وأكد كاميرون، في مداخلة أمام النواب، «اقتناعه بان النظام السوري شن هجوما كيميائيا في 21 آب»، لكنه اقر بان مسؤولية السلطات السورية «غير مؤكدة بنسبة مئة في المئة». وخاطب النواب قائلا «عليكم اتخاذ قرار والرد على جريمة حرب» عبر الموافقة على مذكرة حكومية تجيز مبدأ التدخل العسكري في سوريا.
وأضاف «ليس المطلوب أن نكون طرفا في النزاع، ليس الأمر اجتياحا، ليس الأمر تغييرا للنظام أو حتى العمل في شكل أوثق مع المعارضة (السورية)، انه استخدام واسع النطاق لأسلحة كيميائية ورد من جانبنا على جريمة حرب لا أكثر".
وعما إذا كانت بريطانيا ستتحرك إذا كانت هناك معارضة قوية داخل الأمم المتحدة، قال كاميرون «لا يمكن التفكير في المضي قدما إذا كانت هناك معارضة كاسحة داخل مجلس الأمن الدولي». وأضاف «في العام 2003 (غزو العراق) أوروبا كانت منقسمة والجامعة العربية عارضت الحرب على العراق، لكن الآن أوروبا متوافقة كما الجامعة العربية على مهاجمة سوريا». وتابع «علينا أن نبقى ملتزمين بإنهاء الأزمة في سوريا عن طريق الحل السياسي".
والمذكرة الحكومية التي رفعها كاميرون إلى مجلس العموم للتصويت عليها تدين «استخدام أسلحة كيميائية في سوريا في 21 آب من جانب نظام (بشار) الأسد، الأمر الذي يتطلب ردا إنسانيا قويا من جانب المجتمع الدولي، قد يستدعي عند الضرورة عملا عسكريا يكون قانونيا ومتكافئا ويهدف إلى إنقاذ حياة الناس ويمنع أي استخدام مقبل لأسلحة كيميائية في سوريا".
وقال هولاند «يجب بذل كل شيء من اجل حل سياسي، لكن ذلك لن يتحقق إلا إذا كان الائتلاف ـ وجيشه خصوصا ـ قادرا على الظهور في موقع بديل وإذا كانت الأسرة الدولية قادرة على وضع حد لتصاعد العنف الذي لم تكن المجزرة الكيميائية سوى تصوير له". وقد لاقى تصريح هولاند، وتحديدا حديثه عن"جيش الائتلاف"، سخرية مرة في أوساط الإعلاميين الفرنسيين ، بالنظر لأن الجميع يعرف أن "جيش الإئتلاف" ليس في واقع الحال سوى " جبهة النصرة" و"دولة العراق والشام الإسلامية"( جناحي "القاعدة" في سوريا)، إلا إذا كان يعني "أرطة الزعران" الذين يقودهم سليم إدريس تحت اسم "الجيش الحر"، فهؤلاء ـ وكما يقال في اللهجة الدارجة في بلادنا ـ ليسوا أكثر من"قردين وحارس"!
وكان هولاند أكثر حذرا مما كان عليه قبل أيام حين أدلى بتصريحات قال فيها "إن فرنسا مستعدة لمعاقبة المسؤولين عن الهجوم الكيميائي." وقال إن فرنسا «ستقدم كل مساعدتها وكل دعمها السياسي إنما كذلك كل مساعدتها الإنسانية والمادية إلى الائتلاف»، لكنه لم يذكر زيادة «الدعم العسكري للائتلاف".
من جهته، قال الجربا ، الذي تحول حديثه إلى موضوع للتفكه والشتائم المقذعة والسخرية المرة حتى من قبل أنصار"الائتلاف" بعد أن بدا كما "الطرطور" و"كركوز"، إن «هذه الجريمة (الهجوم الكيميائي) يجب ألا تبقى من دون عقاب»، مؤكدا أن «عقابا سينزل بالأسد وآلة القتل التي يديرها». وكان أعلن، في مقابلة مع صحيفة «لو باريزيان» الفرنسية نشرت قبل اللقاء، أن على «الغربيين أن يضربوا نظام بشار الأسد وان يحيلوه على المحكمة الجنائية الدولية".
وأعلنت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية نجاة فالو بلقاسم أن على المجتمع الدولي «أن يجد ردا ينسجم مع الوضع»، مضيفة انه «من المعقد بناء» مثل هذا الرد على النظام السوري. وأوضحت انه «ينبغي الحصول على انضمام عدة حلفاء وعدة شركاء، وهو ما نسعى لتحقيقه في مجلس الأمن الدولي»، مشيرة إلى أن بين أعضاء مجلس الأمن «دولا مثل الصين وروسيا تطرح عددا من المصاعب». وتابعت «من المهم للغاية للأسرة الدولية في حال تدخلت أن تفعل ذلك في ظروف تسمح للبلد في ما بعد بالنهوض مجددا".
وإذا كان يوم الاربعاء ميزته لهجة التحدي الإيراني العالية النبرة، فإن الاهتمام توجه امس نحو الكونغرس الاميركي ومجلس العموم البريطاني، بعدما فرضا على حكومتي باراك اوباما وديفيد كاميرون الاستجابة للأسئلة المتزايدة في البلدين بشأن جدوى الحرب ومدى جدية الاتهامات التي استندت عليها الحكومتان من اجل السعي الى تشريع الحملة العسكرية المتوقعة ضد سوريا. وفي هذا الإطار، رفض البرلمان البريطاني في ساعة متأخرة من ليل امس، التدخل العسكري في سوريا في عملية تصويت «رمزية» نال فيها المعارضون للحرب 285 صوتاً مقابل 272 أيّدوا الحرب.
كما كان من اللافت أنه بينما أقرت كل من واشنطن ولندن بأنه لا وجود لـ«أدلة قاطعة» بشأن الهجوم الكيميائي في غوطة دمشق في 21 آب الحالي، فإن الحشود العسكرية تواصلت استعداداً للحرب التي تدور تكهنات بأنها صارت وشيكة، بعد خروج المفتشين الدوليين المفترض غداً من سوريا، وبعد إعلان اسرائيل طلبها من المجالس المحلية استكمال استعداداتها للوضع الطارئ قبل يوم الاثنين المقبل، في وقت طلب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الدول الغربية على عدم شنّ عدوان على سوريا حتى يُقدم المحققون الدوليون نتائج بحثهم إليه وأعضاء مجلس الأمن الدولي.
وفي مؤشر على تواصل الخلاف بين الدول الكبرى حول مشروع القرار البريطاني الذي يدعو الى تدخل عسكري في سوريا، جرت مشاورات جديدة، دعت اليها روسيا، بين مندوبي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، لم تدم سوى 45 دقيقة. وكان سفراء الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا اجتمعوا، امس الاول، من دون أن يتوافقوا على مشروع قرار يجيز تدخلاً عسكرياً في سوريا مع استمرار تمسك موسكو وبكين بموقفهما المعارض.
وبدأ حجم الحشود العسكرية وطبيعتها تحضيراً للعدوان على سوريا يُظهر شيئاً فشيئاً شكل العمل العسكري الذي تنوي القوى الغربية القيام به، حيث أرسلت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا المزيد من القطع الحربية إلى المنطقة، في حين أرسلت روسيا سفينتين حربيتين يعتقد أنهما قد تؤديان دوراً وقائياً في عمليات الإنذار المبكر.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، أمس، إن الولايات المتحدة سترسل مدمرة إلى قبالة السواحل السورية ما يرفع عدد السفن الحربية الأميركية في شرق المتوسط إلى خمس. وذكرت صحيفة «لوبوان» أن فرنسا أرسلت الفرقاطة «شيفاليه بول» الحديثة لتنضمّ إلى حشد القوات الغربية التي تستعدّ لضرب سوريا. وقال متحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية إن بلاده سترسل ست طائرات من سلاح الجو إلى قبرص، مضيفاً إن الطائرات، وهي من طراز «تايفون» الاعتراضية، ستنشر في قاعدة «أكروتيري» البريطانية في قبرص.
"لا أدلة أميركية دامغة"
ونقلت وكالة «اسوشييتد برس» عن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية قولهم "إن الاستخبارات الأميركية لا تملك دليلاً قاطعاً يربط بين الرئيس السوري بشار الاسد او الدائرة الضيقة حوله بالهجوم المزعوم بالاسلحة الكيميائية في غوطة دمشق"، مشيرين الى انه "لا يزال هناك اسئلة حول من يتحكم ببعض مخازن الاسلحة الكيميائية السورية وشكوك بشأن ما اذا كان الرئيس السوري أمر بالهجوم".
وأشار المسؤولون إلى ان تقريراً قدم إلى رئاسة الاستخبارات يرجح ان تكون القوات السورية مسؤولة عن الهجوم، لكنه يتحدث عن ثغرات. وقال مسؤول رفيع المستوى في الاستخبارات و3 مسؤولين آخرين اطلعوا على تقرير للاستخبارات قدم الى البيت الابيض انه خلال الأشهر الستة الماضية، والتي تمت خلالها تغيرات كثيرة على الأرض، لم يعد عملاء الولايات المتحدة والحلفاء يعرفون مَن يسيطر على بعض الاسلحة الكيميائية، بالاضافة الى ان المكالمة الهاتفية التي تم اعتراضها كانت بين مسؤولين من رتب منخفضة، ولا يوجد أي دليل مباشر يربط بين الهجوم الكيميائي والدائرة الضيقة للأسد او حتى مسؤول عسكري رفيع المستوى.
واوضح المسؤولون انه، وفي حين ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري اعتبر، الاثنين الماضي، ان الحكومة السورية تقف «بشكل أكيد» خلف الهجوم، فإن مسؤولي الاستخبارات غير متأكدين بشكل كامل من أن الهجوم تم بناء على أوامر الأسد، او ان القوات السورية هي مَن شنته.
وأكد البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما سيتخذ قراراً بشأن كيفية الرد على استخدام أسلحة كيميائية في سوريا بناء على مصالح الأمن القومي الأميركية.
وأشار المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست إلى تعليقات مسؤول بريطاني رفيع المستوى قال إن الولايات المتحدة يمكن أن تتخذ قرارات بشأن السياسة الخارجية من تلقاء نفسها، ومن دون موافقة الكونغرس الاميركي.
وأعلن أن الولايات المتحدة ستقدم التبرير القانوني لأي استجابة لاستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا إذا لزم الأمر بمجرد أن يقرر أوباما كيفية المضي قدماً. وقال «عندما يصل الرئيس إلى رأي حاسم بشأن الاستجابة المناسبة، وعندما يتطلب الأمر تبريراً قانونياً لتأكيد القرار أو دعمه فسنقدّمه من تلقاء أنفسنا»، برغم انه اشار الى انه «ما من أدلة دامغة حتى الآن على تورط النظام السوري في استخدام السلاح الكيميائي في الغوطة".
وكرر أن أي رد أميركي سيكون محدوداً، ورفض المقارنات مع الغزو الأميركي للعراق. وقال «ما نتحدث عنه هنا هو رد محدود ومحدد جداً»، مضيفاً إن «واشنطن لا تبحث عن تغيير النظام السوري بل عن رد على استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين".
وأشار إرنست الى ان دولاً عربية وقادة العالم اعربوا عن غضبهم من الهجوم الكيميائي ويريدون رداً عليه. وأضاف «رأي قادة العالم الآخرين في هذا الوضع مهم». وقال إن «الرئيس تحادث هاتفياً مع المستشارة (الالمانية انجيلا) ميركل. وهذا يأتي في اطار الاتصالات المتواصلة التي يجريها الرئيس بشأن الوضع في سوريا".
وأعلن أن الادارة الاميركية لا تزال مصمّمة على كشف تفاصيل تقرير الاستخـــبارات الذي يظهر لماذا واشنطن متأكدة من ان «الحكومة السورية تقف وراء استخدام السلاح الكيميائي".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق