السبت، 1 سبتمبر 2012

لماذا يهدد نتنياهو لبنان؟ بقلم :عصام نعمان

سرّب بنيامين نتنياهو، قبل أيام، رسالة “شخصية” كان حمّلها قبل بضعة أسابيع ل”دبلوماسي غربي كبير” التقاه في القدس، الرسالة موّجهة إلى حكومة لبنان، والتسريب تمّ عبر صحيفة “هآرتس” المستقلة . فحوى الرسالة: تحذير حكومة لبنان من مغبة أي عمل “استفزازي يقوم به حزب الله ضد “إسرائيل” . لماذا؟ لأن نتنياهو يعدّ حزب الله جزءاً من الحكومة اللبنانية، وفي حال “هاجم الحزب “إسرائيل”، فإن الجيش “الإسرائيلي” سيرد بقوة ولن يميّز بين الحزب والدولة اللبنانية التي يعدّها نتنياهو مسؤولة عما يحدث على أراضيها” .

مسؤول حكومي كبير أطلعه نتنياهو على مضمون رسالته عبر “الدبلوماسي الغربي الكبير” إلى حكومة لبنان، قال لصحيفة “هآرتس” إن مغزى الرسالة هو أنه لدى حدوث أي مواجهة جديدة، فإن الجيش “الإسرائيلي” سيهاجم البنية التحتية في لبنان مثل محطات توليد الكهرباء، والمطار، والموانئ والمباني الحكومية ولن تقتصر هجماته على الأهداف التابعة للحزب .

تأتي رسالة نتنياهو في فترة تتقصد حكومة نتنياهو خلالها الإيحاء بأن “إسرائيل” تستعد لمواجهة عدة سيناريوهات قد تحدث في حال نشوب حرب على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة .


إلى ذلك، حذّر المحللان العسكريان عاموس هرئيل وآفي يسخروف في الصحيفة نفسها (24-8-2012 ) من حدوث مواجهات في جنوب لبنان لا علاقة مباشرة لها بالموضوع النووي الإيراني، وكشفا أنه في الأشهر الأخيرة شكّل النقاش بشأن جاهزية الجبهة الداخلية في “إسرائيل” جزءاً من النقاش المتعلق بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية .

يعتقد المحللان العسكريان أن المواجهة بين “إسرائيل” ولبنان قد تنشب، بحسب المحللين، بصورة مستقلة عن إيران . ذلك أنه يمكن الافتراض أن انعدام الاستقرار الداخلي الذي يسود لبنان حالياً، قد يؤدي إلى نشوب مواجهة عسكرية مثلما حدث في إثر أسر الجنديين “الإسرائيليين” في سنة 2006 .

من الواضح أن مجمل المواقف والتحليلات سالفة الذكر يشي بحقيقة ساطعة هي تراجع احتمالات توجيه ضربة عسكرية “إسرائيلية” إلى إيران قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية من جهة، وازدياد المخاوف من أن تكون “إسرائيل” في صدد الاستعاضة عن مهاجمة إيران بضرب لبنان من جهة أخرى .

المتخوفون من استهداف لبنان بدلاً من إيران يبنون تحليلهم على مقولتين: الأولى، اقتناع “إسرائيل” بعدم توافر فرصة لضرب إيران قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية . الثانية، توقع جدوى من ضرب لبنان والمقاومة بالنظر إلى ثبوت خطر الصواريخ التي تملكها على جبهة “إسرائيل” الداخلية، ولتعطيل إمكان حصولها على أسلحة كيميائية نتيجَةَ الحرب الدائرة في سوريا .

فوق ذلك، يكتسب احتمال استهداف لبنان بدلاً من إيران أرجحية نسبية من مراجعة “التعليل” الذي قدمه وزير الدفاع “الإسرائيلي” السابق موشيه أرينز في هذا السياق .

أعلن أرينز، بحسب صحيفة “هآرتس” (22-8-2012)، أن الأولوية يجب أن تُعطى لمعالجة مشكلة الصواريخ في جنوب لبنان قبل البحث في الهجوم على إيران . تساءل: “إذا تطلّب وقف البرنامج النووي الإيراني عملية عسكرية، فمن الذي سيقوم بها؟ الولايات المتحدة أم “إسرائيل”؟ يفضل “الإسرائيليون” أن تقوم الولايات المتحدة وحدها بالمهمة . لكن ماذا سيجري لو تأخرت واشنطن في اتخاذ القرار؟ هل سيكون على “إسرائيل” التحرك وحدها من دون موافقة الولايات المتحدة، أو أن عليها انتظار موافقة واشنطن؟ وهل يتعيّن عليها أن تترك القرار بين يدي الولايات المتحدة انطلاقاً من الاقتناع بأنها ستقوم بالعملية المطلوبة في الوقت الملائم؟” .
يستنتج أرينز: “سواء كانت الولايات المتحدة هي التي ستقوم بالهجوم العسكري ضد إيران، أو أن “إسرائيل” هي التي ستفعل ذلك بموافقة واشنطن أو من دون هذه الموافقة، فإنه يتعيّن على “إسرائيل” أن تعالج أولاً الصواريخ الموجودة في لبنان، إذ ليس هناك من يستطيع أن يقوم بذلك نيابةً عن “إسرائيل” . صحيح أنه من الأفضل الحصول على موافقة الولايات المتحدة على هذه المهمة، لكن هذه الموافقة ليست ضرورية” .

آراء أرينز تثير جملة تساؤلات: هل يدعو وزير الدفاع السابق “إسرائيل” إلى الاستعاضة عن مهاجمة إيران بضرب لبنان؟ إذا كان ضرب إيران يستوجب موافقة واشنطن المسبقة، فهل موافقتها “غير ضرورية”، كما يقول، في حال قررت “إسرائيل” الاستعاضة عن مهاجمة إيران بضرب لبنان؟ ثم، هل تبقى إيران مكتوفة اليدين إذا ما ضربت “إسرائيل” لبنان؟ وإذا ردّت إيران بقصف “إسرائيل”، هل تبقى الولايات المتحدة مكتوفة اليدين؟

كل هذه التساؤلات تستثير سؤالاً واحداً مفتاحياً: هل ضرب لبنان مناورة “إسرائيلية” ملتوية لتوريط الولايات المتحدة في الحرب، بإرادتها أو رغماً عنها، أو أنه بات مخططاً معتمداً بديلاً من مهاجمة إيران؟ يصعب الجواب عن هذا السؤال قبل لقاء أوباما ونتنياهو على هامش انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة أواخر الشهر الجاري في نيويورك .








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق