الثلاثاء، 14 أبريل 2009
احتلال سيناء! ...صلاح حميدة
اتهم الغزيون وحركة حماس بمحاولة احتلال سيناء، واتخاذها وطناً بديلاً لهم عن فلسطين، عندما اقتحم الغزيون الحدود المصرية الفلسطينية في محاولة منهم لشراء ما يحتاجون من شبه الجزيرة، وما لفت النظر حينها، أن مليون ونصف فلسطيني دخلوا سيناء، ولم تسجل حالة سرقة واحدة عليهم، واشتروا ما يريدون بأضعاف سعره وعادوا أدراجهم إلى سجن قطاع غزة.قبل أيام أجرت إحدى المؤسسات البحثية الإسرائيلية، استطلاعاً في المجتمع الصهيوني، حول تأييد أو رفض إعادة احتلال سيناء، وكانت الغالبية بما يفوق الثمانين بالمئة، تؤيد إعادة احتلالها، عندما قرأت الخبر توقعت أن يتجند كتاب التدخل السريع والنظام المصري لمهاجمة منظمي الاستطلاع والمجتمع الذي استطلعت آراؤه، لعنصريتها واستهانتها بالسيادة المصرية على جزء أصيل من أرض مصر، خاصة وأن لهم سابقة في احتلال هذا الجزء من مصر، وفي ظل حكومة حالية مغالية في العنصرية والعداء لمصر وشعبها ونظامها المتحالف مع إسرائيل أيضاً؟!.مر الخبر مرور الكرام، والظاهر أن النظام المصري قرر التعامل مع الموضوع من باب المثل الفلسطيني الشعبي القائل: (ضرب الحبيب زبيب، وحجاره قطين).في ما يخص سيناء ومصر والفلسطينيين وإسرائيل والصراع، لا يختلف اثنان أن سيناء أصبحت محور الاهتمام لكل العالم تقريباً في الفترة الأخيرة، فسيناء لم تقف على أولويات أحد ولم يهتم بها أحد، وبقيت غارقة في الفقر والجهل والبطالة والإهمال الرسمي، وبقي أهلها ولا زالوا يعاملون على أنهم مواطنون من الدرجة ثانية.بعد انتفاضة الأقصى وحتى اليوم، أصبح عمل أهل سيناء وحياتهم ورزقهم، يعتمد بشكل رئيس على التجارة والتهريب مع المحاصرين في سجن قطاع غزة، ولأول مرة وجد أهالي سيناء أنفسهم أمام فرصة لا تعوض للعمل والكسب، وحتى الثراء، وكانت هذه التجارة والعمل المربح مدفوعاً بدوافع مالية وأخرى وطنية.أفاق النظام المصري على مفاجأة فوز حماس الانتخابي مصدوماً، فيما لم ينم طويلاً بعدها بأرق، حتى نهض فزعاً من سيطرتها على قطاع غزة.عمل هذا النظام كل ما يستطيع لمحاولة تطويع حكام غزة المنتخبين وتدجينهم وجرهم إلى مستنقع ما يسمى مسيرة السلام، ولكن الحكام الجدد لم تنطل عليهم دروس الأخ الأكبر، في محاولاته الحثيثة لاستمالتهم لفعل الفاحشة الوطنية، فاشتدت الحرب والحصار والتضييق، وكلما تعنت الغزيون وتمترسوا حول حقوق الشعب الوطنية الخالصة، زاد الضغط عليهم من الشقيق الأكبر، وبعيداً عن التفصيلات، يزداد الضغط والضرب طردياً، كلما زاد التمسك بالحقوق؟!.أثارت قضية اكتشاف المجموعة التابعة لحزب الله اللبناني الذين كانوا يقدمون الدعم اللوجستي للمقاومة الفلسطينية، لغطاً كبيراً، وحرص النظام على إرفاق الاعلان عنها مع ضجة سياسية وإعلامية كبيرة، بالرغم من مرور أكثر من أربعة أشهر على إلقاء القبض عليهم؟ وقام بتطعيم القضية بالمذهبية وما أطلق عليه(نشر التشيع)، وأثار استغرابي عدم اتهام النظام المصري لحزب الله بالتخطيط لاحتلال سيناء!.دافع الكثيرون عن دعم حزب الله للمقاومة الفلسطينية، وتبنوا وجهة نظره بالكامل، تارة لأن الأصل في هذه الحالات هو تكذيب العميل وتصديق المقاوم، وتارة بتفنيد الرواية المتهالكة للنظام العميل في مصر، ولكن هناك من تساءل عن سر اتهام تلك الخلية ذات اللبناني الواحد بمحاولة (نشر التشيع، وتهديد أمن مصر)؟! ولماذا لم يتهم مباشرة بإسناد المقاومة الفلسطينية؟ فالنظام يحارب التهريب بكل أشكاله إلى غزة منذ فترة، وزادت وتيرة التضييق بعد حرب غزة، ولا يخجل من ذلك، بل يتفاخر به.الهدف الرئيس هو تحطيم كل الحواجز المتبقية بين النظام والمقاومة الفلسطينية، وتقطيع كل الحبال معها، ووضعها تحت ضغط هائل لا يطاق، ولا يتأتى هذا إلا بحجة أمنية ومذهبية تهدد(الأمن القومي) للنظام وليس للبلد وشعبها، وبذلك ستتم كل الموبقات تحت هذه المظلة، وسيبقى المتهمون بدعم المقاومة تحت سيف الاتهام بالتشيع وتهديد أمن مصر بخاصرتها الرخوة سيناء.ولكن لماذا يقوم النظام المصري بكل هذه الأفعال صريحة الخيانة والعمالة، في ظل حكومة من غلاة العنصرية والصهيونية والعداء لمصر وشعبها وحتى نظامها؟ ولم يتورع وزير خارجيتها عن التهديد بقصف السد العالي وإغراق ملايين المصريين، وسب رئيسها(ذي العقل الكبير)أو(الرأس الكبير)؟ولماذا لا يكون التصرف الرسمي المصري بنفس درجة الغلو في العداء تجاه تلك الحكومة التي تحكم شعباً يريد غالبيته إعادة احتلال سيناء؟ ويعلن وزير خارجيتها عن رغبته، بل يدعو لقصف السد العالي؟.هذا الغلو في العداء للمقاومة الفلسطينية، لا يعود فقط لجذورها الإخوانية، وحصر موضوع العداء الرسمي المصري لها بالعداء للإخوان فيه من التسفيه لعقل القارىء الكريم، وبالرغم من أهمية قضية التوريث بالنسبة للنظام، إلا أنها ليست قضية جوهرية، فهؤلاء مجموعة عملاء سيختار سيدهم من بينهم من يخدمه، والذي لن يختار، سيغلق فمه ولن يتحدث بكلمة، ويوجد أمثلة كثيرة حول الموضوع لا داعي لذكرها، فالنظام الرسمي العربي وليس المصري فقط، يرى أنه يرتبط عضوياً بالدولة العبرية، بل يعتبرها حليفة الطبيعي، وتبدو التحالفات في أوضح صورها، ولم تعد خافية، وكل هذه الأطراف الرسمية العربية تعمل الآن بصفة الترابط العضوي مع الاحتلال ومع القوى التي غرسته، وتعتبر هذه الأنظمة أن القوى الحية في الأمة هي عدوتها اللدودة، وتعمل على استئصالها وإبادتها، وترى هذه الاطراف أن أي نموذج ناجح لهذه المقاومة يهدد استقرارها ومستقبلها، ولذلك تعتقد أن عليها المسارعة بالقضاء عليها قبل أن يشتد عودها.ولذلك يلحظ أن عنوان المرحلة الحالية هو دور المخابرات وليس دور السياسيين، فوكلاء الاحتلال الأمريكي والاسرائيلي العرب من المخابرات العربية، ينشطون في فلسطين وسيناء والعراق وأفغانستان والصومال وغيرهما، كله في سبيل رضا أسيادهم عنهم، وخدمة للجسم الذي يمنحهم الحياة السياسية والمالية.المرحلة الحالية والمقبلة، ستشهد محاربة شديدة لاحتلال سيناء، من ضمير المقاومة، وحب المقاومة، ودعم المقاومة، ولكن هل سينجح ذلك في التضييق على المقاومة، نعم سيستطيع التضييق عليها، وهل سيؤذيها ذلك؟ نعم سيؤذيها، ولكنه قطعاً لن يقضي عليها، ولن يفت من عضدها، ولن يجعلها ترضخ وتقاد إلى أوكار العملاء من الرسميين وغير الرسميين العرب.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق