/ يُعتبر وبحقٍ كبيرٍ، المُحلل ناحوم بارنيع، من صحيفة (يديعوت أحرونوت)، من أهّم وأقدر المحللين السياسيين في الدولة العبريّة، ولا يُخفي صنّاع القرار في تل أبيب، أنّ كتاباته تؤثر على قراراتهم كثيرًا، خصوصًا وأنّه يرتبط بالمؤسستين الأمنيّة والسياسيّة في إسرائيل. بارنيع، نشر مقالاً في الصحيفة اعتبر فيه أنّ العدد الكبير من القتلى والجرحى في صفوف الجيش فاجأ صناع القرار في إسرائيل، الذين لم يتوقعوا مقاومة على هذا النحو، وأنّ عدد قتلى الجيش تحول إلى إنجازٍ لحركة حماس، وبشرى سيئة لإسرائيل، ولفت إلى أنّ أيّ تقدم للقوات البريّة لعمق القطاع وداخل المناطق المأهولة بالسكان قد يؤدّي إلى تكبيد الجيش مزيدًا من الخسائر البشريّة والماديّة في الآلات والمعدات العسكريّة، على حدّ تعبيره.
أمّا في التفاصيل، فقالت صحيفة (يديعوت أحرنوت) العبريّة، إنّ المقاومة صمدت وأمسكت بزمام المبادرة بيديها ما يجعل دماء الإسرائيليين تغلي، ويكشف فشل العملية العسكرية التي لم تحقق أي هدف حتى الآن، على حدّ تعبيرها.
من ناحيته انتقد المُحلل السياسيّ المشهور شمعون شيفر، في الصحيفة عينها، ما وصفه فشل جيش الاحتلال باستخدام عنصر المفاجئة منذ انطلاق العدوان على غزة وحتى الآن، ما وضعه في دائرة رد الفعل، على حدّ وصفه.
أمّا مُحلل الشؤون العسكريّة في موقع (YNET)، التابع لصحيفة (يديعوت أحرونوت)، رون بن يشاي فقال إنّ جيش الاحتلال خسر منذ بداية العملية البرية داخل قطاع غزة عددًا من خيرة الضابط من ذوي الرتب العالية المتمرسين بشتى أنواع العمل العسكري الميداني، ومنهم قادة كتائب، وهؤلاء الضابط هم العمود الفقري لسلاح المشاة، على حدّ قوله.
في السياق ذاته، اعترف محللون ومسؤولون إسرائيليون سابقون بضراوة المقاومة التي تبديها كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، بعد اعلان القسام مقتل أكثر من 68 جنديًّا وضابطاً منذ بدء الاجتياح البري قبل أسبوع.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر، قال المحلل العسكريّ في صحيفة (هآرتس)،عاموس هارئيل، قال إنّ إسرائيل تخشى وقف العدوان وليس بيدها انجاز عسكري يُرى مهمًا بقدرٍ كافٍ، لاسيما بعد نجاح المقاتلين في دخول إسرائيل، وتكبيد الجيش خسائر كبيرة في المعركة الشديدة للواء (غولاني) في الشجاعيّة.
أمّا الكاتب الإسرائيلي بن درور يميني فقال في مقالٍ نشره في صحيفة (يديعوت أحرونوت) إنّ الجيش نشر الخراب في غزة، وما تقوم به إسرائيل من سفك للدماء لن يفيدها، وسيؤدي لمزيد من القتال والخسائر في صفوفه، وهي لن تنجح على الأرض دون تحقيق النجاح على جبهة الرأي العام الدوليّ، كما قال.
بدوره قال مراسل الشؤون العسكريّة في (يديعوت أحرونوت)، يوسي يهوشوع :مهمة الجيش في غزة ليست سهلة، فالتقارير الواردة من داخل مناطق القتال تفيد بأنّ المعركة خطيرة ومعقدة، لا يوجد بيت يحيط بالأنفاق غير مفخخ، حتى البيوت التي يبدو مظهرها الخارجي نظيفة، سرعان ما تتحول فخًا مميتًا للجنود، والحل بإزالة تهديد الأنفاق لا يلوح بالأفق.
في صحيفة (معاريف) قال الجنرال في الاحتياط، شلومو غازيت رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق (أمان)، قال إنّه يجب التعاطي مع حماس كدولة تمكنت من بناء جيش منظم بشكل ممتاز، لديها جيش يملك هيئة أركان حرب ذات قدرة مركزيّة فاعلة وقيادة عسكريّة استعدت للحرب بشكل مناسب، وبذلت جهدًا عظيمًا، وجندّت كل قواها، لتكسب الحرب، بتدشين ترسانة هائلة من الصورايخ، ذات مستويات مدى متعددة، تتمكن من الوصول إلى أي بقعة في إسرائيل استنادًا لقدراتها الذاتيّة في التصنيع، وتخطيط عمليات عسكرية ذات طابع هجومي وتنفيذها، داعيًا للتفاوض مع حماس على هدنة طويلة الأمد مقابل رفع الحصار وتحسين الأوضاع الاقتصاديّة في غزة.
أمّا البروفيسور بنحاس عنباري، من مركز بيغن السادات للدراسات الإستراتيجيّة فقال إنّ حماس حصلت على صورة النصر في الحرب الدائرة، ونجاحها بإغلاق سماء إسرائيل أمام الطيران العالمي يُمثّل صورة النصر التي ستظل حاضرة في الوعي الجمعي للفلسطينيين والإسرائيليين، على حدّ وصفه. وقال المُحلل العسكريّ في القناة العاشرة، ألون بن دافيد، إنّ المستوى القيادي في الجيش كان على استعداد لإنهاء العملية البريّة في غزة، لأنّ استمرارها سيتسبب بسقوط المزيد من القتلى والإصابات في الجنود، وستصبح الأمور أصعب وأكثر تعقيداً، وأنّ كتائب القسّام حققت انجازات في الجولة البريّة، وجبت أثمانًا باهظةً من الإسرائيليين.
أمّا المراسل العسكري في القناة العاشرة، أور هيلر، فقال إنّه من الصعب جدًا على الجيش أن يبادر للمفاجأة، لأنّه تدحرج لهذه المعركة، ومن الصعب عليه أنْ يخلق ضربة بداية صادمة، ودخل إلى القطاع في صدمة، لافتًا إلى أنّ هنالك جدال داخل الجيش حول جدوى العمليّة العسكريّة، ومدى الاستفادة منها على أرض الميدان، أو في معترك السياسة، على حدّ قوله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق