الأحد، 10 أغسطس 2014

كتب ساري عرابي : المشاعر تجاه فيلم «في ضيافة البندقية»



تختلف المشاعر تجاه فيلم «في ضيافة البندقية» بين بثه في زمنه الذي صور فيه قبل عشر سنوات، وهذه الليلة إذ تعيد «الجزيرة» بثه، فالواقع تجاوز كثيرًا ما بدا كبيرًا وطموحًا وباعثًا على الافتخار في وقته.. بات ما كشفه ذلك الفيلم متواضعا جدا أمام حقائق المعركة، والعارفون بـ «حماس» لم يزدادوا إلا ثقة بصحة إيمانهم بهذه الحركة.. ومع ذلك فإعادة بث الفيلم مفيدة، رغم أنه لا يواكب حقائق المعركة الراهنة:
١. يقف محمد الضيف في الفيلم، ومعه أبو محمد الجعبري، رحمه الله، شهودًا على مراحل تطور الحركة، والتي اتسمت بالثبات على خطها الجهادي، ىإصرارها على تطوير قدراتها في المقاومة. وشهادة الضيف على وجه الخصوص وثيقة تاريخية هامة تسجل البدايات المتواضعة بممكناتها، والعظيمة بإيمان أصحابها، وهم لا يملكون سوى قطعة سلاح واحدة تجوب الضفة والقطاع، بينما يقف وهو يسجل شهادته، قبل عشر سنوات، بين معالم التحولات الحقيقية نحو معارك التحرير من ورش تصنيع السلاح والأنفاق وتنظيم القسام تنظيما متقنا ومفكرا به جيدا، وهو اليوم لا يزال شاهدا على معالم جديدة عظّمت من الصورة الماضية، وجعلت تلك الصورة باهتة بالقياس إلى بريق اليوم.
٢. كم طورت «حماس» نفسها مستفيدة من الظروف المتغيرة لصالحها في قطاع غزة، من انتفاضة الأقصى إلى حكم قطاع غزة، ما يعني أولا: أن هذه الحركة تعيش لقضية التحرير بالمقاومة فكرا وإعدادا وتخطيطا وتنظيما واستفادة من الظروف والموارد، وثانيا: تنتقد نفسها، فصحيح أن التطور الحالي نتاج إيمان وإرادة، ولكن نجم عن الإيمان والإرادة نقد قاسي كانت تمارسه الحركة على نفسها باستمرار لتطوير ذاتها في هذا الجانب.
٣. ثمة معرفة خاصة وعظيمة يملكها محمد الضيف ورفاقه ولا يستطيعها مثقفونا، وثمة بلاغة لها منطق خفي يسري في أعماق الأنفاق وتكشف عنها المعارك، وثمة تأكيد على أن هذا النمط من البشر وحده من يصنع الحياة ويكشف المعارف ويغير التاريخ، وعلى هامشه يقف المثقفون، يكسبون عزا أو يقترفون إثما وعارا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق