وكتب يسساخروف: خطاب رئيس الدائرة السياسية لحركة حماس، خالد مشعل، يوم أمس، الأربعاء، في قطر لا يبشر بالخير. فمشعل قال -بكلمة أو بأخرى- بأنه لا وجود للنور في نهاية النفق، وما يمكن فهمه من حديثه أن القتال سيتواصل كما يبدو لزمن طويل.
وأضاف: الموقف الذي عبر عنه مشعل يوم أمس هو قاطع وواضح ومقبول بالنسبة لكل التيارات داخل حماس، ومفاده أنه لن يكون وقف إطلاق نار دون إزالة كاملة للحصار على القطاع.
ويتابع: هذا الواقع ليس سهلا بالنسبة لإسرائيل. وهناك في الأوساط السياسية والأمنية أمل بأن توقف حماس إطلاق النار وتخضع أو تليّن مطالبها.
لكن هذه الصورة لا تمثل الواقع، إذ إن الحركة تصر على مواقفها وتوضح أنها ستواصل القتال إلى أن توافق مصر وإسرائيل على مطالبها الستة التي طرحها، من ضمنها رفع الحصار، فبعد الثمن الباهظ الذي دفعته غزة تطالب السكان بتحقيق إنجاز حقيقي ولن يعود إلى الواقع الذي سبق الحرب.
وتابع: حماس لم تتضرر بشكل جدي، ولا يحدق يها خطر وجودي يدفعها لقبول الحل الوسط أو الخضوع. فالقيادة السياسية والعسكرية لم تصب، وينجح ناشطوها بإلحاق أضرار بجنود الجيش، ولا زالت قدرة حماس الصاروخية قائمة رغم أنها ضعفت قليلا.
وأضاف: "من هنا على الجمهور الإسرائيلي وقيادته أن يدركوا بأن هذه الحرب يمكن تستمر لوقت طويل. وفي غضون ذلك سيواصل الجيش في الأيام القريبة عملياته داخل القطاع من أجل تدمير الأنفاق، لكن السؤال ماذا سيحصل في اليوم التالي؟".
وتابع قائلا: ستضطر إسرائيل، على ما يبدو، لأن تختار قريبا بين عدة خيارات ليست سهلة. أحد الاحتمالات هي التمسك بالمواقع الحالية داخل القطاع، لكن دون تعميق التوغل. وهذا الاحتمال يعني المراوحة في بالمكان، وتعرض القوات لهجمات دون تحقيق شيء، لكن لا يبدو أنه يوجد أحد في المستوى السياسي يرغب في ذلك.
وتابع: الخياران الآخران يبدوان معقولان أكثر: الأول توسيع العمليات البرية للحسم أو إخضاع حماس، إلا أن عملية من هذا النوع ستنطوي على عشرات الجنود القتلى وعلى تخبط طويل ودامي في القطاع.
الاحتمال الثاني هو الانسحاب أحادي الجانب من القطاع، والإعلان عن وقف إطلاق نار، بشكل يشبه نهاية حملة "الرصاص المصبوب"، وذلك على أمل أن يفهم الطرف الآخر أن عليه وقف إطلاق النار.
وأوضح: في الوقت الراهن يبدو هذا الخيار معقولا، لكنه ينطوي على مشكلة واحدة: من غير الواضح إذا ما كانت حماس ستوافق على ذلك. فقد تواصل إطلاق القذائف حتى لو انسحبت قوات الجيش، وتحاول جر إٍسرائيل إلى حرب استنزاف.
إضافة إلى ذلك، فإن هذا الخيار لن يحل شيئا، وحماس ستعود لبناء الأنفاق والتسلح بالقذائف الصاروخية طويلة المدى والتي يمكنها أن تجبي ثمنا باهظا من إسرائيل في المواجهة القادمة.
وتابع: قد يخرج هذا القرار إلى حيز التنفيذ في الأيام القريبة، ويترافق مع إعلان حول هدنة إنسانية. فبعد استنفاذ العمليات في الأنفاق، ربما خلال يومين أو ثلاثة تعلن إسرائيل إنهاء العملية البرية، وعشية عيد الفطر الذي يبدأ يوم الاثنين تعلن عن هدنة إنسانية.
لكن هل يمكن أن تعود حماس بعد عدة أيام من التهدئة إلى مواصلة الإطلاق؟ الجواب هو نعم، لكن ذلك لن يكون سهلا بالنسبة لها.
ويضيف: حينما سئل مشعل يوم أمس عن إمكانية أن تعلن إسرائيل عن وقف إطلاق نار أحادي الجانب، لم ينف ذلك بشكل قاطع، وقال إن كل شيء سيبحث في وقته.
وأبدى مشعل ثقة عالية بالنفس، وأوضح بأنه ليس غزة فقط الواقعة تحت الحصار، بل إسرائيل أيضا، وذلك في ظل توقف رحلات الطيران (التي تجددت اليوم). كما رفض مطلقا فكرة نزع سلاح حماس، وعبر عن رفضه للمقترح المصري الذي يقضي بوقف إطلاق النار أولا ثم إجراء مباحثات حول شروطها.
وكتب المحلل الفلسطيني عدنان أبو عامر عن اعترافات إسرائيل حول ضراوة المعركة في غزة، وعجز الجيش عن تحقيق إنجازات عسكرية، بعد هذه المدة، قائلا:
1- المحلل العسكري "عاموس هارئيل": إسرائيل تخشى وقف العدوان وليس بيدها انجاز عسكري يُرى مهماً بقدرٍ كافٍ، لاسيما بعد نجاح المقاتلين في دخول إسرائيل، وتكبيد الجيش خسائر كبيرة في المعركة الشديدة للواء "غولاني" في الشجاعيّة.
2- الكاتب الإسرائيلي "بن درور يميني": الجيش نشر الخراب في غزة،وما تقوم به إسرائيل من سفك للدماء لن يفيدها، وسيؤدي لمزيد من القتال والخسائر في صفوفه،وهي لن تنجح على الأرض دون تحقيق النجاح على جبهة الرأي العام الدولي.
3- "يوسي يهوشوع": مهمة الجيش في غزة ليست سهلة، فالتقارير الواردة من داخل مناطق القتال تفيد أنّ المعركة خطيرة ومعقدة، لا يوجد بيت يحيط بالأنفاق غير مفخخ، حتى البيوت التي يبدو مظهرها الخارجي نظيفة، سرعان ما تتحول فخا مميتا للجنود، والحل بإزالة تهديد الأنفاق لا يلوح بالأفق.
4- "شلومو غازيت" رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق: يجب التعاطي مع حماس كدولة تمكنت من بناء جيش منظم بشكل ممتاز،لديها جيش يملك هيئة أركان حرب ذات قدرة مركزيّة فاعلة وقيادة عسكريّة استعدت للحرب بشكل مناسب، وبذلت جهداً عظيماً، وجندت كل قواها، لتكسب الحرب، بتدشين ترسانة هائلة من الصورايخ، ذات مستويات مدى متعددة، تتمكن من الوصول إلى أي بقعة في إسرائيل استناداً لقدراتها الذاتيّة في التصنيع، وتخطيط عمليات عسكرية ذات طابع هجومي وتنفيذها،داعيا للتفاوض مع حماس على هدنة طويلة الأمد مقابل رفع الحصار وتحسين الأوضاع الاقتصاديّة في غزة.
5- "بنحاس عنبري" المستشرق اليهودي: حماس حصلت على صورة النصر في الحرب الدائرة، ونجاحها بإغلاق سماء إسرائيل أمام الطيران العالمي يمثل صورة النصر التي ستظل حاضرة في الوعي الجمعي للفلسطينيين والإسرائيليين.
6- المراسل العسكري "ألون بن دافيد": المستوى القيادي في الجيش كان على استعداد لإنهاء العملية البريّة في غزة، لأنّ استمرارها سيتسبب بسقوط المزيد من القتلى والإصابات في الجنود، وستصبح الأمور أصعب وأكثر تعقيداً، وأنّ كتائب القسّام حققت انجازات في الجولة البريّة، وجبي أثماناً باهظةً منا.
7- المراسل العسكري "أور هيلر": من الصعب جدَّاً على الجيش أن يبادر للمفاجأة، لأنّه تدحرج لهذه المعركة، ومن الصعب عليه أن يوجه ضربة بداية صادمة، ودخل إلى القطاع في صدمة، وهناك جدال داخل الجيش حول جدوى العمليّة العسكريّة، ومدى الاستفادة منها على أرض الميدان، أو في معترك السياسة.
8- كبير المحللين "ناحوم بارنيع": العدد الكبير من القتلى والجرحى في صفوف الجيش فاجأ صناع القرار في إسرائيل الذين لم يتوقعوا مقاومة على هذا النحو، وأنّ عدد قتلى الجيش تحول إنجازا لحماس، وبشرى سيئة لإسرائيل، وأي تقدم للقوات البريّة لعمق القطاع وداخل المناطق المأهولة بالسكان قد يكبد الجيش مزيداً من الخسائر البشريّة والماديّة في الآلات والمعدات العسكريّة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق