الثلاثاء، 14 أبريل 2009
الخاسر: نظام مصر وليس حزب الله ....د. عبد الستار قاسم
إذا كانت أنظمة عربية تخشى حزب الله، وتشعر بالرعب من ازدياد شعبيته في الوطن العربي، وتهاب قوته في مواجهة إسرائيل، فالحل أمامها لا يتمثل بالحرب على حزب الله، أو دعم إسرائيل في مواجهته، وإنما في منافسته على العمل الدؤوب والتميز الأخلاقي والرقي الإنساني والاستعداد لصد العدوان وتحرير الأرض. مواجهة الذين يحملون لواء العزة والكرامة فاشلة تاريخيا، وتأتي عادة بنتائج عكسية على من يقوم بها، وهكذا سيكون شأن أنظمة العرب التي اختارت هذا الطريق، وصممت على السير فيه.
في تاريخ الشعوب، هناك حالات مدّ وجزر. في حالات المدّ، تكتسب الشعوب قوة أخلاقية صلبة بفعل عوامل متعددة على رأسها تميّز قادتها ورقي أدائهم الإنساني وحصافة آرائهم وإصرارهم على التقدم والبناء. وهي بذلك تتمسك بقيم العمل الجماعي والتعاون المتبادل، وتعزز الثقة المتبادلة بين مختلف الناس والجماعات والمؤسسات، ويصبح الصدق والوفاء والالتزام من شيمها البارزة. هكذا تبدأ الأمة بالصعود في مختلف مجالات الحياة، وتستمر في النهوض على الرغم من الظروف القاسية التي يمكن أن تواجهها، وعلى الرغم من أعداء قد يحيطون بها. هذه مرحلة مدّ لها المستقبل، والماضي يصبح بالنسبة لها عبارة عن ذكريات.
أما في حالات الجزر، فالأمة تغرق بالمفاسد الأخلاقية، ويسود الشك علاقاتها الداخلية، وتصبح السرقة والاختلاس والمحاباة والتمييز بين الناس سمات بارزة في نظامها الخلقي. تتدنى الروح المعنوية للناس، وتصبح الأمة عرضة للغزو والاضطهاد والاستغلال، ويمتهن أغلب الناس النفاق والكذب، ويغلب عليهم الجبن وتعزّ الشجاعة.
الدول العربية جميعها بدون استثناء تعيش حالة الجزر التي تنعكس سلبا على التعليم والصحة والذوق العام والأخلاق، وتجعل من الوطن العربي ساحة للغزاة والناهبين والطامعين. هناك قلة من الأنظمة العربية غير مرتاحة لهذا الوضع، لكنها أعجز من أن تتمرد على ذاتها وتقرر تغيير ما هي فيه، وهناك كثرة مرتاحة لهذا الوضع وتعمل على تكريسه، وهي تزداد تخلفا على تخلف، ومهانة على مهانة، وإذلالا على إذلال. هذه الأنظمة الكثرة عبارة عن ألعوبة بيد إسرائيل وأمريكا، وهي تعمل وسيطا رخيصا لجعل الوطن العربي مسرحا للبغاة، وهذا ما نراه في فتح أبواب الوطن ومخادعه لإسرائيل.
أنظمة العرب وعلى رأسها النظام المصري يعيش في الماضي، وهو التجسيد الحقيقي لمرحلة الهزيمة العربية على مختلف المستويات، أما حزب الله فيتطلع نحو المستقبل بخطى ثابتة على الرغم من كل محاولات ضربه وإنهاكه وإخراجه من معادلة الصراع مع العدو الصهيوني. لقد أثبتت سياسته الداخلية على المستوى اللبناني وسياسته في مواجهة إسرائيل نجاعة ونجاحا، وأثبت الحزب أن منهجه يقوم على أسس علمية دقيقة ومدروسة، وهي أسس لم يعتد عليها العربي. اعتاد العربي على كثرة الكلام والخطابات الرنانة والوعود الكاذبة والهزائم، ويجد الآن ان نمطا جديدا على الساحة العربية يتبلور بقيادة حزب الله، وأن في هذا النمط ما يبعث على الأمل.
الصراع الآن على الساحة العربية بين من يرى مستقبله في الماضي، وبين من يرى مستقبله بالخطى الحثيثة نحو الأيام القادمة. لا يوجد في التاريخ حالة واحدة هزم فيها الماضي المستقبل، ولا تغلب أصحاب الخطى الخلفية على أصحاب الخطى الأمامية. قد يسدد المصرّون على التخلف والهزيمة بعض الضربات القاسية للطرف الآخر، لكنهم في النهاية لا يستطيعون الصمود. واضح أن عددا من الأنظمة العربية تفقد صوابها بسبب صمود المقاومة في جنوب لبنان وغزة، وهي تحاول بكل ما أوتيت من قوة إيقاف عجلة التاريخ. لكن التاريخ لا يتوقف.
الشعوب العربية في أغلبها تتطلع نحو السيد حسن نصر الله وحزب الله كنموذج جديد ناجح، ومن الممكن أن ينجح بالمزيد إذا لقي الدعم، أو على الأقل إذا توقفت المؤامرات العربية ضده. هذه الشعوب لا تهمها فكرة السنة والشيعة، وإنما تهمها فقط كرامتها وعزتها المفقودة على مدى سنوات طويلة، وهي مستعدة لتأييد كل من يواجه الاستعمار بكافة أشكاله والاحتلال بكافة أشكاله حتى لو كان حبشيا لا علاقة له بالعروبة. الشعوب العربية لا تنظر بثقة إلى الأنظمة العربية وإنما بشك واستياء ورفض (غير فاعل حتى الآن)، وكل عمل تقوم به ضد حزب الله أو ضد المقاومة العربية عموما هو موضع شك وتساؤل. وإذا كان يظن النظام المصري أن سيحصل على تأييد الشعوب العربية في ملاحقته لحزب الله وحماس وعموم المقاومة العربية فإنه مخطئ تماما.
الأنظمة العربية لا تساعد نفسها بمثل هذه الأعمال التي يقوم بها النظام المصري تحت ادعاء السيادة والكرامة الوطنية، فنحن جميعا نعرف أن السيادة الوطنية العربية مفقودة، ويستطيع أي موظف صغير في البيت الأبيض الأمريكي أن يتحدى رئيس أكبر دولة عربية. على العكس، تكرس هذه الأنظمة النظرة الشعبية العربية، وتؤكد بأنها أنظمة مطواعة لأعداء الأمة. وإذا كانت الأنظمة العربية تخشى ما يسمى بالمدّ الشيعي (علما أن علاقتها بالإسلام واهية، وأنا متأكد من أن قادة العرب من مراكش حتى العراق لا يعرفون الفرق بين السنة والشيعة)، وأنها بأعمالها هذه تحافظ على أهل السنة، فإنني أرى أن أهل الشيعة سيقودون المسلمين بتأييد جماهير السنة. أما إذا كانت الأنظمة تبحث عن مخرج للأمة ككل، فإن عليها أن تتخلى عما هي فيه من تدنّ وانحطاط، وتتبع سياسات جديدة تعبر عن طموحات الناس، وتجعل لآمالهم معنى.
قلوب الشعوب العربية مع غزة وفك الحصار عنها، ولا أرى أن أعمال النظام المصري في تشديد الحصار تستهوي مشاعر الناس. تشديد الحصار يثلج صدر إسرائيل، لكنه يملأ قلوب العرب اشمئزازا ومقتا.
في تاريخ الشعوب، هناك حالات مدّ وجزر. في حالات المدّ، تكتسب الشعوب قوة أخلاقية صلبة بفعل عوامل متعددة على رأسها تميّز قادتها ورقي أدائهم الإنساني وحصافة آرائهم وإصرارهم على التقدم والبناء. وهي بذلك تتمسك بقيم العمل الجماعي والتعاون المتبادل، وتعزز الثقة المتبادلة بين مختلف الناس والجماعات والمؤسسات، ويصبح الصدق والوفاء والالتزام من شيمها البارزة. هكذا تبدأ الأمة بالصعود في مختلف مجالات الحياة، وتستمر في النهوض على الرغم من الظروف القاسية التي يمكن أن تواجهها، وعلى الرغم من أعداء قد يحيطون بها. هذه مرحلة مدّ لها المستقبل، والماضي يصبح بالنسبة لها عبارة عن ذكريات.
أما في حالات الجزر، فالأمة تغرق بالمفاسد الأخلاقية، ويسود الشك علاقاتها الداخلية، وتصبح السرقة والاختلاس والمحاباة والتمييز بين الناس سمات بارزة في نظامها الخلقي. تتدنى الروح المعنوية للناس، وتصبح الأمة عرضة للغزو والاضطهاد والاستغلال، ويمتهن أغلب الناس النفاق والكذب، ويغلب عليهم الجبن وتعزّ الشجاعة.
الدول العربية جميعها بدون استثناء تعيش حالة الجزر التي تنعكس سلبا على التعليم والصحة والذوق العام والأخلاق، وتجعل من الوطن العربي ساحة للغزاة والناهبين والطامعين. هناك قلة من الأنظمة العربية غير مرتاحة لهذا الوضع، لكنها أعجز من أن تتمرد على ذاتها وتقرر تغيير ما هي فيه، وهناك كثرة مرتاحة لهذا الوضع وتعمل على تكريسه، وهي تزداد تخلفا على تخلف، ومهانة على مهانة، وإذلالا على إذلال. هذه الأنظمة الكثرة عبارة عن ألعوبة بيد إسرائيل وأمريكا، وهي تعمل وسيطا رخيصا لجعل الوطن العربي مسرحا للبغاة، وهذا ما نراه في فتح أبواب الوطن ومخادعه لإسرائيل.
أنظمة العرب وعلى رأسها النظام المصري يعيش في الماضي، وهو التجسيد الحقيقي لمرحلة الهزيمة العربية على مختلف المستويات، أما حزب الله فيتطلع نحو المستقبل بخطى ثابتة على الرغم من كل محاولات ضربه وإنهاكه وإخراجه من معادلة الصراع مع العدو الصهيوني. لقد أثبتت سياسته الداخلية على المستوى اللبناني وسياسته في مواجهة إسرائيل نجاعة ونجاحا، وأثبت الحزب أن منهجه يقوم على أسس علمية دقيقة ومدروسة، وهي أسس لم يعتد عليها العربي. اعتاد العربي على كثرة الكلام والخطابات الرنانة والوعود الكاذبة والهزائم، ويجد الآن ان نمطا جديدا على الساحة العربية يتبلور بقيادة حزب الله، وأن في هذا النمط ما يبعث على الأمل.
الصراع الآن على الساحة العربية بين من يرى مستقبله في الماضي، وبين من يرى مستقبله بالخطى الحثيثة نحو الأيام القادمة. لا يوجد في التاريخ حالة واحدة هزم فيها الماضي المستقبل، ولا تغلب أصحاب الخطى الخلفية على أصحاب الخطى الأمامية. قد يسدد المصرّون على التخلف والهزيمة بعض الضربات القاسية للطرف الآخر، لكنهم في النهاية لا يستطيعون الصمود. واضح أن عددا من الأنظمة العربية تفقد صوابها بسبب صمود المقاومة في جنوب لبنان وغزة، وهي تحاول بكل ما أوتيت من قوة إيقاف عجلة التاريخ. لكن التاريخ لا يتوقف.
الشعوب العربية في أغلبها تتطلع نحو السيد حسن نصر الله وحزب الله كنموذج جديد ناجح، ومن الممكن أن ينجح بالمزيد إذا لقي الدعم، أو على الأقل إذا توقفت المؤامرات العربية ضده. هذه الشعوب لا تهمها فكرة السنة والشيعة، وإنما تهمها فقط كرامتها وعزتها المفقودة على مدى سنوات طويلة، وهي مستعدة لتأييد كل من يواجه الاستعمار بكافة أشكاله والاحتلال بكافة أشكاله حتى لو كان حبشيا لا علاقة له بالعروبة. الشعوب العربية لا تنظر بثقة إلى الأنظمة العربية وإنما بشك واستياء ورفض (غير فاعل حتى الآن)، وكل عمل تقوم به ضد حزب الله أو ضد المقاومة العربية عموما هو موضع شك وتساؤل. وإذا كان يظن النظام المصري أن سيحصل على تأييد الشعوب العربية في ملاحقته لحزب الله وحماس وعموم المقاومة العربية فإنه مخطئ تماما.
الأنظمة العربية لا تساعد نفسها بمثل هذه الأعمال التي يقوم بها النظام المصري تحت ادعاء السيادة والكرامة الوطنية، فنحن جميعا نعرف أن السيادة الوطنية العربية مفقودة، ويستطيع أي موظف صغير في البيت الأبيض الأمريكي أن يتحدى رئيس أكبر دولة عربية. على العكس، تكرس هذه الأنظمة النظرة الشعبية العربية، وتؤكد بأنها أنظمة مطواعة لأعداء الأمة. وإذا كانت الأنظمة العربية تخشى ما يسمى بالمدّ الشيعي (علما أن علاقتها بالإسلام واهية، وأنا متأكد من أن قادة العرب من مراكش حتى العراق لا يعرفون الفرق بين السنة والشيعة)، وأنها بأعمالها هذه تحافظ على أهل السنة، فإنني أرى أن أهل الشيعة سيقودون المسلمين بتأييد جماهير السنة. أما إذا كانت الأنظمة تبحث عن مخرج للأمة ككل، فإن عليها أن تتخلى عما هي فيه من تدنّ وانحطاط، وتتبع سياسات جديدة تعبر عن طموحات الناس، وتجعل لآمالهم معنى.
قلوب الشعوب العربية مع غزة وفك الحصار عنها، ولا أرى أن أعمال النظام المصري في تشديد الحصار تستهوي مشاعر الناس. تشديد الحصار يثلج صدر إسرائيل، لكنه يملأ قلوب العرب اشمئزازا ومقتا.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق