الاثنين، 2 مارس 2009

هل تتمكن القاهرة من ترتيب أوراق دبلوماسيتها والخروج من نفق أبو الغيط

عمر سليمان يتسلم دفة الدبلوماسية المصرية وتوقع حرب باردة سعودية – مصرية للهيمنة على القوى الفلسطينية
دخلت السياسة المصرية في مرحلة المعاناة من تداعيات نتائج ما بعد العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة وتشهد الساحة المصرية عملية تنظيم وإعادة ترتيب واسعة لأوراق السياسة الخارجية المصرية سعياً من أجل إخراج دبلوماسية مصر من النفق المظلم الذي أدخلها فيه وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط..
* ماذا يجري حالياً في مصر؟
تقول المعلومات والتسريبات القادمة من القاهرة بأن نظام الرئيس حسني مبارك يرتب أوراقه من أجل محاولة إعادة الحيوية لدور مصر الإقليمي الذي برغم تدهوره فقد تدهور أكثر فأكثر بسبب نتائج العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة ضد قطاع غزة وتتضمن الجهود المصرية الحالية الآتي:
• استضافة جهود إعادة الإعمار بما يتضمن عقد المؤتمرات وجذب المستثمرين والمانحين إضافة إلى التوفيق بين الأطراف الفلسطينية والإقليمية والدولية المعنية بإعادة تعمير القطاع
.• رعاية مساعي الوحدة الوطنية الفلسطينية بما يؤدي إلى تهدئة الخلافات وعقد المصالحة الوطنية الفلسطينية بين حركتي حماس وفتح وصولاً إلى إقامة وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية تحت مظلة السلطة الوطنية الفلسطينية.
• السعي للتفاهم مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي حول الأجندة الشرق أوسطية القادمة والدور المصري المطلوب فيها.
• السعي لإضعاف المعارضة الداخلية المصرية المتزايدة وذلك باستخدام كافة الوسائل السياسية والأمنية والقانونية والإعلامية المتاحة.هذا، ويشير الأداء السلوكي السياسي المصري الحالي إلى أن الجهد الدبلوماسي المصري يركز حالياً أولاً وقبل كل شيء على تعزيز روابط خط القاهرة – واشنطن وتحديداً حث الإدارة الجديدة على ضرورة المضي قدماً لجهة الاستفادة من خدمات القاهرة إزاء الملفات الشرق أوسطية وتشير التحليلات إلى أن مخاوف القاهرة قد تزايدت أكثر فأكثر باحتمالات تحول دبلوماسية واشنطن الشرق أوسطية باتجاه الرياض.
* صعود نجم عمرو سليمان وهبوط نجم وزير الخارجية أحمد أبو الغيط:
عانى الرئيس حسني مبارك كثيراً من تداعيات العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة وتقول المعلومات بأن الرئيس مبارك لم يسبق أن تدهورت مكانته ووزنه بسبب تداعيات أي من العمليات العسكرية الإسرائيلية السابقة ضد الفلسطينيين ولكن بالنسبة لعملية غزة الأخيرة فإن السبب يرجع إلى الآتي:
• في اللحظات الأخيرة التي تزامنت مع العد التنازلي الإسرائيلي لشن عملية غزة انعقد في القاهرة اجتماع ضم الرئيس مبارك ووزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني.
• رتب وزير الخارجية أحمد أبو الغيط بالتنسيق مع الإسرائيليين مدخلات جدول أعمال اجتماع مبارك – ليفني بحيث تؤدي مخرجاته إلى خلق إدراك لدى الإسرائيليين بأن مصر تقف إلى جانبهم في العملية العسكرية ضد قطاع غزة.على هذه الخلفية فقد وجد الرئيس مبارك نفسه وقد تورط لجهة أنه كان يتحدث في اجتماعه مع الوزيرة الإسرائيلية برسم المحددات التي رسمها له وزير الخارجية أبو الغيط. وقد خلفت هذه المواقف صورة سلبية ما زال صعباً على الرئيس المصري حسني مبارك أن يخرج نفسه منها.لم تتوقف أزمة الرئيس مبارك على اجتماعه مع ليفني فقد أعقبتها الضربة الموجعة التي سددها رئيس الوزراء إيهود أولمرت عندما أصدر قراره بإقالة عاموس جيلعاد المسؤول الأمني – الدفاعي الرفيع المستوى والمفاوض الإسرائيلي الرئيسي في تفاهمات القاهرة المتعلقة بتداعيات أزمة غزة، وبرغم اعتذار جيلعاد وإعادته إلى منصبه فإن أولمرت استبدله في مفاوضات خط تل أبيب – القاهرة بيوفال ديشكين رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشين بيت) وتقول التحليلات والتسريبات أن إعفاء جيلعاد من مفاوضات القاهرة يشكل ضربة قاصمة لوزير الخارجية أبو الغيط إضافة إلى أن تعيين ديشكين يشكل تعزيزاً لموقع عمر سليمان.تقول التسريبات أن تراجع دور الخارجية المصرية ووزيرها أبو الغيط خلق فراغاً في دبلوماسية مصر إزاء إدارة ملف أزمة غزة وهذا الفراغ تقدم لملئه عمر سليمان وزير المخابرات المصرية.
* إنقاذ دبلوماسية القاهرة: إشكالية الرافعة الأمريكية:
تركز القاهرة جهودها من أجل استثمار جهود الخارجية الأمريكية القادمة لتوظيفها كرافعة لانتشال دبلوماسية القاهرة من الرمال المتحركة التي أغرقتها فيها العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة ضد قطاع غزة. هذا، وتقول التسريبات الأمريكية الآتي:
• سيتم عقد مؤتمر دولي للمانحين من أجل إعادة تعمير قطاع غزة.
• تاريخ انعقاد المؤتمر هو يوم 2 آذار.• مكان انعقاد المؤتمر هو مدينة شرم الشيخ المصرية.
• ستحضر وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون المؤتمر.
• ستلتزم الولايات المتحدة بتقديم 900 مليون دولار لإعادة الإعمار.تقول التحليلات والتسريبات أن وزير المخابرات عمر سليمان نجح في عقد لقاء حماس – فتح في القاهرة تحت غطاء معلن هو المصالحة الفلسطينية ولكن الهدف غير المعلن هو التفاهم حول كيفية التعاون والتنسيق لجهة الآتي:
• التعامل بإيجابية إزاء المانحين الدوليين.
• إعطاء القاهرة دوراً أكبر في إدارة عمليات إعادة الإعمار.تشير التوقعات إلى أن دبلوماسية القاهرة ستسعى للاستفادة من الزخم الذي سيوفره مؤتمر شرم الشيخ للمانحين لجهة القيام بالآتي:
• تعزيز السيطرة على الملف الفلسطيني عن طريق استخدام أموال إعادة الإعمار لتقوم بدور "المال السياسي" في ضبط الخلافات الفلسطينية – الفلسطينية.
• استخدام الأساليب غير المباشرة لجهة إقصاء السعودية عن طريق إدماج دبلوماسية الرياض إزاء الملف الفلسطيني ضمن دبلوماسية القاهرة إضافة إلى السعي من أجل عرقلة قيام الرياض بأي دور دبلوماسي مستقل عن دبلوماسية القاهرة في المنطقة.برغم جهود القاهرة فإن محاولات إعادة الدور الإقليمي المصري الجارية حالياً هي مجرد محاولات تكتيكية تفتقر إلى السند الاستراتيجي الذي يقدم لها العمق والدعم وعلى الأغلب أن يؤدي تشبث القاهرة بأطروحة الدور المركزي في المنطقة أولاً إلى إفقاد القاهرة لمصداقيتها الدبلوماسية أمام واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي وثانياً لإشعال حرب باردة سعودية – مصرية منخفضة الشدة، إضافة إلى احتمالات توتير العلاقات مع الأطراف الأخرى، وعلى وجه الخصوص تركيا التي تحاول القيام بدور في المنطقة ولكنها وبأي حال من الأحوال لن تقبل أن تكون دبلوماسيتها الشر أوسطية مقيدة بالسقف الدبلوماسي المصري!!
منقول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق