الاثنين، 14 يوليو 2014

تنسيق عالٍ وتقاسم للأدوار: "القسام" و"السرايا" لضرب عمق الكيان الصهيوني

على خلاف الحروب السابقة، لم تظهر المقاومة الفلسطينية طرف ثوبها في العلن، فشوارع قطاع غزة خالية تماما من المقاتلين أصحاب البزات العسكرية وحمَلة أجهزة الاتصال اللاسلكية.
ولعل هذا الأسلوب الذي جرى اعتماده منذ حرب 2012 كان سببا في حجب الأهداف المتعلقة بالمقاومة ومناطق إطلاق الصواريخ ومخازن الأسلحة، عن الدوائر الأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، مع أن الأخيرة حريصة على توجيه ضربة قاسية إلى الفصائل.
ميدانيا، يبدو واضحا أن هناك توزيع أدوار بين الأذرع العسكرية التي تواجه إسرائيل على أكثر من صعيد. وفي الوقت الذي تأخذ فيه حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» على عاتقهما ضرب العمق بالصواريخ المتوسطة المدى تحت مسميين مختلفين (العصف المأكول) و(البنيان المرصوص)، تتحمل الألوية والمجموعات المسلحة الأخرى ضرب غلاف غزة بالقذائف القصيرة المدى، فضلا عن رصد تحركات الاحتلال على الحدود.
صحيح أن غرفة العمليات المشتركة التي من شأنها أن تجمع الفصائل ضمن خطة واحدة للمواجهة غائبة عن الميدان بسبب الظروف الأمنية، لكن هذا، من وجهة نظر عدد من الأذرع العسكرية، لا يؤثر كثيرا في عمل المقاومة بناء على التنسيق غير المباشر.
وتقول المقاومة إنها لجأت إلى إتباع إستراتيجيات جديدة في التعامل مع القوات الإسرائيلية، وفقا لقائد ميداني في كتائب القسام.
وتقوم هذه الإستراتيجية على اعتماد الأنفاق خيارا أساسيا في إطلاق الصواريخ التي تكون قد نصبت ضمن معطيات جغرافية سابقة، «إضافة إلى الاعتماد على الرشقات الصاروخية الكثيفة خلال عملية الإطلاق الواحدة، لضمان تفريغ حمولة القاذف حتى لا تكون مهمة القصف الإسرائيلي عليه غير مجدية بعد أن يُنهي مهمته».
ويشير القائد الميداني إلى أن إطلاق الصواريخ يعتمد على المؤقت الذاتي، «ما يعني أنه لا يتطلب وجود المجاهدين بالقرب منه»، مؤكدا أن تلك التقنيات قللت كثيرا الخسائر في الأرواح بالنسبة إلى المقاومين، في إشارة إلى غياب أخبار عن إحباط إطلاق صواريخ واستشهاد مقاومين في سبيل ذلك، كما كان في الحروب والتصعيدات الماضية.
أما عن التنسيق فيما بين الفصائل، فيذكر القائد في «القسام» أن هناك تواصلا مستمرا بينهم وبين سرايا القدس، «الجهاد الإسلامي» بخصوص القصف البعيد، ملمّحا إلى أن الفصائل الأخرى تتبنى ضرب مستوطنات غلاف غزة بالقذائف القصيرة المدى وصواريخ الغراد.
في غضون ذلك، كشف مصدر عسكري رفيع في «السرايا» أن الاعتماد الكلي في الميدان الآن يقع على عاتق الوحدات الصاروخية، «إضافة إلى وحدات المراقبة المنتشرة على تخوم غزة، التي تعمل بالمناظير الليلية والكاميرات الحساسة تحسبا لدخول فرق كوماندوز بحرية أو قوات برية، وخصوصا منطقتي الشجاعية شرقا وبيت حانون شمالا».
وكشف المصدر أن هناك تنسيقا على مستوى عال بين قيادة «السرايا» و«القسام» من أجل تحديد بنك الأهداف والمناطق التي من المقرر أن تصبح تحت النار داخل إسرائيل، مؤكدا أن هناك مخزونا من الصواريخ يكفي لمواجهة طويلة، رغم محاولات الاحتلال استهداف مناطق محتملة لديه في تخزين الصواريخ.
شيء آخر لا يمكننا المرور عنه دون إشارة، وهو أن كلا من كتائب القسام وسرايا القدس تتمتع بمخزون صاروخي جيد على المدى المتوسط، وذلك نتاج خبرات متراكمة في مجال تصنيع الصواريخ، إضافة إلى الدورات العسكرية التي تلقاها مقاتلوهما، لكن المجموعات الأخرى لا يزيد تسلحها على مستوى القذائف القصيرة المدى.
كذلك، لدى الذراعين مجموعات خاصة على المستوى البري والبحري، وهو ما ظهرت نتائجه خلال الاشتباك الكبير أول من أمس على شاطئ شمال القطاع (منطقة السودانية) الذي امتد ساعتين ونصف ساعة، وبدأته «القسام» ثم ما لبثت «السرايا» أن أعلنت التحاق وحدات منها بالحدث لمساندة الأولى.
ويرى باسم لجان المقاومة الشعبية، أبو مجاهد، أن المقاومة استطاعت إرباك حسابات العدو بإستراتيجيتها الجديدة في المواجهة. مشيدا بالتنسيق الجاري بين الأذرع العسكرية على الأرض، لكنه لفت، في الوقت نفسه، إلى أن التنسيق سيرتقي تلقائيا إلى غرفة عمليات مشتركة إذا جرت العملية البرية.
وأوضح قائلا: «هناك اختلاف بين الحرب البرية والجوية، فالمقاومة في حال الغارات الجوية المكثفة تكون مقتصرة على الوحدات الصاروخية للفصائل، وهي تعمل ضمن آلية محددة، وجهدها في اتجاه واحد متفق عليه سابقا»، مستدركا: «في المعركة البرية تكون هناك مواجهة مباشرة على عدة محاور، تحتاج إلى تنسيق عال وتقدير للموقف، وهذا يحتاج إلى غرفة عمليات مشتركة».
أحمد هادي من غزة
العصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق