السبت، 27 يوليو 2013
قبل اندلاع الحريق ...فهمي هويدي
بعدما اشتدت الأزمة فى مصر واقتربت لحظة الانفجار. هل حان أوان الانفراج؟
أطرح ذلك التساول مؤملا أن يتحقق القول المأثور: اشتدى أزمة تنفرجى. ولا أعرف إن كانت هناك فرصة لكى تشتد الأزمة بأكثر مما هى عليه الآن أم لا، لأنه بعد نزول الجماهير التى يفترض أن تكون قد فوضت وزير الدفاع فى اتخاذ ما يلزم لمواجهة ما أسماه بالعنف والإرهاب، وأيا كان رأينا فى القيمة القانونية لذلك التفويض، فإن الخطوة المتوقعة بعد ذلك تتمثل فى تفعيل المواجهة والانقضاض على الجموع المؤيدة للدكتور محمد مرسى. وهو ما عبر عنه المستشار الصحفى لرئيس الجمهورية بأنه بداية الحرب ضد الإرهاب. وإذا صح ذلك فإن هذه الخطوة ستكون بداية لإغراق مصر فى بحر من الدماء.
وفى ظل التعبئة الإعلامية الموازية، التى لا تكف عن التحريض والكراهية والانتقام. فإن الأمر لن يقف عند ذلك الحد لأن خطاب الإقصاء والإلغاء لن يقف عند ذلك الحد.
فى مواجهة الأفق المسدود، وحملة الشيطنة والتسميم الراهنة التى تغذى نوازع الانتقام والتصفية يطل ذلك السيناريو المخيف الذى أزعم أن أحدا لن ينجو من آثاره، لا المعارضون والمؤيدون ولا الوطن ذاته.
هذا الخوف أثار فزع شرائح مختلفة من المثقفين الوطنيين فى مصر، الذى ظلوا طوال الأسبوع الماضى على الأقل، يبحثون عن مخرج للأزمة قبل أن يقع الانفجار ويندلع الحريق الكبير. وشاءت المقادير أنه فى حين كانت وسائل الإعلام المصرية تجهز للحريق وتدفع باتجاه الانفجار، فإن أولئك المثقفين ظل شاغلهم طول الوقت هو كيف يمكن إنقاذ الوطن من الكارثة.
لا أستطيع أن أدعى الإحاطة بكل جهود أولئك المثقفين الوطنيين، لكن شاركت فى الأسبوع الماضى فى أربعة لقاءات لهم بالقاهرة شهدها عشرات منهم. ووقعت فى نهاية الأسبوع على أربعة نداءات ومقترحات للحل، أحدها حمل توقيع 14 من أبرز مثقفى مصر. والثانى صدر عن الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء السابق، والثالث أصدره الدكتور محمد سليم العوا المرشح الرئاسى السابق، والرابع أصدرته الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح.
القاسم المشترك بين تلك النداءات يتمثل فيما يلى:
ـ أنها انشغلت بمستقبل الوطن وبالدفاع عن المسار الديمقراطى فى مصر بأكثر من انشغالها بمشكلة الإخوان المسلمين، ومن ثم قدمت الوطن على الجماعة.
ـ أنها حاولت التوفيق بين التغيير الذى حدث فى رأس السلطة وبين مقتضيات الدستور والقانون، بمعنى أنها سعت إلى إيجاد مخرج قانونى لأزمة السلطة الراهنة وشرعيتها القانونية.
ـ أنها انطلقت من التسليم بالأمر الواقع وسعت إلى إخراج الوضع المستجد وتحقيق الهدف الذى ينشده.
من خلال خطوات تهدئ المشاعر الملتهبة وتحفظ السلم الأهلى وتؤسس لدولة القانون.
ـ المسألة الجوهرية فى المساجلات تمثلت فى قيام رئيس الجمهورية بتفويض سلطاته إلى رئيس مؤقت للوزراء، يتم التوافق عليه بين مختلف القوى الوطنية، بحيث يتولى الأخير الإشراف على إجراء الانتخابات البرلمانية التى تأتى بحكومة منتخبة دائمة، تعبر عن موازين القوى فى مصر. وهذه الحكومة تتولى إجراء الانتخابات الرئاسية. وهذا رأى عبرت عنه إحدى المبادرات، فى حين ارتأى آخرون أن تجرى الانتخابات الرئاسية مع البرلمانية فى نفس الوقت. لكنها لم تختلف حول فكرة التفويض الذى يتعين منحه لرئيس الوزراء.
وهذه الفكرة التى أطلقت قبل 48 ساعة اعتمد أصحابها على دستور 2012، الذى نص على أنه فى حالة وجود موانع تعيق عمل رئيس الجمهورية، فإنه يتم تفويض رئيس الوزراء للقيام بمهامه. ومثل هذه الموانع تتوافر فى الظرف الراهن بامتياز.
لا أعرف كيف استقبلت قيادة القوات المسلحة الفكرة، لكننى أعرف أنها تمثل مخرجا كريما من الأزمة، يحقق أهداف انتفاضة 30 يونيو ويحقن الدماء ويحترم الدستور والقانون. ويفتح الباب واسعا لإخماد الحريق الذى يسعى البعض لإشعاله فى ربوع مصر. أعرف أيضا أن التفاهمات السياسية ومن ثم المصالحة ؟؟؟؟؟؟؟ من المرونة من جانب كل طرف. وإذا كان ذلك حاصلا فيما بين الأعداء المتحاربين، فما بالك به حين تكون المصالحة بين الأشقاء. أما إذا تصلب طرف وقرر أن يملى كل ما يريد على الطرف الآخر، فإن المصالحة تفقد معناها، وتتحول إلى رغبة فى الإذعان والإذلال تحتكم إلى القوة وليس إلى القانون فضلا عن العقل والمصلحة. وحين تتكلم القوة تخرس الألسنة وينقطع حبل الكلام. ويخيب أمل الذين راهنوا على الانفراج بعد اشتداد الأزمة.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق