قلت للأستاذ أحمد الكرد: لقد ألقت الوردة الحمراء برأسها فوق صدري في زمنٍ كان يجب أن أكون مقاتلاً، وأن أتزين بالبندقية، فأفردت قلبي لفلسطين بعمل عسكري قبل عشرات السنين، وتحملت ما يتبع ذلك من ضريبة، دون أن أكون عضواً في أي تنظيم، ولا يستطيع أي حزب، أو تنظيم فلسطيني أن يقول: لقد كان كاتب هذا المقال عضواً ضمن صفوفنا، وإنما لقد عملت عسكرياً مع أحد تنظيمات المقاومة التي صادفت، وتحملت المسئولية بأمانة، وهم يشهدون بذلك، ويحترمون الصداقة رغم الانزياح الفكري، والسياسي القائم على الوعي، وعميق التجربة التي تشربتها خلف القضبان قبل أكثر من عشرين عاماً، لألتزم في سجن نفحة الصحراوي مع تنظيم فتح، وأفوز بعد ذلك في انتخابات فتح التي جرت في سجن عسقلان، وثم في سجن غزة، إلى أن تحررت من الأسر، وشاركت مستقلاً في الانتخابات التشريعية سنة 1996، رغم تهديد الحركة بفصل كل مرشح لا يسحب ترشيحه، وحتى تاريخ كتابة هذا المقال حافظت على صداقتي للجميع، واستقلاليتي عنهم، رغم إصرار بعض ضيقي الأفق على بصمة الألوان السياسية، التي تشير بأصبع المزاح إلى امرأة كان لها زوجٌ، فصارت مطلقة.
إن في حياة شعبنا الفلسطيني عشرات الآلاف من قصص الزواج الموثق بالعمل العسكري مع هذا التنظيم، أو التستر على عمل عسكري مع ذاك، أو المشاركة في عمل ما ضد العدو، وقد مر على السجون الإسرائيلية آلاف الرجال الذين ما أن تحرروا من الأسر حتى طلقوا بالثلاثة تنظيمهم الذي وجدوا أنفسهم معه لسنوات طويلة، والأسباب كثيرة؛ منها ما هو ذاتي يعود للشخص، ورغبته في ترك كل أشكال المقاومة، أو موضوعي كالتحولات الفكرية، والسياسية، والتنظيمية، والاجتماعية التي طالت وجدان الشعب، فأضعفت تنظيمات، وشدت من أزر أخرى، ولولا هذا التحول، والحراك في مواقف آلاف الرجال الفلسطينيين لاحتفظت بعض التنظيمات بقوة جماهيرية تفوق ما هي عليه اليوم عشر مرات.
بعض المُطلّقات تكره كل الأزواج، ولا ترغب في تكرار التجربة التي اكتوت من نارها، وبعضهن شقت حياتها مع زوج آخر، بل وانتقلت معه من حياة الحب إلى حياة الالتزام، ومن الانتظار إلى الإقدام، ومن غياب الحضور إلى قوة التأثير، ومع ذلك فما زال يقال في الأوساط السياسية: هذا المجاهد، أو هذا القائد كان ينتمي إلى تنظيم آخر قبل أن يكون رأس حربة في التنظيم الحالي، الذي تكاثر معه، ليصير مفخرة للوطن، ويؤكد أن التنظيمات قميص قد يتمزق إذا اتسع الصدر الفكري للرجال، واشتدت عضلات إدراكهم السياسي..
لقد أطلت البندقية الفلسطينية على المحتفلين في كلمة وزير الزراعة د. محمد الأغا الذي بدا عليه الفرح بما تحقق من تحولٍ، فلولا الرجال الذين حَمَلوا البندقية، وحمّلوها أحلامهم لما تحررت بعض الأرض التي تَحْمِل ُبمشروع تفريخ الأسماك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق