الخميس، 7 أغسطس 2014

"إسرائيل".. و"عقيدة الضاحية" في غزة!

يكاد العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة لم ينجح إلا في الدمار الهائل الذي تسبب به لأهلنا في غزة من تدمير للبنى التحتية والمنازل، في ظل اعتراف قيادات الجيش والحكومة في "إسرائيل" بأنهم لم ينجحوا في القضاء لا على منظومة الصواريخ ولا على شبكة الأنفاق الغزية. بدأ تطبيق التهدئة في اليوم التاسع والعشرين من بدء الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة الذي اسفر منذ 8 تموز(يوليو) عن استشهاد اكثر من 1850 فلسطينيا معظمهم من المدنيين، فيما قتل في الجانب الاسرائيلي 64 جنديا وثلاثة مدنيين، بالإضافة الى تدمير مئات المنازل في القطاع وايقاف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع عن العمل الاسبوع الماضي بسبب القصف الاسرائيلي. ودخلت تهدئة تم الاتفاق عليها برعاية مصر حيز التنفيذ الثلاثاء لمدة 72 ساعة، فيما اعلن الجيش الاسرائيلي عن انسحابه الكامل من القطاعـ كم يزعم. مسؤول في وزارة الاقتصاد الفلسطينية أعلن ان الدول المانحة ستجتمع في ايلول (سبتمبر) المقبل لبحث تمويل اعادة اعمار قطاع غزة، مقدرا قيمة الخسائر المباشرة للعملية الاسرائيلية بما بين 4 الى 6 مليار دولار. وقال وكيل الوزارة تيسير عمرو إن الدول المانحة “ستجتمع في النرويج في ايلول (سبتمبر) المقبل للبحث في تمويل اعادة اعمار غزة". الأداء العسكري الكبير لحركة "حماس" وبقية فصائل المقاومة منذ اندلاع الحرب على غزة، في الثامن من الشهر الماضي، حمل المراقبين الاميركيين، كما الإسرائيليين، على محاولة فهم السر الكامن خلف التقدم الهائل في الأداء القتالي للمجموعات غير النظامية في مواجهة الجيوش النظامية الاحسن تسليحاً وتنظيماً. ففي هذه الجولة في غزة، وفي غضون ثلاثة أسابيع، خسرت "إسرائيل" 64 جندياً، أي أكثر من ستة اضعاف ما خسرته في المواجهة البرية الأخيرة قبل ستة أعوام، وهو ما اثار قلق بعض الخبراء العسكريين في "إسرائيل"، وفي عواصم الدول الغربية، وخصوصاً واشنطن، التي تخشى ان تضطرها الظروف يوماً الى خوض مواجهة برية مشابهة تكون فيها خسائرها البشرية مرتفعة. يقول الجنرال الأميركي المتقاعد بوب سكايلز إن "الوضع مختلف اليوم"، في مقالة بصحيفة "واشنطن بوست"، "نحن نرى المقاتلين الإسلاميين يتحولون الى جنود مهرة، فهجوم الدولة الإسلامية في الفرات نزولاً يظهر أسلوباً حربياً يمزج القديم والحديث". ويضيف أن الجنود الأميركيين في العراق كانوا يقولون عن المسلحين "شكراً لله انهم لا يعرفون كيف يطلقون النار". ويعتقد الجنرال السابق أن هذه المجموعات القتالية في المشرق العربي وجدت نفسها مضطرة إما أن تتحسن أو أن تفنى، ويقول إن حزب الله اليوم "هو من أكثر (وحدات) المشاة الخفيفة براعة على سطح الكوكب"، وأن "حماس" تقاتل في غزة في مجموعات "حسنة التنظيم وفرق متراصة تحت امرة قادة على اتصال ببعضهم ولديهم معلومات دقيقة". يصف سكايلز المواجهات في غزة على الشكل التالي: "تقف وحدات حماس للقتال مختبئة خلف مبان وفي مداخل الانفاق، وينتظرون الإسرائيليين حتى يمرون قبل أن ينقضوا عليهم من الخلف". ويضيف: "يظهر مقاتلو حماس تحسناً في استخدام الجيل الثاني من قاذفات آر بي جي -29، وحسب تقارير غير مؤكدة بعد من غزة، صواريخ مضادة للدروع وموجهة عن بعد"، وهي تشبه التي استخدمها حزب الله في حرب 2006، وألحق بالدبابات الإسرائيلية خسائر فادحة." في غزة، يقول خبراء أميركيون إن الجيش الإسرائيلي، الذي أرسل قوات النخبة، وجد نفسه غير مستعد للتعامل مع تكتيكات حماس، التي تركزت حول إقامة "كماشات" تلتف حول المجموعات الإسرائيلية وتمطرها بالرصاص والقنابل من كل ناح وصوب. لكن الدليل الأميركي للقتال في العراق لا ينفع في غزة، وهو ما يعني ان على الإسرائيليين استنباط أساليبهم، ومنها ما يعرف اليوم بـ "عقيدة الضاحية"، نسبة الى حرب لبنان في العام 2006 وقيام الإسرائيليين بإيقاع أكبر كمية من الخسائر في ضاحية بيروت الجنوبية كوسيلة لردع حزب الله من الخوض في أي مواجهة مسلحة مستقبلاً. أما "عقيدة الضاحية" في غزة، او إعادة احتلال إسرائيلية كاملة والعمل على تفكيك البنية التحتية لحماس، وهذا خيار غير مضمون أصلاً، يعني أن "إسرائيل" وجدت نفسها امام خيار وحيد: الحاق أكبر نسبة من الأذى بالسكان والعمران الفلسطيني، على أمل ان يؤدي السعر المرتفع للحرب الى ردع الفلسطينيين وابعادهم عن الخوض في مواجهة مستقبلية. هي إذن عقيدة التدمير لأجل التدمير، ولا هدف عسكري يمكن أن يتم التماسه من هذا الدمار، فكل المعطيات العسكرية تشير إل انتصار عسكري وتفاوضي وشيك لحماس على "إسرائيل"، خاصة مع شروع الأخيرة بسحب جزئي لقواتها من غزة، مرغمة آثمة... وكارهة! -


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق