الجمعة، 4 يوليو 2014

معان الأردنية .. ترفع صور بن لادن ورايات «داعش»: «19» مطلوبا يبقون الأعصاب بين الأهالي والدولة «مشدودة» -

معان الأردنية .. ترفع صور بن لادن ورايات «داعش»: «19» مطلوبا يبقون الأعصاب بين الأهالي والدولة «مشدودة» وبحث معمق في تفاصيل الأزمة

بسام البدارين




لا أحد يريد الإنتباه في الأردن إلى أن كلفة «الحملات الأمنية» التي تثير المشاكل والقلق في مدينة معان الجنوبية الصحراوية يمكنها لو تجمعت مع بعضها البعض أن تساهم في تقديم مشاريع تنموية تخفف وطأة الفقر والبطالة والتهميش في المدينة التي إشتهرت برفع صور الشيخ أسامه بن لادن فيها ورايات تنظيم داعش مؤخرا.
ولا أحد في أجهزة القرار والحكومة يريد الإعتراف بأن مشكلة معان في المقام الأول « تنموية وإقتصادية» في المقام الأول وأنه ليس بالضرورة معالجة ملفها الموجع دائما في الحسابات الأمنية فقط بسبب الضرر الإقتصادي البالغ الذي طال سكان هذه المدينة بعد قرار حكومي يخلو من الحكمة بتبديل وتحويل خط النقل الحديدي.

معان وفي الخلفية التاريخية الحديثة كانت تعتمد في رزقها اليومي على عمل اولادها كسائقين على خطوط النقل وعلى عمل بعض تجارها عبر تجارة الحدود مع مدينة تبوك السعودية وقد تجمد العمل في المسارين فيما يبدو لنحو عشرة الاف مواطن دون ان تقدم الحكومة حلولا بديلة فبقيت المدينة في حالة توتر.
معان مدينة صحراوية صغيرة في الأردن وجدت نفسها مجددا تحت حزمة الضوء مرتين في الأسابيع الأخيرة.. الأولى عندما ربطت تقارير إسرائيلية تحديدا بين متشددين من سيناء وصلوا للمدينة وإستضافهم فيها متطرفون من التيار السلفي من أبناء المدينة ، والثانية عندما نظمت فيها ولأول مرة بتاريخ المدن الأردنية مسيرة علنية ترفع رايات تنظيم داعش وهي مسيرة أثارت الكثير من الضجة والجدل.
الأسبوع الماضي تجدد التوتر مجددا في محيط المدينة بعدما أعلن وزير الداخلية حسين المجالي في البرلمان بأن أهالي معان عليهم تسليم «19» مطلوبا أمنيا يتم إطلاق الرصاص على الشرطة كلما خططت لإعتقالهم.
حصلت إصابات وقتل احد المطلوبين أثناء عملية مداهمة وعاد التوتر للمدينة فيما نوقشت تطورات الأحداث في مجلس السياسات وفي مستوى القرار الأمني.
الأهالي سارعوا وعدة مرات لإتهام السلطات الأمنية بالميل لعقوبات الجماعية ضد مدينتهم والعمل على وسمها بالتطرف فيما تشتكي الأوساط الأمنية من أن المدينة هي الوحيدة التي يتم إطلاق الرصاص فيها من كل الإتجاهات على رجال الأمن عندما يطاردون أحد المطلوبين.

السلطات تتحدث عن مطلوبين جنائيين والأهالي يخشون عقوبات سياسية أمنية على المطلوبين من أولادهم ووجود أطراف قادرة على تزويد بعض المراهقين والعاطلين عن العمل بدفعات مالية.
بعد موجة عنف وإضطراب وصدور بيانات متضادة ومتعاكسة إقترح رئيس البرلمان عاطف طراونة تشكيل لجنة وسيطة من النواب والشخصيات تتولى إدارة التفاهم حول نزع فتيل أزمة المطلوبين.
بدأت وفود اهلية تتحرك وإجتماعات عشائر ووجهاء على أمل إيجاد حل لمعضلة المطلوبين الـ 19 الذين تصر السلطات على إعتقالهم دون قيد أو شرط لمحاسبتهم على أفعالهم الجنائية فيما يقول الأهالي بأن هؤلاء قد يتعرضون لإعتداءات أو لمحاكمات غير عادلة في حال السماح بتوقيفهم.
لافت جدا للنظر أن الأهالي وفي الأغلب الأعم لا يريدون تقديم تنازلات قوية فيما لا تريد الحكومة وضع خطة شاملة لمعالجة كل مشكلات معان دفعة واحدة فيما يعمل محرضون بين المساحتين مما يوحي بأن عدة أطراف تريد ان تبقي ملفات هذه المدينة «المرهقة» عالقة لأسباب لا تبدو مفهومة.
وجهة نظر الطراونة كما رددها على مسامع قيادات وطنية ومحلية في معان أمام «القدس العربي» أن العمل لمعالجة وجع هذه المدينة العزيزة على قلوب الأردنيين ينبغي أن يتجاوز لغة الإتهام ويتعامل مع الوقائع والحقائق على الأرض ويقدم معالجة شافية ووافية لكل الملفات.
طراونه يقترح العمل بين خطين متوازيين قوامهما عدم تجاوز القانون لا من قبل اي مواطن في معان ولا من قبل اي رجل أمن والعمل تحت سقف القانون والنظام والدولة بالتوازي مع الإمتناع عن اي محاولة لتوفير «غطاء» من أي نوع للمطلوبين للعدالة والقانون مقابل ضمانات المحاكمة العادلة والنزيهة في القضاء المستقل.
هذه المعالجة لأزمة المطلوبين من أبناء المدينة تبدو هي الأقرب للمنطق لإن الروح العشائرية كما يرى الطروانة معارضة ومعاكسة لكل إنحراف أو جريمة ولا يمكنها التواطؤ مع الوضع الخاطيء وتلك قيمة نبيلة مألوفة في العشائر الأردنية.
أبناء معان في قوات الدرك الأردنية حسب طراونه يداهمون بيوت المطلوبين مع زملاء لهم في كل مدينة ومحافظة أردنية وعدد المطلوبين في اي مدينة أخرى قد يفوق عددهم في معان لكن في المدن الأخرى لا يطلق الرصاص على الدرك وهو يحاول تطبيق القانون وبإمكان الأمن إعتقال اي مطلوب وفي اي مكان او وقت.
في المقابل لابد من ضمانات لإعتقال وتوقيف وتحقيق يلتزم بالمعايير القانونية ولا يعتدي على الموقوفين وينتهي بمحاكمة عادلة تطمئن قلوب الأهالي على أن يحصل ذلك دون إسقاط البعد التنموي والقرارات الحكومية الخاطئة او التي تخفق في معالجة الوضع الإقتصادي في معان.
وجهة نظر طراونه أنه ينبغي أن لا نقبل بإستمرار المعاناة والألم في مدينة عزيزة على الأردنيين مثل معان وتلك مسؤولية كل الأطراف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق