الاثنين، 26 أغسطس 2013

غارات وشيكة ضد سوريا خارج مظلة مجلس الأمن

مع تصاعد الأزمة السورية وانفتاح جبهات "الخيارات المفتوحة" التي تتصدرها "طبول الحرب" بمشاركة دولية، ووسط تقارير عن اقتراب الغارات الجوية وتعهدات أميركية - بريطانية بعمل عسكري وشيك بعيداً عن مظلة مجلس الأمن... تواصل "إيلاف" رصدها للتطورات من العواصم القريبة من دمشق والبعيدة عنها حيث تصاغ القرارات وتتواصل الاتصالات والمشاورات.

تتواصل في الأردن اجتماعات "خارج العاصمة عمّان" تضم رؤساء هيئات الاركان لجيوش عشر دول، منها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، حيث بدأت مساء الأحد على عشاء عمل تمهيدي وتواصلت الاثنين. 
 
والاجتماع الذي يجري الاعداد له منذ شهرين سيكون الثالث الذي يعقده قادة الجيوش هذا العام بشأن سوريا، لكن الاجتماع نال أهمية جديدة بعد تقارير عن هجوم بأسلحة كيميائية قرب دمشق الأسبوع الماضي أدى إلى مقتل المئات.
ويشارك في الاجتماع قادة جيوش الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا وإيطاليا والأردن بالإضافة إلى قادة جيوش كل من تركيا التي يمتد الصراع إلى حدودها، والسعودية وقطر اللتين تدعمان المعارضة السورية.
وقال مصدر عسكري "يأتي الاجتماع في إطار استمرار التنسيق الأمني والعسكري والسياسي الجاري لتقييم الأحداث الجارية في سوريا وانعكاساتها على الأمن في المنطقة بشكل عام".
سيناريوهات الكيميائي
وكان وزير الخارجية الأردني ناصر جودة قال الأحد في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري نبيل فهمي في عمان إنه "سيكون هناك حديث شامل عن كل السيناريوهات المتعلقة بسورية خلال الاجتماع"، مشيرا إلى أن "الاجتماع سيتعامل مع تطورات الموقف في سوريا بعد استخدام الكيميائي في الغوطة الأربعاء الماضي".
وعبر جودة عن قلق الاردن من سيناريوهات استخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا، مشيرا الى ان الاردن جاهز في التعامل مع هذا السيناريو. وشدد على أنه "لا أحد يستطيع تجاهل التطورات الأخيرة في الأيام القليلة الماضية وسقوط أكثر من ألف ضحية نتيجة استخدام الغازات والسلاح الكيميائي".
وحول ما اذا كانت هناك نية لتدخل عسكري في سوريا في ضوء الاجتماع العسكري الذي سيستضيفه الأردن، قال جوده "لطالمنا حذرنا من موضوع استخدام الأسلحة غير التقليدية وخاصة الكيميائية... ونحن دولة مجاورة لسوريا وموقفنا في ما يتعلق باستخدام الاسلحة الكيميائية واضح وتم التعبير عن أكثر من مرة خلال العامين الماضيين".
تصريحات هيغ
وإلى ذلك، قطع رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون اجازته الصيفية وعاد الى لندن ليرأس اجتماعا عاجلا لمجلس الامن القومي البريطاني، وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ يوم الاثنين انه من الممكن الرد على استخدام اسلحة كيميائية في سوريا دون موافقة مجلس الامن التابع للامم المتحدة بالاجماع.
ويزور مفتشو الامم المتحدة يوم الاثنين موقع هجوم مزعوم بالاسلحة الكيميائية قتل مئات الاشخاص الاسبوع الماضي لكن بريطانيا والولايات المتحدة أوضحتا أنهما تعتقدان ان السماح بدخول الموقع جاء متأخرا للغاية وان الحكومة السورية هي التي وراء الهجوم.
وقال هيغ لراديو هيئة الاذاعة البريطانية "هل من الممكن الرد على الاسلحة الكيميائية في غياب اتحاد كامل بمجلس الامن التابع للامم المتحدة؟ سأقول نعم والا فإن الرد على مثل هذه الجرائم المروعة قد يكون مستحيلا ولا اعتقد ان هذا موقف مقبول".
وكانت بريطانيا ضمن الحكومات الغربية الرئيسة التي دعت الى القيام برد دولي قوي على الهجوم الكيميائي المزعوم. وقال هيغ "مجلس الامن التابع للأمم المتحدة..... ليس متحدا بشأن سوريا ولم يضطلع بالمسؤوليات التي يتحملها بشأن سوريا... صراحة... والا كانت ستصبح هناك فرصة أفضل لانهاء الصراع منذ وقت طويل مضى".
وكان مجلس الامن عاجزا بسبب معارضة دول لها حق النقض (الفيتو) وهما روسيا والصين لاتخاذ أي اجراء صارم. وأضاف هيغ "أيا كان ما سنفعله فانه سيكون وفقا للقانون الدولي وسيستند الى مشورة قانونية لمجلس الأمن الدولي وللحكومة.
كلام أوغلو
وفي اسطنبول، قال وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو يوم الاثنين ان بلاده ستنضم الى اي تحالف ضد سوريا حتى اذا لم يتسن التوصل الى توافق أوسع في الآراء في مجلس الامن التابع للامم المتحدة.
وقال لصحيفة ميليت "دائما ما نعطي أولوية للتحرك مع المجتمع الدولي بقرارات من الامم المتحدة. لكن اذا لم يتبلور مثل هذا القرار في مجلس الامن التابع للامم المتحدة فإن بدائل أخرى.....ستدخل في الاجندة". واستطرد "حاليا هناك 36 او 37 دولة تبحث هذه البدائل. اذا تشكل تحالف ضد سوريا في هذه العملية ستأخذ تركيا مكانها في هذا التحالف".
وكانت تركيا من أشد منتقدي الرئيس السوري بشار الاسد خلال الصراع المندلع في بلاده منذ عامين ونصف العام وتستضيف نصف مليون لاجئ سوري كما تسمح للمعارضة السورية بتنظيم صفوفها على اراضيها.
وانتقدت تركيا عضو حلف شمال الاطلسي المجتمع الدولي لعدم اتخاذه موقفا حاسما. ولم يستطع مجلس الامن الدولي اتخاذ اي موقف نتيجة لرفض روسيا والصين وهما من الاعضاء دائمي العضوية اتخاذ اي تحرك قاطع.
وقال داود اوغلو "من البداية قالت تركيا ان المجتمع الدولي يجب الا يقف ساكنا في وجه المذابح التي يرتكبها نظام الاسد". واستطرد "ترك الزعماء والنظم التي تلجأ الى مثل هذه الممارسات دون عقاب يقوض سلاح الردع لدى المجتمع الدولي. من يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية يجب قطعا ان يعاقب".
غارات وشيكة
وفي متابعة حثيثة ومركزة منها على الملف السوري وآخر تطوراته المرتبطة باتهام الحكومة السورية باستخدام اسلحة كيميائية ضد المدنيين، كتبت صحيفة (إندبندنت) البريطانية تقريرا تحت عنوان "سوريا :الغارات الجوية تقترب وبريطانيا وأميركا تتعهدان بعمل عسكري خلال أسبوعين".
وتقول الصحيفة إن "مأساة استخدام السلاح الكيميائي في دمشق تمثل نقطة تحول لكل من أوباما وكاميرون وهولاند". وتتابع: إن دولا غربية بينها بريطانيا تعتزم القيام بعمل عسكري بشكل انفرادي ضد نظام بشار خلال أسبوعين كنوع من الرد على "استخدامه" السلاح الكيميائي ضد المدنيين العزل.
محادثة أوباما - كاميرون
وتشير إندبندانت إلى المحادثة الهاتفية التى جرت خلال اليومين الماضيين بين رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وكل من الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وناقشوا خلالها شن غارات صاروخية وجوية ضد عدد من الأهداف الاستراتيجية للنظام السوري.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الحكومة البريطانية قولهم إن كلا من لندن وواشنطن وباريس لم يستبعدوا اللجوء لمنظمة الأمم المتحدة لاستصدار قرار دولي يتيح التدخل العسكري في سوريا، لكنهم أيضا اتفقوا على ضرورة الاستعداد للقيام بذلك بشكل منفرد في حال تعذر استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي.
وللتأكيد على قراءتها تنقل الجريدة تصريحات أدلى بها ويليام هيغ وزير الخارجية البريطاني قال فيها "لا يمكن في القرن الحادي والعشرين أن يتم التسامح مع قيام جهة ما بهجوم كيميائي ثم يمر الموقف دون أن تتحمل العواقب".
هجوم لن يمر
ونقلت الجريدة أيضا عن مصدر في رئاسة الوزراء البريطانية لم تذكر اسمه تصريحا قال فيه "ننوي أن نوضح أن هذا الهجوم بهذا الشكل لن يمر دون عواقب وخيمة". وأضاف المصدر للجريدة أن محادثات هاتفية سيقوم بها كاميرون خلال الساعات المقبلة مع قادة دول غربية عدة، منها واشنطن، لمناقشة الخيارات المتاحة على المستويات كافة.
وتختم الجريدة مقالها بالإشارة إلى التصريحات التي صدرت عن مجلس العموم البريطاني يطالب فيها رئيس الوزراء بعدم الإقدام على أي عمل عسكري من أي نوع دون الرجوع إليه.
 ونشرت تعليقا لأحد المسؤولين في الحكومة قال فيه إن رئيس الوزراء كان حريصا دوما على إطلاع المجلس على المستجدات، وأنه يتفهم حقه في مناقشة كل الأمور، لكنه في الوقت نفسه يتمسك بحق الحكومة في التصرف واتخاذ القرارات وردود الفعل.
ثلاثة أسئلة
من جهتها، تناولت صحيفة (فاينانشيال تايمز) اللندنية الملف السوري أيضا في مقال بعنوان "3 أسئلة على الطريق لضرب سوريا". وتقول الصحيفة إنه على الولايات المتحدة وحلفائها أن يعثروا على إجابات لثلاث أسئلة مهمة قبل اتخاذ قرار بتوجيه ضربات عسكرية للنظام السوري.
وتصف قائلة إن الموقف الغربي حيال سوريا خلال العامين والنصف الماضيين بأنه مترو لكن خلال الأيام الأخيرة تغير الوضع بشكل كبير إزاء القيام بعمل ما للرد على ما قيل إنه هجوم بسلاح كيميائي شرقي العاصمة دمشق، لكنها تنصح الدول الغربية بالنظر في إجابات 3 أسئلة مهمة.
- السؤال الأول هو "كم من الوقت ينبغي على الغرب أن ينتظر أدلة حاسمة على استخدام نظام الأسد السلاح الكيميائي ضد المدنيين؟. وتوضح الجريدة أن واشنطن دخلت في حرب كلامية مع النظام السوري حول واقعة الغوطة حيث "ماطل" الأسد في السماح للمراقبين الدوليين بالوصول إلى الموقع لترد واشنطن بأن ذلك كان يهدف إلى طمس الأدلة الموجودة على استخدام السلاح الكيميائي.
وهو موقف تشبهه الجريدة بموقف واشنطن ولندن من وفد المفتشين الدوليين على أسلحة الدمار الشامل في العراق إبان فترة حكم الرئيس السابق صدام حسين حيث تعجلت الحكومتان اتخاذ إجراء عسكري بينما كان وفد التفتيش يطالب بالمزيد من الوقت للعثور على أدلة دامغة، وهو الخطأ الذي ينبغي عدم تكراره حسب الجريدة.
مظلة الامم المتحدة
- السؤال الثاني هو مدى قدرة واشنطن وحلفائها على القيام بعمل عسكري خارج مظلة الأمم المتحدة حيث ترى الجريدة أن الموقف مشابه لما حدث مع العراق أيضا وما حدث من قيام الولايات المتحدة وحلفائها بشن غارات جوية على صربيا عام 1998 دون تفويض من الأمم المتحدة.
وتقول فايننشال تايمز إن الإدارة الأميركية وحلفاءها في تلك الفترة قالوا إنهم لا يحتاجون تفويضا لحماية المدنيين من جرائم الحرب لكن يرى الكثيرون الآن أن تلك الغارات لم تكن مبررة وهو الخطأ الذي لا ترغب في تكراره القوى الغربية الآن مع سوريا.
- السؤال الثالث هو ما طبيعة العمل لعسكري الذي تخطط له واشنطن وما أهدافه؟
وتقول الجريدة إن قادة الجيوش في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا أعلنوا أنهم لا يريدون توريط جنودهم في معارك برية مع قوات المعارضة السورية لأنهم ببساطة لا يرون في أي منها قوة قادرة على شغل فراغ السلطة المتوقع حدوثه في حال سقوط نظام الأسد.
ردع الأسد
لكن في الوقت نفسه ترغب واشنطن ولندن في القيام بعمل عسكري يمثل ردعا للأسد ويقدم مثالا حيا على أن العالم الغربي لن يسمح باستخدام الأسلحة الكيميائي لتتحول إلى نمط معتاد في الحروب المقبلة.
وتخلص الجريدة إلى أن العمل المطلوب ليكون حلا وسطا هو غارات مكثفة بالطائرات والصواريخ على بعض الأهداف الاستراتيجية للجيش النظامي السوري موضحة أن واشنطن ولندن تدركان جيدا أنهما إذا لم تتخذا إجراء حاسما ضد الأسد فإنه سيواصل استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين بشكل أوسع وهو الأمر الذي لا يمكن أن يسمح به العالم الغربي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق