الاثنين، 3 يونيو 2013

شمال الأردن ليس أفضل من جنوبه

جمال الشواهين
لو سألنا أهل معان عن سرّ غضبهم لقدّموا بدل الحجة ألف, ولو سألنا الأجهزة الأمنية المعنيّة عن الغضب عليهم لساقوا ما لديهم من مبررات وكيف أنّهم أكثر مَن يتعرّضون للضغوطات, إن كان من المسؤولين أو المواطنين, ولو سألنا الحكومة عن سر غضب أهل الجنوب المزمن عليها لساقت من جانبها آلاف الحجج وما يحمّل المسؤولية عليهم وليس عليها, وكيف أنّهم هم المقصرون, وكيف أنّها تقوم بالواجب وزيادة أيضا. فكيف يستوي الحال، وما الحل، ومن المقصّر ومن المذنب, وما السبيل كي ينال كل صاحب حق حقه إن كان ظالما أو مظلوما, وكي لا يستمر أخذ الصالح بجريرة الطالح؟
في كل مناسبة لمواجهة مثيرة ولافتة في مناطق الجنوب ما بين الأهالي وأجهزة الدولة تبرز قصة تهميش المنطقة الجنوبية وحرمانها من التنمية كأحد أهم العوامل الدافعة للعنف, أو حتى اعتبارها السبب لجنوح الناس إلى المواجهات, ومع التهميش تضاف موارد الجنوب مناجما وثروات طبيعية خدمت بالاتجاهات كافة ما عدا فيه، وواقع الحال أمام الزائر للمنطقة لا يحتاج إلى تدقيق لاكتشاف هذا الواقع وتلمّسه, وكيف أنّ واقع المدن والأرياف على حاله دون تقدُّم منذ عشرات السنين, وأنّه بالكاد يمكن ملاحظة مشاريع دولة كبيرة لأغراض التنمية.
للعلم فقط, الواقع هو نفسه بحدود كبيرة في الشمال والمناطق الشرقية وعلى امتداد الطول الغربي من العقبة وحتى العدسية الشمالية والمخيبة، ومن يظن أنّ التنمية مركّزة في الوسط فعليه أن يتأكد فيما إذا هي تنمية مستدامة أو مجرد مشاريع استثمارية خاصة، غرضها الربح وليس العوامل الوطنية. وهنا يبرز السؤال حول الموارد والناتج المحلي والمساعدات وفيما إذا يستفاد منها أم أنّها تذهب خسارة, بلا جدوى من عبث وسوء إدارة وقلة حيلة وفهلوة وهدر دون حدود.

الجنوب قصة كل الأردن, والعنف فيه ليس مقصورا عليه، وهو بدرجات متفاوتة في كل أرجاء البلد, وإلى جانبه بالتوازي معه من يؤججه ويدفع لتفاقمه طالما استمرّ حاله متكسبا ببلطجة وعنجهية يردّها لعشائرية أو مناصبية وقوة مال أساسها سطو وحرام وممنوعات. وعليه يكون الحال في درجة ما بعد القلق ونحو الأسوأ، غير أنّ في الوقت ما زال بعض الفسح, وعلى الجميع استغلالها قبل أن تأخذنا الغفلة إلى ما هو أسوأ من البحث عن مكان للجوء فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق