بعد ثلاثة آلاف عام لجأ الفلسطينيون إلى الحيلة، فبعد أن استفز رجال المقاومة الدولة العبرية ـ وهم يعرفون حجم قوتها، وقدرتها، وطاقتها، وإمكانياتها ـ أوحوا لها بأنهم ينتظرونها على أطراف البيارات، وفي المناطق الخالية، كما جرت العادة؛ فطالما اقتحم عشرات الشباب المقاوم سياج الموت في المناطق المكشوفة، وهاجموا بصدورهم الدبابات الزاحفة، وكم من مجاهد مدرب، مخلص، أمين، ضحى بحياته مقابل قنص جندي، أو تفجير عبوة، فقد برز للمواجهة وهو يعرف مصيره، وصدره امتلأ حمية عربية، ونخوة إسلامية.
لقد تعلمت المقاومة الفلسطينية الدرس، وعرفت كيف تخادع، فاستدرجت العدو، وكمنت له تحت الأرض، لتفشل من البداية خطة المعتدين في تحديد شاخص إطلاق النار، وليرتبك الجيش الذي هاج، وراح يهاجم البيوت، والمساجد، والمدارس، ويدمر، ويحطم، وفق ما رواه ضباط إسرائيليون في قيادة الألوية التي عملت في القطاع، ومدى استعانتهم بجرافات من نوع [دي 9] التي ازداد الطلب عليها في الحرب، وقد ضغط قادة الألوية بقوة على قيادة الأركان للحصول على المزيد من الجرافات، لتنفيذ عمليات التدمير بحثاً عن الأنفاق.
هذا اعتراف عسكري بأن مهمة الجيش كانت الحفر، والتنقيب، والبحث عن الأنفاق، وفيه الدليل على اشتباه الجيش بوجود رجال المقاومة في كل مكان، والتخيل بأن كل حركة، أو اهتزاز غصن وراءه مقاوم، إن الطلب الزائد على الجرافات لتدمير البيوت، يعني التيه في أرض المعركة، والوقوع في الفخ الذي نصبته المقاومة، ليبدأ الجيش في التخبط، وبالتالي الخبط بآلته العسكرية انتقاماً للفشل. لقد اعترف مصدر عسكري ضليع في التحقيقات لصحيفة "هآرتس": أنه في كثير من الجبهات لحق دمار غير متوازن، سيكون من الصعب تبريره من ناحية عسكرية، ولا من ناحية قانونية إذا ما طلب منا ذلك أمام منظمات دولية.
الاعتراف العسكري الصهيوني بحدوث الدمار غير المتوازن هو الدليل على تصرف الجيش الإسرائيلي غير المتوازن في الميدان، ولهذا كانت [السنزورة] الرقابة العسكرية الصارمة على كل أخبار حرب غزة.
سأضيف جديداً عن التاريخ: كان الفلسطينيون الذين خدعوا "شمشون" يعبدون إلههم [داجون]، أما فلسطينيو اليوم فهم عرب، ويشهدون أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله.
تعليقات القراء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق