الأربعاء، 18 مارس 2009
شاليط" حتى انبلاج النهار.. د. فايز ابو شمالة
"جلعاد شاليط" قضية سياسية تحاكي واقع الصراع العربي الإسرائيلي، وليس كما يحسب البعض أنها قضية إنسانية، أو قضية أسير إسرائيلي مقابل آلاف الأسرى العرب، أو كما يحسب آخرون أن "شاليط" قد جر على غزة الحصار والدمار، بل على العكس من ذلك؛ إن الصمود، والصبر، والانتصار في معركة "شاليط" يؤسس قواعد التعامل القائم على الندية بين العرب واليهود، وبداية كسر الحصار، وانبلاج النهار، زد على ذلك، فإن قضية "شاليط" تعني معادلة الظلم، ولاسيما أن أكثر من ألف أسير عربي في السجون الإسرائيلية لم يظلموا، ولم يعتدوا على الدولة العبرية بمقدار ما اعتدى وقتل ودمر جندي إسرائيلي واحد، ومن هنا يجيء القول: إن ألف أسير عربي يتم مبادلتهم بأسير يهودي واحد؛ لأن محصلة ما قتله الألف سجين تعادل حصيلة ما قتله جندي إسرائيلي واحد، مع الأخذ بعين الاعتبار عدوانية الجندي الإسرائيلي، ودفاع الإنسان العربي عن نفسه. لقد عرفنا كيف تراكم (إسرائيل) مخزون السجناء، وكيف توجه التهم إليهم، وقد كنت شاهداً في سجن عسقلان على سجناء فلسطينيين قضوا عشرات السنين من شبابهم في السجون دون أن يكون لهم أي علاقة بالمقاومة، لقد تعرضوا للتعذيب، واعترفوا بما وجهت لهم المخابرات الإسرائيلية من أعمال قتالية، وحكم عليهم بأحكام مزاجية عالية، ولم يكتشف القضاء الإسرائيلي عنصريته، وظلمه إلا بعد أن تم اكتشاف الفاعل الحقيقي بعد عدة سنوات. من هنا تجيء قضية "شاليط" لتصوب بعض الظلم الواقع على الأسرى العرب، ولتأخذ بعدها العالمي في تفاوض يحاكي كيان العرب جميعهم، وكرامتهم، فإما أن تعدل نتائج المفاوضات من خطيئة الخضوع لإرادة اليهودي التي عششت في بلاد العرب، وإما أن تظل آية الكبرياء لدى العرب مقلوبة، ويكتب على هذه الأمة الذلة والمسكنة. أما من حيث القيمة الإنسانية فإن "شاليط" لا يساوي في سوق المقاومة سجدة شكرٍ للسجين يحيى السنوار، أو خصلة شعرٍ للسجين "كريم يونس" الذي شاب خلف الأسوار، وحزن "شاليط" الذي نقدره لا يعادل تصبر "قاهرة السعدي" التي تركت أطفالها الأربعة منذ سبع سنين دون شاي الصباح، ولا يساوي "شاليط" في سوق الإنسانية دمعة امرأة فلسطينية ذبح السجان اليهودي فرحتها ليلة الزفاف عندما اعتقل عريسها. في صفحة 247، من كتابة "مكان تحت الشمس" كتب "بن يامين نتان ياهو" يقول: "إن صفقة تبادل الأسرى التي تمت سنة 1985، شكلت القاعدة التي انطلقت منها الانتفاضة الفلسطينية بعد عامين" وهذا كلام صحيح، ولا ننكره على المكلف برئاسة وزراء الدولة العبرية الذي سيقر بنفسه الصفقة القادمة وفق مشيئة حماس إذا أفشلتها الحكومة الراهنة.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق