وهذه التحقيقات المتوقعة ستتناول عدة محاور أو زوايا، الأولى تتعلق بمن اخترق الهدنة الإنسانية التي كانت معلنه يومها بين طرفي الحرب وانهارت بشكل جنوني بعد عملية "رفح" والزاوية الثانية ستتناول عدد القتلى الفلسطينيين الكبير حيث تتراوح التقديرات بين 130 الى 150 قتيلا فلسطينيا غالبيتهم من المدنيين إضافة إلى زاوية الجدل داخل الجيش حول "إجراء هنيباعل" المتبع لمنع اسر الجنود والذي يسمح بتعريض حياة الجندي المخطوف للخطر بهدف إحباط عملية الأسر، وأخيرا النقطة التي يصفها الجيش بشجاعة الضابط الذي طارد الخلية الفلسطينية داخل النفق وفقا لموقع "هأرتس " الالكتروني الذي نشر اليوم معلومات حصل عليها وتتعلق بمجريات وتطورات الإحداث الدامية التي وقعت يوم 1/8/2014 او ما يعرف بيوم "الجمعة السوداء" حين هاجمت ارتال الدبابات الإسرائيلية تحت قصف جوي ومدفعي وبحري عنيف ضواحي رفح الشرقية بحجة إحباط عملية اسر الضابط المذكور.
واعترف الموقع المحسوب على اليسار الإسرائيلي والمتهم خلال هذه الحرب بالانحياز للفلسطينيين سحب العديد من المشتركين اليهود اشتراكاتهم من صحيفة "هأرتس" بعد أن نشرت مقالات ضد الطيارين الإسرائيليين وغطت الحرب على غزة بشكل متوازن تقريبا وحاولت الوصول إلى الرواية الفلسطينية قدر الإمكان بان المعلومات التي توفرت لديه هي معلومات جزئية وتعتد على معلومات مستقاة من الجانب الإسرائيلي فقط علما بان التحقيق العسكري عن الواقعة قد بدا هذه الأيام فقط، خاصة بعد أن رصد الجيش الإسرائيلي اهتماما دوليا متناميا لمعرفة حقيقة ما جرى في رفح جنوب قطاع غزة في تلك الجمعة السوداء وإدراك الجيش وجود نافذة وفرصة لاتخاذ إجراءات قانونية دولية تتعلق بهذه الواقعة تحديدا لذلك فان الجيش لا يجد نفسه مضطرا للإسراع في تقديم المعلومات الكاملة عما جرى .
وبصعوبة كبير يمكن القول بان التحقيق الميداني في تلك الأحداث يكاد يكون قد بدأ ويقتصر الحديث عن هذه الواقعة على كبار ضباط الجيش فقط وهم ضباط خدموا في قيادات عسكرية في تلك الجبهة وحتى هذه المحادثات تمت دون أن تنسب لأحد علما بان الضباط والجنود المتورطين مباشرة بهذه الواقعة لم يتفوهوا بشيء حتى ألان ولم يتحدثوا لوسائل الإعلام باستثناء المقابلات الصحفية التي نشرت اليوم مع الضابط "ايتان" الذي دخل النفق وطارد الخاطفين .
كان من المقرر أن تدخل الهدنة الإنسانية التي جاءت في إطار جهود الأمم المتحدة والولايات المتحدة إلى تحقيق الهدوء تمام الثامنة من صباح يوم الجمعة وفسرت إسرائيل التفاهمات على أنها تصريحا يتيح لها مواصلة العمل على تدمير الأنفاق داخل المنطقة التي احتلتها وسيطرت عليها وذلك حتى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار شامل تنسحب بموجبه من تلك المناطق واتضح في الليلة التي سبقت الهدنة وجود تفق هجومي يقع في ضواحي رفح الشرقية الشمالية وحصلت س قوة تابعة " لسيرت غفعاتي" وهي قوة خاصة تابعة للواء غفعاتي "بقيادة الرائد " بينه شارئيل" موافقة على التقدم لمسافة مئات الأمتار ومحاولة العثور على فتحة النفق وأتمت القوة استعداداتها المطلوبة واستغلت أخر لحظات الظلام وتقدمت تمام الساعة 5:30 فجرا أي قبل دخول اتفاق وقف النار بثلاث ساعات للمنطقة المقصودة وذلك استنادا لأقوال ضابط كبير .
وأضاف الضابط "شرع الجنود بعمليات بحث وتمشيط في منطقة زراعية تضم بعض البيوت والدفيئات الزراعية وبعد الساعة الثامنة بقليل لاحظ الرائد "شارئيل" حركة مشبوهة داخل احد المنازل وشك بان أمر يتعلق بأحد عناصر حماس الذي يعمل كنقطة مراقبة ورصد وهنا أجرى الرائد عبر جهاز الاتصال مشاورات مع قادته وسمح له بفحص المبنى ولكن فرضت قيود على إطلاقه النار قبل دخوله المنزل وذلك لان وقف إطلاق النار قد دخل حيز التنفيذ وذلك حسب إحدى الروايات التي لم تحصل على أي تأكيد رسمي علما بان الجيش اتبع خلال الأيام السابقة إجراء عنيف لدخول المنازل ويتضمن إطلاق نار المدفعية أو الدبابات قبل دخول الجنود لأي مكان مشبوه لتفتيشه .
وتقدم الرائد على رأس قوة صغيرة لتفقد البيت ضمت القوة إضافة إليه الملازم "هدار غولدين" ورجل الاتصال الشخصي فيما بقي بقية أفراد القوة بقيادة نائب قائد السرية الملازم "ايتان " على مسافة عشرات الأمتار خلف المنزل على زاوية الشارع وهنا أصيبت قوة رأس الحربة جراء إطلاق خلية حماس النار باتجاهها وقتل قائد القوة ورجل الاتصال فورا وفي المعركة قتل أيضا احد المسلحين الفلسطينيين الذي كان يرتدي حسب احد الروايات ملابس تشبه ملابس الجيش الإسرائيلي.
وبسبب إطلاق النار احتاج الجنود في الخارج لفترة زمنية حتى وصلوا الى ميدان الاشتباك ليجدوا فيه ثلاثة قتلى ومرت دقائق أخرى قبل ان يتضح لهم بان احد القتلى الثلاثة هو من عناصر حماس وأن باقي أفراد الخلية قد سحبوا معهم الملازم "غولدرين" وفي تلك اللحظة لم يكن من الواضح فيما إذا تم سحب "غولدرين " حيا ام مصابا أم ميتا ولاحظ الجنود في المكان فتحة نفق سحب عبرها الملازم .
وقال الملازم "ايتان" في مقابلة صحيفة نشرتها اليوم صحيفة "يديعوت احرونوت" بانه قرر أن ينزل داخل النفق حتى يتعقب آثار " غولدرين" لكنه لم يحصل بداية الأمر على مصادقة قائده لكن قائد لواء غفعاتي الجنرال" عوفر فينتر" الذي قال الى "ايتان " القي بقنبلة يدوية داخل النفق قبل ان تدخله .
ودخل " يتان" مع جنديين آخرين النفق وشرع بعملية البحث والتمشيط وذلك في ظل جو مظلم بشكل كامل تقريبا وعلى مسافة مئات الامتار داخل النفق اتضح بان الفرع الذي مشطه الجنود ينتهي داخل مسجد فيما لم يعثر الجنود على الملازم "غولدرين" لكن وجد " ايتان " داخل النفق بعض المتعلقات العسكرية التي ساعدت فيما بعد على إعلان "غولدرين" كجندي قتيل .
وبعد فترة دخلت إلى النفق قوة عسكرية أخرى ضمت ضباط ومقاتلين من وحدة "سيرت متكال" النخبوية ووجدت هذه القوة متعلقات أخرى تعود للملازم المفقود ادى في النهاية الى استكمال الصورة الخاصة بحالة "غودرلين" وسمح للجيش بإعلانه ميتا.
وتفيد تقارير لجيش بان عملية إطلاق النار التي تعرضت لها قوة الرائد " شارئيل " وقعت تمام الساعة 9:16 صباحا أي بعد ساعة وربع من سريان الهدنة وفي البداية قال الجيش بان القوة تعرضت لهجوم من قبل خلية ضمت "انتحاريا" ليعود الجيش وينفي هذه الرواية بعد يومين وبعد فحص المعطيات أعلن بان الحديث يتعلق باشتباك مسلح وتبادل لإطلاق النار لكن صحفيون أمريكيون قالوا بان إسرائيل تكذب فيما يتعلق بوقت وقوع الاشتباك وان الاشتباك وقع نصف ساعة قبل سريان الهدنة مستندين في هذا القول على تغريدات تويتر على مواقع متعاطفة مع حماس نقلت تقارير واضحة فور وقوع الاشتباك وفي التوقيت الصحيح .
وفقا لفحصنا مع جهات عديدة فان رواية الجيش بالنسبة للتوقيت صادقة "حسب تعبير موقع هأرتس" حيث ظهر التقرير على المنظومة المحوسبة في غرفة العمليات وتم استقباله في ذات التوقيت والوقت في عدة حواسيب في عدد كبير من غرف العمليات المختلفة وبناء على التجارب السابقة "الحديث للموقع الالكتروني" من الصعب تزييف توقيت مثل هذه العملية وذلك بسبب تواجد عدد كبير من جنود الاحتياط داخل غرف العمليات وفي مثل هذه الحالات من الصعب جدا الثقة والتأكد بان أحدا منهم لن يسرب حقيقة ما جرى .
وتأتي أهمية الجدل على توقيت الاشتباك وذلك لان عملية إطلاق النار والخطف اخترقت الهدنة الإنسانية وأدت إلى انهيارها في خلال ساعات في أرجاء القطاع .
وطرح الناطقون بلسان حماس في اللحظات الأولى للعملية روايات متناقضة ففي البداية تفاخر الجناح السياسي بعملية الخطف لتعود بعد فترة وتتنصل منها وذلك تحسبا للضرر السياسي الذي سيلحق بحماس ومع مرور الساعات اعلن كبار المسؤولين في حماس عدم معرفتهم أي شيء عن مصير الضابط المفقود وان افراد الخلية والضابط قد قتلوا في القصف الاسرائيلي فيما أعرب الجيش الإسرائيلي عن تقديره بان العملية نفذتها خلية محلية تابعة للواء رفح التابع لحركة حماس او خلية تابعة لمستوى متدني في السلسلة القيادية لحماس .
وحين دخلت قوة رأس الحربة بقيادة "شارئيل " المنزل فتح مقاتلو حماس النار باتجاههم وفروا بعدها بجثة "غولدرين" وذلك كما حاولت حماس ان تفعل أكثر من مرة .
واستخدم الجيش الإسرائيلي إلى جانب عمليات التفتيش داخل النفق التي لم تسفر عن شيء إجراء" هنيباعل" وتم اتخاذ القرار ميدانيا داخل قيادة لواء غفعاتي التي عملت قرب رفح لكنها حصلت في الوقت المناسب على مصادقة قيادة "فرقة غزة" والقيادة الجنوبية .
وقالت مصادر عسكرية لصحيفة "هأرتس" بان ما جرى كان اعنف إجراء "هنياعل" استخدمه الجيش بالتوازي مع استخدام قوات خاصة تابعة للواء غفعاتي قامت بأعمال تمشيط وهنا اندفع رتل مدرع إلى عمق كيلو متر داخل المناطق المأهولة في رفح وذلك عبر حركة سريعة جدا وتم تفتيش المسجد القريب من النفق واحد المواقع القريبة التابعة لحماس وتم اطلاق نار كثيف لمنع إخراج الضابط من المنطقة .
ويسمح "إجراء هنيباعل" باتخاذ سلسلة من الإجراءات والوسائل الهادفة إلى إحباط عملية الاختطاف ويسمح بتعريض حياة الجندي أو الضابط الأسير للخطر لكن الجيش يدعي بان الأمر يتعلق بخطر محسوب حيث أوضح هذا الأسبوع ضباط كبار في هيئة الأركان بان هذا الإجراء لا يسمح بالقتل العمد للجندي الأسير لكن هناك فرق كبير حسب موقع "هأرتس" بين الإجراء المكتوب وبين ما يجري في الواقع او بين ما يفهمه عدد كبير من القادة من أصحاب الرتب الصغيرة والجنود الذين يعتقدون بان قتل الجندي أو الضابط أفضل من وقوعه بالأسر .
ويتمثل الهدف الأول لإجراء " هانيبعل " بعزل المنطقة التي شهدت عملية الأسر ومنع المجموعة الأسرة من الخروج من المنطقة ولتحقيق هذا الهدف يتم استخدام نيران مكثفة وفي رفح حدث شيء مغاير للإجراءات التي اتبعها الجيش في مناطق غزة حين دعا السكان إلى مغادرة مناطق الاشتباكات حيث تقدمت القوات المدرعة مباشرة للمناطق المأهولة دون تحذير السكان وتم استخدام نيران ثقيلة ومكثفة بهدف عزل المنطقة وتم استدعاء دعم جوي عنيف و مكثف بشكل غير اعتيادي لان القوات تعمل في منطقة خطيرة لم يتم تمشيطها وتتعامل مع عدو منتشر على مسافات قصيرة من الجنود وهنا حوصر المدنيون بين النيران وهذا ما يفسر عدد القتلى الكبير 130-150 قتيلا ومئات الجرحى دون أن يعرف حتى ألان عدد أفراد حماس من مجموع القتلى.
واستخدم الجيش طائرات دون طيار بأعداد كبيرة ونيران المدفعية وقذائف الدبابات وغارات جوية عديدة وتم استخدام الجرافات الضخمة التي هدمت عشرات المنازل الفلسطينية وقالت مصادر فلسطينية ان كل سيارة فلسطينية حاولت مغادرة المنطقة تعرضت للقصف بما في ذلك السيارات التي اقتربت من المستشفى ومع ذلك نفى صحفيون كانوا في المستشفى تقارير تحدثت عن قصف سيارات الإسعاف .
واستمر الهجوم الإسرائيلي حتى ساعات الظهر من يوم الجمعة السوداء دون ان تسفر عن شيء يتعلق بالملازم المفقود وهنا تم إبلاغ العائلة بان ابنهم قد تعرض للخطف وان وضعه غير واضح وتواصلت الدراما حتى دخل السبت اليهودي ووصل الجيش في ساعات ظهر السبت الى نتيجة بان " عولدرين " قد قتل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق