الاثنين، 3 يونيو 2013
تغييرات استراتيجية خطيرة حولنا >>طاهر العدوان
أي قراءة للمشهد السياسي الممتد من ايران حتى مصر سيجد الاردن في موقع شديد الحساسية بالغ الخطورة ، فمن أقصى الشرق تقف ايران في موقع الهجوم العسكري العملياتي في عمق المشرق العربي . وأدواته هي فيلق القدس الذي تتجول ميلشياته في قلب دمشق حول قبر السيدة زينب وفي ريفها ، وحزب الله الذي اعلن حرباً سافرة على الشعب السوري ثم عصائب الحق العراقية التي جاءت من البصرة حيت الوجودالإيراني المباشر ، وجميع هذه القوى هي عملياً بإمرة الجنرال الإيراني مسلماني.
بالمقابل تتحول الثورة السورية يوما بعد آخر إلى واجهة ساخنة ضد الهجوم الإيراني وأدواته فيما يشتعل العراق أمنياً وسياسياً بانتفاضة الأنبار وأقاليم الوسط ضد التسلط الطائفي الذي يمثله المالكي وكذلك تحت وطأة الهجمات الإرهابية التي تحصد قتلى وخرابا يوميا بنسب تقترب من حصاد حرب الأسد على شعبه . وفي أقصى القوس وصولا إلى لبنان ينزلق هذا البلد خطوة خطوة إلى أتون الصراع السوري بعد ان دشن حسن نصر الله رسمياً حربه المقدسة في القصير وغوطة دمشق ليس ضد ( التكفيريين ) فحسب إنما ضد من يعارضه من اللبنانيين الذين دعاهم إلى مقاتلته في سوريا .
وفي غرب الاردن لا يقتصر التهديد القادم على احتمال دخول إسرائيل في حرب شامله في إطار تدويل الحرب بعد تدويل الأزمة في سوريا ، إنما هذا الهجوم الاستيطاني الذي يتواصل بلا هوادة في القدس المحتلة والضفة الغربية ناسفاً من الجذور أسس قيام الدولة الفلسطينية التي يعتبر قيامها مصلحة وطنية أردنية ، أي ان عدم قيامها تهديد للمصالح الوطنية الاردنية ان لم يكن اعتداء عليها . وهناك أيضاً حالة عدم الاستقرار المتزايدة في سيناء ومن خلفها مصر الغارقة في خلافاتها الداخلية بما يجعلها عاجزة او غير راغبة في الالتفاف إلى الهجوم الايراني الذي يهدد الامن القومي كله بما في ذلك امن مصر .
لقد قرأت مقالات وتحليلات في صحف خليجية تحذر من خطر ( الهجمة الإيرانية ) عبر العراق وسوريا ولبنان على امن واستقرار كل من الاردن ودول الخليج . والواقع ان الموقع الجيو سياسي يجعل الاردن الخط الأول المهدد من نتائج هذا الهجوم . فاي انتصار على الثورة السورية لن يكون انتصارا ( للجيش العربي السوري ) إنما للجنرال مسلماني وفرقه الميليشايوية متعددة الجنسيات التي يجمعها لونها المذهبي الواحد ، مثل هذه النتيجة ستكون تهديداً مباشرا للأردن اولا ولدول الخليج أولا وأخيراً .
جبهة النصرة والقاعدة لن تكونا جزءا من النظام المقبل بعد سقوط الأسد فهذه مجموعات وتنظيمات لا تنخرط في أي سلطة ، لم تفعل ذلك لا في العراق ولا في ليبيا وتونس . انهما تمثلان احدى المشاكل التي يخلفها الاستبداد ، وهما نتيجة مباشرة للاحتلال الأمريكي في العراق وأفغانستان . مثل هذه التنظيمات ليست دولا تحمل مشروعا تجند له شعوب وإمكانات كما هو حال مشروع التوسع والنفوذ الإيراني ، والتعامل مع هذه الجماعات وعزلها يكون بقدرة النظام الجديد في ان يكون ديموقراطياً وتوافقياً ، اما الخطر الإيراني فهو ذئب على الحدود وأفعى في الداخل .
السياسة الاردنية أمام مرحلة جديدة وقرارات مختلفة تفرض الانتقال من مرحلة اعتبار قوس الصراع مورداً لمزيد من اللاجئين فقط ، الى مرحلة الاستعداد لمواجهة المتغيرات الاستراتيجية الخطيرة الطارئة على الارض والتي لا يمكن تجنب ارتداداتها على امننا الوطني والقومي . مما يتطلب تركيزاً أكبر على متانة الجبهة الداخلية ، وبلورة أهداف وسياسات جامعة يلتف حولها الأردنيون بالتوازي مع إطلاق حملة سياسية على المستوى الخليجي والعربي والدولي لخلق جبهة موحدة بمواجهة اعباء انزلاق المنطقة إلى صراع إقليمي .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق