الأحد، 1 مارس 2009
لا تستعجلوا النتائج فالموقف شائك .. مصطفى الصواف
ترددت كثيراً قبل الكتابة في موضوع الحوار الفلسطيني الفلسطيني والذي جرى مؤخراً في القاهرة بحضور كل الفصائل الفلسطينية إلى جانب بعض ما يسمى بالمستقلين، وانتهى بالمؤتمر الصحفي الذي التقطت به الصور التذكارية بعد أن اصطف أعضاء الوفود بشكل مضحك ولا تفسير له، بحيث بدا المؤتمر وكأنه حقق المصالحة وأنهى كل القضايا العالقة حتى بعض العرب قاموا بتهنئة مصر على نجاحها في عقد المصالحة، وما حدث ليس مصالحة حتى الآن إنما كل ما صدر من خلال كل الجولات هو الإعلان عن تشكيل اللجان، وهذه اللجان فيها مكمن الخطر وفيها ما يمكن أن نسميه نجاحاً أو فشلاً. نعتقد أن الحوار الفلسطيني لم يبدأ بعد، ويجب الحذر الشديد ونحن نتحدث عن نجاح هذا المؤتمر لأن القضايا الشائكة لم تبحث ولم تحل حتى نوهم الناس بأن هناك اتفاقاً بين المتنازعين ( فتح وحماس )، لأن الناس في غنى عن أي عملية إحباط قد تنتج عن فشل للحوار في محطة من محطاته، خاصة وأن التدخل في الشأن الفلسطيني يبدو أنها كبيرة، وهذا التدخل قد يعطي مؤشرات سلبية لا تبشر بالأماني التي ينشدها الشعب الفلسطيني. فالسيدة كلينتون وزيرة الخارجية في الإدارة الأمريكية الجديدة والتي أطلقت تصريحها الأخير بأن على حركة حماس الاعتراف بـ(إسرائيل) وتنفيذ شروط الرباعية ، وتصريحات سولانا في رام الله والتي قال فيها إن أموال الإعمار ستوجه إلى السلطة الفلسطينية وهذه القضية مختلف عليها، إضافة إلى تصريحات كثيرة من مسئولين في الاتحاد الأوروبي وعلى رأس كل هذه التصريحات ما يتحدث به السيد محمود عباس عن قبول المجتمع الدولي للحكومة الجديدة ومرة يقول حكومة وفاق وأخرى حكومة وحدة وثالثة حكومة تكنوقراط ثم يختم دائماً بأنه يريد حكومة لا تجلب الحصار وكأن حكومة الوحدة أو الحكومة العاشرة هي التي جلبت الحصار وليس التنكر من قبل المجتمع الدولي لنتائج الانتخابات التي جرت في فلسطين وشهد لها العالم بالشفافية والنزاهة، كل ذلك يحدث رغم ما صرح به كل من الدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والسيد أبو علاء قريع بأن من يحدد شكل الحكومة اللجنة التي شكلت وفقا للاتفاق بين الأطراف الفلسطينية. كل هذا الحديث يدعونا أن نكون حذرين جداً من الإفراط في التفاؤل وتهويل ما جرى في القاهرة، لأن هناك عقبات وعقبات سوف تعترض طريق المتحاورين في اللجان الخمس وهذه العقبات كفيلة بتفجير الحوار والعودة إلى المربع الأول. هذه اللجان الخمس التي قيل إنها ستشكل وتلتقي في العاشر من الشهر الجاري وتستمر لمدة عشرة أيام للتوصل إلى توافقات حول الحكومة والأجهزة الأمنية ومنظمة التحرير الفلسطينية والمصالحة الوطنية وإعمار غزة، ففي الحكومة تقول مصر أن على حماس أن لا تفكر في الوزارات السيادية ورئاسة الوزراء، وهذا يجعل الباب مفتوحاً لتفسيرات مختلفة، فقد تعتبر فتح أو الجهاد أو الشعبية مثلاً، أو حتى راعية الحوار مصر أن وزارة الرياضة والشباب وزارة سيادية على الأقل أنها ستؤثر على عقول الشباب فكيف لو عرفنا أن المجتمع الفلسطيني مجتمع شاب، هذا يعني لو تولى وزير من حماس أو مقرب منها هذه الوزارة سيؤثر على عقول شباب فلسطين، أو قد يعتقد هؤلاء أن وزارة كالصحة حالها كحال وزارة الرياضة والتي لو قادها وزير من حماس أو مقرب منها يؤدي ذلك إلى ازدياد شعبية حركة حماس وهذا لا يجوز ولا تجيزه الإدارة الأمريكية ولا يتناسب مع الرباعية الدولية، وهكذا بالنسبة لكل الوزارات الفلسطينية، وعندها حتى تكون هذه الحكومة مقبولة على المجتمع الدولي يجب أن تبتعد حركة حماس عن المشاركة فيها، وهذا واحد من أهداف الحوار وربما أهمها وأخطرها ومن هنا جاء حذرنا. نحن لسنا ضد المصالحة أو نجاح الحوار، بل نتمنى أن يؤدي هذا الحوار والتفاوض إلى إعادة اللحمة والوحدة وإنهاء الانقسام وإعادة الإعمار وبناء مؤسسات فلسطينية وطنية وحكومة تسعى إلى تحقيق مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني، ولكن قراءة الواقع وما بين كلمات التصريحات تجعلني متشائماً إلى أبعد الحدود ولا اعتقد إذا استمرت هذه المواقف وهذه الطريقة في التفكير أن لا يفضي هذا الحوار إلى النتائج المرجوة ما سيؤدي إلى إحباط جماهيري كبير، وحتى لا نصل إلى هذه المرحلة يجب أن لا نفرط في التفاؤل وأن لا نستعجل في تبادل التهاني، فالقضية أكبر وأخطر وهي في غاية التعقيد، لذلك هي بحاجة إلى مزيد من الصبر وطول بال، وقد تحتاج إلى عشرات اللقاءات لأن كل جزئية وكل قضية في اللجان الخمس تحتاج إلى وقفات ووقفات. لذلك لا أعتقد أننا على أبوب تحقيق المصالحة فالمسافة لازالت بعيدة والمواقف متباينة ويكفي ما يدلل على ذلك المؤتمر الصحفي الذي عقده الدكتور محمود الزهار وعزام الأحمد حيث تحدث كل منهما في ردودهما على الصحفيين بمواقف لا تحمل جديداً، وكل منهما أخذ في التعبير عن موقف حركته التي لم يطرأ عليها تغيير، ولا نعتقد أن يحدث فيها تغيير في المستقبل، وكذلك في ردود كل من أبو علاء قريع والدكتور موسى أبو مرزوق. نحن نسير في حقل من الألغام ما يتوجب السير بحذر حتى لا ندوس في عجلتنا على أحدها وتكون النتيجة على غير ما نرغب، لنعطِ الحوار الزمن الكافي حتى يتم فكفكة كل العقبات بروية وعندها يجب على الجميع أن يحترم الخيار والتوافق الفلسطيني ولا يكون لأي طرف خارجي أي اشتراطات، وعلى المتحاورين أن لا يلتفتوا إلى كل ما يدور حولهم وأن يضعوا نصب أعينهم مصالح الشعب الفلسطيني وقضيته.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق