يجب أن يخرج من أو ينتج عن هذا الحوار!
وكالعادة يشعر المرء بالامتعاض من الصلف الأمريكي ، فلماذا يطلب من حماس وحدها الالتزام بشروط وتعهدات،فيما الطرف المعني وهو الاحتلال غير ملتزم بها؟فنتنياهو يعلن عما يسميه «الاقتصاد مقابل الأمن» وليس الأرض مقابل السلام ولم يعلن عن قبوله بحل الدولتين ،في الوقت الذي يضغط الجميع على حماس للقبول به من جهات عربية و فلسطينية ومن الجانب الأمريكي والأوروبي، أولو قبلت حماس بهذه الاشتراطات ستوافق حكومة الاحتلال أيا كانت على إقامة دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران؟ ولماذا ينجح الأمريكيون والأوروبيون دائما بتحويل الجدل إلى الداخل الفلسطيني ليظهر الأمر وكأن الاحتلال يقول بأنه على أتم الاستعداد للانسحاب من الأراضي المحتلة والسماح بإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة شريطة قبول حماس بهذا؟فالمشكلة هي في الاحتلال وسياسته العدوانية، وليست في حماس ، في الماضي قالوا بأن المشكلة هي عرفات ووجوده على رأس سلم القيادة ، وتم حصار عرفات ونزع الصلاحيات منه وصولا لتسميمه ، فلم يقدموا شيئا وجاءت الانتخابات وفازت حماس، فأصبحت المشكلة هي حماس، فإلام سنظل ندور في دائرتهم الشيطانية؟ وهل ستمتنع «المسز هيلاري» عن مصافحة ومعانقة ليبرمان الذي قد يتولى حقيبة الخارجية في حكومة الاحتلال القادمة،أم أن مجرد مقال كتبه قبل أيام يكفي لتعتبره «حمامة سلام»؟!
أعلم أن المال هو المشكلة وأن الخوف من فرض الحصار على أي حكومة تشكل مستقبلا هو الهاجس الذي يؤرق حركة فتح، ولكن على حركة فتح أن تنظر إلى الأمور نظرة شاملة وعميقة وتضع في اعتبارها الأمور التالية، وهي أمور ليست من نسج الخيال بل حقائق بدأت تظهر بوضوح يزداد رويدا رويدا:-
1) أمريكا أصبحت الرجل المريض في العالم، والدول الكبرى لا تريد توجيه ضربة قاضية لها الآن لأن ذلك سيحمل تداعيات مضرة بالاقتصاد والأمن العالميين أكثر مما هو قائم فعلا ، والعمل جار في السر والعلن على حصر نفوذها وقصقصة أجنحتها بخطى مدروسة تمهيدا لانكماشها وخروجها من موقع القطب الواحد الذي جلست فيه منذ نحو عشرين عاما ، وأزمة أمريكا المالية ستتفاقم كما يقر المسؤولون فيها والخبراء والمراقبون، فلا داعي للتعلق بمن هو في انتظار الانكماش والتقهقر والتراجع وإذا كانت فتح لا تزال تفخر بثوريتها فإن الثورات تسبح عكس التيار،وليس في التاريخ ثائر إلا وامتاز بأنه قد تحدى الواقع وجابه الطغيان غير آبه بقوته،فكيف الحال وهذا الطاغية على وشك الانكماش والانحسار؟!
2) حكومات الاحتلال من اليمين أو اليسار لم تقدم لنا شيئا ، وهي دائما تسعى لإظهار أن المشكلة عندنا أو فينا ، فمن العبث واللامنطق الضغط على حماس لتقبل اشتراطات لا يلتزم الاحتلال بها أصلا.
3) إذا كانت فتح قد رفعت شعار «بالبندقية نزرع وبالسياسة نحصد» فعليها التخلص من سياسة التفاوض ثم التفاوض ثم التفاوض؛ بل إن الحال وصل إلى رمي كل الأوراق وتقديم كل التنازلات في سبيل التفاوض،فالتفاوض دون وجود ورقة المقاومة على الطاولة ثبت بشكل قطعي وبالتجربة أنه يؤدي إلى شراهة العدو وإمعانه في الغطرسة ومحاولة فرض الإملاءات،فقد جلس المفاوض على الطاولة بعد تنازله سلفا عن 78% من فلسطين ،وبقيت الـ 22% محل أخذ ورد وقابلية للتبادل والمساومة،ودون نتيجة، ولتتذكر فتح أن العدو إذا رأى البندقية على كتف المفاوض سيحسب لها ألف حساب، أما إذا رأى المفاوض قد رمى البندقية وجلس على الطاولة معتمدا على تصور وهمي بضغط دولي فسيطلب منه المزيد،فهذا التصور ليس سوى طفولة سياسية،مع الأسف،فالأسد الهصور الضرغام الغضنفر...إلخ لا يخيف ويرعب لمجرد حمله لهذه الأسماء والصفات بل لأن له مخالب وأنياب تخدش وتنهش وتُدمي؛ولو أزيلت الأنياب من فيه والمخالب من أطرافه ،لبات لعبة بيد الأطفال،والمعنى واضح!
4) السلطة وسيلة وليست غاية،وتحولها إلى غاية انحدار،والأدهى والأمر هو أن تتحول رواتب موظفي السلطة لأداة ابتزاز ناجعة بيد العدو وحلفائه الغربيين،وأن تصاغ العلاقات والمشاريع السياسية والعلاقات الداخلية بناء على الحسابات المتعلقة بهذه المسألة،وبالمناسبة أنا موظف وأتقاضى راتبي من السلطة،ولا أستبعد بعد نجاح الابتزاز السياسي في مجال الرواتب،أن يأتي يوم تطلب فيه الرباعية من كل موظف أن يكتب إقراراً خطيا يوقع عليه ويبصم بإبهامه يتضمن الاعتراف«بحق إسرائيل في الوجود ،ونبذ العنف،والالتزام بالسلام ووو...!» ،هذا السيناريو ليس مستبعدا ما دامت وسيلة الابتزاز أظهرت نجاعتها بشكل مذهلّ!
5) ربما كان يؤخذ على أبي عمار حرصه على حفظ خط الرجعة مع الجميع؛ولكن سياسة فتح العامة بعده كأنها انتقام وثورة على تلك السياسة فيما يتعلق بشكل خاص بطرف فلسطيني،فأبجديات السياسة تتطلب عدم قطع شعرة معاوية،وألا تعلن مواقف مطلقة غير قابلة للتأويل،وتجنب الصعود على الشجرة،حتى لا يضطر السياسي –المحنك طبعا- لطلب النجدة للنزول عنها،عدا عن تجنب انتهاج طرح وخطاب متشنج منفر؛فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن أحد أعضاء وفد فتح للحوار لم يتردد في إطلاق أمنية له عبر شاشة تلفزيون فلسطين بعيد تفجيرات بحر غزة قائلا:«كنت أتمنى أن تطال هذه التفجيرات أبطال الحرب الأهلية من سعيد صيام للجعبري...!!» أولم يكن من الأجدر تجنب مثل هذا الكلام،ولو حتى من باب أنه قد تأتي لحظة- وقد أتت فعلا- يجلس فيها مع هذا الفريق وجها لوجه؟ وبعد شهور من هذا التصريح استشهد الرجل الأول مع ابنه،أما الثاني فهو من أخطر المطلوبين في قوائم الاغتيالات الصهيونية،وقد فقد قبل بضع سنين ابنه البكر وبعضا من أشقائه في قصف صهيوني لمنزله،ومع الأسف انسحبت هذه الثقافة أفقيا وعاموديا،وكثيرا ما سمعنا وقرأنا أثناء الحرب على غزة ألفاظا «وأمنيات» مشابهة،والمطلوب مراجعة سياسة القطع وعدم حفظ خط الرجعة فورا وبلا تردد،فليس من المعقول إبقاء الباب مفتوحا للتفاوض والحوار مع عدو غاصب،وإغلاق باب الحوار والتفاهم مع من لا مجال لتعداد نقاط الالتقاء معهم من أبناء الوطن،بل حتى أن الشراكة تصل للجذور الفكرية ،فهناك إجماع بأن العديد من مؤسسي حركة فتح كانوا إما أعضاء أو مناصرين لحركة الإخوان المسلمين،وهي الحركة الأم لحماس.
هذه بعض الملاحظات والحقائق التي أتمنى على حركة فتح بمختلف مستوياتها النظر إليها بعيدا عن التشنجات والأحكام المسبقة ،لأن فتح هي التي يمكنها -إذا أرادات – أن تلقم هيلاري حجرا،وأن تضع حدا لدايتون وغيره،وهذا الأمر يتعلق بمصير فتح ومستقبلها وأيضا يمس مجمل الوضع الفلسطيني.
وفيما يخص حركة حماس ومحاولات «ترويضها» و«توريطها» بعد الفشل الذريع لمحاولات تصفيتها عسكريا ،فهذا موضوع المقال أو المقالات القادمة بمشيئة الله تعالى.