الخميس، 28 نوفمبر 2013

تركيا تعيد تموضعها من الملف السوري وتقترح تشكيل حكومة انتقالية تفرض على جميع الأطراف قبل"جنيف2"؟

باريس/ محمد بلوط
كيف يمكن تجاوز عقبة تأليف هيئة حاكمة انتقالية سورية وفرضها على المعارضة والنظام معاً؟
السؤال طرحه الأتراك في عطلة نهاية الأسبوع في موسكو، وقدموا اقتراحات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الزيارة التي قام بها لروسيا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، ووفداً ضم وزير الخارجية احمد داود اوغلو ورئيس الاستخبارات التركية حاقان فيدان
الأتراك، الذين لا يثقون بالمسار التفاوضي في جنيف واحتمالات خروجه عن سيطرتهم ودائرة تأثرهم، ولا بقدرة أطرافه على التوصل إلى اتفاق، اقترحوا عدم انتظار انعقاد «جنيف 2» في 22 كانون الثاني المقبل، وكسب الوقت قبل أن يصطدم النظام والمعارضة بعقبة تشكيل الحكومة الانتقالية، والتفاهم منذ الآن على لائحة وزراء مقبولة من الطرفين أو تفرض عليهما
الاقتراح الذي ناقشه الأتراك مع بوتين، بحسب مصدر ديبلوماسي في جنيف، يستند إلى ضرورة أن يقوم كل طرف بالضغط على حليفه لتسهيل تشكيل الحكومة وتسمية وزرائها، والوصول إلى اجتماع «جنيف 2» بحكومة ناجزة لا يفعل من يحضرها سوى التصديق على الورقة التي ستوضع على طاولاتهم
والحال أن تشكيل الحكومة، كما نص عليه «جنيف 1»، يشترط توافق الطرفين على الوزراء. وهو نصّ يمنح بوضوح الطرفين حق الفيتو على الأسماء المطروحةوالأرجح أن يستغرق ذلك زمناً طويلاً في ظل ميزان القوى الحالي الذي يميل لمصلحة النظام. ويوحي بذلك أيضاً تصعيد في الشروط بين النظام، الذي لا يكفّ ممثلوه عن تكرار أنهم لن يذهبوا إلى جنيف لتسليم السلطة، فيما تختصر المعارضة جنيف بشبه احتفال تسلّم وتسليم للحكم يتقدمه تنحي الرئيس بشار الأسد أو غيابه الكلي في المرحلة الانتقالية. ويعقد ذلك مهمة المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، خصوصاً أن الحكومة الانتقالية منصة إطلاق العملية السياسية في سوريا وقاعدة الحل السياسي
ويقول مصدر ديبلوماسي إن الرئيس الروسي ردّ على الطلب التركي بالقول إن الأمر ينبغي أن يبقى توافقياً بين السوريين أنفسهم ليقرروا أي حكومة يريدون. ورد الأتراك بأنه لا خيارات أخرى إذا كنا نريد إنجاح جنيف. وقال المصدر بان الرئيس الروسي ابلغ الجانب التركي بأنه لن يفرض شيئاً على الأسد، وان على السوريين أن يحددوا مستقبلهم بأنفسهم، ولن نتدخل إلا إذا طلب السوريون منا ذلك
ولم يقتصر النشاط التركي على اقتراح حكومة انتقالية تسبق المؤتمر، إذ يقترح الأتراك كسب الوقت أيضاً، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في سوريا قبل الذهاب إلى «جنيف 2». فخلال مؤتمر صحافي مع داود اوغلو في طهران، اقترح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن نركّز «كل جهودنا على إنهاء الصراع ووقف إطلاق النار إن أمكن حتى قبل عقد جنيف 2»، فيما قال الوزير التركي «ينبغي ألا ننتظر هذين الشهرين لأن الشعب السوري في وضع متدهور» قبل عقد المؤتمر، داعياً «الأطراف المتنازعة كافة إلى احترام وقف إطلاق النار». 
واتصل الأسد بالرئيس الايراني حسن روحاني مهنئاً بالاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني
واعتبر الاسد أن «هذا الإنجاز يأتي ليكرس حق الدول النامية في الحصول على الطاقة النووية السلمية»، مضيفاً أن «ما حققته إيران من خلال هذا الاتفاق يعزز موقعها إقليمياً وعالمياً، وهذا بدوره ينعكس على سوريا بحكم العلاقة الاستراتيجية بين البلدين». 
من جانبه، جدّد روحاني «وقوف إيران إلى جانب سوريا في محاربتها للإرهاب، متمنياً أن يعمّ السلام الأراضي السورية كافة». 
وبعد التغييرات الميدانية التي أعادت المبادرة إلى الجيش السوري على جبهات واسعة واقتراب الإيرانيين من انتزاع دعوة إلى «جنيف 2»، وانتصارهم الديبلوماسي في توقيع الاتفاق المرحلي على برنامجهم النووي، عمل الأتراك من موسكو إلى طهران، منذ أسبوع، على إعادة الاتصال بجبهة حلفاء النظام السوري لحجز مقعد في العملية السياسية التي عملوا على عرقلتها وقتاً طويلاً، واستيعاب احتمالات انتصار الأسد
ويبدو التصدي التركي لإزالة عقبتين أساسيتين أمام التسوية السورية ومقاسمة الجهد فيها مع موسكو وطهران محاولة لإعادة التموضع أيضاً في المرحلة المقبلة والابتعاد عن المحور السعودي المتطرف، الذي يقاتل المؤتمر الدولي بـ«جيش الجبهة الإسلامية» في الغوطة الشرقية لاختراقها نحو دمشق
وليس مستبعَداً أن يعمل الأتراك على ضبط جبهات موضعية محددة في الشمال السوري، كبرهان على استمرار سيطرتهم على جزء من المعارضة المسلحة، وعدم الاكتفاء بلعب دور المتفرج على الاستحقاق السوري المنتظر، من دون القدرة على التأثير في مساراته.
“السفير”

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق