الاثنين، 3 يونيو 2013

هل انتصر الأسد؟ >>.فهد الخيطان

خلاصة مثيرة للجدل حول الأوضاع في سورية توصل إليها مسؤول أردني كبير يتابع التطورات هناك عن كثب، مفادها أن الرئيس السوري بشار الأسد "بدأ يكسب المعركة". عاملان رئيسان دفعا به إلى هذا الاستنتاج: الأول، التقدم العسكري المطرد لقوات النظام على الأرض. والثاني، الحالة "الهزيلة" لمعسكر المعارضة السورية، وانعدام الثقة بين الدول المصنفة في خانة "أصدقاء سورية".
تقدم قوات النظام على أكثر من جبهة، خاصة في الجنوب، ساعد الأردن على اتخاذ إجراءات فعالة لتنظيم عمليات اللجوء الإنساني إلى أراضيه، يقول المسؤول. وإذا ما استمرت الحال على ما هي عليه، فإن حاجة الأردن لوسائل دفاعية كبطاريات "الباتريوت"، تتراجع مع تراجع التهديدات المحتملة.
سياسيا، التطورات الميدانية هذه تستدعي مراجعة علاقة الأردن مع النظام السوري، والتفكير في خطوات للتقارب لم تتضح معالمها بعد. في المحصلة "علينا أن نكون براغماتيين" كما يرى ذات المسؤول.
الشعور بالانتصار ساد في أوساط مؤيدي النظام السوري في الآونة الأخيرة. وعزز هذا الانطباع دخول حزب الله على خط المواجهات مع الثوار في مدينة القصير، وتقهقر كتائب المعارضة في أكثر من جبهة. وإضافة إلى الدعم السياسي واللوجستي من جانب روسيا وإيران، فإن اتفاق كيري-لافروف فُسّر من قبل الكثيرين على أنه تنازل أميركي لصالح الأسد، الذي سارع إلى الإعلان عن موافقته على المشاركة في "جنيف2"، فيما كان ائتلاف المعارضة السورية يغرق في خلافاته باسطنبول، ويتجه إلى تبني مقاطعة المؤتمر المقرر هذا الشهر.
هل تكفي كل هذه التطورات والمتغيرات للقول إن الأسد انتصر وحسم المعركة؟
قلة من المحللين خارج دائرة "أصدقاء النظام" يجزمون بقول نعم. المسألة تتوقف على تعريف معنى الانتصار، وثمة تباين كبير في هذا الشأن. تنقل وكالة "رويترز" للأنباء عن بيتر هارلينغ، الخبير في مجموعة الأزمات الدولية، القول: إذا كان "الفوز يتمثل في البقاء على قيد الحياة ليوم آخر، ستجد الأسد كذلك". وتذهب باربرا والتر، الأستاذة بجامعة كاليفورنيا، والتي تقول "رويترز" عنها إنها كتبت كثيرا في تاريخ الحروب الأهلية، إلى القول: "نعم، ستستمر الحرب السورية لعدة سنوات.. ولن ينتصر الأسد".
خلّف الصراع في سورية لغاية الآن أكثر من 80 ألف قتيل، وتشريد ما يزيد على مليون مواطن، ناهيك عن الدمار الكبير للمدن والبلدات السورية، والانهيار الكبير في بنية الاقتصاد السوري لدرجة تفوق ما أصاب الاقتصاد العراقي في سنوات الحصار والحرب.
إزاء حال كهذه، يصبح الحديث عن منتصرين ومهزومين ضربا من الجنون. وفق كل التقديرات، سورية تقترب من أن تكون دولة فاشلة، مثل الصومال. وبالمناسبة، فإنه طوال سنوات الصراع في الصومال كان هناك حكومة مركزية، لكن سلطتها لا تكاد تلحظ إلا على نطاق جغرافي ضيق، فيما المليشيات المسلحة تتقاسم السيطرة على معظم المناطق. في غياب القدرة على الحسم العسكري النهائي، وتراجع فرص الحل السياسي، وعدم توفر الرغبة الدولية في التدخل عسكريا في سورية لاعتبارات كثيرة، فإن سورية مرشحة لأن تكون صومال الشرق الأوسط.
القضاء على المجموعات المسلحة، واستعادة السيطرة على المناطق "المحررة"، ليسا كافيين للقول إن الأزمة انتهت في سورية. لقد وقع شرخ عميق في بنية المجتمع السوري يصعب على النظام، بتركيبته الحالية، أن يلثمه.
السؤال عن مصير الأسد ونظامه ليس ذي معنى، المهم ما هو مصير سورية التي كنا نعرفها؟ هل سنحظى بجار واحد قوي كما كانت الحال من قبل، أم بجيران جدد لا نعرف هوياتهم؟ ذلك ما يهم الأردن بالدرجة الأولى.

fahed.khitan@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق