ألغت حركة «حماس» قرار إلزام المحاميات ارتداء الزي الشرعي (الجلباب والمنديل) أثناء مثولهن أمام المحاكم النظامية في قطاع غزة، وبررت الحركة القرار بعدم التزام بعض المحاميات زي المحامين، لكن تهديد نقابة المحامين الفلسطينيين بالإضراب العام واتخاذ إجراءات تصعيدية بمقاطعة المحاكم التي تديرها الحكومة المقالة، في حال طبق قرار فرض ارتداء الحجاب على المحاميات، اجبر الحركة على التراجع عنه، معللة تراجعها بزوال مسببات صدوره.
حين يفرغ الإنسان من قراءة هذا الخبر يتذكر المثل الشعبي «الناس بالناس والعنز بالنفاس»، فحركة «حماس» تجاهلت آثار الحرب على غزة التي خلفت آلاف القتلى والجرحى والمعوقين والمشردين، وتناست شبح المجاعة الذي يهدد أهالي قطاع غزة بموت محقق مع بداية الشتاء، ولم تكترث بتدهور الخدمات الصحية والتعليمية وتدمير المدارس والمستشفيات، لتنشغل بقضايا خلافية، وتضيق على المجتمع، على حساب حياة البشر.
حماس تعيد سيرة حركة «طالبان» على نحو أسوأ، ومثلما تجاهل قادة «طالبان»، بعد الغزو الروسي لأفغانستان، الإبادة الجماعية وانتشار الأمراض والأوبئة وتهجير ملايين البشر من بيوتهم الى العراء ومواجهة آثار الحرب الروسية البشعة، وتفرغوا لملاحقة من يطيل شعر رأسه، أو يستخدم جهاز تلفزيون، أو يسمع أغنية، و يلبس زياً غربياً، فإن «حماس» تمارس التدين والجهاد المغشوشين ذاتهما، وزادت من هموم المواطن الفلسطيني، وتغييب قضيته الأساسية بممارسات تثير الحيرة والغضب.
عمر بن الخطاب أوقف حد السرقة في عام الرمادة، والمسلمون الجدد يساوون بين قضية الحجاب والنقاب، وبين حياة البشر، ومواجهة الاحتلال، وحل الاشكالات السياسية التي أوصلت منطقة غزة الى العزلة والحرمان، فضلاً عن ان «حماس» بهذه القرارات تشكك بنمط الحياة المحافظة التي يعيشها المواطن الفلسطيني، وكأنها تقول للفلسطينيين ان الله سلط عليكم إسرائيل لان بناتكم يجلسن على الشواطئ، ولان بعض المحاميات لم يلتزمن لبس «روب» المحاماة.
ما تقوم به «حماس» من تضييق على الناس جرى في السودان، ويجري في غير بلد عربي، ويبدو ان النظام العربي انتقل من التضييق المعنوي على الناس الى التضييق المادي. لكن، إذا كان الصبر ممكناً على تصرفات بعض الدول التي تفرض على الناس ماذا يأكلون ويلبسون وكيف يفكرون، فإنه يصعب الصبر على هذا السلوك في مجتمع يعيش تحت الاحتلال، ويعاني التشرد والجوع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق