الثلاثاء، 3 مارس 2009
مقترح فلسطيني لتصفية الأنفاق..بقلم د.فايز ابوشمالة
كذبابة على ظهر فيل، هكذا وصف خبير في الأنفاق القذائف التي ألقتها الطائرات الإسرائيلية على الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة ومصر العربية، وأضاف: لن يجدي كل السلاح العسكري الإسرائيلي، والهندسي في إنهاء الأنفاق التي نزلت عميقاً إلى خمسين متراً تحت الأرض، ووصلت إلى الصخرة الحافظة للمياه الجوفية، وامتدت في الاتجاه الفلسطيني إلى ثلاثة كيلو مترات بعيداً عن الحدود، تحسباً لاجتياح إسرائيلي بالكامل لمنطقة الحدود، وأضحت بعض الأنفاق بكفاءة عمل، وأمن لا يقل عن نفق بحر المانش الواصل بين فرنسا وبريطانيا. من المؤكد أن صناعة الأنفاق في قطاع غزة تعبر عن إرادة شعب يصر على الحياة، وقادر على ابتداع مقومات بقائه بكل الطرق، لأن البديل عن طلب الحياة هو الاستسلام للموت، وهذا ما ترفضه أدنى الحشرات، وحتى أصغر النباتات التي تفتش بجذرها الصغير عن مصدر الماء، ويتطلع رأسها الدقيق باتجاه الضوء، فكيف بالإنسان؟ وكيف بالفلسطيني المنتمي الذي يدرك البعد السياسي للحصار المفروض على بلاده؟ لصناعة الأنفاق أهمية كبرى في تزويد قطاع غزة بالوسائل القتالية كما تدعي الدولة العبرية، وقد قامت بالدور التعويضي لنقص مقومات الحياة كل فترة الحصار، والعاملون في هذه الصناعة يتفننون في تطويرها وإتقانها، وهم غير مستعدين للتخلص منها حتى لو لاح لهم رفع الحصار بالكامل عن قطاع غزة، فقد تطور العمل بالأنفاق حتى صار علماً. لذلك لا بد من تطوير مقترح فلسطيني لتصفية الأنفاق يقوم على إزالة مدينة رفح، ومخيمها بالكامل بعرض خمسة كيلو متر مربع، لتترك منطقة حدودية مع مصر العربية، على أن يعاد توطين سكان منطقة رفح ومخيمها، والمقدر عددهم بربع مليون مواطن في المنطقة الفاصلة بين بيت حانون ومدينة عسقلان التي اغتصبتها الدولة العبرية سنة 1948، وهي منطقة شبه خالية من السكان، وتسمح بتعويض الفلسطينيين في منطقة رفح، بنفس مساحة أراضيهم التي سيتركونها مناطق حدودية مع مصر. إضافة إلى تصفية الأنفاق، وخلق واقع حدودي جديد مع مصر العربية، فإن تطبيق هذا المقترح يحقق للفلسطينيين جزءاً من حق العودة وفق قرار الأمم المتحدة رقم 194، وبالتالي يقرب الحلول السياسية المطروحة من الواقع، ويضاعف من مساحة أراضي قطاع غزة بما يأذن لسكانه بالحياة. إن هذا المقترح ليهدف إلى تخفيف جزء من الاحتقان الذي يشحن المقاومة، وينسجم مع توجهات المبعوث الأمريكي "جورج ميتشل" الذي أبلغ القيادات الإسرائيلية بأن الطريقة الوحيدة لتغيير الواقع السياسي في غزة، وجعل الوضع الأمني مريحاً لإسرائيل هو الدعم الاقتصادي للمواطنين، والعمل على إقامة صندوق خاص ينبثق عن مؤتمر المانحين المنعقد في شرم الشيخ، لإعادة تعمير غزة، وقد درس "ميتشل" مع الإسرائيليين إمكانية تغيير التوزيع السكاني داخل قطاع غزة، خاصة في المناطق التي تضم مخيمات اللاجئين، التي وصفها بأنها حاضنات المقاومة. إن فكرة إعادة التوزيع السكاني داخل قطاع غزة قد طبقها "شارون" سنة 1970، ولكنها لم تنجح، ولكي تنجح أفكار المبعوث الأمريكي "جورج ميتشل" يتوجب في إعادة التوزيع السكاني داخل الأراضي التي اغتصبتها (إسرائيل) سنة 1948.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق