الاثنين، 4 أغسطس 2014

انتصار الفلسطينيين على أنفسهم... قمة الانتصار ...كامل فهد

لا ينتظر المرء من أهل غزّة أن يحققوا أكثر مما تحقق... لا ينتظر منهم أن يقتلوا من الصهاينة ألفا أو ألفين، أو أن يدمروا عشرات الدبابات أو أن يسقطوا طائرات أو يحرروا ارض.
لا.. بالتأكيد لا.. فليس هذا بمقدورهم بما تسنى لديهم من أنتاج حربي متواضع وبإمكاناتهم الذاتية الشحيحة في ظل الحصار الصهيوني والعربي.
ليس من العدل أن يتوقع المرء منهم أكثر مما أُنجز,,, الفيتناميين خسروا بضعة ملايين من مقاتليهم وشعبهم مقابل بضعة الآلف من الأمريكان، الجزائريون قدموا المليون شهيد، الشعب السوري قدم مئات الآلاف من الشهداء، وملايين النازحين ومئات الآلاف من المعتقلين.
بعض عرب العراق خسروا الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، تعرضوا للضرب باليورانيوم المنضب ولا زالت نسوة الفلوجة يلدن أطفالا مشوهين بفعل هذا القصف.
ومع ذلك صمد هؤلاء وأولئك، وليس لهم إلا أن يفعلوا فباب الحرية لا يفتح إلا بسيل لا ينضب من الدماء.
ولو كانت الناس لا تثور من اجل حريتها وكرامتها ولا ترد على اعتداء إلا وقد اكتملت العدة والعدد لما ثار ثائر ولما تحرر بلد.
نُذكر بهذا الأمر مجددا عسى أن يصل مسامع المشككين الذين يسخرون من سلاح الغزاويين، الذي هو اشرف وأنبل سلاح، إذ هو معجون بعرق الكرامة والإيمان وعفة النفس.

-2-
رغم قسوة الحصار المضروب عليهم، من العالم وإسرائيل والأشقاء العرب، حين خيروا بين مرّين، اختاروا الأشد مرارة وهو أن يقفوا مع الشعب السوري لا مع طاغيته.
كان يمكن أن لا يفعلوا، فماذا يملك الشعب السوري المظلوم لهم أمام هذا الذي يملكه الطاغية وحلفاءه الأقوياء، إيران وروسيا والصين، وعربٌ كثر وعجم أكثر...!
هذا الموقف الشجاع كلفهم الكثير.. الكثير... لكنهم اختاروه لأنهم لم يشئوا أن يخسروا أنفسهم وسمعتهم ومصداقيتهم.
فلله لله درهم... !

-3-
هل انتصر أهلنا في غزّة عقب هذه الجولة من الإجرام الإسرائيلي؟
في قناعتي... أنهم انتصروا... مجرد قدرتهم الرائعة في الوقوف بوجه آلة الحرب الإسرائيلية الرهيبة، يعد انتصارا كبيرا... مجرد قدرتهم على حماية ترابهم ونشر الرعب في قلوب الإسرائيليين، انتصروا... قدرتهم على تعطيل الحياة الطبيعية الآمنة للملايين من الإسرائيليين.. انتصروا... قدرتهم على الحفاظ على المعنويات العالية رغم حجم الجحيم الذي كان يُمطر عليهم من البر والبحر والسماء،, انتصروا.
رغم قسوة الحرب الإعلامية واللعنات والتشكيك و... الصمت المطبق.. انتصروا...!
وفوق هذا وذاك... انتصروا في أعادة تنشيط الدورة الدموية للجسد الفلسطيني الذي خمل وكسل طويلا.. في الضفة وفي المهاجر..!

-4-
الأجمل والأعظم في الفعل الفلسطيني الغزّاوي، روح الأثرة والتواضع والصبر والحكمة التي أظهرها زعماء الثوار في غزّة.
لم يسقطوا في فخ الصراعات الجانبية، لم يشغلوا البال بمن شتم ومن كفر ومن شكك، لم يتهموا ولم يتسرعوا في حكم، لم ينكروا على الداعمين دعميهم ولم يلوموا الصامتين في صمتهم، وفتحوا الباب فسيحا أمام أخوانهم في السلطة ليجتهدوا حسب قدرتهم وظروفهم ومشيئتهم الحرّة، هذا الأمر اكسبهم وسيكسب قضيتهم الكثير والكثير جدا.
كل ما يتمناه المحب لشعبنا الفلسطيني ولسادتنا الكرام في غزّة، هو أن يحافظوا على هذا النهج ويعززوه أكثر فأكثر لكي لا ينفرد العالم المنافق الظالم بهم ثانية.
اليد الواحدة لا تصفق... فكيف وأنتم تريدون منها أن تحرر أرض وشعب وتعيد كرامة وتبني دولة.
انتصاركم على أنفسكم يا أحبتنا هو أجل وأبلغ انتصار..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق