وقبل أيام أشار بيان لحكومة تسيير الأعمال في رام الله برئاسة سلام فياض إلى وجود «أزمة مالية» ناجمة عن «عدم التزام المانحين» عربا أو أجانب بإرسال الأموال لدعم موازنة السلطة.
وأكد وزير العمل والتخطيط في هذه الحكومة سمير عبد الله لـ«السفير» أنها تعاني حاليا من عجز بقيمة 300 مليون دولار ناجمة عن عدم تحويل الدول المانحة ما تعهدت به من مساعدات خلال مؤتمر باريس الذي اقر تقديم 7،4 مليارات دولار لدعم السلطة.
وأضاف «خلال الأشهر الأخيرة، كانت المبالغ التي تصلنا، والمطلوبة لان تفي الحكومة بالتزاماتها، اقل من المتوسط، وهذا الأمر دفعنا إلى تغطية مصاريفنا عبر الاقتراض من البنوك لدرجة أفقدتنا القدرة على مزيد من الاستدانة».
لكن في المقابل، قال وزير الشؤون الاجتماعية في الحكومة المقالة في غزة احمد الكرد إن الوضع المالي لحكومته «مريح ومستقر وثابت، ولم يتأثر لا بالحصار ولا بالحرب» الإسرائيلية».
ورفض الكرد ما «تدعيه الحكومة غير الشرعية في رام الله» حول وجود أزمة مالية، مشيرا إلى أن هذه «أزمة مفتعلة من قبل حكومة فياض التي تحاول سد الطريق على أي حكومة وحدة وطنية قد تخلفها، تماما كما كان الحال حين تسلمت حماس الحكم من حكومة (احمد قريع) أبو علاء بخزينة مدانة وفارغة في محاولة لإفشالها».
وأضاف الكرد أن حكومته تمكنت منذ انتخابها وحتى إقالتها بطريقة «غير شرعية» من تغطية كل ما ترتب عليها من التزامات، وحتى في ذروة الحرب فان «الحكومة تسير أعمالها بسلاسة، واستطاعت دفع رواتب موظفيها تحت القصف، وبعد الحرب لم تتوقف الرواتب، ووزعت 55 مليون دولار كإغاثات للمتضررين».
ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت نصر عبد الكريم ان «هناك مشكلة تتعلق بفقدان الشهية الدولية لتمويل عملية السلام ومن يقف خلفها».
ويعتقد عبد الكريم أن «السياسة الدولية ملت من قضية الفساد الفلسطيني، ودفعت ملايين الدولارات التي اختفى بعضها في جيوب الفاسدين، إلى جانب الأزمة المالية العالمية التي تخنق المانحين»، موضحا أن «كل هذه عوامل ستضع السلطة في رام الله أمام تحد وجودي، ناجم عن احتمال إحجام الغرب عن تمويلها».
ويشير إلى أن حكومة حماس في غزة «تتعامل مع الأزمة بذكاء، وهي لا تكشف عن مصادر تمويلها»، معتبرا أن «الأموال التي تصل عبر الأنفاق من بعض الأثرياء العرب، وحركة الإخوان المسلمين وجمعيات أخرى، إضافة إلى الضرائب المحلية، والمشاريع الخاصة هي المغذي الرئيسي لهذه الحكومة».
عامل آخر تسبب في تفاقم الأزمة المالية التي بدأت حكومة فياض «تشكو منها» تتعلق بالانقسام العربي حول الجهة الشرعية التي تمثل الفلسطينيين إن كانت حكومة رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس أو حكومة إسماعيل هنية.
ويقول عبد الكريم «تدنت المساعدات المقدمة لحكومة فياض من جهات عربية محورية مثل قطر والكويت والجزائر والبحرين وغيرها على اعتبارات لها علاقة بشرعية هذه الحكومة». وفي هذا الإطار، يقول عبد الله، وزير التخطيط في حكومة فياض، إن «قيمة مساعدات الدول العربية للسلطة، من إجمالي ما يتم تقديمه، انخفضت من 50 في المئة خلال العام 2008 إلى 20 في المئة خلال العام الحالي».
وتبلغ موازنة حكومة تسيير الأعمال المقترحة للعام الحالي 3.3 مليارات دولار، تدفع منها نحو 1.6 مليار دولار لتغطية رواتب موظفي القطاع العام في الضفة وغزة، والذين يقارب عددهم الـ120 ألف موظف، فيما تخصص البقية لتغطية تكاليف أخرى منها المشاريع التنموية ومصاريف تشغيلية وتحويلية.
أما الحكومة المقالة في غزة فتعتمد على خطة إنفاق شبيهة بالموازنة، وهي معتمدة من قبل كافة المؤسسات التابعة لها، وتقدر بنحو نصف مليار دولار سنويا.
ويقول وكيل وزارة المالية في الحكومة المقالة إسماعيل محفوظ «نحن نسير وفق خطة إنفاق معتمدة تطبق على المؤسسات والمباني الحكومية ونقوم بدفع المرتبات والنفقات في وقتها المعتاد اعتمادا على مواردنا الثابتة من المصادر المحلية والأشقاء».
وأوضح أن حكومته تتبع خطة إنفاق مقننة، وهي تحتاج إلى 23 مليون دولار شهريا تدفع للموظفين البالغ عددهم نحو 25 ألفا، وكذلك لتغطية النفقات التشغيلية الأخرى.
ويقول عبد الكريم «في حال أغلقت حنفية أموال الدعم عن الحكومة في رام الله تبدأ أزمة في الأراضي الفلسطينية قد يكون مصيرها انهيار السلطة بشكل كامل»، مضيفا «أما حكومة حماس في غزة فهي لن تعاني من أزمة كهذه، والدليل أنها استمرت في الإنفاق حتى خلال الحرب».
ومن جهته، قال عبد الله إن «دفعنا المستحقات المتأخرة للموظفين، وحولنا كميات كبيرة من المال لإغاثة غزة بعد الحرب على أمل أن يواصل المانحون تقديم الأموال لكنهم تأخروا».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق