أصحاب المصالح الذاتية من الفلسطينيين، يتبعهم بعض القيادات العربية المهزومين يقولون إن حركة حماس حركة إسلامية متشددة في مطالبها ومرتبطة بإيران وسوريا، ولتكن حركة متشددة لاسترداد حقوق شعبها المشروعة، ما هو المانع في ذلك؟ ومن الذي جعل حركة حماس تكون لها علاقة بإيران؟ أليس الحصار العربي الذي فرض عليها؟ الم تستعد بعض الأنظمة العربية الغرب كله ضد حركة حماس كما فعلت وتفعل سلطة العباسية من رام الله؟ ـ نحن في أجواء مصالحة عربية قبل قمة الدوحة لا نريد أن ننكأ الجراح وما أكثرها ضد الشعب الفلسطيني من بعض الأنظمة العربية.
ما يجري في القاهرة هذه الأيام من حوارات في لجان خمس شكلت للنظر في الشأن الفلسطيني ـ الفلسطيني أمر مرحب به وكنا ننتظره من زمن ليس بالقصير، لكن ما يخيفنا في هذا كله هو إزاحة حماس من الصدارة بحجج وذرائع مؤداها نريد تشكيل "حكومة" يقبل بها المجتمع الدولي و"إسرائيل" للتعامل معها، يقول عباس المنتهية ولايته دستورياً: "لا نريد حكومة تعيد الحصار الذي فرضه العالم على الحكومات السابقة التي شكلتها حماس أو شاركت فيها" وهذا معناه عدم إشراك حماس في صناعة القرار الفلسطيني، وهذا قول مخيف. البديل نريد "حكومة" فلسطينية تسترد الحقوق الوطنية للفلسطينيين، وأن تفرض إرادتها على المجتمع الدولي كما فرضت حماس إرادتها على ذات المجتمع، صحيح أن الثمن الذي دفعته حماس غال، ولكن من يخطب الحسنا لا يفله المهر. أما أصحاب نظرية "المفاوضات الخيار الاستراتيجي الوحيد أمام الفلسطينيين" والبحث عن رضا المجتمع الدولي بحكومة فلسطينية جربناه على مدى 15 عاماً ولم نستفد شيئاً، المستوطنات اتسعت دائرتها، والقدس تنهش قطعة قطعة، والأرض تصادر بتمدد صور العزل في مدن وقرى الضفة الغربية، والمياه تستنزف من أعماق الأرض، والتربة الزراعية تلوث. حقاً هذا الأسلوب لم يعد صالحاً البتة.
في الحوارات الجارية اليوم يجب الانطلاق في إصلاح الشأن الفلسطيني من تاريخ انعقاد مؤتمر القاهرة الأسبوع الماضي وليس انطلاقاً من جذور الماضي، فالماضي الذي مارسته السلطة أو منظمة التحرير الفلسطينية كلها لم يقدم حلولاً للفلسطينيين، لقد أعطت المنظمة والسلطة تنازلات لصالح "إسرائيل" ولم تأخذ مقابل ذلك أي شيء للفلسطينيين، يجب فك ارتباط الاقتصاد الفلسطيني ب"إسرائيل" وربطه بالاقتصاد الأردني والمصري، أما الأمن فيجب أن يكون فلسطينياً وليس غير ذلك.
2 ـ أريد تذكر القائلين بأن حركة حماس والجهاد الإسلامي حركتان متطرفتان، ووصفتهما أمريكا بالإرهاب، وصدقها عرب الجاه والسلطان، ونسأل سؤالاً بريئاً، ما حكم ولاة أمرنا في الحكومة الليكودية القادمة وحركة شاس، وإسرائيل بيتنا ـ بزعامة اليهودي الصهيوني المتطرف ليبرمان؟ أيهما أكثر تطرفا حماس والجهاد الإسلامي أم الثالوث الصهيوني الرهيب الذي يحكم إسرائيل اليوم؟ مطلوب من القادة العرب الذين يلتقون بالسيد متشل المبعوث الأمريكي والسيدة كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية، والسيد سولانا أن يبلغوهم بان الثالوث الذي سيحكم "إسرائيل" اليوم هم أكثر تطرفاً وأشد إرهاباً. إنهم توسعيون على حساب أصحاب الحق الطبيعي والقانوني وهم الشعب الفلسطيني.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس المنتهية ولايته عليه أن يدرك ورهطه الذين معه بأن كل جهودهم قد باءت بالفشل الذريع وعليهم أن يستغلوا الصمود البطولي للشعب الفلسطيني في غزة ومقاومته الباسلة لتقوية مكانتهم التفاوضية وليس لإضعاف وإخراج حماس والجهاد من دائرة الحل. إن التحريض على حركتي حماس والجهاد الإسلامي من قبل قيادات سلطة رام الله سراً وعلانية بأساليب مختلفة في المحافل الدولية والعربية أمر غير أخلاقي ويضر بحقوق الشعب الفلسطيني وحتى يحط من مكانة رجال السلطة الميامين عند القيادات السياسية الدولية، وأذكر بما قاله زعيم عربي للرئيس الفرنسي "لا نريد حماس أن تحقق أي انتصار أو إشعار الرأي العام العربي بأنها حققت انتصاراً" وصل هذا القول إلى كل أسماع الدنيا وعلى أثره هبطت مكانة ذلك الزعيم العربي بين القيادات الغربية.
آخر القول: يا قادة السلطة الفلسطينية في رام الله اتقوا الله في أهلكم ووطنكم وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق