إعلان
ومن المعلوم أن سوريا تسعى منذ سنوات للحصول على هذه المنظومة لإحداث توازن مع التفوق الجوي الإسرائيلي، فيما تبذل تل أبيب جهودا دبلوماسية على غير جبهة للحؤول دون ذلك. وفي عام 2010 أبرمت كل من دمشق وموسكو عدة عقود تسليحية بقيمة مليارات الدولارات، كان بينها عقد لبيع أربع بطاريات من منظومة أس 300 مع عدد إجمالي من المنصات هو ستة إضافة إلى 144 صاروخاً اعتراضياً. إلا أن العقد الذي تبلغ قيمته نحو 900 مليون دولار تم تعليق تنفيذه على إثر طلب إسرائيلي، بالرغم من تسديد دمشق للجزء الأكبر من الثمن المتوجب عليها. ووفقا لمصادر إسرائيلية، فإن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كان تعهد أثناء زيارته لإسرئيل في حزيران 2012 لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بتجميد الصفقة.
وعلى ما يبدو، فإن بوتين بقي ملتزما بتعهده حتى ما قبل أسابيع، وتحديداً حتى موعد الهجومين الإسرائيليين الأخيرين على دمشق في الثالث والخامس من الجاري، حيث ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» حينها أن تل أبيب نقلت معلومات إلى الإدارة الأميركية تفيد بأن الروس بصدد تنفيذ صفقة الـ«أس 300» مع سوريا خلال الأشهر الثلاثة القادمة.
وذكر موقع «يديعوت أحرونوت» أمس أن خطورة المنظومة الروسية مرتبطة بطراز الرادارات والصواريخ التي ستسلمها موسكو لدمشق، علماً أن هناك عدة نسخ من المنظومة، بعضها أقل حداثة وبعضها الآخر أكثر حداثة. كما أشار معلق الشؤون العسكرية في الموقع، رون بن يشاي، إلى أن حقيقة أن طواقم من الجيش السوري تدربت على تشغيل المنظومة في روسيا وأن بعض عناصرها وصلت إلى سوريا لا تعني أن المنظومة باتت عملانية وتهدد الطائرات الإسرائيلية، فلا تزال هناك أجزاء أخرى من المنظومة يجب وصولها إلى سوريا، كما أن هناك حاجة إلى نصبها في أماكن التربيض المحددة لها والتثبت من عدم وجود أية معوقات تشغيلية تحد من فاعليتها. وبحسب بن يشاي، فإن استكمال هذه الأمور يستغرق أشهرا إن لم يكن سنوات، وحتى يحصل ذلك فإن منظومات أس 300 في سوريا ستبقى فرصة بالنسبة لإسرائيل أكثر منها تهديدا، في إشارة إلى إمكان استهدافها وتدميرها. وبالرغم من التحذيرات الإسرائيلية من أن يتم نقل هذه المنظومة إلى حزب الله، استبعد الكاتب تحقق هذا الأمر «لأن أس 300 كبيرة ومعقدة جدا، كما أن الروس لن يسمحوا بذلك من الناحية السياسية». وفي المقابل، رجح بن يشاي أن يتمكن الجيش والصناعات العسكرية الإسرائيليان مع الوقت من تطوير ردود ناجعة على المنظومة الروسية.
يشار إلى أن المخاوف الإسرائيلية من التسلح السوري الإستراتيجي لا يتعلق فقط بمنظومة أس 300، وإن كان الحديث عنها يتصدر واجهة المواقف والتعليقات. فإلى جانب المنظومة المذكورة، تنظر إسرائيل بقلق إلى تزود دمشق بصواريخ «ياخونت» المضادة للسفن التي تعتبر نسخة «بحرية» من أس 300 لجهة الدقة والمدى والفاعلية. ووفقا لتقارير إسرائيلية، فإن سوريا سبق أن تسلمت عدة بطاريات من هذا السلاح الذي يهدد سلاح البحرية الإسرائيلي ليس فقط في مقابل السواحل السورية أو في عرض البحر، بل حتى في مقابل السواحل الإسرائيلية، فضلا عن أنه يهدد بشكل مباشر منشآت التنقيب عن الغاز والنفط مقابل هذه السواحل. وأشارت بعض التقارير الإسرائيلية إلى أن في حوزة سوريا اليوم نحو 72 صاروخ «ياخونت» المسمى بصائد السفن. وكانت صحيفة «يديعوت» أشارت إلى أن الروس، وخلافا لتعهداتهم قبل عامين، سيبيعون سوريا رادارات متطورة لهذه المنظومة تحسن دقة إصابتها. ولفتت الصحيفة إلى أن تل أبيب لم تنجح عام 2011 بالحؤول دون إبرام صفقة بيع الـ«ياخونت» لسوريا، إلا أنها تمكنت من التوصل إلى اتفاق مع الروس يقضي بعدم تسليم دمشق منظومات رادارية تتيح إصابة دقيقة للصاروخ على مسافات بعيدة.
وأوضحت الصحيفة أن صواريخ «ياخونت» التي تمتلك منظومة مزدوجة للإطباق على الهدف هي الأحدث الموجودة في سوريا، وإذا ما استفادت الأخيرة من مداها الأقصى فإن من شأن ذلك أن يهدد نشاط سلاح البحرية الإسرائيلي ليس فقط مقابل السواحل السورية واللبنانية بل وأيضا مقابل سواحل حيفا وعكا. والآن، بعد أن قرر بوتين تسليم سوريا منظومات الكشف والتعقب الحديثة، فإن ذلك سيتيح استخدام الصواريخ ضمن مدى 200 إلى 250 كلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق