الأحد، 2 يونيو 2013

انتحار المقاومة ...ماهر أبو طير

في الاخبار ان حزب الله، طلب من حركة حماس،ان تخرج من لبنان،وان يغادر مقاتلوها،وكل من هو من كوادرها،باعتبار ان حركة حماس وقفت ضد النظام السوري،وتورطت في تدريب مقاتلين سوريين،وفقاً لهذه الرواية.
ما هو اهم من قرار حزب الله، يتعلق بإعادة انتاج حركات المقاومة في المنطقة،اذ ان لدينا حركتي مقاومة بارزتين ضد اسرائيل، وهما حزب الله، وحركة حماس، ولكل حركة قوتها وموروثها وانصارها، ومساحات تعاونها مع الحركة الاخرى.
على خلفية الملف السوري،اعيد انتاج اهم حركتي مقاومة ضد اسرائيل،حماس من جهتها غادرت سورية،واصطفت ضد النظام السوري،واقتربت من العمل السياسي،وليس ادل على ذلك من الهدنة التي نراها في غزة.
فوق ذلك اصطفافها الى جانب مقاولي الثورة السورية،والانظمة الراعية لهذه الثورة،بما يعد تبديلا اساسياً في اولويات وجود الحركة باعتبارها حركة موجهة ضد اسرائيل،اساساً،وليست قابلة للتورط في مشاكل المنطقة.
مقابل حماس،تورط حزب الله ايضا في الملف السوري،تحت عنوان التفافي يقول ان المعركة في سورية،هي مع اسرائيل فعلياً،والجماعات التكفيرية،فلماذا يتورط حزب الله في سورية،وهناك الجيش السوري،ولاحاجة اساساً لتورط حركة مقاومة في ملف داخلي واقليمي بكل تشعباته ونتائجه،حتى لو تطابقنا في الرأي مع الحزب حول طبيعة المعركة الخفية.
حزب الله من هذه الزاوية استبدل اولوياته،لان ادخال الاف المقاتلين الى سورية،والتورط في نزاع داخلي،حلم لاسرائيل،اذ ترى الحزب يترك المقاومة المباشرة،ويدخل طرفاً في صراع كبير،تمتد اثاره لاحقاً الى ذات لبنان،والحزب هنا ينتحر بكل المقاييس.
الازمة السورية،اعادت انتاج اهم حركتي مقاومة في المنطقة،من حركتي مقاومة ضد اسرائيل،الى حركتين مسلحتين تتورطان في النزاع في سورية،بكل مايعنيه هذا النزاع من كلف بشرية وسياسية وعسكرية.
ماذا تريد اسرائيل اكثر من ذلك؟حركات المقاومة تتورط في نزاعات داخلية،وتصطف كل حركة مع جهة،وتجد كل حركة مبرراتها السماوية والارضية لهذا الاصطفاف،مابين حماس التي تريد الدفاع عن الشعب السوري،وحزب الله الذي يريد هزم اسرائيل في سورية،وفقاً لمنطوقه،والنتيجة نزيف خزان المقاومة البشري والسياسي والاقتصادي،فوق تحطيم الشرعيات.
المحصلة واحدة،انتحار حركات المقاومة،واستبدال اولوياتها المباشرة،والتورط في صراعات سياسية،والانشغال بهذه الصراعات بدلا من الاحتلال،مع نزع شرعية الاستشهاد عن مقاتلي الحركة والحزب،مهما قيل في تقديس الشهادة التي تأتي في سياق حروب اهلية واقليمية ودولية،وليس في سياق الحرب ضد اسرائيل.
بهذا المعنى ومهما قيل في تبريرات تورط حركات المقاومة في هذا النزاع،وهي تبريرات تحظى بقدسية لادامتها،فأن الخاسر هو المقاومة كمبدأ وفعل،والخاسر الثاني سيكون فلسطيني سورية ولبنان على خلفية هذا الانقسام،الذي له كلفته اللاحقة،ثم الوئام المذهبي والديني في المنطقة،والذي نراه في تأجيج العمائم من كل المذاهب للكراهية والاقتتال باسم الله.
الرابح الوحيد اسرائيل التي تسعد برؤية حركات المقاومة تنتحر على مذبح الاقليم،وبعيداً عنها،ودون ان تطلق رصاصة واحدة.
كل حركات المقاومة في المشرق العربي،اليسارية والقومية،تم اختطافها تاريخياً،بحيث لم تعد حركات مقاومة،واليوم نشهد بأم اعيننا انتحار اهم حركتين للمقاومة الاسلامية ضد اسرائيل،واحدة سنية والثانية شيعية،على خلفية الملف السوري.
كان الاولى ان تبقى حركات المقاومة الاسلامية،بعيداً عن هذه النزاعات،وان تبقى تحت مظلة عنوانها الاساس،وان تبقى بندقيتها موجهة الى الاحتلال،وان لاتبدد ارثها ولا دم منتسبيها،في صراعات دولية،لان هذا التبديد مطلوب.
ماذا تريد اسرائيل اكثر من تورط الحركتين في المحرقة السورية، واقتتالهما معاً، سراً وعلناً؟!.

maher@addustour.com.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق